رفع محافظ درعا، محمد خالد الهنوس، يوم الخميس، علم النظام السوري على سارية في الساحة العامة أمام مبنى البريد في مدينة درعا. وقال في تصريح مصور لوكالة الأنباء السورية «سانا»: «نبعد بضعة أمتار عن مبنى البريد والجامع العمري، انتصرنا، انتصرت سوريا في وجه هذا المد الإرهابي الذي أتى من كل أنحاء العالم لتدمير هذا الوطن».
كذلك، دخل وفد من جيش النظام السوري وبعض المسؤولين الحكوميين إلى بلدة طفس، ورفعوا العلم فوق مبنى مجلس المدينة، الذي علقت عليه لافتة معدنية جهزت على عجل وكتب عليها بخط اليد «الجمهورية العربية السورية، وزارة الإدارة المحلية والبيئة، محافظة درعا، مجلس مدينة طفس». في إشارة لعودة مؤسسات الدولة السورية إليها، وتمت مراسم رفع العلم بحضور حشد كبير من أبناء المدينة الواقعة غرب درعا، وبثت مكبرات الصوت نشيد الجمهورية العربية السورية. وأفاد المحامي عدنان المحاميد، في تسجيل صوتي، وصل إلى «القدس العربي» ان دخول محافظ درعا ووفد من جيش النظام إلى طفس تم بموافقة وتشاور مع لجنة التفاوض والتي كان هو أحد ممثليها. وقال انهم رفعوا العلم وخرجوا. وأكد نشطاء آخرون أن النظام دخل لمدة نصف ساعة قام بالتقاط الصور ورفع العلم ومن ثم رحل إلى من مناطق سيطرته شمال المدينة.
على صعيد المصالحات، اجتمع في بصرى الشام وفد يمثل قرى كفر شمس، كفر ناسج، عقربا وسملين وهي قرى الريف الشمالي الغربي في محافظة درعا، مع الوفد الروسي، وتوصلوا يوم الثلاثاء إلى اتفاق مماثل مع باقي مناطق درعا على أن يبدأ التنفيذ في الأيام القريبة المقبلة. فيما حصل اتفاق مشابه يوم الأربعاء مع ممثلين عن بلدة أنخل.
وشكلت البلدات المتبقية في ريف درعا الغربي (نوى، جاسم، نمر، الحارة زمرين أم العوسج) لجنة للمفاوضات مع الروس وكان أبرز مطالب المفاوض الروسي، عودة جيش النظام إلى ثكناته العسكرية، كما كان الحال عليه قبل 2011. واشترط وفد البلدات عدم دخول جيش النظام إلى البلدات، وتسري باقي شروط الاتفاق على ما حصل في باقي المناطق التي قبلت الاستسلام، ودخلت في التسوية كما رغب المفاوضون الروس.
في الجنوب الغربي من درعا، سيطر «جيش خالد بن الوليد» المبايع لتنظيم «الدولة» على بلدة حيط إلى الشرق من معقله، وحصل التقدم بعد يومين من الاشتباكات والهجوم الانتحاري لأحد عناصر التنظيم على تجمع لقوات النظام قرب قرية زيزون، وتمكن «جيش خالد» من حصار البلدة وقطع طريق الوادي، وهو الطريق الوحيد الذي يصل حيط بدرعا غربا. وأنذر «جيش خالد» مقاتلي الجيش الحر بتسليم البلدة، وسلاحهم الثقيل والخروج بأسلحتهم الخفيفة فقط وفي حال رفضهم، هدد أنه في حال دخولها بالقوة فإنه سيذبح مدنييها قبل عسكرييها، حسب ما نقل أحد نشطاء البلدة، ما أجبر عناصر الجيش الحر على الانسحاب.
وبثت وكالة «أعماق» الإخبارية الناطقة باسم تنظيم «الدولة» شريطا مصورا لمقاتلين من «جيش خالد بن الوليد» جددوا فيه بيعتهم إلى «خليفة المسلمين وإمام الموحدين في هذا الزمان الشيخ أبو بكر البغدادي» وعرض الفيديو مستودعات للذخيرة ودبابة وعربة بي ام بي تركها المقاتلون خلفهم قبل انسحابهم وتسليم البلدة.
ويلف الغموض مصير القنيطرة حتى اللحظة، بعد أن رفضت فصائل المحافظة الدخول في اتفاق مماثل لما حصل في درعا. ويتعقد الوضع مع التهديدات الإسرائيلية في حال تقدم قوات النظام في منطقة فض الاشتباك. ويزيد من صعوبة العمل العسكري وجود عشرات آلاف النازحين الذين فروا غربا من درعا باتجاه القنيطرة. إلا أن المؤشرات الأولية تفيد بأن القنيطرة ستكون منطقة منزوعة السلاح، وهذا يعني أن على الفصائل تسليم سلاحها الثقيل، مقابل بقائها في القنيطرة وعدم دخول قوات النظام السوري والميليشيات الإيرانية إلى منطقة فض الاشتباك منزوعة السلاح وتخضع لسلطة قوات الأمم المتحدة لمراقبة فض الاشتباك «يوندوف» التي بدأت عملها بقرار من مجلس الأمن الدولي (القرار 350 لعام 1974).
خطورة الأوضاع الأمنية قرب الحدود مع الجولان السوري المحتل تفتح الباب على مصراعيه، حول تدخل إسرائيلي محتمل في عمق منطقة فض الاشتباك. وعلينا ان لا ننسى الاختراق الإسرائيلي لبعض الفصائل المتمركزة قرب الحدود معها، وارتباط بعض قادة الفصائل بشكل مباشر بالجيش الإسرائيلي بذرائع مختلفة منها المساعدات الإنسانية والطبية وإدخال الجرحى السوريين، من عسكريين ومدنيين لعلاجهم في المشافي والنقاط الطبية التي انشأها الجيش الإسرائيلي على الشريط الحدودي في الجولان.
وبالتأكيد، تسعى إسرائيل إلى توظيف تلك الفصائل الصغيرة في دور جديد يحتاج إلى بعض الوقت حتى تتكشف آفاقه. فالحديث عن منطقة تحت النفوذ الإسرائيلي بشكل مباشر أصبح أكثر تداولاً مع تقدم النظام غربا باتجاه الحدود، وبدأت تظهر ملامحه من خلال دفع النازحين إلى الطلب من إسرائيل التدخل لإنقاذهم من قوات النظام المتقدمة.
يسرع الروس لإدخال كامل بلدات درعا في اتفاق الاستسلام، إلا أن أغلب السلاح الثقيل ما زال بيد الفصائل، حيث سلم جزء بسيط منه فقط، وما زالت مستودعات الفصائل على حالها. ويقبل الروس التسليم على مراحل حتى اللحظة وعدم الاقتراب من السلاح الخفيف نهائياً.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

منهل باريش