يرموك، مسلسل إذاعي باللغة الإنكليزية يحكي قصة الثورة السورية من خلال أربع شخصيات شابة، تتغير مصائرها مع تغير أحداث القصة وتؤول نهاية ثلاث منها إلى السفر خارج البلاد، كشأن الكثير من السوريين. التقى مهاجر نيوز بكاتب السيناريو، غسان زكريا، وهو مهاجر مقيم في فرنسا، للحديث عن فكرة المسلسل الإذاعي.

في حزيران/ يوليو الماضي، بثت هيئة الإذاعة البريطانية BBC 4، مسلسل إذاعي من ثلاث حلقات، بعنوان ”يرموك“، يروي أحداث الثورة السورية عبر قصة تدور تفاصليها وتعيش شخصياتها في منطقة ”مخيم اليرموك“ بالقرب من العاصمة دمشق. التقى مهاجر نيوز، بكاتب المسلسل، غسان زكريا، وهو مهاجر مقيم في فرنسا منذ عام 2014 .

ما القصة الرئيسية التي تدور في فلكها أحداث المسلسل؟

يروي المسلسل حكاية الثورة السورية من خلال أربع شخصيات رئيسية شابة، تعيش جميعها في منطقة مخيم اليرموك، وهي من بيئات مختلفة. تجمع هذه الشخصيات (حاتم وسلمى وخالد ورانيا) مسرحية يعملون عليها سويا. تتشابك بعدها خطوط الحكاية وتتغير مصائر الشخصيات. ولن أقول سوى أن ثلاثا منها تصبحن مهاجرة. لذا يمكن القول إنها قصتهم قبل الهجرة.

من أين جاءت فكرة المسلسل، ولماذا رغبت في سرد حكاية الثورة السورية من خلال مخيم اليرموك؟

كتبت الخطوط العريضة للقصة عام 2015 بهدف تحويلها إلى مسلسل تلفزيوني، ولكنها لم تباع ولم تبد أي شركة منتجة اهتماماً بالموضوع، وأعتقد أن هذا هو الجو العام للدراما العربية حاليا، إذ لا يعد موضوع الثورة السورية جذاباً بالنسبة إلى التلفزيونات العربية.

أبقيت القصة جانبا حتى عام 2019 عندما أوصلني أحد الأصدقاء بمخرج يعمل مع إذاعة الـ بي بي سي ”بوز تيمبل موريس Boz Temple-Morris“، ويريد العمل على الموضوع السوري. تواصلنا وأثناء حديثي معه تذكرت قصة ”يرموك“ فأخبرته عنها وأعجبه الموضوع.

لم يكن اختيار المكان عشوائياً، فمخيم اليرموك في اعتقادي كان مساحة عابرة للهويات الضيقة، لم يسكنه فلسطينيون فحسب، بل سكنه أيضا سوريون من طوائف ومشارب مختلفة، وأرى أن المجتمع هناك متداخل مع بعضه، غير أن مكانه قريب من العاصمة دمشق، وجرى فيه نشاط ثوري كبير أخاف النظام في مرحلة ما.

بالإضافة إلى ذلك كله، فإن طبيعة المخيم كمكان، قادرة على تكثيف المأساة السورية على نحو واضح وسلس، لاسيما وأنه مرّ بالمراحل التي مرت بها سوريا والثورة كافة، من المظاهرات السلمية إلى النزاع المسلح والحصار ثم دخول تنظيم داعش.

هل اخترت أن يتألف المسلسل من ثلاث حلقات؟ وهل تحدثنا عن كل منها؟

لم يكن القرار في عدد الحلقات لي، بل فرضه الشرط الإنتاجي والاتفاق مع بي بي سي، ولكنني استفدت منه في أمرين، الأول، هو التدرب على أخذ مسافة موضوعية من القصة، باعتباري أتحدث بلسان أربعة أشخاص مختلفين تماما، والثاني هو التعرف على آليات جديدة في تكثيف القصة الدرامية، من ضمنها التخلي عن تفاصيل مهمة لي شخصياً ولكن ليس بالضرورة أن تكون إضافة مهمة للعمل.

عبّرت كل حلقة عن مرحلة مرت بها الثورة السورية، فالحلقة الأولى بعنوان “الربيع السوري Syrian spring”، تحدثت عن مرحلة المظاهرات السلمية ومطالب الحرية والعدالة والديمقراطية، فيما تحدثت الحلقة الثانية “الانتفاضة uprising” عن مرحلة انشقاق الشارع السوري وتحوله إلى مُعَسكَرين اثنين يتبنى كل منهما خطاب “نحن وهم”، ومن ثم إلى أعداء بعد بدء النظام بقصف المدنيين، وأما الحلقة الثالثة بعنوان “الحرب war” فتحكي عن مرحلة الحرب الاهلية والعنف والعنف المضاد بالإضافة إلى التفكك والشتات.

لماذا اخترت أن تروي حكاية الثورة في سوريا للجمهور الأجنبي من البداية؟

لا بد من سرد حكاية كهذه من بدايتها، لا سيما بالنسبة إلى جمهور لا يعرفها، وهو غالبا الجمهور الإنكليزي أو الناطق بالإنكليزية، والذي لا يعلم الكثير عن السوريين والفلسطينيين المهاجرين واللاجئين في بلاده. لهذا اخترت رواية المجريات من البداية، والمحافظة على التسلسل الزمني للأحداث العامة الحقيقية التي حدثت في سوريا.

كما أن البداية مهمة للقصة، إذ يمكن للمتلقي عن طريقها أن يفهم التحولات التي مرت بها الشخصيات. وكما قلت، سنعرف في النهاية أن مصير شخصيات رئيسية فيها سيكون مشابها لمصير الكثير من السوريين والفلسطينيين، الهجرة إلى الخارج.

وسأضيف إلى قولي نقطة مهمة، وهي أن أعدادا كبيرة من الجمهور الغربي، استنادا إلى رأي وتجربة شخصية، لا تعرف كيف كانت سوريا قبل الثورة، وأنه كانت لا بد من ثورة على النظام الذي حكمها، وأن الحياة لم تكن وردية في ظله، فهو لم يكترث للمواطنين وحقوقهم، وكان يجابههم بعنف.

وقول شيء كهذا يساعد بالتأكيد على فهم منطلق الناس التي ثارت هناك، ويعطي الشجعان الذين ضحوا بكل شيء حقهم، ويدفعنا ربما لاتخاذ لحظة تفكير قبل محاكمة من لا نرضى عن سلوكه منهم.

هل تعمل على مواضيع أخرى لها علاقة بالقضية السورية والهجرة؟

قبل كتابة مسلسل اليرموك، كنت كتبت فيلما روائيا أخرجته، إيناس حقي، زوجتي وما أستطيع قوله أن الفيلم يتحدث ضمن خطوطه العريضة عن موضوع الهجرة واللجوء.

وكوني مهاجر أقيم في فرنسا وأعيش تفاصيل وتبعات هذا الأمر يوميا، أجد فيه نقاطا مهمة ومثيرة للاهتمام، لاسيما علاقة المهاجر بالمجتمع المضيف سواء كان لاجئا أم عاملا أم غير شرعي.

ولكن تبقى هناك دائما معوقات أهمها الإنتاج والتنفيذ، وأعتقد أننا في تجربتنا الجديدة، أي الفيلم، حاولنا تجاوزها.