اعتبرت “الشبكة السورية لحقوق الإنسان” أن المزادات العلنية لأراضي المشردين قسرياً أسلوب إضافي من أساليب النظام للاستيلاء الواسع والمدروس على ممتلكات معارضيه، مشيرة إلى أن ما لا يقل عن 440 ألف دونم هي مساحة الأراضي الزراعية التي استولى عليها النظام في ريفي حماة وإدلب.
وقالت الشبكة في تقرير لها أمس الخميس، إن النظام استخدم مختلف أساليب الإرهاب والقمع ضدَّ المشاركين في الحراك الشعبي ضده، والراغبين في تحقيق انتقال سياسي، من أجل خلق جوٍ عام من الرعب يردع كل من يفكر في الانضمام إلى صفوف المعارضين له، حيث مارس انتهاكات فظيعة على نحوٍ واسع، وفي مقدمتها، القتل خارج نطاق القانون، والاعتقال التعسفي، والتعذيب، والإعدام بإجراءات موجزة، والحصار، والتشريد القسري، والقصف العشوائي، والتدمير الواسع للمباني والمراكز الحيوية.
وأضاف التقرير أن النظام لجأ إضافة إلى كل ما سبق إلى محاربة معارضيه عبر الاستيلاء على أراضيهم وممتلكاتهم كنوع من العقاب الممتد لهم ولعوائلهم، وفي الوقت ذاته تحقيق مكاسب مادية وإعادة توزيعها على الأجهزة الأمنية، والميليشيات المحلية كنوع من المكافأة بدلاً عن الدفع النقدي.
وركَّز التقرير على الأسلوب الجديد الذي يتبعه النظام لمصادرة أملاك المعارضين السياسيين، عبر الاستيلاء على المحاصيل والأراضي الزراعية، وذلك عبر ابتكار أسلوب جديد بهدف شرعنة عملية الاستيلاء والسرقة، حيث عمدت اللجان الأمنية إلى الإعلان عن مزادات علنية في كل مناطق ريف محافظة حماة، وريفي محافظة إدلب الجنوبي والشرقي، التي استعاد النظام وحلفاؤه السيطرة عليها في عامي 2019 و2020.
واستند التقرير على التحقيق والتواصل مع عدد من أصحاب الأراضي والمحاصيل التي استولى النظام السوري عليها من خلال عملية المزادات تلك، وعرض خمسَ إفادات منها، وذكر أن بعض المزارعين أبلغوا الشبكة السورية لحقوق الإنسان أن أراضيهم ومحاصيلهم قد تم الاستيلاء عليها دون أي تعويض، وهذه المرحلة كانت سابقة على مرحلة الإعلان عن الاستيلاء على الأراضي عبر مزادات علنية وهمية، الهدف الحقيقي منها هو مزيد من السطو على الممتلكات.
وبحسب التقرير فقد تم رصد ما لا يقل عن 22 إعلان لمزادات علنية شملت قرابة 134 قرية وبلدة في محافظة حماة، و88 قرية وبلدة في محافظة إدلب، وتبلغ مساحة هذه الأراضي ما يقارب 400 ألف دونم تشمل أراضٍ زراعية متنوعة تنتج محاصيل القمح والشعير والبطاطا والزيتون، وأراضٍ بعلية، إضافة إلى مزارع أسماك.
وأكَّد التقرير أنَّ عملية الاستيلاء على ممتلكات مئات آلاف المعارضين للنظام السوري ترسِّخ عملية الإخلاء والتشريد القسري، وهي محاولة لهندسة التركيبة السكانية والاجتماعية، وتُشكِّل بالضرورة عقبة أساسية أمام عودة اللاجئين والنازحين، وقد جاءت المزادات العلنية التي أعلن عنها النظام السوري مؤخراً مجرد أسلوب جديد انتهجه في المناطق التي خرجت عن سيطرته لتوسيع عملية الاستيلاء لتشمل الأراضي والمحاصيل الزراعية، وتوزيعها على مؤيديه.
وأشار التقرير إلى أن معظم سكان البلدات التي شهدت عمليات مصادرة للأراضي الزراعية يعملون كمزارعين، حيث تُشكِّل أراضيهم مصدر رزقهم الوحيد، وإنَّ سيطرة النظام السوري عليها بطريقة تعسفية تحمل بعداً انتقامياً سياسياً، وإرهاباً لأبناء المجتمع معتبراً أنها عملية تفقير ونهب مدروسة لأموال وممتلكات الشعب السوري لصالح الطبقة الحاكمة.
وحذَّر التقرير من أن تمتدَّ سياسة الإعلان عن المزادات العلنية لتشمل بقية المناطق التي عمل النظام السوري على تشريد سكانها، ولا يمكن للغالبية العظمى منهم العودة، كالغوطة الشرقية في دمشق ومناطق في الغوطة الغربية وريف حمص؛ بسبب التهديد الجوهري من النظام السوري لهم عبر عمليات اعتقال تعسفي وملاحقة قد تنتهي باختفاء قسري وموت تحت التعذيب، وكذلك عبر استخدام الشباب منهم في التجنيد القسري لقتال ربما من كانوا محاصرين أو متظاهرين معهم.
وشدد التقرير أن المزادات العلنية التي أعلن عنها النظام عبر لجانه الأمنية تُشكِّل انتهاكاً سافراً لحقوق الملكية التي نصَّ عليها الدستور السوري ذاته، كالمادتين 768 و770 من القانون المدني السوري.

وأشار إلى أن طرح الأراضي الزراعية في المزادات العلنية على هذا الشكل يعتبر خرقاً للمادة 15 من الدستور السوري، وهذا بحسب التقرير يُثبت أنه لا معنى لأية نصوص دستورية في ظلِّ نظام أمني دكتاتوري.

زمان الوصل