قررت الحكومة الفرنسية إنشاء 3,600 مكان إقامة جديد مؤقت في مناطق فرنسية مختلفة، من أجل نقل الأشخاص الذين ليس لديهم مأوى ويعيشون في باريس، ومن ضمنهم الكثير من المهاجرين، على أساس طوعي. ويهدف هذا القرار إلى التخفيف عن أماكن السكن المخصصة لحالات الطوارئ في المنطقة الباريسية والتي تعاني من اكتظاظ دائم، إلا أن هذه الخطوة تثير انتقادات بعض البرلمانيين، لا سيما مع اقتراب موعد الألعاب الأولمبية.

هل تسعى الحكومة الفرنسية إلى إخفاء الأشخاص الذين ليس لديهم مأوى في المنطقة الباريسية مع اقتراب موعد الألعاب الأولمبية 2024؟ هذه الإشكالية مطروحة منذ أيام عدة مضت.

الإثنين 21 أيار/مايو، عمدة قرية بروز (18 ألف نسمة) في منطقة بريتاني غرب فرنسا، علم بأن المحافظة تنوي إنشاء مركز استقبال مؤقت في بداية العام الدراسي القادم، أيلول/سبتمبر 2023.

لكن العمدة فيليب سالمون أكد معارضته لبناء هذا المركز “ضمن شروط نعتبرها غير كريمة”، حسبما قال لوكالة الأنباء الفرنسية. وانتقد الموقع الذي اختارته السلطات، مبررا ذلك بأنه مجاور لخط سكة حديدية و”ملوث بالمحروقات والمعادن الثقيلة”، ويؤكد أن الأشخاص المعنيين لن يأتوا “باختيارهم”.

لكن الأمور ليست بهذه البساطة، وأكدت وزارة الإسكان أن قرار فتح المنشأة الذي يعود إلى نيسان/أبريل الماضي هو على أساس طوعي ولا يرتبط بشكل مباشر بالألعاب الأولمبية 2024 أو ببطولة رياضة الرغبي لهذا العام، على عكس ما تدعي وسائل الإعلام.

أكد مكتب وزير الإسكان أوليفييه كلاين لمهاجرنيوز أنه “لا توجد علاقة بين (القرار) وبين الألعاب الأولمبية، اتصلت بنا الجمعيات في كانون الثاني/يناير لتطلب منا فتح أماكن إقامة طارئة جديدة”.

التخفيف المؤقت عن المنطقة الباريسية

في الواقع، مشكلة أماكن السكن المخصصة للحالات الطارئة في باريس وضواحيها ليست جديدة، إذ يوجد حوالي 100 ألف مكان في المنطقة بينهم 55 ألف ضمن ما يدعى بالفنادق الاجتماعية، لكن هذه المنشآت على وشك الانهيار.

منذ نهاية الأزمة الصحية المرتبطة بفيروس كورونا وعودة الحركة السياحية الصيف الماضي، الكثير من الفنادق التي كانت متعاقدة مع الدولة قررت الانسحاب، وبحسب خدمة طوارئ السكن، هناك حوالي 5200 مكان أقل بالمقارنة مع العام الماضي.

 

يقول أحد العاملين في خدمة الطوارئ إن مشكلة الإسكان قديمة “لكن الأشخاص يكتشفونها الآن”، ويعترف مكتب وزارة الإسكان أن هناك “إشكاليات مع الفنادق الذين يحتاجون إلى استرداد غرفهم”، كما أن الفعاليات الرياضية القادمة لا تسهّل الوضع.

من أجل تجنب المشكلة، الوزارة وضعت بداية نيسان/أبريل الماضي خطة لنقل الذين ليس لديهم مأوى إلى المقاطعات، ما سيتيح فتح 3,600 مكان (خارج باريس وضواحيها). حاليا، يستفيد 450 شخص من هذه الخطة في ستة مناطق: بريتاني وغراند إست وأوكسيتاني وأكيتين الجديدة وسنتر فال دي لوار وبورجون فرانش كومتي.

“هذا الجهاز يستهدف بشكل أساسي الرجال والنساء المعزولين، سواء كانوا مهاجرين أم لا”، حسب مكتب وزارة الإسكان. بمجرد استقبالهم في هذه المراكز، يستفيد المشردون من فحص وضعهم الاجتماعي الذي يسمح لهم بالتوجه إلى سكن مناسب، مثل مراكز طالبي اللجوء (CADA). وتحدد الحكومة أن مراكز الاستقبال المؤقتة ستغلق في نهاية عام 2024.

استبدال المخيمات بالمنشآت

تستهدف حركة النقل إلى مناطق فرنسية أخرى المهاجرين في الدرجة الأولى، ففي كانون الثاني/يناير 2021، عهدت الحكومة إلى المكتب الفرنسي للهجرة والاندماج (Ofii) بمهمة “التوجيه”، والتي تهدف إلى تقليص نسبة طالبي اللجوء من 46% إلى 23% في المنطقة الباريسية، بحلول نهاية عام 2023.

وفقا لتقرير برلماني تمكن فريق مهاجرنيوز من الاطلاع عليه، “أتاح توجيه طالبي اللجوء إلى تقليص عدد المخيمات في باريس وضواحيها، لكنه لم يكن قادرا على التخلص منها بشكل تام”.

 

من أجل حل هذه المشكلة، تبني السلطات حاليا 10 مراكز في المناطق الفرنسية يتسع كل منها لحوالي 50 شخصا، “بهدف استقبال 500 شخص لمدة لا تتجاوز ثلاثة أسابيع، وبعد ذلك يتوجب على الأشخاص المعنيين التوجه إلى حل يتوافق مع وضعهم الإداري”، حسبما يشرح النائبان ستيلا جوبون وماثيو لوفيفر في التقرير.

لكن هذه المراكز تستهدف شريحة واسعة من المجتمع: “يمكن أن يكون هناك طالبو لجوء بانتظار سكن، أو طالبو لجوء يمرون بإجراءات دبلن، أو لاجئون، أو فرنسيون ليس لديهم مأوى، أي كل ذلك يستهدف أشخاصا دون مأوى لكن لديهم أوضاع إدارية مختلفة للغاية”، حسبما تشرح النائبة عن منطقة مين ولوار ستيلا دوبون لمهاجرنيوز.

في المركز الإقليمي في أنجيه، كان من بين أول الوافدين الـ38 حوالي 21 من طالبي اللجوء. في موزيل، لم يتقدم أي من الدفعة الأولى من الوافدين (29 شخصا) بطلب لجوء. وبالتالي، تدعو هذه الأرقام إلى التساؤل عن الغرض من هذه الخطة.