قضى السيد زهران علوش قائد جيش الإسلام إثر غارة جوية روسية، وقد أثارت الحادثة تساؤلات عديدة حول موقف المعارضة من القضية. فعلوش عضو في الهيئة العليا للمفاوضات المنبثقة عن مؤتمر الرياض، واغتياله سيؤدي إلى نسف جهود الحل السياسي من جذوره، أقصد هذا هو المفروض في معارضة تحترم نفسها، وكلمتها. إلا أن الشعب السوري بُلي بأشخاص لا يمثلون عائلاتهم وقراهم فضلاً عن أن يمثلوا مدنهم أو بلادهم.
هيثم المالح، بعث بكتاب إلى الجامعة العربية طالبها فيه برفض الاحتلال الروسي والإيراني لسوريا، وعقد اجتماع وزاري طارئ لبحث تداعيات اغتيال زهران. بلغة أخرى، فإن وفاة قائد جيش الإسلام هي التي حركت هيثم وليس استشهاد مليون سوري. وليست البراميل، ولا تقطيع الأوصال وذبح المسلمين. والأنكى من ذلك أن نبيل العربي قال لقاصده : يا هيثم “إنتو مين”، الأسد رئيس شرعي ومن حقه طلب المساعدة من أي دولة شاء، وعاد الرجل إلى أصحابه حتى بلا خف حنين.
الائتلاف الوطني تذاكى أكثر من المالح، فدعا مجلس الأمن لإدانة عملية الاغتيال وويله إن لم يفعل، إذ ستكتشف معارضتنا حيل المجتمع الدولي و كذبه. على ما يبدو أن الخوجا ومكتبه الإعلامي لم يلحظا أن مجلس الأمن هذا يقتل السوريين منذ خمس سنوات، وأنه قتل العراقيين من قبل، وأن المجتمع الدولي هذا شرد أهل فلسطين وأهدى بلادهم للصهاينة.
المكتب الإعلامي لرياض حجاب كان أشد عبقرية من إخوانه، حيث تأكد الرجل من أن اغتيال علوش، هو”اغتيال للصوت التوافقي، وإقرار بعدم إيمان الأسد وحلفائه بالحل السياسي”.. الحقيقة عجبت لمن أصفق، للذي راسل الجامعة ، أم ذلك الذي شكك بمصداقية مجلس الأمن، أم لحجاب الذي بدأ يكتشف كذب بشار الأسد.
أظن أن الإعجاب يجب أن يذهب إلى المكروه لؤي حسين، الذي لم يشجب مقتل رفيقه في التفاوض مع النظام، بل شجب تصريحات رياض حجاب، لأن الأخير لم يستشره عند إعدادها ونشرها.
وفوق ذلك كله، أن الغارة الروسية هي التي قتلت علوش وعلى الأغلب بتعاون بعض الجواسيس من أتباعه، إلا أن  التصريحات السابقة أشارت بمناسبة ودون مناسبة لإدانة تنظيم الدولة، و ذلك في سبيل مجاملة المجتمع الدولي وطاعته وانصياعاً لأوامره، أو بالأحرى”لقلقة له”
تراوحت تصريحات السادة في المعارضة بين رفض عملية الاغتيال والتعزية بالقتيل، وبين التهديد بترك العملية التفاوضية مع النظام، وإنني أجزم، وأؤكد أن المعارضة لن توقف التفاوض مع النظام، وإنها تحلم بذلك اليوم، الذي تذهب فيه إلى جنيف أمام الكاميرات، وتجري المؤتمرات الصحفية والمقابلات مع غادة عويس وجمال ريان. إنه اليوم الذي سيشعر فيه المعارضون بالنجومية، بعد أن كانوا ضباط مخابرات وجواسيس، وفي أحسن الأحوال مندوبي مبيعات. فما بالكم إذاً وهم يحلمون بالوزارات والمناصب.
 لن يثني المعارضة عن التفاوض شيء ولا مقتل الشعب السوري كله، فما بالك بمقتل علوش وحده. وإذا كانت البراميل وصواريخ سكود لم تمنع الخطيب والجربا وغيرهم عن الجلوس إلى بوغدانوف وولايتي فهل يفعل مقتل قائد جيش الإسلام.
اللطيفة في المسألة، أنه وبعد كل تلك التصريحات وقف أبو همام البويضاني، وأعلن بصوت جهوري جسور أنه لن يغرد خارج السرب وأنه ذاهب للتفاوض حتى لو اغتيل جيشه كله.
نحن نصدقك يا أبا همام، فلم يتغير موقفكم عندما دمرت سورية بمدنها وقراها، وبعد أن مات أطفال الغوطتين جوعاً،  وبعد اغتصاب الماجدات من أهل الشام، فهل سيتغير لمجرد مقتل رجل واحد.