“التدخل ليس خيارا عندما نرى شخصا يعاني”… هذا ما قاله أحد المهاجرين الأربعة الذين أنقذوا رجلا حاول الانتحار ملقيا بنفسه في نهر أدور في مدينة بايون الفرنسية. المهاجرون أتوا من مالي وساحل العاج ويتواجدون في مركز “بوزا” لاستقبال الحالات الطارئة.

“سمعنا صراخا، ورأينا رجلا يغرق”، دفع هذا كيكوتا نوموكو إلى رمي نفسه بالماء على الفور، تبعه ثلاثة مهاجرين آخرين ليتمكنوا من إنقاذ الرجل ذي الـ59 عاما. وقعت هذه الحادثة بعد ظهر يوم الأربعاء 31 مايو/أيار 2023 في مدينة بايون في أقصى جنوب غرب فرنسا، بينما كان المهاجرون الأربعة متواجدين بشكل مؤقت في مركز “بوزا” لاستقبال الحالات الطارئة.

ونوموكو الذي اندفع أولا ورمى بنفسه في الماء قاطعا سياج الأمان على حافة نهر أدورو، هو مالي وعمره 16 عاما. وكان قد مد غصنا للغارق لكنه انكسر، فسرعان ما وثب في الماء وسبح حتى أمسك الرجل لكنه لم يتمكن من حمله، ما دفع رفاقه الثلاثة بامبا أرونا وموسى دومبيا وماماتو كوليبالي إلى التدخل، لتمكنوا بعد ذلك من جر الرجل الغارق وإنقاذه.

ونشرت الصحيفة المحلية “سود أويست” الخبر مرفقا بتسجيل مصور يروي فيه هؤلاء المهاجرون تفاصيل الواقعة.

وقال بامبا أرونا، وهو من ساحل العاج والأصغر بين رفاقه إذ يبلغ الـ14 عاما، إنه “عندما رأيت الرجل في الماء، كان متعبا جدا”.

وتبلغ أعمار المهاجرَين الآخرين 26 و32 عاما.

كان يائسا

وعن الرجل الذي تم إنقاذه، قال المهاجرون إنه صرخ “النجدة” وإنه كان يائسا وقد حاول الانتحار، وكان يضع حقيبة على ظهره عندما وجدوه، مضيفين أنه لا يجيد السباحة. حضر بعد ذلك رجال إنقاذ وأسعفوا الرجل الذي لم تكن حالته خطرة.

وقال ماماتو كوليبالي لمهاجر نيوز، إن الرجل الذي أنقذوه شكرهم على ما قاموا به من أجله وإنهم لا يعرفون تفاصيل عن وضعه الصحي أو حالته التي أوصلته إلى الغرق في النهر.

 

 

التدخل “ليس خيارا”

وقال ماماتو إن التدخل لإنقاذه “ليس خيارا”. يشاركه رفاقه الرأي قائلين “تركنا كل شيء للقدوم إلى هنا، اجتزنا صعوبات كثيرة. وعندما نرى شخصا يعاني، لا يسعنا إلا التدخل”. وأضاف موسى لمهاجر نيوز “فعلنا ذلك ولم نخف، رأينا رجلا يكبرنا في السن، هو بعمر آبائنا، فقمنا بإنقاذه على الفور دون تفكير، إنها مسألة احترام”.

وينوي المهاجرَان القاصران كيكوتا نوموكو وبامبا أرونا، البقاء في بايون لإكمال دراستهما.

مركز “بوزا”

وتم افتتاح مركز “بوزا” الذي كان المهاجرون يتجولون بقربه عند حافة النهر، بعد نهاية عام 2018، إثر موجة من المهاجرين الواصلين من أفريقيا جنوب الصحراء قاطعين المغرب وإسبانيا، واستقبلهم متطوعون من أهالي المنطقة. وجاءت بعدها فكرة المركز، تبعتها موافقة رئيس بلدية المدينة. واختير مكانه على أرض موقع عسكرية قديم، وتحول سريعا إلى مركز استقبال تدعمه المنطقة ويعمل فيه عدد كبير من المتطوعين في جمعية “دياكيتي” التي أسست المركز، وجمعية “لا سيماد” الإغاثية.

تمثل مدينة بايون محطة مهمة للمهاجرين القادمين من إسبانيا إلى فرنسا بحكم موقعها الجغرافي. وعلى الرغم من أنها لا تقع على الحدود مباشرة، وأن معظم المهاجرين لا يقضون فيها فترة طويلة، إلا أنها تشكل حالة خاصة بفضل المركز.