تقول الضربات التي شنتها أمريكا وبريطانيا وفرنسا لبشار الأسد إنك أنت الرئيس الشرعي للبلاد، وإنه من حقك أن تقتل السوريين بأي طريقة كانت، ولكن عليك استشارتنا قبل قتلهم بالسلاح الكيمياوي.

ليس هذا تحليلاً، بل واقعاً مريراً تؤكده الدول التي شاركت في هجوم اليوم ضد النظام السوري، فقد صرح وزير الخارجية الفرنسية بأن القصف الصاروخي على سورية استهدف مواقع محددة تتعلق بإنتاج أو تخزين السلاح المحرم دولياً، وأضاف الوزير، إن الضربات لا تستهدف تغيير المعادلة على الأرض. بلغة أخرى لا تستهدف الحدّ من قدرة الأسد العسكرية على قتل السوريين ولا تمنعه من ذلك، بل لا تعتني أصلاً.

بلغ عدد الشهداء في سورية حسب، المنظمات المتخصصة، مليون شهيد، وهجر النظام الإجرامي في دمشق ثلاثة عشر مليون سوري من ديارهم، كما احتل العلويون والشيعة بيوت المسلمين السنة، بهدف إحداث التغيير الديموغرافي الذي يطمع فيه الغرب. ومع ذلك لم تتحرك الصواريخ الغربية طيلة سبع سنوات كاملة لإيقاف الأسد عن إجرامه، فكل البراميل المتفجرة والصواريخ الارتجاجية، واغتصاب النساء وذبح الأطفال، لم يؤثر في أخلاق الغربيين وقيمهم.

الإدارة الأمريكية تحدثت عن ضربات ضد الأسد في وسائل الإعلام، ولم تبق صحيفة ولا محطة فضائية ولا موقعاً للتواصل الاجتماعي إلا وكان يعلم أين ومتى ستكون تلك الضربات، بل إن ترامب الذي بدا في البداية مستعجلاً لتنفيذ الهجوم تلكأ عنه مشيراً أنه تحدث عن الضربة لكنه لم يتحدث عن موعدها، وبالتالي فقد أخذ الأسد الفرصة الكافية لنقل معداته وأسلحته وشبيحته إلى مواقع أخرى، ثم جاءت الصواريخ لتضرب الهواء والتراب في سورية ولا تؤثر إطلاقاً على قواته.

لا شك بأن الهجوم اليوم على سورية، قد أرسل عدة رسائل محلية ودولية، أهمها أن الغرب لا يعتني بآلام الشعب السوري ولا تقتيله، بل هو يوافق على ذلك بشرط ألا يكون بالسلاح الكيماوي.

كما تقول الضربات إن السلاح الكيماوي ليس ممنوعاً تماماً في سورية وإنما على الأسد استشارة المجتمع الدولي قبل استخدامه، ودليلنا على ذلك أن الأسد استخدم هذا السلاح حوالي مائة مرة منذ بداية الثورة ولم يتعرض لأي عقاب دولي.

تقول الضربات أن الأسد باق في السلطة، وأنه الرئيس الشرعي للبلاد، فقد أعلن منظموها أنهم لا يستهدفونه ولا يستهدفون حماية الشعب السوري وإنما يستهدفون منظومة السلاح المحرم دولياً.

لعبت الضربات الصاروخية هذا اليوم دوراً قوياً في إضفاء صفة البطولة على بشار الأسد بين مؤيديه وبين بعض الحمقى من العرب، فالرجل يدافع عن سورية ضد عدوان غربي على الشعب السوري، وإن الأسد هو الرجل الوحيد الذي يقاوم هذا العدوان بإمكانية بلاده المحدودة ولكن بعروبته وشدة إيمانه بوطنه.

الإعلام السوري استخدم تركيب “العدوان الثلاثي على سورية”، للتذكير بالعدون الثلاثي على مصر بهدف إثارة مشاعر القوميين العرب في الوقوف إلى جانبه.

بعد كل هذا وجب علينا بالفعل أن نقول: مبارك لبشار الأسد الضربة الغربية للأراضي السورية.

.

.

.

.

رئيس التحرير