تشهد الساحة السياسية والقوانين في ألمانيا تحولات عديدة فيما يتعلق بملف الهجرة واللجوء، إثر الجدل الذي أشعله هجوم الطعن بالسكين في مدينة زولينغن، حول تشديد إجراءات اللجوء وضرورة الإسراع بتنفيذ عمليات الترحيل، إذ دفعت هذه التطورات الحكومة إلى اتخاذ خطوات لتعزيز هذه السياسات، في ظل سباق سياسي محتدم قبل أيام من الانتخابات البرلمانية الحاسمة في ولايتي تورينغن وساكسونيا شرقي ألمانيا.

تواجه الحكومة الألمانية دعوات متزايدة لتشديد سياسة الهجرة واللجوء واتخاذ إجراءات أكثر صرامة بحق اللاجئين الخطرين والمدانين، عقب سلسلة من الجرائم التي ارتكبها لاجئون مشتبه بهم، كان آخرها هجوم الطعن الذي أسفر عن مقتل ثلاثة أشخاص في مدينة زولينغن غربي ألمانيا نفذه لاجئ سوري وأعلن تنظيم “الدولة” مسؤوليته عنه.

وعقب مقتل شرطي طعناً بالسكين خلال هجوم نفذه لاجئ أفغاني مطلع حزيران الفائت في مدينة مانهايم بولاية بادن فورتمبيرغ جنوب غربي ألمانيا، اتفقت الحكومة الاتحادية مع حكومات الولايات على “ضرورة ترحيل المجرمين الخطرين والمتعاطفين مع الإرهاب إلى أفغانستان وسوريا مرة أخرى في المستقبل”، وقد رحبت الولايات الاتحادية بإعلان المستشار الاتحادي أولاف شولتس بهذا الشأن.

 

الحكومة تُنفذ أول عملية ترحيل

 

ويوم الجمعة، أعلنت الحكومة الألمانية أنها رحلت 28 لاجئاً أفغانياً إلى بلادهم، وهي أول عملية ترحيل إلى أفغانستان منذ أن سيطرت حركة “طالبان” على الحكم في آب 2021، وأوضح الناطق باسم الحكومة شتيفن هيبيشترايت في بيان أن “هؤلاء مواطنون أفغان، وجميعهم مدانون بارتكاب جرائم ولا يحق لهم البقاء في ألمانيا وقد صدرت بحقهم أوامر ترحيل”.

 

اتفاق حكومي على تشديد سياسة الأمن واللجوء

 

في سعيها لاتخاذ إجراءات أكثر صرامة في مجال الأمن وسياسة اللجوء، وافقت أحزاب الائتلاف الحاكم يوم الخميس على حزمة جديدة من الإجراءات، تتضمن تشديد قوانين حمل السلاح وإلغاء الإعانات المقدمة لبعض طالبي اللجوء، وتوسيع صلاحيات السلطات الأمنية، ومكافحة التطرف.

 

وأعلنت وزيرة الداخلية نانسي فيزر أن الائتلاف الحاكم اتفق على إلغاء المساعدات الاجتماعية التي تُقدم لبعض طالبي اللجوء. وأوضحت أن “هذا يتعلق بطالبي اللجوء الذين تتحمل دولة أوروبية أخرى المسؤولية عنهم بموجب اتفاقية دبلن ووافقت على إعادة قبولهم”. (أي الأشخاص الذين لديهم بصمة أو تقدموا بطلب لجوء في دولة أوروبية أخرى قبل وصولهم إلى ألمانيا).

 

تشمل الإجراءات من بين أمور أخرى أيضاً فرض حظر مطلق على استخدام السكاكين في المهرجانات العامة، أو الفعاليات الرياضية، أو المعارض التجارية، أو الأسواق أو الفعاليات العامة المماثلة”. كما سيُسمح للولايات الاتحادية بفرض حظر على استخدام السكاكين في الأماكن التي تنتشر فيها الجرائم، مثل محطات القطارات.

 

وفقاً لما ورد في وثيقة حكومية تحدد طبيعة التدابير، فإن “أولئك الذين يسافرون إلى بلدهم الأصلي من دون أسباب قاهرة، سيفقدون حقهم بالحماية في ألمانيا، ويُستثنى من ذلك اللاجئون الأوكرانيون”، ومن المقرر أن يصوت على حزمة الإجراءات المجلسان الأعلى والأدنى في البرلمان الألماني.

 

 

“عمليات الترحيل غير دستورية”

 

فيما يتعلق بترحيل اللاجئين المدانين بارتكاب جرائم، أوضح كزو لموقع تلفزيون سوريا أن “هذا يتعارض مع الدستور الألماني. فحق اللجوء منفصل عن القوانين الأخرى، فعلى سبيل المثال، من الممكن لشخص هارب من بلده بسبب جريمة ارتكبها وهناك احتمال بأن يُعاقب عليها بالإعدام، أن يحصل على اللجوء في ألمانيا، لأن القانون الألماني يمنع عقوبة الإعدام. وبالتالي، فإن المجرم اللاجئ لا يُسلب حق اللجوء، وإنما يجب أن يُحاسب على أساس دستوري ويُعاقب على جريمته”.

 

بدورها، ردت منظمة العفو الدولية على عملية الترحيل بانتقادات لاذعة. ودعت الأمينة العامة للمنظمة في ألمانيا، جوليا دوتشرو، إلى “عدم ترحيل أي شخص إلى بلد يتعرض فيه لخطر التعذيب”. وقالت إن “من المثير للقلق أن الحكومة الألمانية تجاهلت هذه الالتزامات وقامت بترحيل أشخاص إلى أفغانستان”، محذرة من أن تصبح برلين بذلك “متواطئة مع طالبان”.

 

كما حذرت منظمة “برو أزول” الحقوقية من أن الترحيل قد يعني خطوة نحو “التطبيع مع حكومة طالبان”.