كشف تقرير جديد صادر عن “رابطة معتقلي ومفقودي سجن صيدنايا”، عن الدور الذي تلعبه المخابرات والشرطة العسكرية والطواقم الطبية والإدارية في مشفى “تشرين العسكري” في عمليات التصفية والإخفاء القسري للمعتقلين ضمن نظام الاحتجاز السوري.

 

الرابطة أوردت في تقريرها تفاصيل المسارات التي تسلكها جثث المعتقلين الذين قضوا تحت التعذيب، كاشفاً المسؤولين عن عمليات توثيقها وإعداد الملفات الخاصة بها وحفظها، وإعطاء الأوامر بنقلها ودفنها في المقابر الجماعية.

 

ويتحدث التقرير عن مكان ضمن مشفى “تشرين” يسمى “النظارة” تديره الشرطة العسكرية تحت إشراف الفرع 227 التابع للمخابرات العسكرية، وهو المحطة الأولى التي يتم فيها استقبال المعتقلين المرضى وكذلك جثامين المتوفين سواء أكانوا من هؤلاء المرضى أو ممن فقدوا حياتهم في أحد مراكز الاحتجاز.

 

وذكر التقرير أن عملية النقل من مراكز الاحتجاز إلى المشفى تترافق باعتداءات وحشية تصل إلى حد فقدان الحياة في كثير من الحالات. فيما يجبَر المعتقلون المرضى على نقل وتجميع جثث من توفي منهم عند الباب الخارجي للنظارة، وفي مرحلة لاحقة وضعها في الآليات.

 

 

 

 

وقال “دياب سرية”، المدير التنفيذي لرابطة معتقلي ومفقودي سجن صيدنايا”، إن التقرير يقدم معلومات دقيقة عن جرائم تعذيب وحشية حصلت في مشفى تشرين العسكري، كما يحدد بدقة أماكن دفن المعتقلين المتوفين والجهات التي تحتفظ بنسخ عن ملفاتهم. لا تستطيع حكومة النظام الإنكار أو الادعاء بجهل هوية الضحايا، ولا يعوقها شيء عن كشف أسماء المعتقلين المتوفين وأعدادهم سوى الإرادة السياسية.

 

ودعا “سرية” المجتمع الدولي والدول المطبّعة مع النظام السوري إلى التعامل بجدية مع المعلومات الواردة في التقرير والطلب من النظام تسليم قوائم أسماء المعتقلين المتوفين الموجودة في القضاء العسكري والشرطة العسكرية كخطوة أولى صغيرة على طريق حل قضية المفقودين. يتيح وجود مثل هذه السجلات والتوثيقات فرصة كبيرة للمؤسسة الدولية الجديدة لاستجلاء مصير المفقودين في سورية وأماكن وجودهم لتحديد نقطة انطلاق أولى للكشف عن مصير الضحايا.

 

شهادات مروعة

 

واعتمد التقرير على 154 مقابلة مع 32 شخصاً بينهم معتقلون سابقون تم نقلهم إلى المشفى، وأطباء وممرضون عملوا فيه، وآخرون عملوا في المخابرات العسكرية أو الشرطة العسكرية والأمن السياسي والقضاء العسكري. ويقدم معلومات عن الأقسام والشُعب المعنية بالتعامل مع المعتقلين المرضى ويشرح أدوارها الأساسية. كما يتحدث عن قسم الإسعاف البديل المحاط بحراسة مشددة والذي تم استحداثه في بداية الثورة بهدف عزل المعتقلين المرضى عن باقي مرضى المشفى، مع تقييد دخول الأطباء إلا الموالين للنظام والذين يترافق دخولهم بإساءة أو تعذيب في حق المعتقلين المرضى.

 

وكشف التقرير عن دور شعبة الطبابة الشرعية في مشفى تشرين العسكري في تزييف أسباب وفاة المعتقلين الحقيقية وتسهيل عمل المفرزة الأمنية في استلام الجثث والإساءة إليها قبل نقلها إلى المقابر الجماعية، بالتعاون مع الشرطة العسكرية المسؤولة عن عمليات توثيق الجثث وتصويرها وإعداد الملفات اللازمة لعرضها على القضاء العسكري في مرحلة لاحقة، بالإضافة إلى مسؤوليتها عن عمليات التحميل وحماية الآليات المعدة لذلك.

 

وقال “شادي هارون”، مدير برنامج التوثيق وجمع الأدلة في الرابطة: “حصلت عمليات التصفية والإخفاء القسري ضمن سلسلة معقدة من الإجراءات البيروقراطية كسياسة ممنهجة وظّف النظام لأجلها العديد من الأجهزة الأمنية والمؤسسات الرسمية والقضائية المتواطئة في تزوير الحقيقة وتغطية آثار الجريمة، وإحباط أي تحقيق في ادعاءات الضحايا أو الكشف عن مصير المختفين قسرياً”.

 

وأوضح التقرير بعناية عملية إعداد إضبارة الوفاة الخاصة بالمعتقلين، ويعرض الأدوار والمسؤوليات التي تتقاسمها “مؤسسات الدولة” في إعداد الملفات والأوراق اللازمة لتوفية المعتقل وإبلاغ أمانات السجل المدني وهيئة أركان الجيش والقوات المسلحة بحوادث الوفاة.

 

وفي فقرته الأخيرة يشرح التقرير الفرق في المعاملة التي يقدمها مشفى تشرين للمقربين من السلطة وعائلاتهم، والتي تجعله مكاناً للرعاية والعلاج وفي الوقت ذاته مكاناً لتصفية المعتقلين المعارضين وإخفائهم.