أصدرت وزارة الداخلية في حكومة أسد قبل يومين، تعميماً لإدارة الهجرة بضرورة تكثيف العمل بطباعة جوازات السفر وتسليمها للمواطنين والعمل بدوام إضافي من الساعة الثامنة صباحاً وحتى الثانية عشرة ليلاً، وقد جاء ذلك مع ازدياد الطلب على جوازات السفر في مناطق ميليشيا أسد.
ويأتي القرار الجديد، في سياق استغلال نظام أسد للاجئين والمغتربين في الخارج وكذلك المدنيين الذين يريدون بأي وسيلة الخروج من الواقع الاقتصادي المزري الذي وصلت إليه البلاد، حيث استغلت حكومة أسد حاجة السوريين لتجديد أو استخراج جوازات سفر لابتزازهم وسرقتهم وأصبح هناك ” سوق سوداء” يحكمها متنفذون يمنحون الجوازات بمبالغ خيالية.
الجواز النظامي وكلفة إضافية
يقول المحامي “أمجد أبو صلاح” لـ أورينت نت: “الحجز على المنصة الإلكترونية والتسجيل في مكاتب إدارة الهجرة ازداد بشكل ملحوظ هذا الشهر، نظراً لأن عشرات الآلاف في مناطق سيطرة ميليشيات أسد بات هدفهم السفر قبل نهاية العام لانعدام مقومات الحياة والوضع الاقتصادي المتهاوي والغلاء الفاحش”.
وأضاف: “استخراج جواز السفر بشكل نظامي يتم بصعوبة وبحاجة لوقت طويل، وإذا أراد أي مواطن استخراجه من إدارة الهجرة والجوازات فعليه أن ينتظر من3 – 8 أشهر، إضافة لوجوب دفع رشاوى تصل لأكثر من 500 ألف ليرة في حال أراد الحصول على موعد قريب، أما الحجز عن طريق البوابة الإلكترونية فهو إجراء شكلي معطّل فهي لا تفتح إلا لمدة محدودة في الشهر ولدقائق.
سوق سوداء
وتابع: “نتيجة صعوبة التقديم والحصول على جواز السفر النظامي وتأخره، نشطت “سوق سوداء” تعمل على المكشوف وتضع إعلانات على صفحات السوشال ميديا في دمشق وباقي المحافظات، وتروّج لاستخراج جوازات السفر بشكل مستعجل بأسعار تبدأ من 5 مليون لمن هم داخل سوريا، وتصل إلى 17 مليون لمن هم خارجها”.
وذكر: “حكومة أسد دائماً ما تختلق حججاً واهية لإيقاف منح جواز السفر بالطريقة النظامية، حيث تتذرّع تارة بأنه لا يتوفر الورق اللازم أو تعلل تأخر العمل بإدارة الهجرة والجوازات بوضع “سيستم جديد”، وتطالب بالحجز عن طريق المنصة الإلكترونية، والهدف من ذلك دفع المواطنين نحو السوق السوداء، التي يستفيد منها ضباط ومسؤولون في حكومة أسد وميليشياته.
التجديد بأسعار خيالية
بدوره روى “حسام عباس” وهو لاجئ مقيم في ألمانيا في حديث لـ أورينت نت، عن إجبار نظام أسد له على دفع 1100 دولار لتجديد جواز سفره، مشيراً إلى أن والده المقيم في دمشق، استخرج جواز السفر بأقل من أسبوع “جواز مستعجل”، بعد أن تواصل مع سمسار وهو بدوره مَن سهّل له الحصول على الجواز.
في سياق ذلك، ذكر “رياض” المنحدر من مدينة حلب في حديث لـ أورينت نت،” أن هناك أكثر من مجموعة انتشرت على فيسبوك، وادّعى القائمون عليها بأنهم قادرون على تأمين جوازات السفر خلال 24 ساعة فقط، مقابل مبالغ تصل إلى 7 مليون في حال كان الشخص داخل سوريا و17 مليون أي حوالي 1200 دولار إن كان خارجها، وقد وضعوا أرقاماً للتواصل على العلن دون أية مخاوف من محاسبتهم”.
وأكد استحالة فتح المنصة “البوابة الإلكترونية” التي وضعتها داخلية نظام أسد للتقدم على جواز السفر حسب تجربته، رغم محاولته مراراً وتكراراً حتى في حال كان الدور متأخراً لمدة عام تقريباً، في حين يمكن لأي سمسار أن يسجّل على المنصة مقابل مبلغ من المال وبدون أية صعوبات.
قرار متعدد الأهداف
وخلال حديثه على شاشة أورينت ضمن برنامج هنا سوريا، اعتبر الصحفي “علي تباب”، أن القرار الجديد يأتي في سياق سعي نظام أسد لدعم اقتصاده من جهة، واستكمالاً لسياسة التغيير الديموغرافي من جهة أخرى، مشيراً إلى أن نظام أسد يعرف حق المعرفة أن هذا الجواز هو وسيلة العبور الوحيدة للسوريين في ظل الظروف المنهارة.
الأمر نفسه الذي أكده الصحفي “زياد الريس” خلال استضافته في نفس الحلقة أيضاً، معتبراً أن نظام أسد يعلم بأن توفير الجوازات سيلقى إقبالاً كبيراً وأن الآلاف سيهرعون للحصول عليه أملاً منهم في الفرار، وسيشكل حالة هجرة كبرى للسوريين في الداخل، مشيراً إلى أن الهجرة تلك ستفتح باب بيع الممتلكات بأسعار بخسة لمجهولين، وهؤلاء المجهولون معروفون بأنهم يخدمون إيران ونظام أسد، وهو ما يخدم مشروعه ومشروع حلفائه في التغيير الديمغرافي
وحصد جواز السفر السوري، المركز الأخير كأضعف ثلاثة جوازات سفر في العالم للعام 2023، وفقاً لمؤشر شركة الاستشارات الجنسية والإقامة العالمية “هينلي آند بارتنرز”، وقد أشارت الشركة إلى أن جواز السفر السوري يسمح بدخول 30 بلداً فقط دون تأشيرة وهي دول معظمها في الاتحاد الروسي وبعض الدول الاشتراكية الأخرى، بحسب مؤشر الشركة الذي يعتمد على بيانات من الاتحاد الدولي للنقل الجوي (IATA).