أين تقع فيينا؟ سؤال يبدو من السهل الإجابة عليه ولكن في واقع حال السوريين المحاصرين في الغوطة الشرقية تصبح هذه الإجابة على شاكلة فيلم(سمك لبن تمر هندي) للمخرج المصري الراحل رأفت الميهي وأبعد ما تكون عن “ليالي الأنس في فيينا”وهي إجابات وإن كانت تشي بجهل في الجغرافيا أو بتجاهل متعمّد لها إلا أنها تحمل في طياتها الكثير من المعاني والدلالات في ظل يأس السوريين من أي أفق للحل لمأساتهم التي مضى عليها زهاء خمس سنوات
أحد المواطنين أجاب المراسل بأن فيينا تقع في حزة – منطقة في الغوطة الشرقية – فرد عليه آخر كان يقف إلى جانبه هازئاً لا بـ”عين ترما” فيما أكد آخر أنها في كفر بطنا، واقترب المراسل من مصلح دراجات نارية ليسأله السؤال ذاته فقال له (فيينا بروسيا) فيما أشار آخر إلى أنها “ناح أوروبا” وأجاب شامي عتيق :”هاي اللي ما بعرفها” وفيما أصر شاب على أنها “برات سوريا” قال مسن يغطي وجهه:( هاي عاصمة السويد على ما أظن) ثم تراجع ليقول النمسا وهو الوحيد الذي خمّن أين تقع، وتهرّب عامل من السؤال بترداد قصيدة عامية تقول كلماتها:(طفران مفلس طفران وبالغوطة فجر البركان، شعب الغوطة طق ومل وفجر راسو من الطغيان) وتابع واصفاً أوضاع أهل الغوطة ويوميات معاناتهم ووجعهم: (المي من الصبح همو، والحطب من الحقلة يلمو وهموا ابنو مع أمو يلبيهم وهوي تعبان)
وأوضح شاب ممن سُئلوا السؤال ذاته موجهاً كلامه للمراسل:( أكيد بدك تحكيني عن الاجتماع-يقصد اجتماع فيينا- وتابع ببساطة متناهية:”هادا الكلام كلو ما بيطعمينا خبر” وأكد له مصلح الدراجات وهو يبتسم ابتسامة تحمل الكثير من الوجع :” مل قلبنا من هالقصص مافي شي على أرض الواقع).
ولخّص له عجوز الإجابة قائلاً:)هالمرة الكذبة أكبر) وتابع:( كانوا عم يكذبوا كذبات صغيرة وصلنا لمرحلة ماعاد نصدقهم) وساق عجوز آخر مقطعاً من قصيدة لجبران خليل جبران تعبّر عن واقع حال السوريين: ( قتل امرىء في غابة جريمة لا تُغتفر وقتل شعب آمن مسألة فيها نظر) وأردف معلقاً: (اللي عم يصير مهزلة).