
شاشات إعلانية متحركة في نيويورك تهاجم الرئيس السوري أحمد الشرع
شهدت شوارع نيويورك مؤخراً ظهور شاحنات مزوّدة بشاشات LED متحركة تعرض محتوى يتهم الرئيس السوري أحمد الشرع بالانتماء إلى تنظيمات إرهابية مثل “القاعدة” و”داعش”. هذا التطور أثار جدلاً واسعاً حول مشروعية هذه الحملات ومدى قانونيتها، خاصة وأنها تستهدف رئيس دولة معترف بها دولياً وتسيء إلى سمعته على الملأ.
تحرك الفلول وتبني الحملة إعلامياً
أشارت مصادر متابعة إلى أن ظهور اللوحات المتحركة في شوارع نيويورك لم يكن عملاً فردياً عفوياً، بل جاء متزامناً مع حملة منظمة تقودها شبكات معارضة تعرف شعبياً باسم “الفلول” – وهو توصيف يطلق على بقايا النظام السابق التي فقدت نفوذها بعد التغيير السياسي في دمشق.
قامت هذه المجموعات بتصوير الشاحنات في أحياء مانهاتن وبروكلين وبثّ المقاطع بشكل متكرر عبر منصات مثل “إكس” و”فيسبوك”، مرفقة بتعليقات حادة تستهدف الرئيس الشرع وتصفه بـ”الإرهابي” و”حليف داعش”. كما جرى استضافة ناشطين محسوبين على هذه المجموعات في قنوات فضائية ناطقة بالعربية والإنجليزية لتسليط الضوء على الشاشات المتحركة وتقديمها على أنها “رسالة من المجتمع الدولي” ضد الشرع.

هذا التبني الإعلامي أضفى على الحملة زخماً مضاعفاً، إذ تحوّلت من حدث محلي في نيويورك إلى مادة إخبارية دولية يتم تداولها على نطاق واسع. ويرى مراقبون أن الهدف من هذا التصعيد هو تقويض صورة الحكومة الانتقالية السورية أمام الرأي العام الغربي وإحراجها خلال فترة المشاركة في اجتماعات الأمم المتحدة.
وبحسب خبراء في الإعلام الرقمي، فقد تم استخدام حسابات وهمية وممولة لنشر المقاطع بشكل متزامن، ما يشير إلى وجود تمويل منظم ودعم لوجستي خلف الحملة وليس مجرد تحرك فردي.
🔴 في نيويورك… 26 سيارة تجوب الشوارع وتعرض على شاشاتها أفلامًا توثّق ماضي ما يُسمّى “السلطة المؤقتة” وجرائمها ضد السوريين.
صوت الحقيقة يلاحق الجلادين حتى في قلب العالم الحر، والذاكرة لا تموت مهما حاولوا تزويرها أو إخفاءها!
🔴 In New York… 26 cars roamed the streets, screening… pic.twitter.com/ZJNqKFMZrP
— Vendetta – ڤينديتا (@A_for_Vendetta7) September 23, 2025
من يقف وراء الحملات الإعلانية المتنقلة؟
-
تستخدم الحملات شاحنات تُعرف باسم Mobile Billboard Trucks أو Digital LED Trucks، وهي خدمة تقدمها شركات متخصصة مثل Rolling Ad Service وBulldog Billboards وغيرها.
-
هذه الشركات تعمل بنظام التأجير اليومي أو الأسبوعي، حيث يمكن لأي فرد أو منظمة دفع مقابل مالي لعرض رسالة سياسية أو دعائية أو تجارية على شاشة متنقلة تجوب شوارع المدينة.
-
لم يُكشف حتى الآن عن هوية الجهة التي تقف وراء الرسائل ضد الرئيس الشرع، لكن تتبع الشركة المشغلة أو رقم لوحة المركبة يمكن أن يكشف الجهة المستأجرة قانونياً.
الإطار القانوني في مدينة نيويورك
-
الإعلانات المتنقلة منظّمة بشدة: مدينة نيويورك تفرض قيوداً على الشاحنات المخصصة للإعلانات المتجولة، حيث يجب تسجيلها ضمن برنامج الإعلانات الخارجية لدى إدارة الأبنية (DOB) والحصول على تراخيص تشغيل.
-
حظر أو تقييد الحركة الدعائية: هناك مشاريع قوانين محلية (Int. No. 75 و34 RCNY) تنص على حظر أو تقنين هذا النوع من الإعلانات لحماية السلامة المرورية ومنع التشويش البصري.
-
مسؤولية الشركة المشغلة: في حال كانت الشاحنة تعمل دون تسجيل أو ترخيص، يمكن للمدينة تغريم الشركة وإيقاف نشاطها.
……………………………
البعد القانوني للتشهير بشخصيات عامة
-
يحمي التعديل الأول للدستور الأمريكي حرية التعبير، بما في ذلك الانتقادات السياسية اللاذعة، حتى لو كانت جارحة.
-
لكن إذا احتوت الرسالة على ادعاءات كاذبة تمس السمعة (مثل اتهام رئيس دولة بالإرهاب دون دليل)، يمكن تصنيف ذلك كـ”تشهير” شريطة إثبات معيار النية الفعلية (Actual Malice)، أي أن الناشر كان يعلم بكذب الادعاء أو تجاهل الحقيقة بتهور.
-
رفع دعوى قضائية ضد مجهول ممكن، إذ يمكن لمحامٍ أن يطلب استدعاء قضائياً (Subpoena) للحصول على بيانات الجهة المستأجرة من الشركة المشغلة.
الجهات المخوّلة بالتحقيق أو الإيقاف
-
شرطة نيويورك (NYPD): إذا كان المحتوى يتضمن تحريضاً أو تهديداً مباشراً يمكنها التدخل فوراً.
-
إدارة الأبنية (DOB): مسؤولة عن ضبط تراخيص الإعلانات الخارجية والتحقق من تسجيل الشركات المشغلة.
-
هيئة النقل (DOT): يمكنها فرض قيود على المركبات التي تشكل خطراً مرورياً أو تعيق السير.
-
المحاكم المدنية: يمكن إصدار أوامر قضائية لوقف عرض الإعلان إذا ثبت أنه مخالف للقانون أو يتضمن تشهيراً متعمداً.

خطوات عملية مقترحة لكشف الجهة المسؤولة
-
توثيق كامل: حفظ الفيديو الأصلي بجودته ووقت ومكان التصوير، والتقاط صور لأرقام لوحات السيارات وشعارات الشركة المشغلة.
-
بلاغ رسمي: تقديم شكوى إلى NYC 311 وDOB مرفقة بالتوثيق، وطلب التحقق من تراخيص الشركة المشغلة.
-
تحقيق قانوني: تكليف محامٍ في نيويورك لإصدار استدعاء قضائي للحصول على بيانات المعلن من الشركة المشغلة.
-
إجراء إعلامي: نشر تقرير صحفي يسلط الضوء على الظاهرة والجهة المحتملة وراءها لتشكيل ضغط رأي عام.
…………………………….
الأبعاد السياسية والدبلوماسية
-
ظهور هذه الحملات يتزامن مع زيارة الرئيس الشرع إلى نيويورك ومشاركته في اجتماعات الأمم المتحدة، ما يوحي بأنها جزء من حملة منظمة لتقويض صورته على الساحة الدولية.
-
من منظور العلاقات الدولية، الإساءة العلنية لرئيس دولة معترف بها قد تثير حساسية دبلوماسية، لكن القانون الأمريكي يمنح مساحة واسعة للتعبير السياسي ما لم يتضمن تهديداً مباشراً بالعنف.
القضية تجمع بين حق التعبير السياسي المحمي في الولايات المتحدة وبين الحدود القانونية للتشهير، ما يجعل التعامل معها معقداً. السبيل العملي هو توثيق الحادثة، والتحقق من قانونية تشغيل هذه الشاحنات، ثم التحرك عبر القنوات القانونية للحصول على بيانات الجهة المعلنة ومساءلتها أمام القضاء إذا ثبت الكذب المتعمد أو التحريض.
.
.
مرهف مينو – دمشق – باريس



