في أعين الكثيرين لا توجد مؤسسة ثقافية في العالم أهم من الأكاديمية السويدية. ينتخب أعضاؤها، الذين يسمون أنفسهم الثمانية عشر، أقرانهم، ويلتقون في عشاءٍ كل ليلة خميس في مطعم مملوكٍ لهم بمدينة ستوكهولم القديمة. ومرة كل عام في حفلٍ يزدان بالمجوهرات والرسميات، يسلم الأمين العام الدائم جائزة نوبل في الأدب للفائز، ويصفق العالم.

لكن لن تُسلَّم جائزة ولن يُقام حفل هذا العام. في نوفمبر/تشرين الثاني 2017، كشفت الصحافة السويدية أن زوج عضوة بالأكاديمية قد واجه اتهاماتٍ بارتكاب سلسلة من الاعتداءات الجنسية التي يُزعم أنها وقعت على مدار 20 عاماً.

بداية من إساءة استغلال أموال الأكاديمية

جان كلود أرنو، الفيلسوف الفرنسي والمتعهد الثقافي، متزوجٌ من الشاعرة العضوة بالأكاديمية كاتارينا فروستنسون. الزوجان متهمان بإساءة استغلال أموال الأكاديمية، بالإضافة إلى اتهامات الاعتداء الموجهة إلى الزوج. أنكر أرنو كل الاتهامات، بينما رفضت كاتارينا التعليق.

أصابت الفضيحة الأكاديمية بالشلل، وتبعها عددٌ كبير من الاستقالات والإقالات. انسحب ستة من الأعضاء الثمانية عشر من المشاركة في أي من المشاورات؛ بينما أُجبِر اثنان آخران على الانسحاب. وتنصّ اللوائح على حضور اثني عشر عضواً على الأقل من أجل انتخاب أعضاء جدد، لذا لا يُمكن حالياً اتخاذ قرارات ذات أهمية أو انتخاب أعضاء جدد بحضور عشرة أعضاء فقط. وتسلل التراشق بالاتهامات ليملأ الفراغ الناشئ.

وفقاً لعضو من كبار أعضاء الأكاديمية، الرجل المسؤول عن التداعي الأخلاقي للمؤسسة -بـ»قيمه المتعفنة المتباهية بالذكورة وتعسفه المغرور»- هو الناقد والمؤرخ هوراس أنغدال، الأمين العام السابق للأكاديمية. وبدوره نعت أنغدال، وهو صديق مقرب لأرنو، الأمينة العامة الحالية بأنها الأسوأ في تاريخ الأكاديمية.

الفضيحة الجنسية كشفتها 18 امرأة

كان لهذه الجوائز وزنها

انكشفت الفضيحة حين نشرت صحيفة Dagens Nyheter اليومية بستوكهولم شهادات 18 امرأة قلن إنهن قد تعرضن للاعتداء أو الاستغلال الجنسي على يد أرنو. وحتى وإن كان عددٌ كبير منهن مجهول الهوية، فقد ظل من المستحيل تجاهل التأثير التراكمي للاعترافات. بل بلغ الأمر مزاعم بالاغتصاب في حالتين منها.

ما جعل المسألة فضيحة عالمية واسعة النطاق هو أنها تكشف على ما يبدو العفن في قلب الأكاديمية السويدية، فكثير من الاعتداءات وقعت على حد المزاعم في شقق فاخرة مملوكة للأكاديمية في ستوكهولم وباريس. كذلك تربح أرنو وكاتارينا لأعوام من الإعانات المالية التي تقدمها الأكاديمية لنادٍ للفنون يمتلكانه ويديرانه معاً.

عفن الأكاديمية ليس بالاغتصاب فقط بل بتسريب الأسماء أيضاً

إضافة لذلك تواجه كاتارينا اتهامات بتسريب أسماء الفائزين بجائزة نوبل للأدب إلى أرنو، ما يتبعه المراهنة بمبالغ كبيرة على الفائز في مكاتب الرهانات الباريسية. وقال بيورن هورتغ، محامي أرنو، لصحيفة Expressen المسائية السويدية إن موكله «منزعج ومستسلم.. ويقول إن كل هذا باطلٌ وأنه بريء من هذه الادعاءات».

وبعد وقتٍ قصير من انكشاف الفضيحة، أعلنت سارة دانيوس، الأمينة العامة للأكاديمية، أنها قد تعرضت هي نفسها للتحرش الجنسي على يد أرنو. استدعت سارة المحامين وحاولت طرد كاتارينا فروستنسون من الأكاديمية. وفي الوقت نفسه، يحظى أرنو بمدافعين أقوياء عنه في مواجهة الاتهامات، فقد شن صديقه العزيز أنغدال حملة لطرد سارة دانيوس من الأكاديمية، وشجب في مقال بصحيفة Expressen فُحش خصومه في الأكاديمية، واصفاً إياهم بـ»زمرة من الخاسرين السيئين.. تآمروا من أجل إيذاء كاتارينا فروتسنسون وإهانتها».

في خضم الأحداث، تنحت المرأتان عن عضويتهما في الأكاديمية. واستقال عدد كافٍ من الأعضاء تضامناً مع سارة دانيوس لترك الأكاديمية غير مكتملة النصاب التي يدير أنغذال بقاياها. ومن المحتمل في ما يبدو أن يقرر ملك السويد، المسؤول الأكبر عن الأكاديمية، أن يحل المؤسسة كلها هذا الصيف، ما سيحمل عواقب كارثية لجائزة نوبل في الأدب. وترفض مؤسسة نوبل الممولة الجائزة الاستمرار في منح التمويل حتى يتم تطهير الأكاديمية.

الصدمة كانت لمَن اعتقد أنه كان يخدم الثقافة!

تحمل الفضيحة بوادر مأساة اكتشف فيها أناسٌ سعوا إلى خدمة الأدب والثقافة أنهم كانوا مجرد قوادين يلبون رغبات الكُتاب ومرافقيهم. وقد اختلط السعي إلى الكمال في الفن بالسعي إلى التقدير الاجتماعي.

تصرفت الأكاديمية كما لو كانت الوجبات التي يتناولها الأعضاء في ناديهم إنجازٌ مساوٍ للأعمال الأدبية التي أدت إلى انتخابهم.

لقد ظنت الأكاديمية أنها تمثل ثقافة توماس ستيرنز إليوت، الذكورية بعض الشيء والنخبوية بلا تحفظ، التي تُسخَّر القوة فيها لخدمة التقاليد. لكن يتضح أنها تمثل أكثر بكثير ثقافة نجوم الروك العجائز: المتعجرفة المعتدة بالذكورة، التي تحصن الاعتداد بالنفس بالشهرة والمال. لن يضر تدمير سمعة الأكاديمية بمؤسسة سويدية فريدة من نوعها وفقط، بل سيضر أيضاً المُثُل التي اعتنقتها، وسيضر حلم الثقافة العالمية السامية التي تمثلها جائزة نوبل.

كانت الأكاديمية، منذ تأسيسها في 1786، مؤسسة نخبوية تهدف إلى ضم أفضل الكتاب والأكاديميين في السويد، وإلى حماية اللغة ورعايتها. وضعت الأكاديمية قائمة رسمية بكل الكلمات المعترف بها في اللغة السويدية، وما زالت الأكاديمية تعمل أكثر من قرن على وضع قاموسٍ شافٍ للغة.

يُنتخب أعضاء الأكاديمية مدى الحياة، ويُحتفل بانضمامهم إليها في مأدبة على أنغام الأبواق الصاخبة. إنها مؤسسة ثرية، باستثمارات تُقدَّر قيمتها بـ110 ملايين جنيه إسترليني (143 مليون دولار). وتجلب العضوية منافع مالية معتبرة: فهناك العديد من المزايا الرائعة المقدمة، تشمل شققاً في أفخم مناطق ستوكهولم، وحفلات العشاء، واستخدام مكاتب مبهجة. لا تعلن الأكاديمية عن بدلات الأعضاء، لكنهم يتلقون نحو 40 ألف جنيه إسترليني (52 ألف دولار) في العام حال كونهم مشاركين نشطين، وفق تحقيق أجرته صحيفة سويدية عن عوائدهم الضريبية. ومنصب الأمين العام هو منصب بدوام كامل، ومع أن راتبه غير معروف، فإن المعاش التقاعدي لشاغل المنصب يزيد بمعدل 10 آلاف جنيه إسترليني (13 ألف دولار) لكل عامٍ يقضيه في المنصب.

من الصعب معرفة نفع الأكاديمية للسويد المعاصرة. فنوع الأدب الذي تأسست الأكاديمية لترعاه يعتمد بشكلٍ كبير في بقائه على الإعانات. ولا يمكن لأعضاء الأكاديمية كسب عيشهم من الكتابة، باستثناءات قليلة. يسري هذا بالطبع على الكتاب في كل مكان اليوم، لكن في عالم تهيمن عليه لغاتٍ عالمية قليلة، أبرزها الإنكليزية، لا يُمكن للغة مثل اللغة السويدية -يتحدثها تسعة ملايين شخص فقط- أن تدعم الكثير من الكتب اقتصادياً. الكتب المُباعة في السويد هي دائماً الكتب التي يُمكن جني ربحٍ من ترجمتها، أي روايات الجريمة، باستثناء فتوحاتٍ أدبية متفردة بين الحين والآخر، مثل رواية Popular Music from Vittula.

في السبعينات واجهت الأكاديمية تهديداً أيضاً

في السبعينيات، تعرضت فكرة أن الأكاديمية هي الثقافة السويدية في أوجها إلى الهجوم، في الوقت نفسه الذي بدا فيه الاعتقاد المنتشر بأن الثقافة الأوروبية -والسويدية تحديداً- تمثل قمة الإنجاز الإنساني غير مُقنعٍ بالمرة. كان هذا تهديداً وجودياً يزحف ببطء على الأكاديمية. فطموح الأكاديمية غير العادي لم يكن يقتصر على قراءة الأدب الأجنبي بلغته الأصلية، لكن يشمل ما هو أكثر، أي تقييم أصالته وأهميته داخل سياقه الأصلي. لكن، مع اتساع عالم الأدب ليضم أميركا اللاتينية وإفريقيا والهند واليابان والصين، بدا هذا الطموح بعيداً عن الواقع.

تأسست الأكاديمية لتجسد وتقوي الزعم بأن اللغة السويدية من أعظم لغات الحضارة الأوروبية وجديرة بالاحترام كأي لغة أوروبية أخرى. وفي 1974 اختبرت الأكاديمية هذا الاعتقاد حين اختارت اثنين من أعضائها، هما الشاعران هاري مارتنسون وإيفند جونسون، لنيل جائزة نوبل في الأدب، ما قوبل بعاصفة من الاستهزاء (بعد أربعة أعوام، قتل مارتنسون نفسه).

وقعت استقالات نتيجة قضية رشدي أيضا

بدت الانتقادات قاسية على نحو مبالغ فيه، فقد كان مارتنسون شاعراً أفضل بكثير من بوب ديلان مثلاً، الذي حصل على الجائزة في 2016. لكن رد الفعل الرافض كان إيذاناً بما سيأتي لاحقاً.

في ظل هذا التدهور في مكانة الأكاديمية، انتُخِبت الكاتبة الروائية كيرستين إكمان لتشغل المكان الذي خلفه رحيل مارتنسون. تعيش كيرستين في شمال السويد، ولم تبهرها مكانة الأكاديمية في المجتمع. رتبت كيرستين أمورها بحيث لا تضر إلى حضور حفلات العشاء الأسبوعية في ستوكهولم لأن هذا سيعطلها عن عملها أكثر من اللازم. وغادرت الأكاديمية بعد خلافٍ علني جداً في 1989 حين فشلت الأكاديمية حتى في مناقشة اقتراحٍ بدعم سلمان رشديبعد إصدار فتوى ضده. حاول عضوان آخران الاستقالة أيضاً بعد مسألة رشدي. وقيل لهما، ولكيرستين كذلك، إن اللوائح لا تتضمن بنداً لمغادرة الأكاديمية قبل الموت. لذا لجأ الثلاثة إلى قطع كل اتصالٍ لهم بالأكاديمية. أحدثت هذه الفضيحة أول ثقبٍ حقيقي في الهالة المحيطة بالمؤسسة، فقد كان بإمكان الأعضاء محاولة صنع فارقٍ في العالم، لكنهم اختاروا الانطواء على أنفسهم، متشبثين بإيمانهم بأهميتهم وحقهم المثالي في السرية والتزام الصمت.

وهم يخشون التصريح للصحافة خوفاً من نشر غسيلهم القذر!

آخر مرة زار فيها صحفيون من الغارديان فيها ستوكهولم في مايو/أيار، لم يوافق أي من أعضاء الأكاديمية الذين خاطبتهم على التحدث إليَّ على الإطلاق، وأشخاصٌ قليلون وافقوا على إجراء حديثٍ مسجل. فهي مدينة صغيرة، والدائرة الثقافية فيها أصغر وأصغر. ولا أحد يرغب، على ما أظن، في أن ينشر الغسيل القذر في الصحافة الأجنبية. لكن قيل، مراراً وتكراراً، إن الأكاديمية تديرها جماعاتٍ صغيرة، وإن القصة لا يمكن فهمها خارج إطار العلاقات الشخصية بين أعضاء الأكاديمية.

كانت كيرستين إيكمان من أعضاء الأكاديمية القلائل الذين بيعت نسخٌ من رواياتهم في السويد. كانت الهوة بين الكتابة الشعبية والكتابة النخبوية تتسع في الثمانينيات، ويظهر ذلك بوضوح في قصة كاتبين، سيصبح واحد منهما فقط مهماً بالنسبة للأكاديمية.

في أواخر السبعينيات، عاش كاتبان شابان طموحان في مدينة أوميو الصغيرة شمالي السويد، المحشورة أسفل الدائرة القطبية، وكلاهما كان يُدعى ستيغ لارسون. أحدهما دشن مجلة أدبية في السابعة عشرة من عمره وكان لا يزال طالباً في المدرسة. وما إن استطاع الحصول على منحة ثقافية من الدولة، حتى نقل مقر مجلته إلى استوكهولهم، حيث أصبحت مجلته Kris، أي «الأزمة»، مركزاً لمجموعة صغيرة من النقاد ذوي التعليم الجامعي، تشاركه طموحه وسخطه على حال الأدب السويدي. نشر لارسون، بعمر الرابعة والعشرين، رواية مليئة بالجنس عديم المعنى والاغتراب بعنوان The Autists، حازت إعجاباً كبيراً من النقاد.

وقد حقق هذا الكتاب ضجة كبيرة

كان نجاح لارسون عظيماً لدرجة أن ستيغ لارسون الآخر أضاف حرفe إلى اسمه ليصبح Stieg. كان لارسون الآخر يعمل لأعوام في سرية تامة على رواية بعنوان Men Who Hate Women، ويتكسب من العمل في مجلات يسارية صغيرة. مات لارسون قبل نشر كتبه، لكن الترجمة الإنكليزية من رواية Men Who Hate Women حملت عنوانThe Girl Withthe Dragon Tattoo، أكبر الصادرات الثقافية من السويد منذ فرقة آبا، أو ربما لعبة Minecraft. ولا أظن أن كثيراً من أعضاء الأكاديمية قد قرأوا هذه الرواية.

كانت مجلة Kris صغيرة لكن عصرية جداً، كانت صيحة غاضبة في وجه القيمة الحقيقية للأدب السويدي حينها، الذي كان يزخر بالبروليتاريين النبلاء والمخاوف الصادقة من الاشتراكية. روجت مجلة Kris لفكر الفيلسوف جاك ديريدا، ودفعت بأولوية الأدب الفرنسي والألماني على الكتاب الأميركيين الإقليميين على ما يفترض.

واستطاع ستيغ لارسون أن يجري حواراً مع الفيلسوف ميشيل فوكو. كل هذا كان يحدث في وقت كانت الثقافة الشعبية السويدية تهرول في الاتجاه الآخر، اتجاه تجاهل التأثيرات الأوروبية، واللغات الأوروبية، واحتضان اللغة الإنكليزية والأعمال المتلفزة التجارية وشطائر الهامبرغر وبطاقات الائتمان وأخبار المشاهير ولعب الغولف.

مثلت النخبوية المتمردة في مجلة Kris اختلافاً صارخاً، لا عن الثقافة الشعبية فقط، بل عن النخبوية الجامدة غير العصرية المتمثلة في الأكاديمية السويدية في أوائل الثمانينيات. في السياق السويدي الضيق، كانت الأكاديمية معارضة جذرياً للقيم المساواتية التي يحملها الاشتراكيون الديمقراطيون الذين حكموا البلاد لأربعة وأربعين عاماً. وفي مرحلة ما كان أعضاء الأكاديمية من الاشتراكيين الديمقراطيين أقل من أعضائها الكاثوليكيين -والكاثوليك في السويد أقلية صغيرة.

إن أردت دخول عالم الثقافة النخبوية فهنا تجد طريقاً لها

لجأت الأكاديمية، في ما ينبغي رؤيته جهوداً لتجديد الدماء، إلى الجيل الجديد. انتُخِبت الشاعرة النسوية الشابة كاتارينا فروستنسون في 1992. رحبت بها الأكاديمية، ككل أعضائها، بمأدبة رسمية. وأدارت كاتارينا، مع زوجها الفرنسي الأكبر منها سناً بكثير، المتعهد الثقافي جون كلود أرنو، نادي Forum في ستوكهولم، المكرس للثقافة السامية -القراءات الشعرية والموسيقى الكلاسيكية في مناخٍ مشحون بالجدية والشهوانية القوية.

انتشر وقتها اعتقادٌ بأنك إن أردت دخول عالم الثقافة النخبوية، عليك الانضمام إلى جماعة نادي Forum ومجلة Kris. وكانت العلاقة مشبوهة لأن نادي Forum، مثل باقي نوادي الثقافة السامية السويدية، يعتمد على الإعانات المالية، وبعض هذه الإعانات جاء من الأكاديمية (وفقاً لمقال بصحيفة Dagens Nyheter، قالت الأكاديمية إن كاتارينا لم تفصح عن امتلاكها نصف النادي الذي أسهمت في تمويله عبر الأكاديمية).

وبعد قضية سلمان رشدي وانتخاب كاتارينا فروستنسون، اقتربت الأكاديمية أكثر من الدائرة المحيطة بمجلة لارسون، Kris، وبالأخص من الناقد أنغدال. لم يكن من الممكن انتخاب لارسون نفسه، لأنه اكتسب عادة سيئة بتعاطيه الأمفيتامين، فقد كان يعيش حياة نجم روك أدبي إلى المنتهى. وفي مذكراتٍ نشرها مؤخراً يصف لارسون، دون خجل فيما يبدو، واقعة انتشل فيها فتاة شابة (متدربة بصحيفة Expressen) بدت «جميلة على غير العادة» في إحدى الحفلات، واصطحبها إلى منزله معاملاً إياها باحتقارٍ صامت، وجلدها بسلكٍ كهربائي ثم بدأ مضاجعتها من الخلف، وهنا صدمته ملاحظة أن الفتاة كانت قد دخلت في نوبة بكاء. لذا اصطحبها إلى والديها بأقصى ما أمكنه من تهذيب، لأنه قد خطر له فجأة أن الفتاة قد تبلغ الشرطة.

كان أنغدال والناقد الأدبي أنديرس أولسون قد شاركا في تحرير مجلة Kris مع لارسون، لكن نزقهما الاستعراضي، على عكس لارسون، كان أدبياً محضاً. كان أنغدال في شبابه كناقدٍ يسعى إلى اكتساب الشهرة قد كتب مراجعة للرواية الأولى لناقدٍ منافس، وكانت المراجعة قاسية لدرجة أن أحدهم وضع فضلاتٍ بشرية على عتبة داره رداً عليها، لكنه كان ينتقل بنجاحٍ إلى قلب المؤسسة الثقافية بحلول منتصف التسعينيات، فقد صار من أعضاء مجلس إدارة الأوبرا الملكية ومؤسسة نوبل.

انتُخب أنغدال لدخول الأكاديمية في عام 1998، وقال زوجته حينها، إبا ويت براتستروم، لصحيفة Expressen في مايو/أيار: «حين وصلنا الخبر، تقافز أنغدال في أرجاء المنزل بأعين لامعة ووجنتين متوردتين كما لو كان قد تعاطى جرعة من الهيروين». في ذلك العام، التُقطت صورة لإبا وأنغدال يبتسمان، متلامسي الخدين، بصفتهما «ثنائي الثقافة الملكي» على غلاف مجلة نسائية راقية. ثار غضب أنغدال بشدة لأن زوجته ظهرت إلى جانبه على الغلاف، وصرخ في مكتب المجلة: «لقد قضيتم عليَّ أيها الملاعين. لا أريد إظهار أنني مقرب زوجتي!».

أنغدال صاحب أسلوب ممتاز على الورق. أرسل لي سفير السويد إلى لندن ذات مرة مقالاً كتبه أنغدال بمناسبة مرور 200 عام على الاحتلال الروسي لفنلندا، كمثالٍ على ما يمكن للغة السويدية أن تفعله حتى وقتنا هذا. هو أيضاً مغرور، مشاكس، يمكنه الدوران في فلك التباهي والتفاخر. لكنه يجسد حس الأكاديمية بأنها أمينة على ثقافة سامية لا حدود لقيمتها، هجرها العالم الخارجي.

بحلول أواخر التسعينيات، اكتسب أرنو سمعة بكونه زير نساء، لكن هذه لم تكن جريمة خطيرة للغاية في مجتمع ستوكهولم الأدبي حينها. مثل فضيحة #MeToo في هوليوود، كان مصدر الكثير من الغضب إعادة تقييم لسلوكيات كانت شبه معروفة دوماً.

تقول ماريا شوتينيوس، محررة قسم الثقافة في صحيفة Expressen آنذاك، وعملت عن قرب مع أنغدال: «كنت قد سمعت هذه الشائعات عن أرنو أيضاً، لكن لم أسمع شيئاً عن أي اغتصاب؛ فقط أنَّه يلمس الأجساد ويتحسسها وأنَّه مهتم بالشابات. لكنني وجدت صعوبة في أخذها على محمل الجد لأنَّ زوجته كاتارينا تشاركه العمل دوماً في النادي». لاحقاً، فاحت رائحة ممارسات أرنو المشينة لدرجة أن البلاط الملكي طلب من أنغدال طلباً خاصاً قبل وليمة أدبية كبرى، بألا يُترَك أرنو وحده في غرفة مغلقة مع ولية العهد الأميرة فيكتوريا.

المرة الأولى التي ارتقت فيها الشائعات المحيطة بأرنو إلى مرتبة الفضيحة كانت في 1997. نشرت Expressen تحقيقاً كاشفاً عن طريقة معاملة النساء في نادي Forum. وكان من الصعب عدم ملاحظة عنوان الخبر: «رعب جنسي في أوساط النخبة الثقافية».

وجاء في التقرير: «شخصية ثقافية شهيرة تواجه اتهاماتٍ من عدة متدربات بالتحرش الجنسي بهن… وإحداهن.. بعثت برسالة يائسة إلى عددٍ من المؤسسات الثقافية التي ترعى أعماله».

وتلقى الأمينُ العامُ للأكاديمية آنذاك، ستور آلين (الذي شغل المنصب أثناء قضية سلمان رشدي)، نسخةً من الرسالة. أكد آلين أنَّه قرأها، لكنه رفض التصريح بالمزيد. وبالتأكيد لم يتخذ أي تحرك. امتنعت كاتارينا فروستنسون، التي تواصلت معها Expressen (مع أنها لم تذكر اسمها) عن التعليق كذلك. وكشفت الصحيفة أيضاً أنَّ حسابات النادي فوضوية، وأنَّه يخسر 50 ألف إسترليني (نحو 65 ألف دولار) سنوياً، وأن آلين وقَّع ضمان قرضٍ لحساب النادي نيابةً عن الأكاديمية. ورفض آلين التعليق على الأسئلة فيما يتعلق بأموال النادي أيضاً.

سرعان ما تلاشت ضجة تحقيق Expressen والفضيحة، وتوقف إرسال المزيد من المتدربات الشابات لجني الخبرة في نادي Forum. أنا كارين بولوند، الفنانة التي كتبت الرسالة التي كانت الأساس الذي بنت عليه Expressen تحقيقها، والتي اشتكت فيها من اعتداء أرنو عليها جنسياً، نبذها أرنو نفسه بوصفها «فنانة عاهرة».

وكانت غابرييلا هاكانسون، التي أضحت الآن كاتبة روائية مخضرمة، تبدأ مسيرتها في الكتابة في بدايات التسعينيات، وكانت على علمٍ بسمعة أرنو. قالت لي غابرييلا: «كانت سمعته سيئة حقاً ضمن جيلي من المؤلفين، وحتى عند الكبار، لدي صديقة بعمر الثانية والستين الآن حكت لي عن تجربتها. لذا تجنبت نادي Forum بسبب سمعته السيئة».

لكن غابرييلا قابَلت عام 2007 أرنو في حفل استقبال أدبي. وقالت: «كنا قد تبادلنا جملتين فقط قبل أن يدس يده بين رجلي. حدث الأمر بسرعة لا تصدق. ثم ارتفعت يدي وصفعته. أتذكر أنَّ المحيطين بنا ضحكوا في طريقة تَنُّم عن الخزي، كأنهم يقولون (انظروا، إنَّه يفعلها مجدداً)».

تكمل غابرييلا: «اعتداءاته لا علاقة لها بالجنس. أنا امرأة جذابة وكنت ضحية الغزل الأخرق من قبل، لكن لم يحدث لي شيء مماثل قط. كان الإمساك بفرجي استعراضاً للقوة».

وأشارت الكاتبة الروائية لينا أندرسون إلى أن الناس كانوا يعرفون بالسلوكيات المنسوبة إلى أرنو، لكن لا أحد أخذها على محمل الجد. تقول لينا: «في أيام ما قبل حملة MeToo افترض الناس عموماً أنَّ النساء البالغات قد يحملن اهتماماً جنسياً بالرجال، حتى الرجال المتزوجين، وكان أمراً فكتورياً، أبوياً وبطريركياً أن تفترض حاجتهن إلى الحماية وأنَّهن ينخرطن في أفعال جنسية رغماً عنهن. عرف الناس أنَّه زير نساء وافترضوا عدم وجود خلاف بينه وبين زوجته بسبب هذا».

مع تطور الفضيحة في شتاء العام الماضي وربيع هذا العام، اتضح بصورة متزايدة أنَّ أنغدال هو المدافع عن أرنو وكاتارينا داخل الأكاديمية، وتعرض للهجوم في كل الصحف السويدية. كانت لينا أندرسون واحدة من القلائل المدافعين عنه، إذ كتبت في مقال لصحيفة Dagens Nyheter السويدية: «الملاحقة المتعطشة للدماء له لا تنبع فقط من الكراهية الشعبوية للتميز والتعليم والسلطة في مجتمعنا. بدرجة كبيرة، هو مجرد تعبير عن الحقد.. ولم أنسَ الحكمة المؤلمة في فقرة اقتبسها أنغدال ذات مرة عن ثيودور أدورنو: (ضحكات التلاميذ الآخرين عندما يخطئ الطالب المفضل لدى الأستاذ في إجابة هي بذرة الفاشية)».

لقطة من حفل 2016

الإحساس بأنَّهم المدافعون عن الهيراركية الثقافية اختلط في أذهان بعض أعضاء الأكاديمية بالدفاع عن مكانتهم في الهيراركية الاجتماعية. بدا لأعوامٍ أنَّ لا شيء يمكنه اختراق حصون الامتيازات الاجتماعية والجنسية التي تحمي الأكاديمية وأرنو. خرجت فضائح صغيرة متعلقة بالأكاديمية في تلك الأعوام: في 2005 تنحى عضو احتجاجاً على منح الجائزة لشيوعي نمساوي لأنَّ العضو رأى عمله إباحياً. وحصل بوب ديلن على الجائزة في 2016، وأظهر للأدباء الأشقياء كيف يتصرف نجم الروك الحقيقي، حين عامل الأكاديمية باحتقار لا يتزعزع لشهورٍ، ليضيف الإهانة إلى موجة السخرية التي أثارها فوزه بالجائزة.

كانت الأمينة العامة للأكاديمية، التي تظاهرت بعدم التأثر بسلوك ديلن، هي سارة دانيوس، كاتبة المقالات والناقدة الأدبية التي انتُخبَّت في 2013. قالت الصحفية ماريا شوتينيوس: «كانت دائماً موهوبة فكرياً ولامعة لكنها ليست شخصاً ينقاد بسهولة، لقد ابتهجت بشدة حين انتُخبت للمنصب».

وسارة هي ابنة واحدٌ من أهم الكتاب في السويد المعاصرة، وإنَّ كان أقلهم في المكانة. والدتها، أنّا فولغرين، نشرت دليلاً لتربية الأطفال من 500 صفحة اشتراه كل بيتٍ في السويد تقريباً في أوائل الثمانينيات (ما زالت لدي نسختي)، مستمدة محتواه من خبرتها الكبيرة في الأمومة، فقد رزقت بتسعة أطفال من أزواجها الأربعة.

وكانت سارة ابنتها الكبرى من زواجها الأول في الثامنة عشرة لأرمل يكبرها بستة وثلاثين عاماً. كانت أنا طفلة هاربة من منزل تعيس، وكان هو مدرس تلقفها حين كانت تدرس في المدرسة الداخلية، وعاملها بلطفٍ، وعالج حبوب الشباب لديها بالبراندي الفاخر. طلبت منه أن يتزوجها، وفعل. دام الزواج أربعة أعوام ورزقا بطفلين. ربما كانت أنا بوهيمية في علاقاتها، لكنها أم صارمة أيضاً.

ورثت سارة عن أمها قوة الإرادة، وحين ثارت فضيحة أرنو أخيراً، كانت الأمينة العامة للأكاديمية. لقد كانت في موقفٍ صعبٍ.

السيدةالتي أثارت الفضيحة هي ماتيلدا غوستافسون، مراسلة بصحيفة Dagens Nyheter، منحتها فضيحة هارفي واينستين في هوليوود دَفعة للتحدث. تساءلت ماتيلدا، كم امرأة في السويد يمكن أن تنضم لحملة #Me_too وتعلن ما تعرضن له من انتهاكات. استغرق الأمر أسابيع من البحث، وعثرت على 18 سيدةً، واحدة لكل عضو من أعضاء الأكاديمية، مستعدة للشهادة، أغلبهن وافقن على التحدث، دون الإفصاح عن هويتهن، بخصوص ما تعرضن له على يد أرنو. لكنها تقول إنَّ الأمر صار أسهل حين امتلكت عدداً كبيراً من الشهود. تقول: «حين تخبر شخصاً بأنَّه الشاهد الرابع عشر في التقرير، فإنَّه يصير أكثر استعداداً للتحدث». وتضيف أنَّه بنهاية التحقيق تجاوز عدد الشهادات التي كان يمكن استخدامها حاجز الثمانية عشرة بكثير.

قراءة التفاصيل في تقريرها مثيرة للغثيان. هناك نمط من التحرش الجنسي والاعتداءات واللقاءات الجنسية التي غاب عنها التراضي في منتصفها. تتمحور كثيرٌ من القصص حول استغلال الشابات الهشَّات عاطفياً على يد رجلٍ يكبرهن في السن ويفوقهن في النفوذ. ومع أن اسم أرنو لم يُذكر في التقرير، إذ تشير إليه صحيفة Dagens Nyheter حتى يومنا هذا بـ»الشخصية الثقافية الشهيرة» – ولا يمكن لأي شخص يعرف عن أرنو أن يُخطئ التعرف على هوية المعتدي المذكور في التقرير. لكن الأثر الذي أحدثه النشر هو أن سلوك أرنو تحول فجأة من مادة للنميمة السرية إلى فضيحة علنية. وثار كل من كانوا يتسامحون مع معرفتهم بأفعال أرنو حتى نشر التقرير. تقول بيورن ويمان، محررة قسم الثقافة بالصحيفة: «لم يكن أحد يعرف بأنَّ الأمر اقترب من الاغتصاب كما توضح القصص التي جمعتها ماتيلدا».

بعد ثلاثة أيام من نشر القصة، اجتمع أعضاء الأكاديمية لمدة ساعتين ونصف، وخرجت سارة من الاجتماع لتعلن لوسائل الإعلام أنَّ الأعضاء صوتوا بالإجماع على إيقاف جميع أشكال التعاون مع أرنو ومؤسساته. وأضافت أنَّه ظهر أثناء الاجتماع أنَّ «أعضاءً بالأكاديمية، وبناتهم وزوجاتهم وموظفيهم» قد تعرضن لـ»مواقف حميمية غير مرغوب فيها» و»معاملة غير لائقة» من أرنو. وطالبت المحامين بالتحقق من قانونية الإعانات المالية المقدمة من الأكاديمية لنادي Forum.

الأفظع أن 653 امرأة وقعن على عريضة حول تعرضهن للتحرش

عزم أنغدال والفصيل المحافظ في الأكاديمية على إنقاذ كاتارينا فروستنسون زوجة أرنو. وكان شيئين في صفهما. الأول هو الضرر الذي لا جدال فيه الذي لحق بسمعة الأكاديمية من الفضيحة، فآخر شيء تريده الأكاديمية بكل تأكيد هو المزيد من التغطية الإعلامية. والأمر الثاني هو الإحساس بأنَّ النساء اللاتي اتهمن أرنو احتججن أكثر من اللازم، وتسببن في ضررٍ كافٍ بالفعل. وفي مارس/آذار، شد من أزر حملة أنغدال وزمرته انتحار بيني فريدريكسون، المخرج المسرحي الناجح والمحبوب الذي طُرِد من منصبه في مسرح بستوكهولم في ديسمبر/كانون الأول عقب اتهاماتٍ في الصحف الشعبية له بالتعسف والتنمر. وصفه مؤيدوه بعد وفاته بأنَّه شهيد الغيرة السويدية من الإجادة التي لا تقبل المساومة، في أي مجال.

وتدفع جماعة أنغدال بأنَّ الأكاديمية الملكية للموسيقى تعرضت لفضيحة تحرش جنسي أسوأ بكثير حين وقعت 653 امرأة خطاباً في نوفمبر/تشرين الثاني من العام الماضي زاعمات تعرضهن للتحرش الجنسي على يد أعضائها، لكن لم تُثَر ضجة عن الأمر، فلماذا الترصد لأكاديمية الأدب؟

في الخامس من أبريل/نيسان من هذا العام، اجتمعت الأكاديمية لمناقشة تقرير المحامين الذين استدعتهم سارة (بتكلفة نصف مليون جنيه استرليني (نحو 651 ألف دولار) من أموال الأكاديمية). وفقاً لتقارير صحفية آنذاك، فقد أوصى تقرير المحامين بإبلاغ الشرطة بالمدفوعات المقدمة لأرنو وناديه. قالت سارة إنَّ كاتارينا فروستنسون زوجة أرنو يجب طردها من الأكاديمية أيضاً. وحين وصل الأمر إلى التصويت، رفضت الأغلبية بقيادة أنغدال الاقتراحين. واستقال بعد الاجتماع ثلاثة أعضاء آخرون، منهم المؤرخ الأدبي ومعلم أنغدال القديم شيل إسبمارك. لكن سارة دانيوس بقيت.

بحلول ذلك الوقت كانت الفضيحة قد فتحت جبهة أخرى، متعلقة بالمراهنات المبنية على معلومات مسبقة بمبالغ كبيرة قبل تسلم الجائزة في عدة أعوام في بداية الألفية، وواجهت كاتارينا اتهامات بتسريب أسماء سبعة فائزين بالجائزة لزوجها قبل الإعلان عن فوزهم. جادل المدافعون عنها بغياب أدلة كافية تبرر عقوبة بفظاعة طردها من الأكاديمية. وكتب أنغدال في مقالٍ بصحيفة Expressen أنَّ معاقبة كاتارينا فروستنسون على الخطايا التي يُزعم أن زوجها ارتكبها تتعارض مع العدالة الطبيعية. لكن أنغدال لم يستطع مقاومة الانتقال إلى موضع الهجوم. قال عن سارة دانيوس إنَّها «الأمينة العامة الأسوأ اضطلاعاً بمهامها من بين كل أمناء الأكاديمية منذ العام 1786».

أخطأت جمل أنغدال المعقدة هدفها، لكن المشاعر التي أثارتها كانت أسوأ. تقول بيورن ويمان من صحيفة Dagens Nyheter إنَّ الصحيفة كانت قلقة من أن تكون تغطيتها قد ضخمت من الاتهامات الموجهة لأرنو، لكن أتضح أنَّ القراء يدعمون بثباتٍ العمل الاستقصائي الذي قامت به الصحيفة. هجوم أنغدال على سارة دانيوس أفقده تعاطف كل القارئات تقريباً. تقول بيورن: «النساء فوق سن الخامسة والخمسين هن حَمَلة الثقافة في السويد. هن من يشترين الكتب ويحضُرن الحفلات الموسيقية والعروض المسرحية، وقد أغضبهم أنغدال بشدة».

داخل الأكاديمية كان هناك بعض المحافظين الصارمين الذين أغضبهم سلوك أنغذال بشدة (وصف إسبمارك هجوم تلميذه السابق أنغدال على سارة دانيوس بأنّضه أكثر شيء مشين قرأه في حياته)، لكنهم لم يكونوا أغلبية. وفي الاجتماع التالي، الذي انعقد بعد أربعة أيام، أُُجبرَّت سارة على ترك الأمانة العامة، وأعلنت أنَّها ستغادر الأكاديمية كذلك. أما كاتارينا فروستنسون فقد استُبعدت من اجتماعات الأكاديمية كلية.

مغادرة المرأتين الموجودتين في مركز الصراع كان من المفترض أن يكون تسوية للأزمة، لكنه رُفِض فوراً باعتباره مقايضة مشينة. استقال ثلاثة أعضاء آخرون تضامنا مع سارة دانيوس. وخلَّف هذا أنغدال في موضع السيطرة على الموقف ظاهرياً، إذ أنَّه قد تمكن من كسب أصوات الأعضاء الذين رأوا بقاء الأكاديمية أهم من سمعتها أمام العالم.

جان كلود التي تظهر على يمين الصورة هي واحدة ممن غادرن الأكاديمية

توقع فصيل أنغدال أن يُسمَّح له باختيار الفائز بنوبل الأدب هذا العام، لكن مؤسسة نوبل الممولة للجائزة، بعد يومين من إعلان من بقوا بالأكاديمية اعتزامهم اختيار الفائز، أعلنت في الرابع من مايو/أيار الماضي أنَّه لا جائزة نوبل للأدب هذا العام. وصرح رئيس المؤسسة منذ ذلك الحين بأن المؤسسة لن تمنح الأكاديمية أموال الجائزة حتى تُثبت الأكاديمية براءتها.

بحلول هذه المرحلة، هناك 10 أعضاء فقط باقين في الأكاديمية. يتطلب انتخاب الأعضاء الجدد اثنا عشر صوتاً. وقد عرض المستقيلون الثلاثة العودة لإكمال النصاب القانوني للأكاديمية شريطة استقالة هوراس أنغدال. وقد رفض الاستقالة ولا يزال يرفضها. يبدو المأزق باتاً، وتنتشر شائعات بأنَّ الملك قد يحل الأكاديمية.

في الثاني عشر من يونيو/حزيران،اتهمت السلطات أرنو بجريمتي اغتصاب. وأياً تكن نتيجة المحاكمة -فقد وقعت الجريمتان المزعومتان عام 2011 دون وجود شهود- فقد تحطمت مكانة الأكاديمية، ربما إلى الأبد. على الأقل هذا ما يبدو عليه الأمر للناس في الخارج.

لكني حين اتصلت بستيغ لارسون، صديق أنغدال ومؤسس مجلة Kris، كان له رأي مختلف في المسألة كلها. قال لارسون: «أعرف أرنو منذ 1983. هو صديقٌ مقرب، ومن المستحيل أن يكون قد اغتصب أي أحد. وتُعَد كاتارينا فروستنسون، وأنا معها، من أفضل شعراء السويد. لقد قادت النسويات السويد إلى الجنون».

 

 

 

 

 

 

 

 

 

عربي بوست