رحلت السلطات الفرنسية الإمام التونسي محجوب محجوبي خلال ساعات قليلة من احتجازه، الأمر الذي أثار الكثير من الجدل حول إجراءات الترحيل. فكيف تُتخذ القرارات؟ وكيف تُطبق؟ وما هي حقوق الشخص الذي يصدر بحقه قرار ترحيل؟ مهاجر نيوز يفصّل في هذه المسألة.

ألقي القبض على الإمام محجوب محجوبي ظهر يوم الخميس 22 شباط/فبراير في منزله في بانيول-سور-سيز في مقاطعة غار جنوب شرق فرنسا. ومن ثم وضعته السلطات في أحد مراكز الاحتجاز في المنطقة الباريسية. وأعلن وزير الداخلية جيرالد دارمانان بعد ساعات قليلة من إيقاف الإمام على منصة “إكس” قائلا “لقد تم للتو طرد الإمام المتطرف محجوب محجوبي من التراب الوطني، بعد أقل من 12 ساعة من اعتقاله”.

وأضاف “هذا دليل على أن قانون الهجرة، الذي بدونه لم يكن من الممكن تنفيذ مثل هذا الطرد السريع، يجعل فرنسا أقوى”. مؤكدا على أنه “متطرف” و”تصريحاته غير مقبولة”. دون الإشارة بشكل مباشر إلى ما تم تداوله بشأن قول الإمام المرحل إلى تونس عن العلم الفرنسي بأنه “شيطاني”.

 

 

ووفقا لأمر الطرد الذي اطلعت عليه وكالة الأنباء الفرنسية، فإن التهم الموجهة ضد الإمام التونسي لا ترتبط فقط بتصريحات مثيرة للجدل حول العلم الفرنسي، ففي 2 و9 و16 شباط/فبراير، نقل محجوب محجوبي “[في خطبه] مفهوما حرفيا ورجعيا وغير متسامح وعنيف للإسلام، من شأنه أن يشجع على السلوك المخالف لقيم الجمهورية، والتمييز ضد المرأة، والانطواء على الذات، والتوترات مع الجالية اليهودية والتطرف الجهادي”، حسبما تشير الوثيقة.

اتهامات تتوافق مع المعايير التي تبرر الإجراء المعروف باسم “الطرد من فرنسا”. وهذا النوع من الطرد هو أحد إجراءات الترحيل، من بين إجراءات أخرى تتخذتها الإدارة الفرنسية. وتعرّف فرنسا الترحيل بأنه “إجراء إداري يهدف إلى إبعاد أجنبي عن الأراضي” وبأنه يتخذ عادة “في الحالات الخطيرة للغاية” التي ترتبط “بحماية النظام العام” أو “بحالة وجود تهديد لأمن الدولة”.

§

ما الذي يورده القانون الفرنسي بهذا الشأن؟

§

إجراءات الترحيل، حسب القوانين، تندرج ضمن التوصيفات التالية، والجهة المخوّلة باتخاذها:

  • إلزامية مغادرة الأراضي الفرنسية (OQTF)، (المحافظ*)
  • منع العودة إلى الأراضي الفرنسية (IRTF) (المحافظ)
  • حظر النظام القضائي الدخول للأراضي الفرنسية (ITF)، (القاضي)
  • الطرد خارج فرنسا (المحافظ / وزير الداخلية)
  • إبعاد إلى بلد أوروبي آخر (المحافظ)

*المحافظ بالفرنسية “le préfet” وهو أعلى مسؤول ضمن المقاطعة الواحدة، ويوصف إداريا بأنه “ممثل رئيس الوزراء وكل وزير في المقاطعة”. مع العلم أن في فرنسا 101 مقاطعة تتبع إلى 13 منطقة.

§

من يتأثر بهذه التدابير؟ وماذا يحدث للأشخاص المعنيين؟

§

1/من الذي يتم طرده؟

§

بالنسبة إلى عديمي الأوراق

§

من المحتمل أن يتم ترحيلك إذا:

  • دخلت فرنسا بطريقة غير نظامية وليس لديك تصريح إقامة
  • دخلت فرنسا بطريقة قانونية، لكنك بقيت فيها بعد انتهاء صلاحية تأشيرتك
  • عدم تجديد إيصال طلب تصريح الإقامة الخاص بك أو تصريح الإقامة المؤقتة أو تم سحبه منك
  • سحب تصريح إقامتك أو رفضه أو عدم تجديده أو إذا لم يعد لديك الحق في الإقامة في فرنسا
  • لم تطلب تجديد تصريح إقامتك وبقيت في فرنسا بعد انتهاء مدته

§

 بالنسبة إلى الحاصلين على أوراق

§

شرّع قانون الهجرة إصدار إلزامية مغادرة الأراضي الفرنسية (OQTF)، وهو أحد إجراءات الترحيل المحتملة في فرنسا، لثماني فئات من الأجانب الذين كانوا محميين سابقًا والذين لم يعودوا بالتالي محميين اليوم.

  • الأجانب الذين وصلوا قبل سن 13 سنة إلى التراب الوطني
  • الأشخاص الذين يعيشون في فرنسا منذ أكثر من 20 عاما
  • أولئك الذين لديهم روابط عائلية في فرنسا (والد لطفل فرنسي، زوجة مواطن فرنسي، متزوج لمدة ثلاث سنوات على الأقل من شخص فرنسي)
  • المرضى الذين يحتاجون إلى رعاية طبية

ويمكن طرد هؤلاء الأشخاص، المقيمين بشكل قانوني في فرنسا، إذا تمت إدانتهم بشكل نهائي بجرائم يعاقب عليها بالسجن لمدة ثلاث سنوات أو أكثر، وتشكل، في نظر السلطات، “تهديدا خطيرا للنظام العام”.

يمكن أيضا أن يصدر القاضي حكما بالاستبعاد من الأراضي الفرنسية (ITF) لمرتكبي الجرائم والمخالفات التي يعاقب عليها بالسجن لمدة ثلاث سنوات على الأقل. وفي نهاية مدة عقوبتهم، سيكون عليهم مغادرة البلاد.

منذ دخول قانون الهجرة الجديد حيز التنفيذ، تم إصدار إلزامية مغادرة الأراضي الفرنسية (OQTF) بشكل منهجي تقريبا لطالبي اللجوء الذين تم رفض منحهم حق الحماية، باستثناء القاصرين.

§

2/كيف يتم تطبيق هذا الإجراء؟

§

يوافق المحافظ على إجراء إلزامية المغادرة (OQTF) (في باريس مثلا، محافظ الشرطة هو الذي يفعّل الإجراء).

يتم إخطارك باتخاذ هذا الإجراء بحقك. ولا يتعين على المحافظ تبرير قراره إذا تم رفض تصريح إقامتك أو عدم تجديده أو سحبه.

ويحدد القرار أيضا الدولة التي ستتم إعادتك إليها إذا لم تغادر فرنسا طوعا خلال الموعد النهائي المحدد.

المهلة

يفرض عليك الإجراء (OQTF) مغادرة فرنسا بمفردك في غضون 30 يوما. بشكل استثنائي، يجوز للمحافظ تمديد هذه الفترة إذا كان وضعك يبرر ذلك (مدة الإقامة في فرنسا، تعليم أطفالك). يجب عليك بعد ذلك تقديم طلب إلى المحافظ الذي اتخذ القرار.

وعلى العكس من ذلك، يمكن للمحافظ إلغاء هذه المهلة إذا تغير وضعك. إذا اعتقدت السلطات أنك تحاول الفرار، على سبيل المثال. في هذه الحالة، يتم اتخاذ إجراء (OQTF) جديدا بحقك دون مهلة بشكل فوري من المحافظة أو من الشرطة.

خلال هذه الأيام الثلاثين، قد يطلب منك المحافظ الحضور ما يصل إلى 3 مرات في الأسبوع إلى المحافظة أو إلى مركز الشرطة أو الدرك. يجب عليك أيضا إبلاغ الإدارة بخطواتك نحو المغادرة.

قد يتم أخذ جواز سفرك أو أي هوية أو وثيقة سفر أخرى منك مقابل إيصال. يشكل هذا الإيصال إثباتا للهوية ويذكر الوقت المسموح به لمغادرتك. بمجرد مرور 30 ​​يوما، يجب أن تكون قد غادرت فرنسا.

§

3/ما الذي يمكنك فعله في حال اتخذ إجراء الترحيل بحقك؟

§

إذا لم تتمكن من المغادرة بمفردك، يمكنك طلب “مساعدة العودة الطوعية”، أي المساعدة الإدارية والمادية التي تقدمها فرنسا للتحضير للرحلة إلى بلد العودة.

من الممكن أيضا اتخاذ إجراءات قانونية ضد إلزامية المغادرة (OQTF). يمكنك الطعن بالقرار، ويمكنك أيضا الاعتراض على رفض تصريح الإقامة، لأنك تعتقد أنه يمكن تسوية وضعك على سبيل المثال.

تتراوح المواعيد النهائية للاستئناف بين 15 و30 يوما، حسب حالتك. إذا دخلت فرنسا بشكل غير قانوني، أو بقيت في البلاد بعد انتهاء تصريح إقامتك، فلديك أسبوعان لتقديم الاستئناف.

لديك 15 يوما إضافيا إذا كان لديك طلب للإقامة أو التجديد وتم رفضه لاحقا، أو إذا كنت تعمل بدون تصريح عمل في وقت استلام (OQTF) الخاص بك وكنت تقيم في فرنسا لمدة تقل عن 3 أشهر.

*من المفيد أن تعلم أنه يمكنك الحصول على مساعدة من محام من اختيارك أو أن تطلب من المحكمة تعيين محام لك تلقائيا، طوال مدة الاستئناف.

§

أين؟

§

يجب تقديم الاعتراض إلى المحكمة الإدارية في المحافظة التي اتخذت قرار الطرد.

إذا تم وضعك رهن الاحتجاز أو الإقامة الجبرية، فيجب تقديم الاعتراض إلى المحكمة الإدارية المسؤولة عن مكان الاحتجاز أو التكليف.

§

كم من الوقت؟

§

ستقدم لك المحكمة الإدارية ردا خلال فترة زمنية تتراوح من 6 أسابيع إلى ثلاثة أشهر، اعتمادا على سبب إلزام المغادرة. ويجوز للمحكمة الإدارية أن تلغي أو تؤكد القرار الذي اتخذه المحافظ.

يمكنك بعد ذلك الاستئناف إذا تم رفض اعتراضك. وللعلم، لا يمنع الاستئناف تطبيق قرار إلزامية المغادرة. وتشير وزارة الداخلية إلى أنه “لذلك يمكن إعادتك إلى بلدك حتى لو لم يصدر قاضي الاستئناف حكمه بعد”.

§

4/ماذا يحدث إذا لم تستجب لقرار مغادرة فرنسا؟

§

إذا كنت لا تزال في فرنسا بعد هذه الفترة، فقد يتم وضعك في مركز احتجاز (CRA) أو تحت الإقامة الجبرية. يمكن للمحافظ أيضا أن يصدر بحقك أمر حظر العودة إلى فرنسا (IRTF).

تنظم مغادرتك إذا الإدارة الفرنسية، ويتم ترحيلك إلى بلدك الأصلي، “ما لم تكن حياتك أو حريتك مهددة هناك أو إذا تعرضت للتعذيب أو المعاملة أو العقوبة اللاإنسانية أو المهينة”. قد يتم ترحيلك أيضا إلى دولة أخرى أصدرت لك وثيقة سفر صالحة، أو إلى دولة تسمح لك بالدخول إليها بشكل قانوني.

§

مركز الاعتقال الإداري (CRA)

§

أثناء انتظار طردك، ستقوم السلطات باحتجازك إداريا في مكان مغلق، ويوضع فيه أي أجنبي يخضع لإجراءات الترحيل التي عددناها سابقا: إلزامية مغادرة الأراضي OQTF بمدة تقل عن عام واحد، وحظر العودة إلى الأراضي الفرنسية (IRTF)، والطرد من فرنسا، وحظر النظام القضائي للأراضي الفرنسية (ITF).

وتقتصر مدة الاحتجاز على 90 يوما كحد أقصى، باستثناء حالات الأنشطة الإرهابية.

أثناء احتجازك، لديك الحق في الاستعانة بمحام وطبيب والتواصل بحرية مع العالم الخارجي. ومع ذلك، يُحظر استخدام هاتف محمول شخصي يمكن من خلاله التقاط الصور.

ووفقا لجمعية “لا سيماد” التي تعنى بالمهاجرين، يتم حبس ما يقرب من 50 ألف شخص كل عام في مراكز أو مباني الاحتجاز الإداري (CRA أو LRA)، نصفهم في مقاطعات ما وراء البحار (المقاطعات خارج البر الفرنسي الأوروبي). وتشير الجمعية إلى أن “هذه السجون تضم ​​في مجملها أكثر من 2000 مكان”. ويتم في بعض الأحيان احتجاز أطفال فيها رغم أن ذلك محظور و”رغم الإدانات الستة لفرنسا من قبل المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان”.

§

وثيقة السماح بالعبور

§

تعتمد الإعادة القسرية أيضا على بلدك الأصلي، والتي تستوجب استصدار “تصريح مرور قنصلي” يصدر عن قنصلية البلد الأم. ولا يتم إصدار هذه الوثيقة إلا نادرا من قبل البلدان المعنية. ولذلك يمكن أن يستغرق الترحيل بعض الوقت.

وفي أيلول/سبتمبر الماضي 2021، شددت فرنسا من لهجتها تجاه الدول التي رفضت استعادة رعاياها الموجودين في وضع غير نظامي على أراضيها. وبذلك شددت الحكومة شروط الحصول على التأشيرات فيما يتعلق بالمغرب والجزائر وتونس، ما تسبب في أزمة دبلوماسية مع المغرب العربي.

 

§

§

§

§

§