ترامب يطلق نسخة “ديجتال” من “داحس والغبراء” وسحلية رامز تؤكد نظرية “الجميع تحت الأرض”

 

أي غفران يرتجى بعد كل هذا الاحتقان الفضائي؟ من الذي أوغر صدور “الإخوة” ضد بعضهم فجأة وأين كان كل ذلك الأرشيف المختزن حتى تحين لحظة “داحس والغبراء” لكن بلغة العصر الحديث وعلى شاشات “رقمية ديجتالية” ووسائط تواصل يفترض ان تكرس لخدمة “أمة العرب”.
… مجرد تساؤلات بسيطة خطرت في الوجدان بعد ما شاهدت بأم عيني جارتنا أم العبد وهي ترفع يديها للسماء قائلة “الله لا يوفقه لعين الحرسة”. طبعا الأخت تقصد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذي غادر المنطقة العربية فاشتعلت بعده حرب الأخوة الأعداء و”لعين الحرسة” وصف ينطوي على شتيمة تراثية في بلاد الشام لا أحد يعرف معناه.
المهم أم العبد سهرت الأسبوع الماضي حتى الصباح مع وصلات الردح المصرية على فضائية “سكاي نيوز” على هامش قضية الخطاب المفبرك ضد دولة قطر.
والأسبوع التالي سهرت مع “الجزيرة” مرتين وهي تغطي وقائع تسريب وثائق للسفارة الإماراتية في واشنطن.
عبثا اجتهد زميلنا محمد كريشان في الحديث موضوعيا عن مسألة غير موضوعية فالعالم يناكف بعضه اليوم رقميا ولا أمان إلا بالله، والغرب طبعا يدق الأسافين في حضن الشرق وهكذا على طريقة داحس والغبراء.
على طريقة مسلسل مصري قديم يبدأ بصوت سناء جميل وهي تقول “فين التمساحة يا ولد” لا زال العرض مستمرا ونحن معشر الصحافيين المراقبين علينا ان نكون وقود الحرب بين الأخوة بعد “الإسفين الترامبي” المدروس بعناية لكي نستنتج بان إمكانات الإعلام الفضائي العربي لو استخدمت ضد المشروعين الإيراني والإسرائيلي في المنطقة لكانت الأحوال مختلفة.
هو للأسف ربيع كوني جديد وخاص بنكهة الإعلام الرقمي والسطو الإلكتروني والقرصنة العابرة للقارات… مؤسف المشهد حتى الوجع فـ”سكاي نيوز” ومعها “القاهرة والناس” تشعلان فتيل الأزمة فتشارك “العربية” وترد “الجزيرة” الصاع صاعين وتقف قنوات “إم بي سي” عند الصوت الجهوري للمذيع السعودي بين فواصل المسلسلات وهو يعلن “ثبوت شهر رمضان”.
فقط شياطين الشبكة العنكبوتية اشتغلت بحرية في رمضان المبارك وفقط رامز مع سحليته البلاسيتكية العملاقة أثبت فعلا اننا جميعا “تحت الأرض”… تعالوا إلى كلمة سواء وعلى هذه المواجهة العربية على الأقل ان تتوقف وفورا وبقرار من العقلاء ومن جهتي أصوت لأم العبد وهي تقول” الله يلعن أبوه اللي كان السبب”.

فانتازيا الشاشات العربية

عند التدقيق في حمى الفضائيات في العشر الأوائل من رمضان نقرأ مفارقات خارج سياق الأدلة. برنامج “ما وراء الخبر” يتحدث عن وجود “علاقة غامضة” بين تنظيم “الدولة الإسلامية” في ليبيا وقوات الجنرال حفتر، وقناة “النيل” الثالثة تقول إنها “حتضرب بالمليان” وهي تصفق لطائرات سلاح الجو المصري أثناء قصف الجنوب الليبي لأن نظام السيسي يريد ان يقول انه يمسك بزمام الأمور جيدا والإرهاب ضد المسيحين “مستورد”.
والقناة الثانية في تلفزيون بشار الأسد تستيقظ فجأة لتكتشف بان “درعا” ارض سوريا ومشكلتها لم تعد “أردنية” وفيما يواصل التلفزيون السعودي الرسمي الصمت تلمح “سي إن إن” للمهندس “أبو مهدي” القائد في الحشد الشيعي وهو يلتقط وسط رجاله صورة على حدود العراق وسوريا فيوجه التحية من هناك للحوثي في اليمن ويتوعد مطاردة “داعش” قريبا حتى “الرياض”.
تلفزيون الحكومة الأردنية حائر ولا يتحدث إطلاقا عن “الهلال الشيعي” وفضائية “بي بي سي” تتوسع في الحديث عن خطط الحشد الشيعي العراقي وميليشيات الحرس الثوري لتأمين الدرب “المائي” الواصل بين طهران وقم وحوض المتوسط مباشرة في الوقت الذي تحتفل فيه محطة “العربية” بتوزيع “بقج” مساعدات رمضان على اللاجئين السوريين باسـم خـادم الحـرمين الشـريفين.
هي فانتازيا فضائية عربية بامتياز وإطلاق نار خارج الهدف… في مناطق شمالي الأردن ثمة مثل شعبي يقول” العرس مشرق والطخ مغرب”… هذا حال فضائيات العرب هذه الأيام خصوصا بعدما ثبت أنه لا حصانة لبريد إلكتروني ولا لأي نظام رقمي فلصوص القرصنة يستطيعون فضح الجميع وببساطة وبأي وقت.

فيلم المرأة الخارقة

حملة الأمن اللبناني على فيلم “المرأة الخارقة” بدأت كما يحصل في العادة تخدم هذا الفيلم ونجومه ومنهم الصهيونية غال غادوت المتهمة بأنها خدمت في الجيش الإسرائيلي.
محطة “رؤيا” الفضائية الأردنية اهتمت بالموضوع ومدير هيئة الإعلام في الأردن إضطر لإعلان أن الأجهزة الرقابية لم تصدر قرارها بعد بخصوص السماح بعرض الفيلم في دور السينما المحلية.
القصة تبدو مضحكة عندما تتعلق بالجمهور الذي يتعلق بقشة من هذا النوع فحجم الاختراق الذي تقوم به الصهيونية للمحطات العربية اكبر بكثـير وأذكـى من ما يمـكن ان تنتـجه بـطلة هذا الفيـلم .
ومن يبحث عن دليل على كلامي عليه ان يتسمر قليلا لمشاهدة أفلام “إم بي سي” و”إم بي سي أكشن” و”إم بي سي ماكس” حيث الرواية الإسرائيلية للكثير من الأحداث وقد مررها مقص الرقيب العربي البائس.
في كل الأحوال أتصور أن قرارات حظر عرض هذا الفيلم عبثية وتخدم نجمته ومنتجه لأن المشاهد العربي مهووس بالإصرار على مشاهدة كل ما هو ممنوع.
الضجة المفتعلة في بيروت وعمان ستساهم في خدمة الفيلم عمليا برأيي المتواضع خصوصا وان أمة العرب لا تقرأ ولا تشاهد السينما أصلا.

 

 

 

 

 

 

القدس العربي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى