Abl.majeed.m@gmail.com

 

يعتبر عيد النوروز احد التقاليد الإيران ية الاقدم التي بقي كل الإيران يين مخلصين وملتزمين بها. وقد احترم الإيرانيون منذ قديم الزمان هذا التقليد وكانوا يقيمون الحفلات وفق طقوس خاصة ومعينة وكان الملوك الإيرانيون الشهيرون يأتون بين الناس ويمجدون معهم هذا التقليد. وكما جاء في التاريخ الإيراني من أجل احترام وتمجيد هذا التقليد أي عيد النوروز كانوا يطلقون سراح السجناء ويعيدون أسرى الحرب الى دولهم وكانوا يساعدون الأسر الفقيرة والمعدومة ويقدمون لها الدعم المالي و…

ولكن عندما وصل نظام الملالي في إيران الى السلطة لم يعد يعطى أي اهتمام أو قيمة لهذه التقاليد ولم تعد ترى السعادة والسرور ترسم بعدها على وجه الإيرانيين وخلت سفراتهم من الطعام الذي كان يقدم في عيد النوروز.  هذا النظام ليس لا يحترم الاحتفال والفرح والتقاليد فحسب بل يسعى الى قمع وتعذيب كل من يسعى لان يكون سعيدا وفرحا. وقد رأينا أمثلة عن ذلك في احتفال يوم جهارشنبه سوري (١٣مارس) حيث حسب المعلومات التي وردت أنه تم اعتقال وسجن ما لا يقل عن ٨٢٢ شخص في مدن مختلفة من إيران.

وذلك لان اهمال وتحقير طقوس عيد النوروز كان واضحا وجليا أكثر من قبل الخامنئي الذي يعتبر الولي الفقيه والمسؤول الأول في الدولة. فمن وجهة نظره هو لا يعترف بأبسط تقاليد عيد النوروز والتي هي تجهيز السفرة النوروزية من ٧ اطعمة كلها تبدأ بحرف السين (سبع سينات). وقد بعث الخامنئي رسالته النوروزية مرفقة مع صورة الخميني الى الشعب الإيراني. في حين أن غالبية الشعب الإيراني يعتبرون ان الخميني هو سبب كل هذا الفقر البؤس السواد اليومي وكل طبقات المجتمع الإيراني تلعنه وتحتقره وتكرهه.

خامنئي ذكر عدة نقاط من خلال رسالته النوروزية بحيث لم يتفوه بكلمة واعدة ومشجعة واحدة في هذه المراسم على عكس كل رؤساء الدول الذين يتكلمون بكلام مشجع وواعد في مثل هذه المراسم. ومنجملة ما قال:

“العام الذي مضى مثل كل الاعوام كان عبارة عن مجموعة من التقلبات والمخاضات الحلوة منها والمرة. من بداية العام حتى نهايته كان الحضورالعظيم والمذهل للشعب الإيراني في انتخابات رئاسة الجمهورية وانتخابات المجالس. في نهاية العام ايضا كانت المسيرات المذهلة في ١١ فبراير (ذكرى انتصار ثورة الشعب الإيراني في عام ١٩٧٩ ميلادي).

بالطبع في ٣٠ دسامبر ٢٠١٧ على أثر الاضرابات والاختلالات التي حدثت انطلق الشعب الإيراني بشكل متكرر ولعدة ايام في مدن مختلفة من الدولة في مسيرات عفوية كانت جميعها تعبيرا عن الحضور العظيم للأمة الإيران ية. في الاشهر الاخيرة من العام الماضي وفق تخطيطات الاعداء أخذت هذه الاضطرابات بالتشكل في الدولة. الامة الإيرانية أتت الى الساحات من تلقاء نفسها ووقفت في وجه هؤلاء المشاغبين وبالطبع كان هذا الامر عبارة عن حادثة أتت لتبين وتعبر عن عظمة الامة الإيرانية…”

النقاط التي عبر عنها خامنئي بهذه الطريقة لا يمكن أن تخدع شخصا آخر ومن هنا يجب التنبه الى أنه قام بطرح الموضوع بشكل مبسط حيث وصف انتفاضة الشعب الإيراني بالحادثة المرة ومع أنه قام بالاعتراف سابقا بان منظمة مجاهدي خلق تقف خلف الانتفاضة وتقودها ولكنه عمدا لا يشير الان ابدا الى هذا الموضوع ولا يشير ايضا الى اطلاق شعارات وصيحات الموت لخامنئي والموت للدكتاتور في اكثر من ١٤٢ مدينة إيرانية واخبار هذه الانتفاضة التي جابت العالم كله وفيديوهاتها التي انتشرت عن طريق الانترنت ليراها كل شعوب العالم.

اكتفى خامنئي في حديثه حول العام الجديد بحث الجميع على العمل الجاد. وقال أنا في العادة اخاطب المسؤولين في شعاراتي السنوية ولكن هذا العام سأخاطب كل أفراد الامة بما فيهم المسؤولين.

وبالاضافة الى رسالته النوروزية الخالية من أي مضمون ومحتوى للعام الجديد. لم يملك خطاب خامنئي النوروزي في مدينة مشهد (تلك المدينة التي بدأت منها اول الاحتجاجات الشعبية الواسعة وانتشرت وتوسعت بعدها الى اكثر من ١٤٢ مدينة إيرانية) أي كلام مهم وجاد للحديث حوله وكلماته كانت عبارة عن اخفاء وكتمان للواقع والحقيقة ومنجملة ما قاله: “الأمر الذي تحدثت عنه في الاسابيع القليلة الماضية حول أننا متراجعون في موضوع العدالة أراد المسيؤون أن يستفيدوا من هذا الأمر بشكل مختلف ” وفي قسم اخر من خطابه قال: “لا يوجد أي احد يوضع موضع الملاحقة والمسائلة بخاطر عقيدته ودينه “.

كذب وافتراء لا يمكن أن يخدع به أي صاحب لب وعقل. اذا كان لا يعتقل اي احد في نظام ولاية الفقيه بسبب عقيدته ودينه فلماذا اذاً قد امتلأت كل هذه السجون في جميع انحاء البلاد بالمساجين وبسبب اقل مشاركة سياسية لهم تم اعتقالهم وتعذيبهم؟ لماذا تم اعتقال هؤلاء الاشخاص الذين شاركوا في الانتفاضة العارمة في اواخر شهر ديسمبر الماضي واوائل شهر يناير هذا العام والذين رددوا شعارات الموت لخامنئي والموت للدكتاتور ولماذا تم قتل ١٥ شخصا منهم على الاقل تحت التعذيب؟

والحقيقة هي أن خامنئي سواءاً في رسالته او خطابه النوروزي أظهر مدى مأزق و أزمات نظام ولاية الفقيه الباقية من دون حل. وأظهر أيضا أنه غير قادر على المناورة كما كان في السابق وبمعنى واقعي اخر وصل الى نهاية الخط. خامنئي قبلا قال ان للشعب الإيراني الحق في المطالبة وله الحق أيضا في انتقادي أيضا. وانهم متراجعون فيما يتعلق بأرضية العدالة ولكن بين عكس ذلك  تماما الان في كلماته النوروزية!

الحقيقة الغير قابلة للانكار هي أن الولي الفقيه وكل مفاصله وادواته يشعرون بخطر شديد بسبب الانتفاضة الشعبية العارمة في إيران وبسبب استمرار الانتفاضة المنظمة التي وصفها خامنئي واشار اليها تحت عنوان «الضلع الثالث».

الحقيقة هي أن جميع اركان نظام ولاية الفقيه لم تعد تملك أي نوع من أنواع المناورات وكل ما بقي لها من وسائل هو التعذيب والقمع التام والمحض واشتداد النزاعات والازمات داخلها.

هذا النظام لو كان يملك طريقا للحل للخروج من الازمات الداخلية والاقليمية والدولية لكان قطعا قد صاح بها خامنئي في رسالته وخطابه النوروزي.

طريق الحل الحقيقي والوحيد الذي يواجه هذا النظام هو اسقاط هذا النظام على يد الشعب ومقاومته الإيرانية المنظمة الأمر الذي سيتبلور ويتشكل في المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية. وهذه الحقيقة هي ما يجب أن تعيها وتدركها كل الدول ولا سيما الدول العربية في المنطقة بشكل جيد وكما يجب عليهم الاعتراف بشكل رسمي بالمقاومة الإيرانية.