ما قام به بعض المغتربين من أعمال تحرش جنسي وتعدي ومحاولات إغتصاب لنساء في ساحات المدن الألمانية مثل كولونيا وهامبورغ وشتوتغارت أثناء إحتفالات رأس السنة الميلادية 2016 دعاني إلى كتابة بعض النصائح الهامة للمهاجرين الجدد الذين جاؤا إلى القارة الأوربية, مستندا على تجربتي الشخصية في بلدي الجديد ألمانيا والتي أعيش فيها منذ عام 1980 وكذلك إنطلاقا من حرصي الشديد على السلم الأهلي والعيش المشترك في المُغْتَرَبْ. أوكد مرة أخرى على أن ما أكتبه هنا هو نابع من تجربتي الشخصية والتي لا تتصف لا بالكمال ولا بالشمولية وربما هنالك أشخاص آخرين لهم تجارب تختلف كليا عن تجربتي هذه.

نحن نعلم بأن للهجرة تأثير كبير على حياة الإنسان, وهي تشكل نقطة تحول كبيرة عند بعض الأشخاص وربما تساوي ساعة ولادتهم. المهاجر لا يرحل بجسده وحقيبته فقط بل يحمل معه ثقافته وعاداته وتقاليده وقيمه التي نشأ وتربى عليها ويذهب إلى مجتمع جديد له كذلك عاداته وتقاليده ومعاييره وقيمه وقوانينه التي تحدد العلاقة اليومية بين أفراده ومكوناته, منها ما هو مكتوب ومنها غير مكتوب. هذه العادات والتقاليد يكتسبها المجتمع عبر سنين طويلة من خلال تجاربه اليومية, متأثرا بما يحيط به من ثقافات وديانات وحضارات وعوامل مناخية وبيئية.

من خلال معرفتي للكثير من الحالات التي عشتها شخصيا وللمواقف الحرجة التي قد تؤدي في بعض الأحيان إلى نتائج وخيمة بين المهاجرين وأبناء البلد الأصليين والتي أغلبها نابع من سوء فهم أو عدم معرفة كل طرف بالآخر أو آتية من أفكار غير صحيحة أو أحكام مسبقة وخاطئة عند كلا الطرفين وإضافة إلى ذلك يوجد هنالك بعض المجموعات السياسية المتطرفة التي تعمل على تحريض سكان البلد الأصليين ضد المغتربين من أجل الحصول على شعبية أكبر بين المواطنين وزيادة عدد ناخبيها.

البداية:

في البداية وقبل أن يبدأ كل مغترب رحلة عمره الطويلة إلى بلد المهجر, من المفيد أن يجمع أكبر قدر ممكن من المعلومات حول البلد الذي يريد الهجرة إليه لكي لا يقع في أخطاء, ولو كانت صغيرة, ولكنها ربما تكون مصيرية بالنسبة له. على المغترب أن يعلم بأنه سيتعرض في مجتمعه الجديد إلى الكثير من الحالات التي تتعارض وتربيته ودينه وثقافته التي جلبها معه وهنا على سبيل المثال لا الحصر هو التعليم المختلط في كل المراحل التعليمية وكذلك تعليم السباحة للفتيات الصغار في الصفوف الأولى للمرحلة الإبتدائية, وأنه يجب عليه أن يكون على إستعداد ليغير نفسه ويتأقلم مع مجتمعه الجديد وإلا سوف يظل على أطراف المجتمع معزولا ولا يؤثر فيه شيئا.

من الأفضل أن يفكر المغترب بهكذا أمور وغيرها جيدا قبل أن يخطو الخطوة الأولى وإن كان لا يستطيع الإندماج في هكذا مجتمعات فعليه أن لا يقوم بمثل هكذا عمل لأنه في النهاية سيكون هو النادم الأكبر على ما قام به. أثناء جمعه للمعلومات حول بلاد المهجر عليه أن لا يعتمد على أناس يبالغون ويفخمون ويضخمون بواقع بلد المهجر ويجعلون منه وكأنه قطعة من جنة الله على أرضه لأن هؤلاء هم أصلا فاشلين في غربتهم ويريدون أن يغطوا على فشلهم بمثل هكذا حكايات وأقاويل وإنجازات ومغامرات كاذبة. المرحلة الأولى من حياة كل مهاجر في بلاد الإغتراب هامة ولها دور كبير في صنع طريق مستقبله فلذا عليه أن يكون حذرا من (رفقة السوء) وخاصة من أبناء جلدته الفاشلين الذين سبقوه في الهجرة إلى تلك البلد لكي لا يقع فريسة بين يديهم ويحرفونه عن طريق الصواب.

على المغترب أن يعلم بأن المجتمع الأوربي لا يعرف الكثير عن حضارة وعادات وتقاليد المجتمع الذي أتى هو منه, وربما الشيء الوحيد الذي يعرفه عنه هو فقط ما يراه ويقرأه في وسائل الإعلام والتي منها المنحاز إلى جهات سياسية متطرفة أو التي لا تنشر إلا ما هو مثير للدهشة. سيلاحظ المغترب من خلال إحتكاكه مع بعض الناس بأنهم لا يعرفون عن بلاده سوى بعض المعلومات العامة والأحكام المسبقة مثل الأزمات التي تمر بها البلاد العربية وبعض المنظمات الإرهابية وتعدد الزوجات (الحريم) والصحاري الكثيرة وركوب البعير وآبار البترول الكثيرة والعدد الكبير من الشيوخ والأمراء. ولكنه سيلتقي كذلك مع أشخاص من أبناء البلد الأصليين يتسمون بصفاة إنسانية عالية ويفضلونه على أبناء بلدهم وبالمقابل سيجد كذلك أشخاصا آخرين يظهرون له الحقد واالعداء والكراهية بدون سبب وذلك فقط لأنه مغترب.

المنظر العام:

ما يقوم به المغترب من أعمال ملفتة للنظر أو غير مألوفة وربما مخالفة للقانون سيتم تعميمها ليس فقط على كل أبناء بلده بل وعلى كل المنحدرين من أصول أجنبية. هنا تقع على كل مغترب مسؤولية أخلاقية كبيرة بإتجاه أبناء جلدته وكذلك باتجاه مجتمعه الجديد في العمل على دعم التعايش السلمي والتفاهم بين الشعوب وعليه أن يتصرف وكأنه سفير غير مسمى لبلده الأصلي في مجتمعه الجديد.

ما يخيف الناس في المجتمع الأوربي هو عندما يتجمهر عددا من المغتربين ويمشون سوية في شوارع المدينة أو ساحاتها لأن هكذا مظاهر غير مألوفة لديهم ويشعرون بأن هؤلاء الناس يشكلون خطرا عليهم ويتصورونهم وكأنهم عصابة أو مجموعة تتبنى العنف.

التبجح بالهواتف الجوالة الحديثة ذات الماركات المميزة والغالية الثمن تلفت الأنظار إليها وتعطي الإنطباع للآخرين بأن المغترب أصبح غنيا على حساب المساعدات التي يحصل عليها من المؤسسات الحكومية وللأسف حتى هنالك من يضع هاتفه الجوال الغالي الثمن على الطاولة أثناء مراجعتة لأحدى الدوائر الرسمية المسؤولة عن منح المساعدات الإجتماعية.

الأوربيون بشكل عام يهتمون ويعتنون في الأماكن العامة وكأنها ملكهم الشخصي ويحافظون على نظافتها ويقومون بحمايتها, فلذلك يسبب العبث بها مثل رمي بعض الأشياء البسيطة في الشارع مثل غلاف السكاكر أو أعقاب السكائر أو البزق على الأرض إنطباعا سيئا عن المغتربين وقد تؤدي تلك الأمور إلى التشاجر والملاسنة والتوتر مع الأخرين.

التعليم:

أفضل وسيلة يستطيع أن يساهم بها المغترب في مجتمعه الجديد هو أن يتعلم لغة تلك البلد لأنها ستكون له كالمفتاح لكثير من الأبواب التي سيمر منها وبواسطتها يستطيع أن يفرض إحترامه ويأخذ مكانته في مجتمعه الجديد ويدافع عن حقوقه ويسرع في إندماجه. اللغة شيء هام حتى للمغتربين الكبار في السن وحتى ولو تعلموا كلمة واحدة في اليوم فسيستطيعوا بعد مدة قصيرة أن يتواصلوا مع أفراد مجتمعهم الجديد بطريقة بسيطة وأن يقضوا حاجاتهم اليومية من محادثة وتبضع وتنقل. على سبيل المثال المواطنين الألمان الغير متعلمين لا يستخدمون في حياتهم اليومية أكثر من 800 كلمة والتي هي كافية للتواصل اليومي مع الناس. الممارسة هي أفضل طريقة لتعلم اللغة وهنا على المغترب أن يبحث عن الإحتكاك مع الذين لا يتكلمون لغته الأم وأن يكون جريئا وأن لا يخجل من السؤال عندما لا يفهم ما قيل له أو عندما لا يستطيع أن ينطق ببعض الكلمات بشكل صحيح.

الحكومة الألمانية تهتم كثيرا في التعليم وهي توفره بشكل مجاني لكل المواطنين وفي كل المراحل التعليمية ولهذا نرى بأن ميزانية التعليم عالية جدا. الأهالي يهتمون بتعليم أبنائهم منذ البداية ومن مرحلة الحضانة ويتابعون تعليمهم بكل دقة ولهم تواصل دائم مع المؤسسات التعليمية. وهنا على المغتربين أن يهتموا بتعليم أبنائهم لأنها فرصة لا تعوض ولأن السياسة الألمانية مبنية على تكافؤ الفرص في التعليم وأن يساهمو في بناء مجتمعهم الجديد وأن لا يرضوا بأن يكونوا من طبقاته المتدنية أو عالة على المجتمع. حسب تجربتي بأن المجتمع الألماني يحترم كل من يهتم بتعليم أبنائه ولا يفرق بين الذكور والإناث منهم ولكنه يمتعض من المغتربين الذين لديهم عدد كبير من الأبناء ولكنهم لا يبدون أي إهتمام بتعليمهم وحتى في تربيتهم, إذ ترى أبناءهم يقضون الكثير من أوقاتهم في اللعب في الساحات والشوارع وغير مكترثين بساعات الهدوء والضوابط الإجتماعية.

العمل:

المجتمع الألماني معروف بحبه للعمل ويحترم كل من يعمل والذي لا يعمل يُنظر إليه بنظرة دونية فلذلك يوجد بعض الألمان العاطلين عن العمل والذين لا يريدون أن يعرف أحدا من جيرانهم شيئا عن ذلك وهم يحاولون أن يتظاهروا وكأن لديهم عملا ما لكي لا يظن أهل الحي بانهم عالة على المجتمع. هنالك مقولة تبين كم للعمل مكانة مميزة في المجتمع الألماني: الإنسان يعمل لكي يعيش ولكن الألمان يعيشوا لكي يعملوا.

مواقف حرجة:

في بعض الأحيان تحصل مواقف حرجة مثلما يحصل أثناء المصافحة وخاصة عندما يمد رجل ألماني يده لكي يصافح إمرأة مسلمة أو عندما تمد إمرأة أوربية يدها لمصافحة رجل مسلم وهما لا يعلمان بأن بعض المسلمين المحافظين لا يصافحون الجنس الآخر أو كما يحصل أثناء المصافحة بين أربعة أشخاص ويقف كل إثنان منهم مقابل الأخر ومجموعهم يشكلون شكل مربع, فتراى الألماني قد سحب يده من الذي هو مقابله ويريد مصافحته وذلك أثناء مصافحة الشخصين الخرين لبعضهما البعض لأن في إعتقاد البعض منهم بأن الأيادي إذا تقاطعت فأنها ستشكل مع أذرع اليدين صليبا وهذا شيء يجلب سوء الحظ.

أو عندما يدخل شخصا ما إلى مسجد بدون أن يخلع حذائه لأنه لا يعلم بأن هذا واجب عليه, ويحصل كذلك نفس سوء الفهم والذي هو نابع من عدم المعرفة, عندما يدخل رجل مسلم إلى كنيسة ما وعلى رأسه قبعة ولا يخلعها.

الطعام:

عند بدء الطعام عليك أن لا تنسى بأن تتمنى للذين يتناولون معك الطعام ب”الشهية الطيبة”. هنا لا أريد أن أتطرق إلى البديهيات مثل إستخدام السكين في اليد اليمنى والشوكة في اليد اليسرى وأثناء الأكل أن تكون اليدان الإثنتان فوق الطاولة وأن لا تتكيء على ذراع إحدى يديك على الطاولة وتأكل باليد الأخرى.

التمطق أثناء الطعام ليس من العادات الجيدة وحتى الإرتشاف بصوت عالي (الشلفطة) للقهوة والشاي يعتبر شيئا معيبا وكذلك عملية (التريعة) تعتبر شيئا مكروها, وإن حصل شيء من هذا القبيل وبدون إرادتك فمن الأفضل أن تحاول كتم صوتها وأن لا تحولها إلى مقطع موسيقي.

إن كان لديك موعدا رسميا أو لقاء ما عليك أن تتحاشى تناول الثوم وخاصة غير المطبوخ منه وهذا ما يكرهه المجتمع الألماني بشكل كبير.

المجتمع الألماني صريح جدا بما يخص الأكل والشرب وهو ليس لحوحا على ضيفه وإن دعاك إلى الطعام وقلت له بأنك شبعان أو أنك قد أكلت قبل قليل فلا يعيد عليك الدعوة مرة أخرى وهكذا ستظل على جوعك إلى أن يفرجها ربك.

وإن كنت أنت الداعي إلى الطعام لا تحلف على ضيوفك أن يأكلوا أكثر مما يحبون أو أن تلح عليهم على طريقة “هالقطعة مشان خاطري” أو أن تسكب لهم بملعقتك التي كنت تأكل بها.

أثناء زيارتك للحوانيت أو “السوبرماكيت” لا تحاول أن تجرب المكسرات أو الفواكه أو غير ذلك من الأطعمة قبل أن تشتريها وإن قمت بشيء من هذا القبيل فمن الممكن أن يعتبر ذلك العمل نوع من أنواع السرقة ويتم طلب البوليس وكتابة محضرا بذلك.

السكن:

أن كان لديك أطفالا صغارا حاول قدر الإمكان أن تجد شقة في الطابق الأرضي لكي لا يزعج (خبيط) أطفالك جيرانك الذين يسكنون في الطابق الذي هو أسفل منزلك – للأسف ولهذا السبب يحصل الكثير من المشاجرات بين الجيران – وعليك أن تتقيد بساعات الراحة أو الهدوء في البناية وأن لا تستمع للموسيقى الصاخبة أو تقوم بعمل يقلق راحة الجيران. ساعات الهدوء أو الراحة هي من الساعة الواحدة إلى الثالثة بعد الظهر ومساء من العاشرة إلى السادسة صباحا.

في كل بناية يوجد بالقرب من المدخل الرئيسي لائحة معلقة ومكتوب عليها “النظام الداخلي للبناية” وفيها مواعيد ودور الساكنين في نقل حاويات القمامة من جانب البناية إلى الرصيف العام وهو المكان الذي تصل إليه عربة القمامة وكذلك مواعيد التنظيف أمام البناية من الثلوج في فصل الشتاء وتكنيس أوراق الأشجار التي تتساقط في نهاية فصل الخريف.

العلاقة مع الحيوانات الأليفة:

من المؤسف بأن حقوق الحيوان في بعض الدول المتحضرة أكثر من حقوق مواطني أنظمة ديكتاتورية كثيرة. عليك أن تعلم بأن الكلب أو القطة أو أي حيوان أليف آخر له مكانته الخاصة وإعتباره بين أفراد الأسرة وخاصة الكلاب منها لأنها تعتبر جزء من الأسرة وهنالك بعض العائلات التي قد تقرر بأنها لا تريد أن يكون لها أطفالا وعوضا عن ذلك يشترون جروا صغيرا ويربونه.

إن دخلت إلى منزل شخص ما وركض كلب البيت باتجاهك فلا تفزع منه بل عليك أن تتقرب من الكلب وتمسد عليه وتتكلم معه وتسأل صاحب البيت عن إسمه وأصله وفصله. بالنسبة لي كنت أحمد الله بأن لدي حساسية من شعيرات الحيوانات المنزلية وخاصة الكلاب والقطط منها وهي الذريعة التي أبرر بها مجافاتي للحيوانات الأليفة.

إن تم تشبيهك بكلب أو جرو صغير فعليك أن لا تغضب لأن المقصود من هذا التشبيه ليس الإساءة إليك بل ربما المدح وإن قال لك أحدا ما: طلع لك خنزير فلا تظنه بأنه يشتمك أويصفك بمواصفات الخنزير بل هو يريد أن يقول لك بأن الحظ كان حليفك لأن الخنزير لدى المجتمع الألماني وخاصة الصغير منه (الخنوص) هو من العلامات التي تجلب الحظ.

ملاحظات عامة:

عندما تريد أن تذكر عددا من الأشخاص وأنت من بينهم, من الأفضل أن لا تذكر إسمك في الأول على الطريقة العربية – أنا وفلان وفلان … الى آخره – بل أذكر إسمك في آخر القائمة لأن كل الحاضرين سيخطر ببالهم طريقة سير القافلة والتي يتقدمها دائما حمار.

في ألمانيا لا تتم مخاطبة النساء والرجال المسنين بكلمات مثل “عمو” أو “خالو” أو ما أشبه ذلك لأن بعضهم يرى في تلك التسمية شيء من التقرب المبالغ به أو يشعر بنفسه وكأنه صار كبيرا في السن. الأشخاص الكبار في السن أو الغير مقربين يتم مخاطبنهم بصيغة الإحترام مثل “حضرتكم”.

ضرب الأطفال من قبل الوالدين أو من هم أكبر منهم سنا في الأسرة كوسيلة للمعاقبة أو التربية ممنوع منعا باتا وإن تم إعلام الجهات الرسمية بذلك فمن الممكن أن يؤخذ الإطفال من الأهل ويتم وضعهم في أماكن خاصة تشرف عليها دوائر حكومية مختصة في رعاية وتربية هكذا أطفال وكذلك يوجد أماكن مخصصة في كل مدينة تلجأ إليها النساء اللواتي يتم ضربهن من قبل أزواجهن.

على المغترب أن يعلم بأن تأثيره على أبنائه وبناته بعد سن الثامنة عشر (سن البلوغ) ينتهي كليا وهو لا يستطيع أن يفرض عليهم أي شيء خارج إرادتهم في حياتهم اليومية من مسكن وملبس وسلوك عام.

عندما تدخل إلى مكان ما وبصحبتك نساء عليك أن تقدمهن على الدخول قبلك وإن قمت بالمصافحة فعليك أن تصافح النساء أولا.

عليك أن تعلم بأن المجتمع الألماني يطبق مبدأ المساواة بين الرجل والمرأة ولا فرق بينهما وعليك أن تتحاشى أي تصرف يدل على إحتقارك لعمل المرأة أو أنك لا تأخذه بعين الإعتبار والجدية وأن تقدم أبناءك الذكور على أخواتهم الإناث.

الزمن له قيمة كبيرة في المجتمعات المتحضرة فلهذا عليك أن تكون دقيقا في مواعيدك وأن لا تعطي مواعيدا مثل “بين الصلاتين” أي بين صلاة الظهر والعصر وعليك أن تلتزم بمواعيدك وإلا لا يتم أخذك بجدية في المواعيد التالية أو يذهب دورك وتبدأ في الإنتظار مجددا.

ما ذكرته آنفا هو جزء يسير من بعض الحالات التي يستطيع المغترب أن ينتبه إليها ويتحاشى سيئها ويطبق جيدها في وطنه الجديد لكي لا يقع في إشكاليات غير مقصودة ونابعة من سوء فهم أوعدم معرفة بمجتمعه الجديد. ما قامت به بعض المجموعات الطائشة من أعمال إجرامية بحق النساء في ساحات المدن الألمانية أثناء إحتفالات رأس السنة الميلادية هو شيء يندى له الجبين ويجب معاقبة كل من شارك في هذه الأفعال المشينة بأقسى الوسائل القانونية المتاحة.

هنا يأتي دور منظمات المجتمع المدني والأحزاب السياسة والمؤسسات الإعلامية في بذل جهد أكبر للعمل على توعية المجتمع وإيضاح الكثير من العادات والتقاليد لكل مكوناته من مغتربين وسكان أصليين وما يكمن خلف تلك العادات والتقاليد من إرث حضاري وثقافي وديني من أجل دعم روح التفاهم والإنسجام والتسامح بين جميع مكونات المجتمع عملا بالحكمة المعروفة: درهم وقاية خير من قنطار علاج.

*نائب ألماني سابق من أصل سوري

http://www.karsli.net