في السادس عشر من آذار مارس/2013 تداول ناشطون مقطع فيديو لجثماني مقاتلين من ثوار حمص أصيبا برصاص قناص وبقيا مرميين على رصيف شارع القاهرة في حمص لعشرة أيام دون أن يجرؤ أحد على الاقتراب منهما أو سحبهما، وتعود إحداهما للثائر والقيادي “عبد الناصر الصالح” الذي شهدت ساحات المعارك في حمص له بالبطولة والشجاعة، وقضى اثناء محاولته إنقاذ رفيق له، وهو-كما يروي شقيقه المهندس “عبد الكافي الصالح” لـ”زمان الوصل” من مواليد حمص 11/5/ 1971 تعلم حتى نهاية المرحلة الثانوية، ولم يكمل لانشغاله بالعمل التجاري حيث كان يملك محلاً لتصليح وبيع الجوالات في حي “البياضة” (شرق حمص) وكان أباً لطفلين علي وعمر.
وأردف شقيق الشهيد أن الأخير لم يكن مرتبطا أو محسوبا على أي جهة، ورأى ظلم النظام بعينه، ولم يستطع السكوت، فأرسل زوجته وأولاده إلى دمشق وبقي من أجل إعلاء كلمة الحق حسب مقدرته، والتحق بصفوف المقاومين ضد قوات النظام التي اقتحمت الحي الذي ينتمي إليه آنذاك وارتكبت فيه مجازر دموية.
ويُعد حي “البياضة” الواقع إلى الشرق من مدينة حمص والملاصق لحي “الخالدية” من أول الأحياء التي انتفضت ضد نظام الأسد منذ الأسابيع الأولى للثورة، وشهدت شوارعه وساحاته عشرات المظاهرات السلمية التي كانت تهتف للحرية والكرامة بقيادة “عبد الباسط الساروت” والراحلة “فدوى سليمان”، وقتل وهجّر أكثر من 98 ألف شخص من سكانه، كما تعرض الحي لاستهداف بغاز الأعصاب من صواريخ تحمل رؤوساً كيميائيّة، في شهر تشرين الأول أكتوبر/2012.
وروى محدثنا أن شقيقه الملقب بأبي علي أعد مع رفاقه المقاومين لاقتحام حي “البياضة” الذي كان آنذاك تحت سيطرة قوات النظام، وبدأ العمل لاقتحام كتل الحي المطلة على شارع “القاهرة” الذي يفصل الحي عن حي “الخالدية” المجاور، وكان هدفاً للقناصين.
وأضاف أن اقتحام هذه الكتل المزروعة بقناصي النظام وتمهيدها للمقاومين كان بحاجة لـ”بيعة موت”-حسب تعبيره- فطلب “عبد الناصر” أن يبايع واقتحم بالفعل الكتل المطلة على الشارع المذكور، واشتبك مع جيش النظام وميليشياته لمدة ساعة لتنتهي الاشتباكات -كما يؤكد محدثنا- بتحرير 10 كتل مما مهد لرفاقه اقتحام باقي الكتل وتحرير حي “الشراكس”.
وأردف محدثنا أن شقيقه عاد ليرتاح بعد معركة طويلة دامت أكثر من 12 ساعة وحينها -كما روى رفاق له- أتى خبر يفيد بأن صديقه “صلاح الكن” تعرض لإصابة من قناصة النظام، فهرع لسحبه من مكان الإصابة، ولكن رصاص القناص طاله فترجل حينها بعد ساعات من إصابته.
وأكد محدثنا أن جثة “أبو علي” وصديقه بقيتا أكثر من 10 أيام حتى تم سحبهما من قبل الهلال الأحمر، مشيراً إلى أنه كان آنذاك في دمشق ولم يستطع الدخول إلى حمص بسبب الحصار الذي كان على أشده -كما يقول- فتولى أصدقاؤه دفن شقيقه قرب مسجد “خالد بن الوليد” لاستحالة دفنه في مقبرة “تل النصر” (شمال المدينة) التي كانت تحت سيطرة جيش النظام أيضاً.
زمان الوصل