قالت تقارير صحفية ومنظمات حقوقية في لبنان إن عناصر من حزب الله أقدمت على خطف صحفيين أجنبيين في بيروت، تحديدًا على طريق مطار رفيق الحريري الدولي، فيما كانا يغطيان ما يسميه اللبنانيون “صفوف الذل” على محطات الوقود.

وأكدت هذه التقارير أنه في ما بعد ظهر الإثنين، كان الصحفي البريطاني مات كيناستون والصحفية الألمانية ستيلا مانر يقفان أمام محطة “الأيتام” المعروفة في منطقة الضاحية الجنوبية للعاصمة اللبنانية، وهي المنطقة التي يتحكّم بها حزب الله وتمتنع الدولة اللبنانية عن الدخول إليها خوفًا من الاصطدام مع عناصره، أقبل عليهما رجال عرّفوا عن أنفسهم بأنهم من أمن حزب الله، وطلبوا من مات كيناستون جواله وجواز سفره بعدما أبرز لهم بطاقته الصحفية التي تثبت أنه مراسل حر لموقع “ناو ليبانون” الإخباري، من دون أن يبالوا بها.

وفيما كان الناس في هرج ومرج على محطة الوقود، التي كانت تناشد القوى الأمنية مساعدتها على تنظيم طوابير المواطنين الساعين إلى القليل من الوقود لسياراتهم، حصل جدال بين الصحفيين وعناصر حزب الله.

وبحسب التقارير الواردة من بيروت، تمكن البريطاني كيناستون من إرسال رسالة صوتية عبر أحد تطبيقات جواله إلى مديره، قال فيها: وقال في الرسالة: “إنهم لا يتركوننا نغادر”.

في الرسالة نفسها، يمكن تمييز صوت رجل لبناني يهدد كيناستون بأخذ جواله منه ولو عنوةً، فيما استطاعت الألمانية مانر من إرسال موقعها إلى أحد أصدقائها، يُظهر أنها كانت على طريق مطار رفيق الحريري الدولي قبل أن يُفقد الاتصال بها.

وأكدّت التقارير أن الأمن العام اللبناني تدخل لدى حزب الله لتأمين إطلاق سراح الصحفيَين بعدما أجرت سفارتي بلدهما اتصالات واسعة.

وقد خضع الصحفيين بكيناستون ومانر للتحقيق، بسبب تزامن وجودهما في إحدى المناطق الخاضعة لسيطرة حزب الله مع زيارة رئيس المكتب السياسي لحماس إسماعيل هنية إلى بيروت ولقائه قيادات فيه تابعة للخط الإيراني.

وبعد إطلاق سراحه، غرد كيناستون شاكرًا كل من تفقدّه في ما حصل له.

أضاف في تغريدة أخرى: “يبقى هذا حادث مقلق وخطير: لا ينبغي منع الصحافيين من أداء وظائفهم المشروعة – الصحافة الحرة أمر بالغ الأهمية للديمقراطية في لبنان”.

وبحسب موقع “ناو ليبانون” الذي يعمل كيناستون لصالحه، أتى هذا الصحفي البريطاني إلى لبنان منذ أشهر عدة، وكتب في موضوعات عدة، آخرها قضية اعتداء جنسي في لبنان، وقصة ملاكم لبناني تخلى عن كل شيء لتحقيق حلمه.

وأعادت هذه الحادثة إلى الأذهان قضية المخطوفين الأجانب في لبنان في ثمانينيات القرن الماضي، والذين خطفهم حزب الله حينها، وقتل بعضهم، وساوم على بعض آخر لإطلاق موقوفين له في دول غربية، وذلك في ما أطلق عليه اسم أزمة الرهائن في لبنان.

تشير هذه الأزمة إلى اختطاف 104 رهينة أجنبية في لبنان بين 1982 و1992، معظمهم من الأميركيين والأوروبيين الغربيين ويمثلون 21 بلدا. توفي ما لا يقل عن ثمانية رهائن منهم في الأسر، وقتل بعضهم، بينما توفي آخرون بسبب نقص الرعاية الطبية.

وجهت أصابع الاتهام حينها إلى حزب الله، المتهم أيضًا بقتل 241 أميركيًا و58 فرنسيا في تفجيرات مواقع القوى المتعددة الجنسيات في بيروت.

باستثناء عدد قليل من الرهائن، مثل رئيس مكتب وكالة المخابرات المركزية ويليام فرانسيس باكلي والعقيد البحري ويليام هيغينز اللذين قُتلا، ما تم اختيار معظم الرهائن بسبب نشاطهم السياسي، لكن بسبب البلد الذي جاءوا منه وسهولة اختطافهم.