ذكرت صحف بريطانية وفرنسية أن مجموعة من ثمانية مهاجرين أكراد إيرانيين تعرضوا لإطلاق نار من قبل الشرطة الفرنسية أثناء محاولتهم الانطلاق بقارب على الساحل الفرنسي بالقرب من دونكيرك. المهاجرون الذين كانوا يأملون الوصول إلى المملكة المتحدة، أصيب منهم اثنين على الأقل برصاص مطاطي.

هذا الأسبوع، نشرت صحيفة ديلي ميل البريطانية وصحيفة La Voix Du Nord الفرنسية أخباراً تزعم أن الشرطة الفرنسية أطلقت النار على مجموعة من ثمانية مهاجرين أكراد إيرانيين، باستخدام الرصاص المطاطي. قالت صحيفة ديلي ميل، التي نشرت أيضًا صور أحد المهاجرين في سريره في المستشفى، إن اثنين منهم على الأقل أصيبوا.

وقالت صحيفة ديلي ميل إن “الشرطة الفرنسية أطلقت الرصاص على المهاجرين برصاص مطاطي يُحتمل أن يكون قاتلاً لمنع قاربهم غير القانوني من عبور القناة إلى المملكة المتحدة”. وقع إطلاق النار على بعد حوالي خمسة أميال من مخيم كبير للمهاجرين خارج دونكيرك، يُعرف باسم غراند سينث، حيث يخيم مئات المهاجرين في الغابة في ملاجئ مؤقتة بينما ينتظرون قاربًا إلى المملكة المتحدة.

وتقول السلطات الفرنسية إن هذه المخيمات اخترقتها عصابات التهريب التي تعمل جاهدة لوقف المحاولات الفرنسية لمنع المهاجرين من إطلاق القوارب.

“أول حالة إطلاق نار لوقف قارب”

وتابعت الصحيفة أن سلطات الشرطة الفرنسية تحقق الآن في المزاعم التي يُقال إنها “أول حالة إطلاق نار لوقف قارب مهاجرين وردعهم عن عبور القناة بين فرنسا والمملكة المتحدة”.

نقل المهاجران المصابان الى المستشفى، مازال أحدهم لكونه أصيب بعدة رصاصات في ساقه. أما الآخر، الذي أصيب بكسر في اليد، فيعالج كمريض خارجي.

وقالت صحيفة ديلي ميل إن إطلاق النار المزعوم “يمثل تصعيدًا كبيرًا”. ونشرت الصحيفة على موقعها مقطعي فيديو في 3 أكتوبر / تشرين الأول، يظهر أحدهما إصابات بعد إطلاق النار. أما الفيديو الثاني فتم تصويره ليلاً، تظهر أشخاصاً يتحدثون باللغة الكردية رفقة المسعفين الفرنسيين بعدما سقطوا على الأرض.

كثيرًا ما يتم إجلاء المهاجرين من المخيمات حول كاليه ودونكيرك. تظهر هذه الصورة إجلاء الكثيرين من غراند سينث في 2018
كثيرًا ما يتم إجلاء المهاجرين من المخيمات حول كاليه ودونكيرك. تظهر هذه الصورة إجلاء الكثيرين من غراند سينث في 2018

بيان من الشرطة

وأصدرت المحافظة الفرنسية المحلية (مقر الشرطة) بيانا قالت فيه “خلال هذه العملية ليلة 21-22 سبتمبر/أيلول، تعرض فريق من الشرطة لاعتداء من مجموعة من المهاجرين. ورد ضباط الشرطة المعنيون بقوة متناسبة، باستخدام الوسائل التي تعتبر تحت تصرفهم، واستخدموا كرات ومضية”. توصف الكرات الومضية بأنها “مقذوفات غير مميتة” غالبًا ما تكون مصنوعة من المطاط أو الرغوة.

وأضافت المحافظة أنه بعد التحقيق معهم، لم يتمكنوا من إثبات أي صلة بين عمل الشرطة والإصابات المزعومة التي تعرض لها المهاجران.

وبحسب الديلي ميل، فإن الزورق الذي كان يحمله الأكراد “كان سيجلب 40 مهاجراً إلى بريطانيا”. وقال المهاجران الكرديان اللذان قالا إنهما أصيبا في الحادث إن الشرطة كانت “تضحك عليهما بينما سقط على الأرض”، حسبما ذكرت الصحيفة.

طلب اللجوء في المملكة المتحدة

سألت صحيفة ديلي ميل المتورطين في الحادث عما إذا كانوا متاجرين بالبشر أو يساعدون العصابات من أجل المال. قالوا للصحيفة إنهم ليسوا متاجرين بالبشر بل كل ما أرادوه هو الوصول إلى المملكة المتحدة لطلب اللجوء.

واحد من بينهم اسمه محمد، قال للديلي ميل إن ثمانية أشخاص كانوا بصدد تحضير القارب عندما وصلت الشرطة. قال إنه لا يتذكر عدد المرات التي أطلقت فيها الشرطة النار عليهم، لكن الرجل المصاب بكسر في الساق أصيب “من مسافة قريبة”.وأضاف محمد أنه عند وصول الشرطة طالبت المهاجرين بالتوقف، لكن ذلك لم يثنيهم عن إطلاق النار.

رصاص يمكن أن يسبب “العمى والإعاقة”

وفقًا لصحيفة ديلي ميل، عادةً ما يكون للرصاص المطاطي “قلب معدني مغطى بالمطاط وغالبًا ما يستخدم في فرنسا في مكافحة الشغب”. وتضيف الصحيفة أنها تسببت في “العمى وإعاقات دائمة لمن أصيبوا في السابق”.

في أيرلندا الشمالية ، حيث تم استخدامها في الماضي من قبل القوات البريطانية، ورد أنها أدت إلى مقتل 17 شخصًا، وفقًا لما ذكرته الصحيفة.

ينام المئات في غابة Grande-Synthe في ظروف قاسية منذ إخلاء صالة للألعاب الرياضية، كانت مأوى للمهاجرين، في سبتمبر.
ينام المئات في غابة Grande-Synthe في ظروف قاسية منذ إخلاء صالة للألعاب الرياضية، كانت مأوى للمهاجرين، في سبتمبر.

في تقرير من مخيم غراند سينث للمهاجرين في 13 أغسطس / آب لصحيفة بريطانية أخرى، قال عامل بناء عراقي، إن المهربين الذين يقال إنهم يسيطرون على المخيمات “لديهم أسلحة ولا يترددوان في استعمالها”.

“أسلحة نارية في المخيمات”

في المخيم المتواجد في غراند سينث، قال محمد لصحيفة ذا صن إن المهربين سيأتون إلى المخيمات بحثًا عن أعمال تجارية ويكسبون نقودًا إضافية عن طريق تحصيل الأموال من المتاجر والمطاعم التي أقيمت هناك. بعد عشر دقائق من مغادرة الصحفيين، قالوا إنهم سمعوا “إطلاق نار” في المخيم. وقيل حينها إن “خلافاً بين رجلين في مقهى كباب كان سبباً”.

وبحسب مصدر لم يذكر اسمه في شرطة دونكيرك لصحيفة ذا صن، فإن الأسلحة النارية كانت متداول في كثير من الأحيان في المخيم. وقال المصدر “تم ترويج السكاكين في البداية، ثم أخرج أحد الرجال مسدسًا وأطلق النار على الآخر في الساق اليمنى”.

وفقًا لصحيفة ذا صن، كان هناك حوالي “200 مهاجر” في المخيم في ذلك الوقت و “رأى الكثير منهم ما حدث لكن القليل منهم أراد التعاون مع الشرطة، لأسباب واضحة”.

مهاجرون يعبرون القناة الإنجليزية، سبتمبر 2020
مهاجرون يعبرون القناة الإنجليزية، سبتمبر 2020

عبور القناة بدواسة

نشرت بي بي سي فيلمًا ثانيًا للمخرج الفرنسي جوليان جوديشود، الذي قضى عامًا في كاليه يصور مهاجرين يحاولون عبور القناة.

بالنسبة لأولئك الذين لا يتوفرون على المال لدفعه للمهربين، فيحاولون إيجاد طرق أخرى للوصول إلى المملكة المتحدة، منها القفز في الشاحنات أو التعاون معًا لشراء قاربهم الخاص. مجموعة من المهاجرين السودانيين الذين لم يتوفروا على المال الكافي، نفذوا خطة بديلة عرضها فيلم المخرج الفرنسي جوليان جوديشود، تتمثل في عبور القناة عبر قارب بلاستيكي مصمم للمياه الداخلية الهادئة باعتماد دواسة.

تمكنت المجموعة من سرقة القارب والانطلاق في الرحلة، لكنها فشلت في النهاية في الوصول إلى المملكة المتحدة. يقول رجل يدعى سلطان لاحقًا إنهم “كادوا يموتون” خلال محاولاتهم، حيث ملأت المياه القارب وقلبته الأمواج.

ومع ذلك، في نهاية الفيلم، استطاع سلطان الوصول لاحقًا إلى مانشستر في المملكة المتحدة حيث ينتظر الآن نتيجة طلب اللجوء الذي قدمه.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

إيما واليس/ م.ب