انتقدت صحيفة نيويورك بوست الأمريكية طلب الأمين العام للأمم المتحدة للمزيد من الأموال من أجل سوريا في وقت تذهب فيه ضرائب دافعي الضرائب في أمريكا وبريطانيا وغيرها لجيب نظام أسد.

 

وقالت الصحيفة في مقال كتبه ديفيد أديسنيك مدير الأبحاث في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات إن الأمين العام للأمم المتحدة طالب مؤخراً خلال الدورة 78 للجمعية العامة للأمم المتحدة، زعماء العالم بتقديم المزيد من الأموال للأمم المتحدة، لكنه ظل صامتاً بشأن الهدر والاحتيال وسوء الاستخدام الذي ابتُليت به الكثير من مساعي المنظمة.

 

وأضافت أنه ليس هناك مثال على ذلك الهدر وسوء الاستخدام أفضل من التدفق المستمر لدولارات الأمم المتحدة إلى نظام السفاح بشار الأسد.

 

ابتزاز بـ 95 مليون دولار

 


وفيما تنشر الأمم المتحدة بهدوء في شهر تموز من كل عام، بيانات جديدة حول عادات الإنفاق لديها، تُظهر الإيصالات أن الوكالات الأممية أنفقت 95.5 مليون دولار على مدى السنوات الثماني الماضية لإيواء موظفيها في فندق “فور سيزونز” بدمشق، بما في ذلك 14.2 مليون دولار في العام الماضي، رغم أن الفندق مملوك من قبل نظام أسد وأحد أثرياء الحرب الذين يديرون الشؤون المالية للنظام.

 

ولم يكن هناك سوى القليل من القتال في دمشق منذ عام 2017، ورغم ذلك تدّعي الأمم المتحدة أنها تهدف إلى الحفاظ على سلامة موظفيها من خلال تأمين إقامتهم في فندق “فور سيزونز” الذي كان من المرجّح أن ينهار مالياً لولا أنشطة الأمم المتحدة، ولا سيما أن دمشق لم تعد وجهة سياحية.

الصحيفة نقلت عن دبلوماسي سابق في الأمم المتحدة عمل في سوريا أن نظام أسد يبلغ الوكالات الأممية أنه لا يمكنه ضمان سلامة موظفيها إلا إذا أقاموا في فندق “فور سيزونز”.

 

وما يجعل كارثة “فور سيزونز” مزعجة بشكل خاص هو أنها كانت معروفة للعامة لمدة سبع سنوات، ورغم ذلك لم تفعل الأمم المتحدة شيئاً حيالها أو حيال الطرق العديدة الأخرى التي يجيّر بها النظام المساعدات لمصلحته الخاصة.

 

أشارت الصحيفة إلى مفارقة أنه لا يحق للفندق أن يطلق على نفسه اسم “فور سيزونز” إذ قطعت الشركة الأم التي تدير السلسلة العالمية وتتخذ من تورونتو مقراً لها، جميع علاقاتها مع فرعها في دمشق بعد أن فرضت إدارة ترامب عقوبات على سامر فوز عام 2019.

 

ولم تُظهر أحدث بيانات الأممية أي تغيّر يذكر في الإنفاق إزاء الفندق وذلك رغم تبنّي الأمم المتحدة مجموعة جديدة من المبادئ لضمان استقلال وحياد عمليات وكالتها في سوريا، بعد أن كشف اثنان من المراسلين البريطانيين عن إنفاق الأمم المتحدة أرقاماً من 7 خانات في فندق “فور سيزونز” فضلاً عن مجموعة كبيرة من الأمور المحرجة المماثلة، مثل توجيه 8.5 مليون دولار إلى ما يسمى بالجمعيات الخيرية التي تديرها زوجة الأسد، أسماء.

فساد ونهب بطرق أخرى

 

وخسرت الأمم المتحدة 100 مليون دولار على مدى 18 شهراً من خلال التلاعب بسعر الصرف المقدّم للوكالات الأممية والذي يتحكم به النظام وذلك وفق تحليل للأرقام أجراه أحد كبار خبراء المساعدات الإنسانية في واشنطن.

 

واضطرت منظمة الصحة العالمية، التابعة للأمم المتحدة إلى تعليق عمل كبير مسؤوليها في دمشق العام الماضي وسط اتهامات بالفساد وإساءة معاملة موظفيها.

 

وذكرت وكالة أسوشيتد برس أن تلك المسؤولة زوّدت المسؤولين السوريين بالسيارات والعملات الذهبية، واجتمعت خلسة مع ضباط عسكريين روس.

وبطبيعة الحال، عاشت تلك المسؤولة في فندق “فور سيزونز” “في جناح واسع متعدد الغرف مع حمامين وإطلالة بانورامية على المدينة”.

 

وأكّد الكاتب أن الأمم المتحدة تهدر أموال دافعي الضرائب الأمريكيين، والبريطانيين، واليابانيين، وغيرهم ورغم ذلك فإن إدارة بايدن والحكومات الغربية الأخرى تتحاشى التحدث صراحة عن خضوعها المعتاد لتلاعب الأسد في ظل اعتبار الأمم المتحدة كبقرة مقدّسة لا يجب المساس بها.

 

وخلص الكاتب إلى أنه على الولايات المتحدة وحلفائها أن يوضحوا للأمم المتحدة أنهم سيغلقون صنبور الدعم ما لم تقم المنظمة بعملها بشكل صحيح.