هناك في زاوية غير منتظمة من البيت،كان متمددا على السرير،بعض النسائم الصيفية تتسلل عبر شقوق النافذة المهترئة،كانت أفكاره مبعثرة،إنها العاشرة واليقضة لم تغادر أجفانه بعد ،جرّقدميه، خارج البيت واقفا،سكون الليل غطاه ضوء القمر الباهت،شيء ما أبيض يتراءى له هناك،إنها المدينة الخالدة،لم تكن سوى مقبرة،تذكّر والداه،تمنى لو كان معهما لأرتاح من عناء البؤس.
النسيم بارد بعض الشيء،على السرير تمدّد،هذه المرة أفلح في إغماض جفنه،تأخذه غفوة، نباح الكلب زاد،شيء ما أثار إنتباهه.

مسرعا كان يحمل بندقية الصيد العتيقة،دار حول البيت،نباح الكلب كان صوب حديقة الخضر هناك،عندما ركّز نظره لم يرى شيئا،دخل البيت،تمدّد،هذه المرة داعب النوم جفونه بصعوبة.
عندما طلع النهار، في الحديقة كان يزيل الحشائش النائمة على الأرض، الخضر متنوعة،كان يفكر عن سبب نباح الكلب ليلة البارحة،تساءل..أكان شبحا ياترى؟..لا أعتقد.تذكّر حكايات الجدة عن الغول والأشباح عندما كان صغيرا،تمرّ الساعات،تعود العصافير إلى أوكارها محمّلة.
يحل الظلام،عندما تعشّى ، تمدّد ليريح جسده البائس قليلا.عندما مرّ الهزيع الأول من الليل، إنتفض واقفا، كان صوت الكلب النابح بعنف،مسرعا أمسك البندقية،في الخارج كان النباح صوب الحديقة،ركّزنظره..يا إلهي..سواد ما هناك واقف في الحديقة دون حراك،تبعثرت أفكاره..إنه شبح، ناداه مرة..إثنتان، حذّره،سيُطلق النار عليه إن لم يغادر المكان،السواد صامد كتمثال شامخ ،بإحكام كانت فوهة البندقية صوب ذاك السواد المجهول،ضغط على الزناد..يا إلهي..لقد إختفى..إنه فعلا شبح. عندما كان في فراشه، كانت أفكاره قد زادت إضطرابا. حين طلع النهار، في حديقته كالعادة،حاول أن يحدد مكان شبح ليلة البارحة،عندما كان متجولا بين أحضان الخضر،فاجأه سواد ما ملقى على الأرض…يا إلهي إنه حمار،كانت بقع الدم ما تزال فاقعة..حمار..مجرد حمار، إعْتقدتُ أنه شبح، بدا عليه بعض الحزن، سيحاول الآن إخراج ذلك السواد من الحديقة ليعود لقلع الحشائش النائمة على الأرض.