مرض إنفلونزا الخنازير “swine flu virus” والمعروف بالاسم العلمي “H1-N1″، هو شكل من أشكال الإنفلونزا العادية، يصاب به “الخنزير” ومن ثم تنتقل العدوى إلى الإنسان القريب بصلة مباشرة مع “الخنازير”، وبعدها تنتقل من الإنسان المصاب إلى الآخرين، عبر وسائل عديدة منها “الاستنشاق”.

في بداية شهر كانون الأول الماضي، ضجّت مواقع التواصل الاجتماعي، بالحديث عن حالات وفاة بمرض يعتقد أنه “إنفلونزا الخنازير” في المناطق التي تسيطر عليها قوات النظام، نظرًا للأعراض التي ظهرت على المصابين، وسط صمت وزارة الصحة التابعة للنظام، في حين أكدَّ الطبيب مجد فردوسي، العامل في جمعية إعانة المرضى بمدينة حلب، أن “معظم المصابين بهذا المرض، انتقلت العدوى لهم عن طريق التنفس من إنسان آخر مصاب”.

من جانبه، قال الطبيب (م.خ)، العامل في مشفى حلب الجامعي، إنه “تم تسجيل عدة حالات مصابة بفيروس الإنفلونزا في القسم الخاضع لسيطرة قوات النظام بمدينة حلب”، مشيرًا إلى ست حالات وفاة موثقة، إضافةً لوجود أكثر من ثلاثين إصابة، دون معرفة نوع الفيروس، إن كان من نوع (H1-N1، H2-N2، H3-N3)، في ظل غياب التصاريح من وزارة الصحة التابعة لحكومة النظام عن هذه الإصابات أو الوفيات والنمط الذي أدى لظهور هذه الحالات، إلا أنه وبحسب الأعراض التي ظهرت على المصابين والوفيات، فإنها “ترجح بشكل كبير أن تكون ناتجة عن إصابة بمرض إنفلونزا الخنازير”.

وعند سؤال الطبيب، عن سبب انتشار هذا النوع من المرض في مدينة حلب، قال إن “المرض يمكن أن ينتقل عبر البلدان عن طريق الأشخاص الحاملين للفيروس، وهنا لا يخفى على أحد أن الجنسيات التي توافدت من عراقيين وأفغان وروسيين وإيرانيين إلى حلب، من الممكن جدًا أن يكون أحدهم حاملًا للفيروس، وهو ما أدى لتسجيل هذه الإصابات في حلب”.

الإنفلونزا بجميع أشكالها لا تنتقل إلا عن طريق الهواء والمجاري التنفسية، ولا تنتقل أبدًا عن طريق الأغذية

الأسباب المرجّحة لانتشار المرض

يعتقد مواطنون من مناطق النظام والمعارضة، أن انتشار المرض سببه اللحوم المستوردة من إيران أو العراق، والتي قد تكون فاسدة أو مصابة بالفيروس، ومنهم من رجح بأن معامل اللحوم المحلية، قد تكون السبب بانتشار هكذا فيروس مع تسجيل العديد من الحالات من انتشار اللحوم الفاسدة ذات الصناعة المحلية، واللحوم منتهية الصلاحية.

ورجحت تقارير إعلامية أخرى، في وسائل إعلام محلية أن “تكون اللحوم الفاسدة والمعلبات الإيرانية، وراء انتشار إنفلونزا الخنازير في مناطق سيطرة النظام في سوريا، وذلك بعد تأكد إصابة أكثر من 30 شخصًا في إيران العام الماضي”.

كما روجت بعض الصفحات المحلية في حلب، أن الأطعمة الإيرانية سببت دخول إنفلونزا الخنازير إلى سوريا، ولا سيما اللحوم، الأمر الذي نفاه مدير مشفى الشهيد عدي أبو حسين في سراقب بريف إدلب، أحمد الأسعد، لعنب بلدي، وقال “الإنفلونزا بجميع أشكالها لا تنتقل إلا عن طريق الهواء والمجاري التنفسية، ولا تنتقل أبدًا عن طريق الأغذية”.

في حين لم ترد معلومات عن صدور إحصائيات دقيقة من جهات رسمية تابعة تابعة للنظام أو منظمات الصحة العالمية حول أعداد الوفيات والمصابين وسط صمت وزارة الصحة النظامية عن الموضوع .

أسباب تكتم النظام

ومن جانبه، أفاد مصدر مقرب من وزارة الصحة التابعة للنظام في معرض الإجابة عن  سبب تكتم الوزارة على حالات الإصابة والوفيات، وقال “من المعروف أنّ أي وباء ينتشر في أي دولة في العالم يعود بضرر اقتصادي كبير من حيث السياحة والمواد الغذائية التي تصدرها هذه الدولة”.

ومن المرجح أن سبب تكتم الوزراة عن الموضوع “أن يكون الإعلان سببًا من أسباب امتناع المقاتلين الأجانب الذين يساندون النظام في معاركه من القدوم إلى سوريا في حال سمعوا بوجود وفيات أو انتشار للفيروس في سوريا”.

أما على الصعيد المحلي، فمن الممكن أن يساهم انتشار هكذا أخبار بحالات نزوح جماعي من المناطق الخاضعة لسيطرة قوات النظام أو حالات ذعر قد تسبب فوضى عارمة في تلك المناطق.

ويرى المصدر أن سبب هذا التكتم مرده أيضًا لـ”الخوف من اضطرابات على صعيد السفر بين الدول أو حالات الهجرة، ما يعرقل هذه العملية بسبب اتخاذ إجراءات وفحوصات معينة للناس القادمين من سوريا باتجاه الدول الأخرى”.

وسائل إعلام النظام تعترف

وثّقت وسائل إعلامية موالية للنظام السوري، في مدينة اللاذقية الساحلية، أربع وفيات وعشرات الإصابات، وقالت إن سببها انتشار مرض “إنفلونزا الخنازير” في المدينة الخاضعة لسيطرة النظام.

مدير الصحة في اللاذقية التابع للنظام، عمار غنام، نفى بدوره، عبر تلفزيون “الخبر” الموالي، أن تكون الإصابات التي استقبلتها المستشفيات العامة والخاصة، مرتبطة بإنفلونزا الخنازير أو إنفلونزا الطيور، وقال إنها “التهابات تنفسية حادة، ووخيمة”.

لتعود إذاعة “شام إف إم”، المقربة من النظام السوري، وتؤكد نقلًا عن مصادر طبية عديدة في اللاذقية، ورود عشرات الحالات إلى المستشفيات خلال ساعات، وجميعها مرتبطة “بإنفلونزا الخنازير”، مشيرًة إلى توثيق مستشفيات اللاذقية لأربع وفيات على الأقل.

ويبقى موضوع انتشار إنفلونزا الخنازير غير معترف به من قبل وزارة الصحة التابعة للنظام لاعتبارات عديدة، لكن المؤكد هو  وجود وفيات في مناطق سورية عدة بعدما ظهر الفيروس في سوريا عام 2014، وأعلنت حينها وزارة الصحة في حكومة النظام أن عدد حالات الوفاة وصل إلى 39 حالة، في حين ارتفع عدد الحالات المشتبه بإصابتها بالفيروس إلى 117 حالة خلال شهر آذار. وبعد ذلك اختفى المرض ولم تعد تشهد البلاد إصابات جديدة لغاية نهاية كانون الأول الماضي.

عنب بلدي