الحرية التي هي من الحقوق الأساسية المسلم بها  لكل إنسان على هذه الكرة الأرضية والغير قابلة للتصرف هي “جريمة” في إيران في ظل حكم نظام ولاية فقيه الملالي وتستوجب عقوبات صارمة.

تمركزت الجهود الممنهجة للمسؤولين الحكوميين حول منع الناس  وخاصة الشباب من سماع أو مشاهدة إذاعة وتلفزيون معارضة النظام، ومن خلال الاطلاع على حقائق الماضي والحاضر في إيران نجد أن النظام القاتل للحرية الذي يحكم إيران قدأنفق كل خزينته لتطبيق هذا الأسلوب المعادي للإنسان في العقود الأربعة الماضية وهو ما يتماشى مع عداءه للحريات الفردية والاجتماعية في المجتمع، وقد سخر لادامة نهجه ومخططاته البربرية تلك الويل والوعيد والقمع والتعذيب والإعدام والمراقبة وإصدار الفتاوى ضد المعارضين، والقتل والمجازر والإبادة الجماعية.

   بالتوازي والتزامن مع هذه الجرائم،وضمن إدامته لمنهجه الذي لا يقتصر على الداخل فحسب، فالشيطنة والدبلوماسية والتهديدات والاغتيالات والتجسس وتصدير عملائه وعناصره إلى الخارج كانت أيضا معدة لنفس الغرض ولتسمية المعارضة بـ “الشيطان” والإدعاء بأنهم أنفسهم “نواب الله” أو حتى يدعون أنهم”الله” نفسه، ويقع الشعب الإيراني أسيرا لهذه المخططات المنهجية.

هذه عقبة ومشكلة وضعها النظام في طريق المقاومة الإيرانية، ومفتاح حل هذه المشكلة هو تنظيم هيأة قيادة الثورات الشعبية، ومن هنا تبحث هذه الهيئة عن خطة جديدة لإنهاء هذا النظام الرجعي الديكتاتوري.

   يعرف قادة هذا النظام القدامى والحاليون، جيدا أنهم إذا تركوا نور الواقع يسطع على الشعب الإيراني خاصة جيل الشباب فسوف يتسبب ذلك في تحرك ايجابي كبير منهم نحو المقاومة الإيرانية.

   ويمكن الآن مشاهدة نتيجة مواجهة هذه القوة مع سلطة الملالي من خلال سلسلة من الانتفاضات والاحتجاجات على مدى السنوات القليلة الماضية، يمكن أيضا فهم فظاعة النظام الديني وتفسيرها من هذا المنظور، وفيما يتعلق بارتباط الناس مع هذه الهيئة فهو امر قابل للفهم والتفسير، وهذا أمر أقره قادة النظام مرارا وتكرارا وركزوا كل جهودهم على منع هذا الارتباط ومنع تشكيل انتفاضة أخرى لأن قادة هذا النظام يعرفون جيدا أن الانتفاضة القادمة ستكون مختلفة تماما عن الانتفاضات السابقة، وفي هذه المرة لن يبقى أي أثر لنظامهم عند مواجهة غضب الشعب ، وهذه مواجهة تاريخية مقدرة وحتمية.

   وتحسبا لمثل هذه الظروف قام خامنئي بتعيين “أنقى” عناصره في مناصب رئيسية أملا في جعل نظامه موحدا وشفافا خوفا من سقوط نظامه، وأبرز مثال على ذلك هو تعيين إبراهيم رئيسي كرئيس جديد للملالي لأن هذه هي الطريقة الحالية لجميع الديكتاتوريين في التاريخ الذين يعتمدون على عناصرهم النقية والموحدة عشية الإطاحة بهم.

في تصريح له قبل العرض الانتخابي قال الملا مهدي طائب قائد معسكر عمار : “وصلنا إلى مرحلة تطهير الثورة (اقرأ النظام)”، وكان علي خامنئي قد قال في وقت أسبق بأنه قرر تشكيل حكومة “شابة وحزب اللهية” من نوع “قاسم سليماني”.، وهذه خطوة لا رجعة للنظام فيها وهو على وشك الانهيار، خطوة على حافة حد السيف تظهر ما يمر به النظام من مأزق وضعفه المطلق من جهة ، ومن جهة أخرى تظهر الظروف الموضوعية للثورة داخل المجتمع الإيراني، إنها خطوة حتمية لا خيار أمامها سوى تحية حد السيف.

  المقاومة الإيرانية بصفتها المطلقة كهيئة ومدرسة ثورية رائدة، باتت تتمتع اليوم بجيش منظم داخل الوطن المحتل في السنوات الأخيرة، وتعتزم الآن من خلاله إعادة الأمل المغدور إلى الشعب الإيراني.

  عقدت هذه المقاومة مؤخرا مؤتمرها السنوي على الإنترنت من يوم العاشر من يوليو حتى اليوم الثاني عشر ولمدة ثلاثة ايام على التوالي، وقد أظهر هذا المؤتمر مظلته السياسية للعالم على الساحة الدولية في شكل جديد وفي قالب بصفات متكاملة “كما..ونوعا..وقدرة”، وبحضور قوي للإيرانيين في 50000 موقع في 105 دولة، ووجود الآلاف من أعضاء هيأة ومدرسة القيادة الثورية بأشرف3 في ألبانيا، وخلال القمة التي استمرت ثلاثة أيام تم عرض رسائل فيديو لأكثر من 1000 عنصر من مقاتلي المجاهدين من قلب الوطن المكبل بالسلاسل، ومن وسط أجواء القمع والقمع الديني، وقد أكدوا متعهدين من خلال رسائل الفيديو الخاصة بهم على أنهم شباب ثوريون وعلى اهبة الاستعداد للاطاحة بالنظام الديني الدكتاتوري.

حضر قمة المقاومة الإيرانية التي استمرت ثلاثة أيام 1029 شخصية سياسية، من بينهم 250 من الخبراء القانونيين من دول أوروبا وكندا ودول إسلامية وعربية، فضلا عن مشاركة 30 عضوا وسيناتورا من الكونجرس الأمريكي، بالإضافة إلى ذلك فقد حضر المؤتمر 11 رئيس وزراء و 70 وزيرا سابقا من أوروبا وأمريكا الشمالية والشرق الأوسط، و 30 شخصية أمريكية بارزة.

وهكذا اصطف أطراف هذه المواجهة التاريخية في إيران، واتجه صوب المقاومة موجة من الشباب الثوار داخل البلاد، وبحسب وكالة الأنباء الحكومية “بسیج دانشجویی في 12 يونيو 2021 ” ليس معلوما بألف فعل وفعل يمكن أيضا منع تحركاتهم الفيضانية ” ولكن ليس من خلال  الشرطة ولا الراديو والتلفزيون ولا بالجهود الخارجية لوزارة المخابرات!” إنه الرعب الذي أصاب قادة نظام الملالي من الرأس إلى أخمص القدمين، قادة النظام يصرخون على بعضهم البعض “لماذا لا يرون أن (المجاهدين) عدو كشفرة الحلاقة التي بالكف يطالبون كل يوم بالتآمر والاضطراب على النظام والثورة، ولا هم لهم سوى الإطاحة بالنظام ؟”روزنامه حکومتی مستقل ـ 10 مايو2021”

المقاومة الإيرانية في طريقها إلى أقصى درجات الاستعداد لإشعال انتفاضة تؤدي إلى إسقاط نظام الحكم داخل إيران، والمضي قدما في حركة الثأر لشهداء مجزرة عام 1988 في إيران وتقديم الرئيس الجديد للملالي الملا ابراهيم رئيسي للمحاكمة حتى يحدث النصر النهائي للشعب على الديكتاتورية الدينية الحاكمة للوطن رقما.

@m_abdorrahman

*کاتب ومحلل سياسي خبير في الشأن الايراني.