يتواصل خروج المدنيين من الغوطة الشرقية التي حاصرتها قوات نظام بشار الأسد وحلفاؤها منذ سنوات، وحتى السبت 25 مارس/آذار 2018، تم إخراج 110 آلاف مدني من المنطقة الواقعة قرب دمشق، بحسب ما صرَّحت به وزارة الدفاع الروسية.

ويمثل هذا الرقم نحو ثلث أهالي سكان الغوطة الشرقية، وبات السؤال المقلق لدى المعارضة السورية والمنظمات الحقوقية: ما هو مصير المدنيين المُهجرين؟

وأشارت صحيفة “بيلد” الألمانية في تقرير نشرته، اليوم السبت، إلى أن جرائم الحرب ما زالت متواصلة عوضاً عن التعامل مع المدنيين بشكل إنساني.

وقالت الصحيفة إن موسكو التي أعلنت عن إنشاء “معابر إنسانية” لترحيل المدنيين من منطقة الغوطة الشرقية، تحاول لفت أنظار العالم عما يُرتكب من جرائم في حق المدنيين العزل.

ونقلت الصحيفة عن بعض المصادر في سوريا، قولها إن جملة من الجرائم اللاإنسانية ارتُكبت خلال عملية ترحيل المدنيين من الغوطة الشرقية، وذكرت أن العديد من اللاجئين من صنف الذكور، الذين تتراوح أعمارهم بين 16 و55 سنة، أبعدوا عن عائلاتهم ونقلوا إلى مراكز تجميع تابعة للنظام ليبقى مصيرهم مجهولاً. بحسب ما أكده ناشط من مدينة دوما المحاصرة.

وأضاف الناشط أن الأطفال والنساء الذين لديهم أقارب في دمشق سيُنقلون إلى بيوت أقاربهم، فيما سيُحول الشباب والرجال إلى ثلاثة مراكز تجميع. كما أنه ليس من المستبعد أن تُنقل بعض النساء والأطفال إلى هذه المراكز.

المصور، فراس عبدالله، الذي ما زال محاصراً في مدينة عربين، إحدى مدن الغوطة الشرقية، أشار إلى أن العديد من الرجال الذين انفصلوا عن عائلاتهم، يُجبرون على الالتحاق بالصفوف الأمامية لقوات النظام حتى يقاتلون لصالح الأسد، على الرغم من أنهم من معارضيه، وأما الذين يرفضون القتال لصالح النظام، فيكون مصيرهم التعذيب، وفي أسوأ الأحوال القتل.

1

 

تحقيقات أجهزة الاستخبارات داخل المخيمات

 

ونقلت صحيفة “بيلد” عن الطبيب مروان خوري، رئيس منظمة “بارادا” الإغاثية لمساعدة السوريين، التي تقع في مدينة مونشبرغ في إقليم ولاية بايرن، أنه “سيتم إيواء العديد من اللاجئين في مخيمات كبيرة شيدتها الحكومة، في نفس المناطق التي أجري معهم التحقيق فيها”.

وتابع خوري “تريد استخبارات الأسد معرفة انتماءات هؤلاء الأشخاص، وفي حال اتضح أنهم يتبعون المعارضة سيتم التنكيل بهم وتعذيبهم، ومن ثم قتلهم”.

وعلى الرغم من أن غالبية هؤلاء فقدوا هواتفهم النقالة أثناء عبورهم من الممرات الآمنة التي أقرتها روسيا، تلقى خوري عدة رسائل قصيرة من مجموعة من الأشخاص تفيد بأنهم تعرضوا للإهانة والاضطهاد من قبل قوات الأسد داخل هذه المخيمات.

 

من يهتف للأسد يحصل على الماء

 

ونشر سوريون، يوم الجمعة الماضي، مقطع فيديو يوثق الإهانات التي تعرض لها مهجرون من الغوطة الشرقية، حيث ظهر محمد قبنض وهو عضو في مجلس الشعب السوري فوق شاحنة صغيرة محملة بمياه الشرب والطعام، وكانت تحيط به مجموعة من أهالي الغوطة الشرقية.

وبينما أنهك الجوع هؤلاء المدنيين، طلب منهم عضو مجلس الشعب أن يهتفوا لبشار الأسد، واضعاً ذلك شرطاً للحصول على الطعام والمياه، وكان يقول لهم: “اهتفوا يحيا الأسد، هيا قولوها!”.

 

وأثار الفيديو انتقادات واسعة، إلى جانب صورة ظهر فيها جنديان من قوات الأسد وهما يلتقطان صورة “سيلفي”، ووراءهما عدد من النساء والأطفال الذين بدا عليهم الإنهاك، وكان الجنديان يبتسمان للكاميرا، فيما حاولت بعض النساء تغطية وجوههن.

1

وعند سؤال الدكتور خوري عن سبب اختيار الناس لعبور الممرات الآمنة إلى المناطق التي يسيطر عليها الأسد، بدلاً من البقاء في الغوطة الشرقية، أكد خوري أن “هؤلاء الناس يريدون النجاة، إنهم يتوقون للحياة، فهم يدركون جيداً أنهم سيلقون حتفهم في حال بقوا في الغوطة الشرقية. بينما لديهم أمل صغير في النجاة عند نزوحهم إلى مناطق الأسد”.

 

الأسد يقود حملة تطهير عرقي

 

وصف خوري ما يحدث في الغوطة الشرقية من إخلاء لسكانها بعملية “تغيير ديمغرافي ممنهج” للمنطقة التي تقع شرقي دمشق، أو بالأحرى “تطهير عرقي”. وفي وصفه لعمليات التهجير التي تدعمها روسيا حالياً، قال خوري “إن ما يحدث ليس تحريراً للغوطة الشرقية، فإما أن يتم إيواء سكان الغوطة في مخيمات أو يتم تهجيرهم من شمالي سوريا”.

وأضاف الطبيب أن العديد من النشطاء السوريين في حقوق الإنسان أكدوا أن حكومة الأسد ستحاول خلال الأشهر والسنوات القادمة تسكين جماعات من إيران ولبنان في هذه المنطقة، حتى تضمن ولاء كافة المناطق المحيطة بدمشق للأسد، خاصة أن غالبيتهم سيكونون من الشيعة.

وفي سياق متصل، أكد النشطاء السوريون أن نظام الأسد يسيطر حالياً على 90% من المناطق المتنازع عليها في الغوطة الشرقية، خاصة بعد أن غادرت قوات المعارضة المسلحة “أحرار الشام”، مدينة حرستا، و”فيلق الرحمن” لمنطقة جنوبي الغوطة.

وبحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، قُتل أكثر من 1600 مدني منذ بداية الهجوم على الغوطة الشرقية، في منتصف فبراير/شباط.

 

 

 

 

 

هاف بوست