يصادف الـ21 من شهر آب الجاري الذكرى العاشرة لارتكاب نظام أسد أشنع مجازر القرن بقصفه مناطق في الغوطتين الشرقية والغربية بصواريخ محملة بغاز السارين، ما أدى لسقوط مئات الضحايا اختناقاً بظرف دقائق لتحاول بعدها ميليشيا أسد التنصل من مسؤولية ارتكاب المجزرة، إلا أن مجموعة حقائق تكشّفت لتكون دلائل دامغة على استخدامها السلاح الكيماوي.

 

اللجنة الأممية والصفقة الروسية

 

وقال الناشط أشرف هواش عضو رابطة ضحايا الأسلحة الكيميائية لموقع أورينت نت، إن أول دلائل استخدام ميليشيا أسد لغاز السارين في الغوطة الشرقية والمعضمية هي تأخيرها دخول فريق محقّقي الأمم المتحدة حول الأسلحة الكيميائية لمدة 8 أيام، حيث دخل الفريق يوم 28 آب من عام 2013.

 

وأضاف أن صواريخ ومدافع ميليشيا أسد استهدفت إحداثيات المناطق التي تركّز فيها “غاز السارين” بمختلف أنواع الأسلحة لإخفاء الأدلة، كما تعرضت إحدى سيارات فريق التحقيق الأممي لإطلاق نار من قناصة مجهولين في مدينة معضمية الشام.

 

وذكر “هواش” أن الحقيقة الثانية التي تثبت استخدام أسد للسلاح الكيماوي هو قبوله بالصفقة الروسية الأمريكية لتسليم العتاد الكيماوي التي وقعت بـ 14 من شهر أيلول 2013، واتفقت وقتها الولايات المتحدة وروسيا على أن تتيح حكومة أسد ترسانتها من الأسلحة الكيمياوية لاطلاع المفتشين الدوليين تمهيداً للتخلص منها، وهو دليل ضمني عن مسؤوليته عن استخدام غاز السارين.

 

وحدد وزير الخارجية الأمريكي يومها جون كيري إطاراً من ست نقاط تقوم بموجبه حكومة أسد بتسليم قائمة كاملة بما لديها من أسلحة كيمياوية.

 

نبش قبور الضحايا

 

بدوره، تحدث “أنس أبو خالد” من سكان مدينة زملكا لموقع أورينت، أن ميليشيا أسد عمدت في الشهر السابع من عام 2018 وبعد سيطرتها على كامل الغوطة الشرقية إلى اعتقال عدد من أهالي مدينة زملكا وأجبرتهم على المشاركة في عملية نبش المقبرة الجديدة التي تقع شمال المدينة، والتي يطلق عليها الأهالي اسم “مقبرة الشهداء” لأن معظم ضحايا الكيماوي تم دفنهم فيها.

 

وأوضح أن ميليشيا أسد عمدت على ترحيل جثث الضحايا إلى مقبرة نجها قرب الكسوة، وتغيير معالم مقبرة الشهداء في زملكا لإخفاء بقايا أدلة جريمتها مستعينة بعدد من السكان المحليين الذين أجبرتهم على فعل ذلك.

 

تغيير رواية الشهود

 

من جهته، قال الدكتور إسماعيل خطاب من الغوطة الشرقية، إن ميليشيا أسد بعد أن سيطرت على كامل الغوطة الشرقية في شهر نيسان من عام 2018 قامت باعتقال جميع العاملين في القطاع الطبي والإنساني الذين بقوا هناك وعددهم أكثر من 200 شخص ممن عملوا في الطبيات والدفاع المدني والمشافي والمستوصفات.

وأردف أن عدداً من الأطباء من أبناء الغوطة الشرقية خرجوا تحت تهديد المخابرات على إعلام أسد ونكروا رواية استخدام غاز السارين والسلاح الكيماوي في مجزرة الغوطة، وحمّلوا الجريمة على الفصائل العسكرية المعارضة التي كانت بالغوطة “جيش الإسلام وفيلق الرحمن”، ومازال هؤلاء الأطباء تحت الإقامة الجبرية والملاحقات الأمنية إلى اليوم.

 

التشوهات الخلقية

 

وتحدثت تقارير إعلامية سابقة عن تشوهات ولادة لأكثر من 70 طفل في سوريا خلصت دراسة عديدة بأنها نتيجة إصابة الأم بالأسلحة الكيمائية، وتم توثيق 12 حالة في معضمية الشام لوحدها و18 حالة في الغوطة الشرقية.

 

وذكرت التقارير أن هؤلاء السيدات اللواتي حملن وقت إصابتهن بالسلاح الكيماوي ووضعن أجنة مشوهة، ومنهن من ولدت أطفالاً لديهم نقص بالأطراف سببه خلل بالجهاز العصبي لدى الحامل التي تعرضت للكيماوي، هذا الشيء بدوره يؤدي إلى نقص تروية لدى الجنين.

 

اغتيال ضباط

 

ومن الحقائق التي تشير لدور حكومة أسد بطمس الأدلة لاستخدام الكيماوي هو قيامه باغتيالات لكبار الضباط المسؤولين عن هذا الملف لإخفاء الأدلة التي تورطه.

 

وفي الشهر الثامن من عام 2018 اغتال مجهولون مدير مركز البحوث العلمية، عزيز إسبر، في انفجار استهدف سيارته في مدينة مصياف بريف حماة، واتهم وقتها ناشطون ميليشيا أسد بتصفيته لإخفاء أدلة استخدام الكيماوي، وإسبر هو المدير العام لمعهد يحمل رقم “4000”، وتوجد فيه مشاريع عدة لصناعة الأسلحة الكيميائية بشكل حصري.

 

وبعد شهرين اغتال مجهولون أيضاً العقيد منذر محمود أشقر، المسؤول عن مستودعات السلاح الكيماوي في اللواء (105) في الحرس الجمهوري بريف دمشق، وقتل هو وزوجته عند خروجه من مدينة دمشق متوجهاً إلى قريته (سقوبين) شمال اللاذقية، وتشير الأدلة لتصفيته من قبل مخابرات نظام أسد”.

 

الجدير بالذكر أنه في وثيقة استخباراتية نشرها موقع “بي بي سي” في شهر من عام 2017، حددت ثلاثة مواقع يصنع فيها الكيميائي في سوريا، هي مدينة مصياف بمحافظة حماة، وضاحيتا برزة وجمرايا بمحيط العاصمة دمشق. وتتخصّص منشأتا مصياف وبرزة في تركيب الأسلحة الكيميائية والصواريخ طويلة المدى وقذائف المدفعية.