
الأزمة القطرية – الخليجية: دراما الحدود.. نقاش فلسطيني حول تحديد النسل.. ماذا يفعل الفلسطينيون في المتاجر الإسرائيلية؟
لو لم يوجد تصنيف في عالم الأدب ومختلف الفنون البصرية تحت بند “دراما الحدود” لوجب اختراعه، إذ تقوم نصف مآسي البشر على ذلك الفصل التعسفي، المفاجئ غالباً، بين من هم أبناء العائلة الواحدة.
هذا ما فعلته الحدود في كل مكان من العالم، على جانبي الحدود التركية – السورية تجد أبناء عائلة واحدة يحملان هويتين مختلفتين، الحدود اللبنانية – السورية، على جانبي حدود مدينة رفح.. أخيراً وضعت الأزمة القطرية – الخليجية حدوداً مماثلة، فأول آثار قطع العلاقات ستظهر على مواطني تلك البلدان على نحو مأساوي، هذا ما أظهرته “سي أن أن” في تقرير مصور لها عندما تناولت عائلة بحرانية تعيش في الدوحة. تحدث التقرير (وهو مع الأسف وضع على صفحة القناة على الانترنت مع مشكلة في الصوت جعلته مشوشاً بعض الشيء) عن أم قطرية (وفاء اليازدي) متزوجة من بحراني، وأم لأولاد بحرانيين، وهي تعيش رعب الانفصال عنهم إزاء أوامر البحرين لرعاياها بالعودة إلى البلاد.
يبدو أننا سنسمع الكثير في الأيام المقبلة عن أوضاع مماثلة، بل إن قصصاً بدأت تروى هنا وهناك، فالأمر لم يقف عند حدود استعادة الرعايا، بل وصل إلى إصدار قوانين تقضي بإنزال العقاب بالسجن وبالغرامة المالية الباهظة بحق من يبدي مجرد التعاطف، أين يقف إذاً من هو ابن لعائلة مزدوجة الانتماء!
قلّما سمعنا في التاريخ أن أزمات سياسية ألقت بأثر كبير على الحكام وعائلاتهم (من الواضح أن ست سنوات من الحرب في سوريا لم تغير في نمط عيش بشار الأسد وعائلته)، إنها تأكل الناس أولاً، وربما أخيراً أيضاً.
نقاش فلسطيني حول تحديد النسل
أثار فيديو لـ “الجزيرة بلس” (دقيقة وأربع وعشرون ثانية) تعليقات وجدلاً كبيراً بين ناشطين فلسطينيين خصوصاً يتطرّق للعدد الكبير من الأولاد (42 ولداً) الذين أنجبهم مواطن غزاوي (53 عاماً)، يعيش مع أطفاله وثلاث زوجات في المنزل نفسه.
المواطن الفلسطيني، وهو يعمل صياداً في بحر غزة ولا يقوى على لقمة عيشه كما ينبغي، قال إنه يجد في هذا العدد من الأولاد عزوة، وإنه يحب الخلفة.
أما كيف يتذكر أسماء بنيه فقد قال إنه يحفظ أسماء بعضهم، فيما كتب أسماء الباقين على ورقة، لكن هذه ضاعت هي الأخرى.
فيديو “الجزيرة بلس” لم يظهر في متنه انحيازاً صريحاً في عرضه للمسألة، لم يقل إن كان مع الإنجاب بهذا الشكل أو ضده، ولكن ختام الفيديو اكتفى بعنوان “يعمر الأرض”، ما يعني أن الفيديو يضع إنجاب مثل هذا الكم في عداد إعمار الأرض، كما يضع آباء من هذا النوع في عداد بناة العالم.
غير أن المعلّقين على النبأ ذهبوا مذاهب شتى، من متعجب ومادح للظاهرة معتبراً إياها رمزاً للفحولة، إلى مسلّم بأمر الله قائلاً بأن الله يبعث الولد ويبعث معه رزقته، إلى من يضع الأمر في سياق المقاومة قائلاً إن “الوضع في غزة مختلف، وإذا لم يكن هناك ما يكفي من البنين و البنات فسوف تتنهي غزة”، و”أن في كل ولد من هؤلاء هماً كبيراً لإسرائيل”، وصولاً إلى من يعتبر تحديد النسل فكراً غربياً يراد منه طمس الفتوة العربية، وتحويلها إلى الشيخوخة.
بعض المعترضين استعاد الحديث النبوي “المؤمن القويّ خير وأحب إلى الله من المؤمن الضَّعيف” معتبراً أن الأولاد الذين ظهروا في الفيديو وجوههم مصفرة لا حياة فيها، وعابوا على الرجل أنه حتى لا يحفظ أسماء أولاده، وأنه مجرد “أنانيّ ينجب ﻷنه يحب ذلك، وليتباهى ربما بفحولته، لكن هل لزوجاته الرأي نفسه؟ كيف هي صحتهن النفسية والجسدية مع وضع معيشي كهذا”.
ثم يقول أحد المعلقين بأن “كثرة الأولاد في ظروف صعبة تجعل الوالدين ينشغلون بمعركة الغذاء من أجل البقاء بينما الجوانب الأخرى، كالتعليم والصحة والرفاهية، تتدهور إن لم تنعدم.
لو أن صنّاع الفيديو استبعدوا عبارة “يعمر الأرض” لما تبدّل شيء في رواج الفيديو، ولا خفف من الجدل حوله، إنما كان الأمر ليكون أكثر مهنية وموضوعية من قبلهم.
فلسطينيون في متاجر إسرائيلية
يبدو ريبورتاج مصور من قلب متاجر رامي ليفي الإسرائيلية محبطاً وصادماً لأبعد الحدود. يلتقي محمد اللحام، مقدم البرنامج الذي يحمل اسم “ليش هيك”، بضعة عشر عربياً في قلب المتجر، الذي يأتيه الناس من بيت لحم والخليل ومناطق أخرى حسب قول المذيع، يوجّه إليهم سؤالاً واحداً “لماذا يشتري العرب من رامي ليفي؟”، ليسمع تقريباً الإجابة نفسها من الجميع: إنها البضاعة الأكثر جودة، والأكثر رخصاً!
صحيح أننا نسمع من اللحام عبارتين منحازتين لمقاطعة تلك البضائع، واحدة منهما حين يمازح زبوناً عربياً تذرّع بالرخص، فبادره بالقول: “رخص البضاعة، أم المشترين؟”، لكنه يبقى مع ذلك تقريراً خطراً، لنتخيل موقف مشاهديه حول العالم، خصوصاً إذا كانوا من دعاة المقاطعة، كيف سينظرون إلى هذا الكم من الفلسطينيين في قلب متجر يملكه مستوطن إسرائيلي! لذلك كان لا بد من أن يستضيف البرنامج ما ومن يكشف الوجه الآخر للصورة، نماذج من فلسطينيين ملتزمين بالمقاطعة، تقديم إحصاءات، أخذ بعض آراء من خارج المتجر، فما دام ضيف الكاميرا داخل المتجر لا بد أنه سيبرر لنفسه، ولو كان عنده اعتراض لما جاء إلى هذا المكان من الأساس.
لذلك لم يكن غريباً أن تعليقات كثيرة اتهمت التقرير، الذي يعود إلى “وكالة معاً الإخبارية” الفلسطينية، بالدعاية المجانية لتلك المتاجر.
وللحق فإن نوايا المذيع لا تخفى على المشاهد، لكن لنتذكر دائماً أن الطريق إلى جهنم مفروش بالنوايا الطيبة.
فراجين يمدّ رجليه
استطاع الممثل الفلسطيني عماد فراجين أن يحتل مكانة بارزة بين الكوميديين العرب في السنوات الأخيرة، غير أن مشاهدة حلقة من “وطن ع وتر” تحمل عنوان “أبو قتادة ينشق عن داعش” تدفع للاعتقاد بأن الشاب مطمئن تماماً لمكانته ونجوميته، فمدّ رجليه، ولا يبدو أنه بات يحسب حساباً لقواعد وأصول للفرجة.
لا ينكر المرء أن الحلقة احتوت على مشاهد مضحكة للغاية، ولكنها كانت مليئة أيضاً بعبارات مسفّة من دون أن تكون مضحكة أو موظفة، مجرد شتائم وتلميحات جنسية لا تليق فعلاً بجمهور رمضان، ولا حتى بأي جمهور.
لكن الكتابة رديئة هي الأخرى، فالحلقة تحكي عن انشقاق أبو قتادة عن “داعش”، هو الذي يطلق سراح فتيات لم يصلن سنّ الرشد، ثم يتهكم مما فعله “داعش” في عدد من البلدان العربية، ثم يصف حال “داعش” وكيف كان صنيعة لأمريكا وإسرائيل، وصولاً إلى خطبة وعظية عن الخلاص من ذلك التنظيم، وكيف ننتهي منه بالإرادة.
كفلسطينيين نكاد نحتفل بأننا عثرنا على ممثل كوميدي “مهضوم”، نرجو أن لا نضيعه بالكتابة الرديئة، وبالكلام المسف، والإخراج المتواضع.
راشد عيسى | القدس العربي



