
فاتورة الكهرباء في سوريا تصل إلى سعر استئجار منزل… المواطن بين فواتير المعيشة وأسئلة البقاء
دمشق – خاص
تشهد سوريا ارتفاعاً غير مسبوق في تكلفة استهلاك الكهرباء بعد صدور التعرفة الجديدة التي حددت سعر الكيلو واط الساعي بـ ٦٠٠ ليرة لأول ٣٠٠ واط، و١٤٠٠ ليرة لما بعدها.
القرار الذي جاء تحت عنوان «ترشيد الاستهلاك وتحسين الخدمة» انعكس مباشرة على حياة المواطنين، الذين باتوا يعيدون حساب استهلاكهم اليومي للأجهزة المنزلية في ظل واقع اقتصادي صعب.
وبحسب حسابات مبسطة، فإن تشغيل جهاز استطاعته ١ كيلو واط لمدة ساعة يكلف ما بين ٦٠٠ و١٤٠٠ ليرة سورية، حسب الشريحة. ومع هذا، تُظهر المقارنات أن كلفة الطاقة باتت تقترب من حدود غير مسبوقة مقارنة بمتوسط الدخل الشهري للمواطن.
وتقدّر تكلفة تشغيل أبرز الأجهزة الكهربائية في المنازل السورية على النحو الآتي:
•الفرن الكهربائي يستهلك بين ٢٥٠٠ و٣٠٠٠ واط، أي من ١٥٠٠ إلى ٤٢٠٠ ليرة في الساعة.
•السخان الكهربائي حوالي ٢٠٠٠ واط، بتكلفة من ١٢٠٠ إلى ٢٨٠٠ ليرة في الساعة.
•المكيّف بمتوسط ١٢٠٠ واط، بتكلفة من ٧٠٠ إلى ١٧٠٠ ليرة للساعة.
•البرّاد حوالي ١٢٠ واط، أي من ٧٠ إلى ١٧٠ ليرة للساعة، لكنه يعمل على مدار اليوم تقريباً.
•الغسالة بين ٥٠٠ و١٥٠٠ واط، بتكلفة من ٣٠٠ إلى ٩٠٠ ليرة في الساعة.
•المدفأة الكهربائية (٢٠٠٠ واط) تكلف من ١٢٠٠ إلى ٢٨٠٠ ليرة في الساعة، ما يعني أن تشغيلها ٦ ساعات يومياً يرفع الفاتورة الشهرية إلى أكثر من ١٥٠ ألف ليرة سورية.
•اللمبة الليد (١٠ واط) تبقى الأرخص بتكلفة ٦ إلى ١٥ ليرة للساعة.
ويقدّر مختصون أن فاتورة منزلٍ يحتوي على براد وتلفزيون وغسالة وسخان ومكيّف وعدة لمبات قد تتراوح اليوم بين ٢٥٠ و٦٠٠ ألف ليرة شهرياً في حال توفرت الكهرباء بشكل دائم، أي ما يعادل تقريباً سعر استئجار منزل في بعض مناطق دمشق أو حمص.

هذا الواقع جعل المواطنين بين خيارين أحلاهما مرّ: إما تقنين استهلاكهم بأنفسهم، أو مواجهة فواتير تثقل كاهلهم في ظل دخل شهري لا يتجاوز وسطياً ٣٥٠ إلى ٤٠٠ ألف ليرة سورية.
ومع وصول فاتورة الكهرباء إلى ما يعادل إيجار منزل شهرياً، تساءل كثير من السوريين عبر المنصات الاجتماعية:
«هل سيتمكن المواطن من دفع إيجار بيته وفواتيره، إذا اعتبرنا أن الحياة لا تحتاج إلى طعام ولا لباس ولا دواء ولا مواصلات؟»
آراء من الشارع
في استطلاع أجرته جريدة «مصدر» عبر صفحاتها على منصات التواصل الاجتماعي، عبّر عدد من المواطنين عن آرائهم تجاه القرار الجديد.
أحد المشاركين كتب : «أنا مع قرار الحكومة في قانون الكهرباء الجديد، بشرط أن يضمن خدمة جيدة للمواطنين، ويتم ملاحقة كل من يسرق الكهرباء على حساب الناس».
مواطن آخر أضاف : «يجب تفعيل خدمة بيع الكهرباء من قبل المواطنين للحكومة، من خلال شراء الفائض الذي يتم توليده عبر أنظمة الطاقة الشمسية وربطها بالشبكة العامة، مثل ما هو معمول به في كثير من الدول».
بينما رأى آخرون أن الخطوة ستكون عادلة فقط إذا تحسّنت جودة الخدمة، مؤكدين أن “سوريا الجديدة يجب أن تقوم على مبدأ: ندفع مقابل الخدمة التي تستحق ما ندفعه فعلاً”.
في المحصلة، يتفق معظم السوريين على أن ترشيد الاستهلاك بات ضرورة لا خياراً، وأن العدالة الخدمية لا تتحقق إلا عندما تتوازى الأسعار مع مستوى الدخل وجودة الخدمات.



