أعلن فلاديمير بوتين، الثلاثاء 18 أيلول ،أن “سلسلة ظروف عرضية مأساوية” كانت وراء إسقاط الطائرة الحربية الروسية وعلى متنها 15 شخصاً قبالة سوريا.

وصرَّح بوتين أن الردَّ الذي توعَّد به جيشه مردّه تعزيز أمن العسكريين الروس، المنتشرين في سوريا منذ سبتمبر/أيلول 2015، لدعم نظام الرئيس بشار الأسد.

وقال بوتين أمام صحافيين: “يبدو أن الأمر مردّه على الأرجح سلسلة ظروف عرضية مأساوية”، مستبعداً أي مقارنة مع إسقاط مقاتلة روسية من قبل الجيش التركي على الحدود السورية عام 2015.

وتابع بوتين: “لم تقم مقاتلة إسرائيلية بإسقاط طائرتنا”.

وكانت الدفاعات الجوية السورية أسقطت طائرة استطلاع روسية، من طراز “إل-20” مساء الإثنين، على بُعد 30 كيلومتراً تقريباً من الساحل، وذلك خلال ردّها على غارة شنَّتها 4 مقاتلات إسرائيلية من طراز “إف 16″، بحسب وزارة الدفاع الروسية.

ومضى بوتين يقول إنه صادق على البيان الذي نشرته وزارة الدفاع في وقت سابق، ويحمّل إسرائيل مسؤولية تحطُّم الطائرة الروسية بسبب غاراتها “العدائية”.

لكن وفي الوقت الذي يحتفظ فيه الجيش الروسي بـ”حق الردّ”، أوضح بوتين أن الردَّ سيقوم على تعزيز دفاعات جيشه المنتشر في سوريا، وقال: “سيلاحظ الجميع هذه التدابير”، دون مزيد من التفاصيل.

 خلل في التواصل بين السلاحين الروسي والسوري

يقول الجنرال المتقاعد والرئيس السابق لهيئة أركان سلاح الجو الفرنسي جان بول بالوميرو في حوار مع وكالة الأنباء الفرنسية إن إسقاط الطائرة الروسية، الإثنين، بنيران الدفاعات الجوية السورية، مردّه على الأرجح إلى خلل في التواصل بين الحليفين، مستبعداً فرضية موسكو بأن إسرائيل استخدمت الطائرة “غطاء” للقصف.

 سؤال: برأيكم كيف يمكن تفسير إسقاط طائرة استطلاع روسية بنيران الدفاعات الجوية السورية، خلال قيام الطيران الإسرائيلي بغارة على سوريا؟

جواب: حدث سوء فهم والتباس في تحديد الأهداف عبر الرادار، ذلك أن الأجسام الطائرة التي تظهر على شاشات الرادار لا تتيح التمييز ما إذا كانت لطائرة أو غير طائرة، والالتباس وارد تماماً. بالطبع لم يُبدِ الإسرائيليون على الأرجح تعاوناً، لكن الأمر نفسه حصل بالنسبة لروسيا، إذ يبدو أن الأمر كان يتعلق بمهمة مراقبة سرية، ولم يكن السوريون يعلمون بالضرورة بما كانت تقوم به هذه الطائرة.

كما أن الأمر يتعلق أيضاً بمشغّلي الرادار، فتحديد ماهية هدف يتحرك بسرعة كبيرة ضمن مجال جوي محدود في زمن حرب، يحتاج لوسائل تقنية وبشرية. لكن السوريين في حالة حرب، وكانوا يتعرَّضون لهجوم، ولم يتلقَّوا بالضرورة تدريباً على أعلى مستوى… كلها أمور يمكن أن تؤدي إلى خطأ من هذا النوع.

السوريون والروس ليسوا على مستوى الاستعداد أو التطور نفسه للقوات الغربية، خصوصاً داخل حلف شمال الأطلسي. عادة ما يلاحظ المشغّل المتمرّس الفارق في السرعة بين مقاتلة وطائرة إليوشين، لكن “بلبلة الحرب”، وكون المشغّلين السوريين لم يتلقَّوا التدريب الكافي، ربما ساهما في حصول الالتباس.

سؤال: موسكو تتهم طياري مقاتلات “إف 16” إسرائيلية بوضع الطائرة الروسية عمداً في مجال الخطر، عندما وضعوا طائراتهم في إطار إشارة الرادار للطائرة الروسية. هل تتمتع هذه الفرضية بمصداقية؟

جواب: هذه مبالغة برأيي أو محض صدفة، لا أرى لماذا ستختبئ مقاتلة إسرائيلية وراء طائرة روسية، فهي لديها ما تقوم به، كما أن سلاح الجو الإسرائيلي هو من بين الأفضل في العالم، ولديه -لا شك- وسائل للتشويش.

لتكون في نفس ترداد الرادار لا بدَّ من الالتصاق فعلاً بالطائرة، بإمكان مقاتلة تحلِّق تحت طائرة ركاب بشكل ذكي ألا يَصدُر عنهما سوى صدى واحد، لكن جسمين طائرين سيظهران على شاشات الرادار بمجرد الخروج من الحقل الكهرومغناطيسي للطائرة.

مرة أخرى، الأمر يتعلق بمستوى تدريب المشغّلين. إذا كانت الطائرة الروسية حدَّدت وجهتها نحو سوريا في لحظة ما، فإن مشغّل الدفاعات الجوية ربما يعتقد أنها طائرة مهاجمة، وذلك في غياب معلومات من الطائرة نفسها لإزالة الشكوك. الأمر يشبه إلى حدٍّ ما الالتباس حول طائرة الركاب الهولندية (التي كانت تقوم بالرحلة إم إتش 17) في أوكرانيا، التي أسقطها نظام دفاع أرض-جو في 2014.

– سؤال: روسيا تتهم إسرائيل بعدم تحذيرها بالهجوم إلا قبل دقيقة من شنِّه. هل نستنتج من ذلك أن الروس والإسرائيليين ينسقون عادة، في حالة شنِّ غارة على سوريا؟

جواب: لا شيء يمنع ذلك، مع أنني أعتقد أن هناك تنسيقاً سياسياً أكثر منه عسكرياً بين الروس والإسرائيليين… لا بد من حدٍّ أدنى من التنسيق. لكن الإسرائيليين عندما يريدون شنّ غارة في سوريا، فإنهم لن يحذروا الروس قبلها بكثير، وإلا سينكشفون. تبادل المعلومات يتم في اللحظة نفسها.

لتفادي البلبلة، لا بد من إبقاء الطائرات التي يمكن الالتباس بها بعيدة. لا بد أن التنسيق يتم في مرحلة تمهيدية، بالنظر إلى سرعة الطائرات، لكن ذلك يحصل بين الحلفاء.

فيما يتعلق بغارات الحلفاء على سوريا، في أبريل/نيسان الماضي، كان الروس يعلمون أننا سنضرب مواقع كيميائية، لكن لم نُطلعهم على تفاصيل الهجوم، وكذلك الأمر بالنسبة إلى الإسرائيليين. التنسيق عام جداً في هذه الحالة، إنه يكون وثيقاً فقط بين الحلفاء.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

صحف