أعلن وزير الهجرة البريطاني روبرت جينريك فقدان أثر 200 قاصر من طالبي اللجوء الذين وصلوا إلى المملكة المتحدة من دون أولياء أمورهم في الأشهر الـ18 الماضية.

وقال الوزير أمام البرلمان -أمس الثلاثاء- إن 13 من هؤلاء الأطفال دون سن 16 عاما، وإحداهم فتاة، مضيفا أن معظمهم من الألبان.

وجاء إقرار الوزير بعد يومين من تقرير لصحيفة الأوبزرفر (The Observer) البريطانية، قالت فيه إن طالبي اللجوء الصغار “خطفتهم” عصابات إجرامية خارج فنادق يقيمون فيها في برايتون بجنوب إنجلترا.

رداً على سؤال من نظير الحزب الليبرالي الديمقراطي بول سكريفن ، كشف اللورد موراي عن الأرقام التي تم جمعها منذ يوليو 2021. “ليس لدى وزارة الداخلية سلطة احتجاز الأطفال طالبي اللجوء غير المصحوبين بذويهم في هذه الفنادق ونحن نعلم أن بعضًا منهم في عداد المفقودين. العديد ممن فقدوا يتم تعقبهم” .
وقال إن 88٪ من 200 طفل – 176 – هم من أصل ألباني ، وقال إن الحكومة تأمل في التخلص التدريجي من استخدام الفنادق للأطفال “بأسرع ما يمكن”.

هناك ستة فنادق تابعة لوزارة الداخلية للأطفال من طالبي اللجوء غير المصحوبين ، بما في ذلك الفندق الموجود في برايتون.

قالت بيلا سانكي ، عضو مجلس العمال في برايتون وهوف: “يجب العثور على هؤلاء الأطفال. نحتاج أيضًا إلى تحقيق كامل لتحديد النطاق الكامل للمساءلة السياسية والمؤسسية عن هذا الخطأ المقيت “.

بينما قالت شرطة ساسكس إنها لم تتلق أي تقارير عن خطف أشخاص من فنادق في برايتون، لكنها تلقت بلاغًا عن صعود طفلين يقيمان في أحد الفنادق إلى سيارة قريبة في مايو/أيار الماضي.

وقالت الشرطة إنه “تم إيقاف السيارة على الطريق السريع، واعتقل رجلان بشبهة الاتجار بالبشر، ونُقل 3 ركاب صغار ووضعوا تحت رعاية وزارة الداخلية”.

وأضاف أن عددًا كبيرًا من عناصر الأمن يوجدون في الفندق إلى جانب الممرضين والمختصين الاجتماعيين، وأشار إلى أن 88% من المفقودين هم مواطنون ألبان.

وقال جينريك “عندما يفقد أي طفل، تتحرك عدة جهات إلى جانب الشرطة والسلطات المحلية ذات الصلة.. العديد ممن فقدوا يتم تعقبهم”، وفق تعبيره.

 

 


 

 

تحقيق جديد نشرته الصحافة البريطانية بشأن الارتفاع الكبير بأعداد المهاجرين القاصرين المختطفين من أمام المراكز المخصصة لاستقبالهم ورعايتهم. التحقيق الذي قامت به “الغارديان” اليومية تحدث عن المئات من حالات الاختفاء القسري لمهاجرين أطفال غير مصحوبين بذويهم، وعن تقصير رسمي فاضح بحمايتهم والبحث عن المختطفين منهم.

نشرت صحيفة “الغارديان” البريطانية يوم السبت 21 كانون الثاني\يناير تحقيقا حول اختفاء العشرات من المهاجرين القاصرين من أحد مراكز الاستقبال في مدينة برايتون.

وفقا للصحيفة، يخضع المركز لإدارة وزارة الداخلية بشكل مباشر، وتم اختطاف المهاجرين (غير المصحوبين بذويهم) من قبل عصابات إجرامية.

التحقيق أورد شهادات لعاملين في مجال خدمات الأطفال أكدت وقوع عمليات الخطف بشكل شبه يومي أمام مدخل المركز. إحدى تلك الشهادات أوردت “يتم أخذ الأطفال من أمام مدخل المبنى، ليختفوا ولا يعثر لهم على أثر”.

وفقا للصحيفة، اختفى “ستة قاصرين على الأقل” من مركز برايتون بداية نيسان\أبريل، و”في آب\أغسطس وحده، اختفى 40 مراهقا”.

اختطاف من أمام المراكز

أحد حراس الأمن العاملين لصالح شركة “ميتي” (Mitie) المتعاقدة مع وزارة الداخلية لحراسة المركز، وصف خلال حديثه مع “الغارديان” أعضاء في عصابات إجرامية يتسكعون خارج المركز وعمليات اختطاف أطفال فعلية.

وأورد الحارس، الذي آثر التحدث مع الإعلام عن مشاهداته بسبب عجزه عن إنقاذ هؤلاء الأطفال، أن عصابات إجرامية تعمل في مجال الاتجار بالمخدرات هي المسؤولة عن خطف الأطفال، “العصابات الألبانية والإريترية تلتقطهم في سيارات بي أم دبليو وأودي ثم يختفون”.

المثير في شهادة حارس الأمن هو أنه تم تبليغ الداخلية عدة مرات حول عمليات الاختطاف التي وقعت قبالة المركز، “لقد أثرنا القضية عدة مرات، لكن لم يتغير شيء”.

“يخبرون الأطفال بأنه سيتم إرسالهم إلى رواندا”

تمت إثارة القضية خلال عدة اجتماعات لوكالات متعددة في برايتون وهوف بحضور مندوبين عن وزارة الداخلية. مصادر حضرت تلك الاجتماعات قالت لـ”الغارديان” إن الشرطة عبرت عن مخاوفها بشأن العناصر الإجرامية التي تعتدي على الأطفال غير المصحوبين بذويهم منذ مدة عام على الأقل.

المصادر أضافت “أنهم (وزارة الداخلية) على علم بهذا الأمر منذ البداية. هم يديرون المراكز. يقوم موظفوهم بالفعل بالإبلاغ عن الأطفال المفقودين”.

وتعقيبا على الموضوع قالت الداخلية البريطانية يوم السبت إن “جميع الأطفال في رعايتنا آمنون ويخضعون للحماية الصارمة، وجميعهم يحظون بالدعم قدر الإمكان”.

لكن المصادر التي تحدثت للصحيفة البريطانية دحضت ادعاءات الوزارة، وأوردت أن العصابات الإجرامية تستغل سياسة وزارة الداخلية في ترحيل طالبي اللجوء إلى أفريقيا كأداة إقناع، “يخبرون الأطفال بأنه سيتم إرسالهم إلى رواندا إذا مكثوا في المركز”.

يذكر أن حوالي 600 طفل غير مصحوبين بذويهم مروا بذلك المركز خلال الأشهر الـ 18 الماضية، تم الإبلاغ خلالها عن 136 حالة اختفاء، أكثر من نصفهم (79 مهاجرا) لا يزالون في عداد المفقودين.

“كان هناك أفراد يتسكعون على مقربة، يعرفون الفتيات الصغيرات”

وفقا لبحث قامت به منظمة ” ECPAT UK” المعنية بحماية الأطفال من مخاطر الاتجار، يعتبر القاصرون الألبان الأكثر عرضة للاختطاف، “إن السرعة التي يختفون بها مخيفة، أحيانا في غضون يوم واحد من وصولهم إلى المركز”.

حسب معايير حماية الأطفال المعمول بها في بريطانيا منذ فترة طويلة، تقع مسؤولية الاعتناء بالمهاجرين القاصرين غير المصحوبين على السلطات المحلية. لكن الداخلية البريطانية استحوذت على تلك المسؤولية وأرسلت هؤلاء الأطفال إلى مراكز مفتوحة، تحولت بين عشية وضحاها إلى منازل أطفال غير مسجلين.

وحذر خبراء في حماية الأطفال من أن وضع هؤلاء القاصرين غير المصحوبين بذويهم في مراكز مشابهة، من شأنه أن يعرضهم لخطر الاعتداء الجنسي أو الاختطاف أو الاستغلال من قبل العصابات.

إيلين أورتيز، مؤسسة منظمة “Hummingbird Project” المعنية بمساعدة المهاجرين القاصرين غير المصحوبين، تمكنت من دخول مراكز الاستقبال المخصصة للقاصرين في كل من برايتون وهوف، “هناك أشخاص يتربصون بالأطفال خارج المراكز. كنت أعمل مع الأطفال تحت الرعاية، وكان هناك أفراد يتسكعون على مقربة، يعرفون الفتيات الصغيرات، إنه تكتيك معروف”.

“ما كان ليحدث ذلك لو أن طفلا بريطانيا تعرض للاختطاف”

مع كل ما سبق، تبقى هناك علامات استفهام حول جدية استجابة الشرطة لتلك البلاغات. حارس الأمن من مركز برايتون قال إنه يكاد يجزم، من خلال تجربته، أن أيا من الأطفال الذين اختفوا تم استرداده. ويصف تحقيقات الشرطة حول حالات الاختفاء بأنها كانت خاطفة، “نتصل بهم (الشرطة)، يحضرون وينظرون ويدونون بعض الملاحظات ثم يرحلون”.

أحد خبراء حماية الأطفال في مركز هوف قال لـ”الغارديان” إنه من الواضح أن هناك عملية اتجار بالأطفال، “ولكن لم يكن هناك تحقيق مكثف بشأنها. ما كان ليحدث ذلك لو أن طفلا بريطانيا تعرض للاختطاف. لكن مع الألبان على وجه الخصوص، كان هناك قبول بأن يتم الاتجار بهم”.

فشل حكومي واضح

كل هذا يضاف إلى الكم الهائل من الانتقادات الموجهة للحكومة البريطانية بشأن عمليات إيواء المهاجرين القاصرين في تلك المراكز. وفقا لبي بي سي، بين حزيران\يوليو 2021 وتموز\يونيو 2022، تم وضع أكثر من 1600 شاب في تلك المراكز.

وبعيد إيداعهم هناك، غالبا ما يترك المراهقون لمواجهة مصيرهم، حيث عليهم مواجهة مخاطر تعرضهم للاستغلال.

وفي وقت سابق، قال تامسين باكستر، مدير الشؤون الخارجية في منظمة “مجلس اللاجئين” لمهاجر نيوز، “إنه فشل خطير للحكومة أن يقيم الأطفال الصغار الذين يعانون من الصدمة النفسية في تلك المراكز، وبالتالي هذا يؤدي إلى اختفاء أعداد كبيرة منهم”.

أما باتريشيا دور، مديرة منظمة “ECPAT UK”، فتحدثت لبي بي سي عن “مجموعة واسعة من المواقف الاستغلالية التي يمكن أن يجد هؤلاء الشباب أنفسهم فيها… قد ينتهي الأمر بهم بالعمل في مزارع القنب، أو في مصانع، أو قد يخضعون للعبودية المنزلية (…). وقد يتم استغلالهم إجراميا أو جنسيا”.

في نيسان\أبريل الماضي، زار فريق من مهاجر نيوز بعض تلك المراكز المكونة من مبان عملاقة يمكنها استيعاب أكثر من ألف شخص. حسب بعض المهاجرين ممن تمت مقابلتهم في حينه، كانوا بمفردهم ولا يمكنهم الوصول إلى أي معلومات، لا سيما بشأن إجراءات طلب اللجوء الخاصة بهم.