تناولت الصحف البريطانية مجموعة من المواضيع تنوعت بين استعراض كيفية اقتران حملات المعلومات المضللة بعد الانتفاضة السورية بأحداث أخرى في العالم آخرها اقتحام مبنى الكونغرس في  كانون الثاني الماضي، وبين مساوئ النزعة القومية المتنامية في مسألة توزيع اللقاحات المضادة لفيروس كورونا، وصولا إلى مغادرة تركيا من “اتفاقية إسطنبول” التي تهدف إلى منع العنف ضد المرأة.

البداية مع صحيفة الإندبندت، إذ يرى مقال بعنوان “كيف أعادت حرب المعلومات المضللة في سوريا تشكيل العالم” للكاتب بورزو دارغاهي، أنه بعد سنوات قليلة من اندلاع الانتفاضة السورية “تمكنت روسيا، الراعي الأقوى لنظام الأسد، من تأمين دعاية مضللة لصالح دمشق. وكان العالم، الغارق في عامين من المعلومات المضللة حول طبيعة الصراع وأصله في سوريا، أكثر استعدادا للامتثال”.

وقال الكاتب إن “الدعاية الفعالة للنظام وحلفائه سمحت بتجاهل قواعد الحرب ولطائرات الميغ الروسية والميليشيات الإيرانية بسحق الانتفاضة السورية في نهاية المطاف”.

وأضاف “لكن الحرب الأهلية السورية وحملة التضليل المصاحبة لها لم تكن سوى نذير تصاعد في حقبة ما بعد الحقيقة التي كانت ستأتي.”

وأشار مقال الإندبندنت إلى أنه “في عام 2014، بعد عام من الهجوم بالأسلحة الكيميائية في الغوطة الشرقية الذي أسفر عن مقتل 1729 شخصا حسب مصادر المعارضة، استخدم الكرملين الخليط نفسه من العنف والتضليل على وسائل التواصل الاجتماعي لغزو أوكرانيا بنجاح، وضم في النهاية جزءا من البلاد.”

مواضيع قد تهمك نهاية

واعتبر الكاتب أن “المزج نفسه بين المعلومات المضللة اليمينية المتطرفة الزائفة التي أشعلتها روسيا والشكوك اليسارية الساذجة المستوحاة من الكرملين، أدت إلى تغذية القوى التي قادت بريطانيا إلى التصويت بفارق ضئيل لصالح خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في عام 2015”.

وفي أوروبا، رأى دارغاهي أن “الأكاذيب المعادية للمهاجرين والمسلمين التي روجت لها روسيا وجددها حلفاؤها أشعلت حركات اليمين المتطرف في جميع أنحاء العالم”.

وأضاف المقال في السياق نفسه أن المشروب السام نفسه من المعلومات المضللة اليمينية المدعومة من روسيا والمشاعر الزائفة الحادة من قبل اليسار شجعت عددا كافيا من الناخبين على البقاء في المنزل أو التصويت لمرشحة حزب الخضر جيل شتاين في الولايات الأمريكية الرئيسية، ما سمح لدونالد ترامب بالفوز في انتخابات عام 2016″.

وقال دارغاهي إنه “بحلول الوقت الذي فاز فيه جو بايدن بانتخابات عام 2020، كانت مساحة ما بعد الحقيقة التي شكلتها روسيا ومخدروها في الغرب قد اتخذت حياة خاصة بها. واعتقد المتمردون المخدوعون أن بايدن سرق بطريقة ما واحدة من أكثر الانتخابات شفافية في العالم، وأن ترامب كان البطل في معركة ملحمية ضد عصابة من مصاصي الدماء المتحرشين بالأطفال”، وفقا لنظرية كيو أنون المؤامراتية.

بلدي أولا

تناولت افتتاحية صحيفة الغارديان ما وصفته بـ”التفشي المقلق لنهج بلدي أولا” في مسألة تخصيص اللقاحات.

وذكر المقال أنه في فبراير/ شباط الماضي، أعلنت الولايات المتحدة أنها لن تتبرع بأي جرعات للدول الفقيرة حتى تتوفر لديها إمدادات جيدة.

وأضاف أنه بعد أقل من عشرة أيام، اتخذت الهند إجراءات صارمة تخص صادرات اللقاحات.

وأشارت الغارديان إلى أن “ذلك هو سبب القلق الشديد الناجم عن تهديد الاتحاد الأوروبي بالحد من تصدير اللقاحات المنتجة محليا، إذ أن قادة الاتحاد الأوروبي يعرفون أنه من السيء رؤية جرعات تغادر الاتحاد الأوروبي إلى بريطانيا، التي لقحت بالفعل نصف سكانها”.

ورأى المقال أنه “يجب على القادة الأوروبيين أن يدركوا أن التعاون وحده هو القادر على إنهاء الوباء”. إذ “لن تكون هناك طريقة لإيصال الحقن إلى 8 مليارات شخص على هذا الكوكب دون تنسيق عالمي، ولا سيما أنه لم يتم من قبل تطعيم الكرة الأرضية كلها مرة واحدة”.

“وفيما أعطيت حوالي 450 مليون جرعة لقاح في جميع أنحاء العالم، أي ما يعادل 5.8 جرعة لكل مئة شخص، لم يطعم في البلدان الأشد فقرا، أي شخص تقريبا”، بحسب الافتتاحية.

ورأت الصحيفة أن “الحد من الإصابات الجديدة عن طريق زيادة معدلات التطعيم العالمية هو، في نهاية المطاف، الاستراتيجية الفعالة الوحيدة للحد من مخاطر المتغيرات الجديدة الأكثر عدوى أو المميتة أو المقاومة للقاحات الحالية”.

وأضافت الغارديان أنه “لا يمكن لباقي الدول في العالم أن تستمر في انتظار الجرعات المنقذة للحياة”، مشيرة إلى أن “هناك حلا تم تجربته واختباره، وهو أنه خلال أزمة فيروس نقص المناعة البشرية (الإيدز) وافقت منظمة التجارة العالمية على نموذج الترخيص الذي وسع نطاق الوصول إلى الأدوية بأسعار معقولة وعوض شركات الأدوية”.

وختمت بالقول إن “العالم الغني يجب أن يكون مرنا في حالات الطوارئ، طارحة السؤال الآتي: “إذا كان الوباء العالمي لا يستحق مثل هذا التنازل، فماذا إذن؟”.

“اتفاقية إسطنبول”

أما صحيفة التايمز، فقد تناولت في مقال للكاتبة سارة تور التي تتحدر من أصل تركي انسحاب تركيا من “اتفاقية إسطنبول” التي وقعت عليها عام 2011، وهي معاهدة لحقوق الإنسان بين 45 دولة والاتحاد الأوروبي تهدف إلى منع العنف ضد المرأة (بما في ذلك العنف المنزلي)، وحماية الضحايا وضمان معاقبة الجناة على النحو الواجب.

قالت تور التي عبرت عن “غضبها” من موقف بلادها، إن “تركيا أول من صادق على الاتفاقية وأنا فخورة بذلك؛ لقد أثبتت أن البلاد لم تكن متخلفة وأن عنوان المعاهدة يعني أن تركيا ستُساوى إلى الأبد مع تقدم كبير في حقوق المرأة. الآن تم التراجع عن كل هذا”.

وأوضحت تور أن الحكومة التركية ترى، من بين أسباب أخرى، أن الاتفاقية تقوض قيم الأسرة عبر زيادة معدلات الطلاق.

ورأت الكاتبة أن “هذا عذر مخجل وبعيد عن الحقيقة”. وسألت “كيف يجرؤون حتى على التفكير في إلقاء اللوم على معاهدة حقوق المرأة لارتفاع معدلات الطلاق، بدلا من التفكير في أن هذه الاتفاقية تمكن النساء من الهروب من العلاقات المسيئة”.

واستشهدت تور بقصة عمة والدها، التي أجبرت، في الخمسينيات من القرن الماضي، على الزواج من مغتصبها وتحملت مدى الحياة سوء المعاملة نتيجة لذلك. وقالت تور: “لم أر شخصا حزينا إلى هذا الحد أبدا. كيف يمكن لأي شخص اليوم أن يعتقد أنه كان ينبغي عليها البقاء في هذا الزواج من أجل قيم الأسرة التي لن أفهمها أبدا”.

وأضافت “كان لاتفاقية إسطنبول القدرة على إنقاذ الآلاف من معاناة كمعاناتها. بدلا من ذلك، قررت الحكومة التركية أن تحكم عليهن كلهن بنمط حياتها”.