لازلتُ أذكرُ ذلك اليوم البارد,كانت نار المدفأة تقاتل الخشب,ذرّات الرّماد الهالك تنساب عبر شقوق المدخنة.
تناثرت لويحات الباب بوابل من الرّكلات…..إ نهض يا ابن…….إقتادوني مقيـّدا منزوع الهوية.داخل غرفة بائسة تفوح منها رائحة الموت.دخل أحدهم يحمل مطرقة وبعض المسامير,كان يدندنُ مزمجرًا.
هويـّتك وعملك؟
عربي مسلم..كانت جزمته السوداء المتـّسخة تقتلع ما بقي لي من أسنان,تطاير الدم على وجهي,ضحكَ بسخرية…بصقَ..تنخـّم.يناديه أحدهم, يغادر كخنزير شارد.كان الحزن يقتلع كياني عندما قدّم لي أحدهم صحنا نتنا غارقا في الصدأ,كانت تسبح فيه حبة عدس.إيــه…حتى الصحون لم تسلم منهم.
أحسستُ ببعض الحرارة,فتحتُ عيني بصعوبة كبيرة,بعد زمن أدركت ُأنيّ في غرفة مشفى.
لقد نزف بشدة,سمعت إحداهن تقول….لحسن حظـّه لم يمت.
زنزانتي الضيقة غارقة في الظلام,أسمعُ صراخ المساجين ونرفزاتهم,كان الأنين يملأ أذني طوال الليل.
الله أكبر …الله أكبر…لقد مات, صرخ أحدهم مناديـّا الحرّاس.إيـه..كلّ لحظة تمر ينبت شهيد.
مر شهران يا وطني,تذكــّرت شجرة الزّيتون ,تذكـّرت ُأهلي وزوجتي الحامل.
كان المطر المنهمر بشدّة يغسلُ الأفق,أخرجني إثنان, قاداني,كنتُ أكبـّر..سأموت اليوم…وصلنا إلى البوابة, قال أحدهم…أنت بريء…أنت حر
بكيتُ أثناء الطريق..كنتُ أبكي بحرقة..إيـه…الكلاب….أنت بريء.
إلتفَّ حولي جمعٌ من الصغار وبعض النسوة,عدتُ إلى البيت وما معى هدية, قالت أمي…مرّ وقت طويل..طويل ياولدي…لكنـّك عدت.
عندما نظرت إلى المرآة المعلـّقة على الحائط, كانت آخر شعيرات لي قدإبيضّت.تعالى الصراخ…قال أحد الجنود..سترافقنا لبعض الوقت,سنطرح عليك بعض الأسئلة فقط…إبتسمتُ….تمتمت.ُ…أجل لقد عدت ُيا أمي.

 

 

 

 

 

الجزائر