
“تجاهل الاولويات”.. حملة لازالة الإعلانات حمص تثير سخرية الأهالي: “انتبهوا للكهرباء والركام أولاً”
حمص (خاص)
أعلنت محافظة حمص عبر صفحتها الرسمية على فيسبوك عن إطلاق حملة لإزالة اللوحات الإعلانية المخالفة في شوارع المدينة، اعتباراً من يوم الأحد 5 تشرين الأول/أكتوبر، في خطوة وصفتها بـ “تنظيم المشهد البصري وتحسين الواقع الخدمي”.
لكن ما كان يُفترض أن يكون قراراً تنظيمياً، تحول إلى مادة دسمة للسخرية والغضب بين الأهالي، الذين رأوا فيه تجاهلاً صارخاً لأولوياتهم الملحة.
وبينما دعت المحافظة أصحاب الإعلانات لتسوية أوضاعهم، كانت التعليقات على المنشور ترسم صورة مختلفة تماماً للواقع. فقد انهالت الانتقادات التي اعتبرت أن التركيز على “المشهد البصري” يأتي في وقت تغرق فيه المدينة بمشاكل أعمق، من انقطاع الكهرباء إلى تراكم الأنقاض وتردي الخدمات الأساسية.

“مشكورين، بس الكهرباء أهم”
لخّص أحد المواطنين، ويدعى عبود حمص، المزاج العام بتعليق ساخر: “مشكورين على هالأعمال، بس ياريت بالأول تزبطوا الأرصفة لأن معظمها مكسر، وتجيبوا الكهربا، ماعم نشوف الكهربا بحمص”.
بينما تساءل محمد الحمصي بتهكم: “وبطريقك هالارصفة والحدائق تنضفون بإغلب المناطق المنكوبة والمهدومة؟ خلي الناس تتفائل لأن المناطق لي صار فيا حصار ودمار ماعم تشتغلو عليها”.
هذه السخرية اللاذعة وجدت صداها في تعليقات أخرى، حيث قال علي عبد الرحمن: “روحوا اهتموا بسكن الناس وشوارع مليئة ركام والبيوت معفشة، وبدكم ناس ترجع مهتمين بقشور وتركين القلب”.
أولويات ضائعة بين الركام والظلام
لم تقتصر الانتقادات على الكهرباء والأنقاض، بل طالت أيضاً فوضى النقل العام، حيث اشتكى عدنان الطيباني من ” تكدس الركاب والتأخير الدائم”، معتبراً أن كل ذلك يتم “على حساب كرامة المواطن”.
ورأى أبو منذر أن توقيت الحملة غير مناسب على الإطلاق، قائلاً: “شيء جميل جداً ولكن السؤال هل هو هذا الوقت المناسب؟ على المحافظة البدء بنفسها من خلال الاهتمام بالنظافة أولاً وإصلاح الشوارع ثانياً”.
في المحصلة، بدت حملة “تنظيم المشهد البصري” في عيون أهالي حمص كقرار منفصل عن الواقع، أو كما وصفه أحدهم بـ”الاهتمام بأشياء تافهة”، بينما لا تزال قضاياهم الأساسية من كهرباء وماء ونظافة وأمان تنتظر حلولاً حقيقية، لا مجرد حملات تجميلية.

؟
حجم الدمار : أرقام تكشف الكارثة
تُظهر التقارير الدولية والمحلية حجم الدمار الهائل الذي لحق بالمدينة، خاصة في أحيائها القديمة والأحياء التي كانت خطوط تماس للمعارك مثل الخالدية، جورة الشياح، القرابيص، وباب السباع.
واقع الخدمات : معاناة يومية لا تنتهي
يعكس النقص الحاد في الخدمات الأساسية حجم المعاناة التي يعيشها سكان حمص يوميًا.
1. الكهرباء:
تقنين قاسٍ: تعاني حمص، كغيرها من المدن السورية، من تقنين كهربائي شديد. يصل التيار الكهربائي في أفضل الأحوال إلى ساعة أو ساعتين وصل مقابل 4 إلى 6 ساعات قطع، وفي كثير من الأحيان لا يتم الالتزام بهذا الجدول.
الاعتماد على البدائل: يعتمد السكان بشكل شبه كامل على “الأمبيرات” (اشتراكات المولدات الخاصة) وهي باهظة الثمن، أو على ألواح الطاقة الشمسية التي لا يستطيع تحمل تكلفتها سوى قلة قليلة. هذا الوضع يفاقم الأعباء المالية على الأسر.
2. المياه والصرف الصحي:
3. الصحة والتعليم:
4. رفع الأنقاض وإعادة الإعمار:
يعيش سكان حمص في حلقة مفرغة من المعاناة، حيث يقف الدمار الهائل عائقًا أمام عودة الخدمات، ونقص الخدمات يفاقم من صعوبة الحياة اليومية. وبينما تركز السلطات أحيانًا على مشاريع تجميلية، تبقى القضايا الجوهرية من كهرباء ومياه وصحة وإعادة بناء حقيقية مجرد وعود مؤجلة، تاركةً السكان يواجهون مصيرهم في مدينة لم تلتئم جراحها بعد.
.
.
مرهف مينو



