دكتوراه في الإعلام – فرنسا :
ليس عندي كثير اهتمام بمؤتمر الرياض، نقاشاته، أو مخرجاته. ولا يعنيني “حضر واعتذر” فالمشكلة لا تكمن في اللقاء بحد ذاته، بل تكمن بما يسمى المعارضة السورية، والتي ذهبت لتمثل الشعب السوري هناك، وهم بالكاد يمثلون أنفسهم.
بقيت المعارضة السورية متفرقة، خمس سنوات متواصلة، تتحدث عن نقاط اختلاف في غياب تام عن قواسم مشتركة بينها، مع ادعائها بأنها تمثل السوريين. أفلم يكن الشعب السوري قاسماً مشتركا بين هؤلاء؟ واليوم تذهب المعارضة إلى الرياض، فتتفق في يومين فقط على حسم الخلافات كلها، وتجد عشرات النقاط المشتركة.  وفي زمن قياسي تصدر بياناً ختامياً يتفق عليه جميع من حضر اللهم إلا بعض التحفظات من “أحرار الشام”.
لا جديد مفاجئاً، فمعارضتنا لا تمثلنا أنا وأنت، بل تمثل الدول التي عيّنت عناصرها، وإذا طلبت تلك الدول إلى أتباعها خلافاً اختلفوا. وهي اليوم تأمرهم بالاتفاق على بيان ختامي هي من قرره لا هم، إنهم للأسف أدوات بيد هذه القوى، وليسوا سهاماً في كنانة الشعب السوري الجريح.
ماذا يقول المعارضون اليوم لوالدة حمزة الخطيب، وماذا نقول لذلك الشاب النووي الذي سُملت عيناه بحقنة طبية، وكيف نتكلم أمام الذين ذوّبت أعضاؤهم بالأسيد، وأولئك الذين تم اغتصاب ذويهم وقتل أبنائهم أمام أعينهم. أ نقول لهم إن لؤي حسين مثلاً الذي شتم الثورة وسب الذات الإلهية سيمثلهم  ويتحدث باسمهم مع الأسد.
أم نقول لهم إن “المعارضة الوطنية” وافقت على محادثات مع بشار، غير محدودة المدة، قد يكون أقلها ستة أشهر. ونقول لهم، إن تلك المعارضة التي حلفت أغلظ الأيمان أنها لن تقبل بالتفاوض مع النظام، تركض اليوم للحديث إليه وبإشراف أمريكي روسي.
تلك هي معارضتنا التي نصبت هيئة جديدة تضم خمسة أعضاء من هيئة التنسيق التي ما فتئت تنشط على شاشات العدو الإيراني والروسي ولا تصف الأسد بالقاتل، ولا تشترط رحيله على الإطلاق، ولا يهمها إلا أن توضع الخمارة أمام المسجد بل مكانه.
لا أدري أهمية تذكيركم ببعض أعضاء المعارضة الذين حضروا مؤتمر الرياض، والذين لم يحضروا أيضاً، هل تذكرون أغنية “زنينا وما حسينا” التي كانت تغنى أمام أعضاء المعارضة في إستانبول وهم يشربون الخمور ويمثلون الشعب السوري. وهل تذكرون ما قاله لؤي حسين عن ثورتنا وهو غارق في تمثيل السوريين، وهل تذكرون مواقف هيثم مناع في الدفاع عن الأكراد الذين يقتلون العرب السنة، وهو أيضاُ يمثل الشعب السوري، أم أذكركم ببسمة القضماني العضو في المحفل الماسوني المحتاجة إلى إسرائيل، ورندة قسيس المناضلة لفض غشاء البكارة في سوريا، وهما تدعيان تمثيل السوريين أيضاً.
عندما أسمع لفظ المعارضة السورية أتذكر أحمد الجربا وهو يحلف أنه لن يذهب إلى جنيف ثم يذهب، ثم يحلف أنه لن يقبل بوجود الروس ثم يقبل، وأتذكر معاذ الخطيب الذي عندما يعتذر فاعلم أنه سيفعل، اتذكر محمد حبش  الذي انتقد السعودية التي لم تدعه إلى المؤتمر، ولما دعته ركض ركضاً وثوبه في فمه. وأتذكر خالد خوجة الذي لا يشترط رحيل الأسد من أجل بدء المفاوضات مع القتلة وقد وفّى بوعده اليوم.
حتى الفصائل الثورية التي ذهبت إلى الرياض وافقت على بيان تطالب فيه بالحل السياسي خوفاً من قطع المساعدات عنها، ماذا نرجو إذاً من مؤتمر تعقده بيادق شطرنج جامدة.