بعد مرور أكثر من 11 عاماً على إقامة اللاجئين السوريين في تركيا، لا يزال الآلاف منهم خاصة العمال يواجهون مصاعب جمّة في الاندماج بسوق العمل وسط ضعف القرارات الحكومية التي تحمي حقوقهم وظروف العمل الطويلة والشاقة واستغلال أرباب العمل.
وسلّط تقرير نشره موقع politikyol التركي، الضوء على ظروف العمال السوريين في تركيا ووضعهم القانوني حيث يتعرضون وفق ما قال، لثلاثة مصاعب رئيسية تتمثل بسوء الاستخدام والقتل والاستغلال.
القتل
وتطرّق الموقع إلى تعرّض العمال الأجانب في تركيا بما فيهم السوريون، للإصابات والضرب والقتل على يد أرباب العمل، بالتزامن مع تصاعد خطاب الكراهية ضد الأجانب.
واستعرض الموقع حالات جرى فيها قتل عمال أجانب على يد أرباب عملهم، مؤكداً أن العقوبات القانونية تكون ضئيلة بالنسبة لأصحاب العمل في حالة قتل العمال، وهو ما يؤدي إلى عدم اتخاذ الاحتياطات اللازمة في أماكن العمل ويؤدي إلى استمرار تلك الجرائم.
سوء الاستخدام
ووفق ما نقل الموقع عن بيانات وزارة العمل لعام 2021 فإن عدد العمال السوريين الحاصلين على تصاريح عمل يبلغ 91 ألفاً وخمسمئة شخص، وذلك من أصل شريحة واسعة من اليد العاملة السورية تقدّر بنحو مليون عامل.
وذكر الموقع أن جمعية موصياد (منظمة الأعمال غير الحكومية) ترى أنه سيكون من المربح أكثر تسجيل العمال المهاجرين، إلا أنهم يظلون كمشكلة قائمة تتمثل بالعمالة الرخيصة المنافسة للعمال المحليين، ما يحول دون الاستفادة منهم على أكمل وجه.
الاستغلال
وبيّن الموقع أن قوانين العمل في تركيا قد تكون معطلة أو تعمل ببطء بالنسبة للعمال الذين يعمل أغلبهم في القطاعات والمهن الشاقة، حيث يتعرضون بشكل أكبر للاستغلال بشكل مكثف، خاصة في مجالات المناجم والحديد والصلب والأثاث والزراعة.
ولفت الموقع أن الملايين من العمال المهاجرين غير المسجلين لا يمكنهم الاستفادة من الحقوق المنصوص عليها في قانون العمل ولا يمكنهم الاستفادة من قانون السلامة المهنية، وهذا ما يجعل “حياتهم رخيصة مثل عملهم”.
العمال السوريون في تركيا
وأثّرت شريحة واسعة من اليد العاملة السورية التي دخلت سوق العمل التركي الرسمي وغير الرسمي، بشكل واضح في مجالات العمل المختلفة، حيث يشكلون ما نسبته نحو 3 بالمئة من إجمالي حجم العمالة وفقاً لإحصائيات الحكومة التركية.
وقد تعرّض العمال السوريون في تركيا للاستغلال، إذ يعمل معظمهم أكثر من 8 ساعات عملاً يومياً (45 ساعة عملاً أسبوعياً)، دون الحصول على تعويض مالي يتناسب مع العمل الإضافي، أو الحصول على حد مقبول من الإجازات أو الحقوق القانونية.
ويتلقى قسم كبير من أولئك العمال رواتب أقل من الحد الأدنى من الأجور، وذلك بشكل غير نظامي، ودون تراخيص عمل رسمية، لتهاون أرباب العمل والرغبة في التهرب من دفع التأمينات الاجتماعية في محاولة لتخفيض تكلفة الإنتاج.
وتضم العمالة السورية شريحة واسعة تملك خبرات سابقة؛ إلا أن هذه الشريحة لم تستطع نقل خبراتها السابقة إلى سوق العمل التركي، فقد تركزت العمالة السورية في أنماط معينة من المهن، مثل الزراعة والمنسوجات والإنشاءات والورشات الصناعية والقطاعات الأخرى التي تتطلب مهارات منخفضة.
ووسط استمرار مأساة اللجوء لدى السوريين وانعدام مستقبلهم في مناطق المعارضة وفي بلدان اللجوء وبالتزامن مع انعدام آفاق أي حل سياسي للملف السوري، بات الحديث عن هجرة السوريين إلى أوروبا خاصة من تركيا، الشغل الشاغل للسوريين، وذلك بسبب مجموعة من العوامل من أبرزها تدهور الوضع المعيشي وتنامي حدة العنصرية وخطاب الكراهية، فضلاً عن خطط الحكومة التركية لإعادتهم إلى بلادهم دون وجود أي خارطة طريق واضحة وسط حديث عن تقارب محتمل بين أنقرة وأسد.