أعلن بالعاصمة المصرية القاهرة قبل قليل عن وفاة المخرج السوري حاتم علي رائد الدراما السورية التاريخية عن عمر ناهز 58 عاما، بعد تعرضه لأزمة قلبية خلال وجوده في مصر.

فجيعة الوسط الفني

ونعى المخرج الراحل فنانون ومخرجون سوريون ومصريون على مواقع التواصل الاجتماعي، معبرين عن صدمتهم لهذا الرحيل المفاجئ.

وكتب السيناريست المصري عبد الرحيم كمال على حسابه الرسمي بموقع فيسبوك “لا حول ولا قوة إلا بالله.. وداعا صديقي وحبيبي الأستاذ حاتم علي المخرج الكبير المهذب الراقي.. في أمان الله ورحمته.. والله ربنا يُقبل عليك بفضله ورضاه” وقد عمل كلاهما معا بالمسلسل المصري “أهو ده اللي صار” الذي حقق نجاحًا كبيرًا لدى المشاهدين.

وكتب المخرج السوري مأمون البني كتب على صفحته في فيسبوك “وداعاً.. كنت أخاف من نهاية هذا العام المخزي، أبت هذه السنة إلا أن تحصد زملاء وأصدقاء.. ابكي عليك يا حاتم..”.

كما عبر المخرج السوري وزميل المهنة الليث حجو عن صدمته “الأستاذ والصديق والشريك حاتم علي لروحك السلام. خالص العزاء لعائلتكَ ولكل أحبتكَ في هذا العالم ولنا الصبر على هذا الفراق الأليم”.

كما نعاه الشاعر والإعلامي اللبناني زاهي وهبي عبر حسابه على تويتر مؤكدًا أنه ترك توقيعه على الشاشة وذاكرة المشاهدين بقدرته على مزج المتعة بالمعرفة والفائدة بالتسلية بشكل حرفي وسهل وممتنع.

الممثل السعودي ناصر القصبي أعلن حزنه على الفقيد، مع الدعاء له وتذكر أعماله المحفورة بوجدان الشعب العربي.

طفولة حزينة

عاش علي طفولة حزينة، فهو من مواليد الجولان السوري المحتل، ونزح مع عائلته من المنطقة وسكن أطراف مخيم اليرموك حيث عانى من شظف العيش والصعوبات المادية والاجتماعية في طفولته، وقد عبر عن هذه المرحلة الكاتب “فجر يعقوب” في كتابه “الاستبداد المفرح” والذي شمل حوارات مع الراحل عبر 4 سنوات، وقد تقدم بطلب للهجرة في كندا وتمت الموافقة عليه.

ورغم نجاحاته الكبيرة فقد تم فصله من نقابة الفنانين بسوريا مع أكثر من 150 مبدعا آخر تحت ذريعة عدم تسديد الرسوم المترتبة عليهم.

رائد الدراما

علي لم يكن فقط مخرجًا موهوبًا ومن أهم المخرجين العرب في 30 عامًا الأخيرة، فقد كان كذلك ممثلا وكاتبا مسرحيا وقاصا، وقد تخرج من المعهد العالي للفنون المسرحية بدمشق عام 1986.

وبدأ مشواره بالتمثيل في مسلسل “دائرة النار” عام 1988 ثم قدم عدة أدوار متنوعة من التاريخية إلى البدوية، وأنماطًا مختلفة، وشارك مع الفنان ياسر العظمة في العديد من لوحاته الكوميدية في مسلسل المرايا.

انتقل بعدها إلى ما وراء الكاميرا منذ منتصف تسعينيات القرن الماضي، وتحديدا عام 1995 بمسلسل “فارس في المدينة”. وعلى مر الأعوام قدم أنواعًا متعددة من المسلسلات التلفزيونية، ولكن ما خلده وكتب اسمه بأحرف من نور في تاريخ الدراما العربية هو المسلسلات السورية التاريخية.

وقدم عدة أعمال شهيرة، ومازلت تشاهد حتى اليوم، منها عن القائد العظيم “صلاح الدين الأيوبي” وكذلك “صقر قريش، ربيع قرطبة، ملوك الطوائف” وهي ثلاثية خلدت التاريخ العربي بالأندلس، وشارك فيها مجموعة من أهم نجوم المسلسلات التلفزيونية مثل تيم حسن وأيمن زيدان ونسرين طافش وجمال سليمان.

ولعل المسلسل الأبرز الذي انحفر بوجدان المشاهد العربي هو “التغريبة الفلسطينية” والذي يعد عملا ملحميا أنجزه مع الكاتب المرموق وليد سيف، والذي أرخ فيه لأجيال الفلسطينيين خلال القرن العشرين وخصوصا الجهاد بالثلاثينيات ثم النكبة والنكسة ورحلة الشتات واللجوء الفلسطيني.

وظل علي على دأبه في تقديم كل جديد، فمنذ بداية الألفية الجديدة انتقل إلى نوع تلفزيوني آخر وهو السيرة الذاتية، بتقديمه مسلسل “الملك فاروق” من بطولة تيم حسن، والذي حقق شعبية كبيرة لكل من أبطاله ومخرجه، ثم قدم “عمر” عام 2012 وهو من أكثر المسلسلات إثارة للجدل.

وفي العقد الثاني من الألفية الثالثة بدأ تقديم مسلسلات اجتماعية ورومانسية مع نجوم كبار انتشرت بشكل كبير مثل “حجر جهنم” من بطولة كند علوش وإياد نصار وشيرين رضا، و”أهو ده اللي صار” من بطولة أحمد داود وروبي والذي يعرض حاليًا على منصة نتفليكس الرقمية ويتصدر قائمة الأعلى مشاهدة في مصر والعالم العربي، ليختم بذلك أعماله التلفزيونية وهو متربع على عرش الدراما العربية سواء على شاشات التلفزيون أو عالم المنصات الإلكترونية.

وخلال هذه المسيرة الطويلة حصد علي العديد من الجوائز تقديرًا لمجهوداته وإضافاته الفنية، مثل ذهبية مهرجان القاهرة للإعلام العربي لأفضل مسلسل عن الملك فاروق، وتنويه خاص عن فيلمه “الليل الطويل” من مهرجان روتردام للفيلم العربي عام 2009.

وحصل المخرج الراحل على الكثير من الجوائز نذكر منها: ذهبية مهرجان القاهرة للإعلام العربي لأفضل مسلسل عن “الملك فاروق” وأفضل مخرج من مهرجان القاهرة للإعلام العربي عن نفس المسلسل (2007) وتنويه خاص عن فيلم “الليل الطويل” من مهرجان روتردام للفيلم العربي (2009).

المصدر-وكالات