التصنيفات
مقالات الرأي

هل تعتذر “واشنطن بوست”؟ .. سلمان الدوسري

لأكثر من شهرين والصحيفة العريقة “واشنطن بوست” تقود حملة غير مسبوقة ضد السعودية، إثر الجريمة البشعة التي راح ضحيتها جمال خاشقجي. حملة استخدمت فيها الصحيفة كل ما هو مشروع وغير مشروع. تسريبات مجهولة. مصادر مشكوك فيها. مقالات موجهة.

استهداف غير مبرر. اغتيال معنوي لأي رأي لا يدين السعودية. وهجوم شرس قلّت فيه الموضوعية وكثر فيه التجني. محررو الصحيفة الذين يفترض أنهم يلتزمون المهنية، يهاجمون المملكة وقيادتها بشكل شخصي، ويواصلون اتهاماتهم بلا أدلة وبراهين، طبعاً وجدت الصحيفة في جريمة مقتل خاشقجي فرصة لتصفية حسابات عديدة، سواء مع إدارة ترمب أو غيرها، وكانت السعودية هي الوسيلة المثلى، وهذا ليس موضوعنا عموماً، ما يهمنا هنا هو ما يمكن وصفه بفضيحة “واشنطن بوست” التي كشفت عنها الصحيفة نفسها، في تحقيقها المنشور أمس، بأن كل مقالات الراحل جمال خاشقجي، وكل ما كتبه من انتقادات ضد بلاده، وكل توجهاته التي عرضها ووصف على أثرها بأنه “ناقد” للسعودية، لم تكن سوى غطاء للكاتب الحقيقي، والموجه الأساسي، والمحرض الكبير، وهو النظام القابع في الدوحة، أي أنه وعلى مر نحو عام كامل وعشرات المقالات التي نشرت، كانت جميعها مزورة وغير حقيقية، كتبت باسم كاتب ووضعت صورته عليها، بينما الكاتب الحقيقي هو دولة تخاصم المملكة وتعاديها، فهل مر في تاريخ الإعلام الدولي فضيحة مثل هذه؟!
غني عن القول إنه لا يستغرب من قطر، على الأقل لمن كشفوا الدوحة وقاطعوها، عندما دفعت مواطناً ليتخذ موقفاً عدائياً ضد وطنه، وخدعت إحدى أكبر الصحف الرصينة في العالم، فعلى سبيل المثال جميع من يصفون أنفسهم بالمعارضين السعوديين في الخارج تستخدمهم الدوحة كأدوات لمشروعها التخريبي، تمنحهم المنصات وتوفر لهم الإمكانات وتسهل مهمتهم في كل ما من شأنه مهاجمة بلادهم، وبالتالي ليست المفاجأة أن قطر فعلتها، فليس أكثر من مؤامرتها الشهيرة، المثبتة بالأدلة وبالصوت، لتقسيم المملكة، المفاجأة الحقيقية أن صحيفة “واشنطن بوست” شهدت سقطة لم تسبقها وسيلة إعلام غيرها، بأن تتولى دولة كتابة مقالات عديدة تحت اسم مزور تعرض فيه ما تشاء لضمان نجاح أجندتها، وربما لو لم يقتل جمال خاشقجي، رحمه الله، لما كشفت هذه الحقيقة واستمرت قطر تكتب مقالات مكذوبة سنوات طويلة، كما أن المملكة لم تكن وحدها المستهدفة في سلسلة المقالات هذه، وإنما أيضاً الإدارة الأميركية التي ووجهت بحملة انتقادات في المقالات القطرية، وهو ما يعني أن وسائل إعلام أخرى لا أحد يعرف ما هي تمارس فيها سلطات الدوحة نفس الدور المشبوه مع كتّاب آخرين، ضد الرياض وضد واشنطن وضد كل دولة تقف ضد مشروعها التخريبي، الفرق أن “واشنطن بوست” كشفت عن فضيحتها والبقية لم يصلوا إلى هذه النتيجة بعد.
إذا كانت “واشنطن بوست” خُدعت في نشرها على صفحاتها مقالات مزورة بُني عليها العديد من الاستنتاجات الخاطئة والأفكار المغلوطة والاتهامات الباطلة فعليها أن تعتذر مرة، وإذا كان هناك من محرريها من هو متواطئ في هذه القضية فعليها أن تعتذر مائة مرة. في كل الأحوال على الصحيفة الرصينة أن تتخذ خطوة شجاعة واحدة مرة واحدة بالاعتذار عما تسببت به من إساءة للمملكة وقيادتها وشعبها بنشرها لتلك المقالات، التي تسجل كأكبر عملية اختراق لصحيفة في العالم. فهل تفعلها “واشنطن بوست”؟!

التصنيفات
مقالات الرأي

أبناء القائد الخالد بيننا … اغتصبوا الثورة ويتاجرون بأعضائها .. طارق نعمان

 

 

 

 

 

عُرفت الأنظمة الديكتاتورية الشمولية بتقديس شخوصها، وإطلاق مسمّياتٍ تصل في بعضَ الأحيانِ حدَّ التأليه والربوبية، وسوريا بطبيعة الحال لم تكُ بمنآى عن هذه الممارسات فارغة المحتوى, مدانةِ التبعيّةِ إنسانيّاً.

 

من هذه المسميات التي كانت أساس الإيمان والولاء في سوريا أيام حافظ الأسد، المقبور في القرداحة،  المعلّم الأول، الفلاح الأوّل، الأب الأوّل، المهندس الأوّل، الهدف منها هو اعتبار هذا “الحافظ ” مؤسّس كلّ شيء، المبارك لكلّ شيء، واجب الطاعة من كلّ شيء.

 

لن أخوضَ شخصيّاً في جميع التسميات التي  كانت متداولةً في برامج التلفزيون التابع للأسد وقتها، والتي يتمّ تبنّيها والانطلاق منها، والاعتماد على الاعتراف بها للاعتراف بالإنسان مواطناً صالحاً غير عميلٍ، لكن ما أريد التحدّث عنه هو مُسمّى الأب الأوّل.

 

 

 

حافظ الأسد الأب الأول وأبناؤه 

 

تحملُ كلمةُ أب دلالاتٍ اجتماعيةً تعكس  المسؤولية عن التربية، والإشراف والتعليم والتهذيب والإنشاء، وهذا ما تبنّاه فعلاً حافظ الأسد، فقد أنشأ ووجّهَ وأمر أتباعه وحزبه بما يحتويه من أفرعٍ وشُعَبٍ ووحدات، بتربيةِ الأجيال على الفكر العظيم، والمنطلقات النظرية لحزب البعث التي تعتبر كلَّ من يخالفها عميلٌ يجب محاسبته، وقتله بتهم: إيهان الشعور القومي، العمالة للغرب، العمل ضدّ الممانعة، خدمة الإمبريالية، النيل من هيبة الدولة، وما إلى هنالك من مسمّيات انفردَ بها نظام الديكتاتور الأسد الأب.

 

هذا الأب الخالد حافظ الأسد المقبور في القرداحة، فرضَ نظام تبعية التابعين، وحكم الحمقى الذي يعتمد سياسة تسويد الحمقى على العقلانيين، ليضمنوا ضبط سير التطوّر الاجتماعي والصناعي والتجاري ضمن قدرة كوادر الحزب البالية، التي كان سقف ثقافتها وجلُّ انجازاتها ترديد الشعار عند بداية كل يوم عمل، وترديده قبل الخروج من الاجتماع، وترديده عند نهاية الاجتماع، فيما تدهور التعليم بتدهور المسؤولين عنه، وتحوّلت الجامعات السورية إلى مراكز استرزاقٍ لكثيرٍ من العاملين فيها، فيما تعتمد سياسة التوظيف في كلّ مكانٍ على مدى قربك من الأب القائد وفكره، وحفظك لكتيّب المنطلقات النظرية، ومدى تصفيقك وقوّة “دبكتك”، ومن لم يمتلك القدرة على ذلك كلّه، وجدَ له الأب الخالد حافظ الأسد المقبور في القرداحة عملاً، فكلّما كنت مثابراً على التجسّس وكتابة التقارير، كلّما أصبحت مكرّماً مدلّلاً محظيّاً من محظيّات ومحظيي رؤوساء الأفرع أصحاب السيارات والكرامة والكلمة المجابة والجاه.

 

نفسيّاً، أصبحت هذه الصفات هدف كلّ كبيرٍ وصغير، أن يكون مسؤولاً، أن يستطيع التحكّم في مقدرات الناس، أن يأمر وينهي، أن يقول لا عندما يقول الجميع نعم، وإن كانوا على حق أن يهدم ما يبنونه فقط لأنّ لديه القدرة على ذلك، أو لأنّه لم تتم استشارته في هذا الأمر أو ذاك، هؤلاء الأشخاص كانوا من جهة تملؤهم النقمة على نظام الأسد بكل ما يحمله من ديكتاتورية وتسلّط وظلم وجريمة، فيما نمت في داخلهم عقدة النقص، وتغلغلت ضمن غرائزهم مفاهيم السيادة المتسلّطة، وهَدمُ كلّ صحيحٍ إن لم يأمروا به، أو منع كلّ إصلاحٍ في مؤسّساتهم إن كان سيعرّي جهلهم وفشلهم في قيادتها نحو النجاح، مفضّلين البقاء تحت خط الجهل والتخلّف على التحليق في فضاء الإنجاز والإبداع، طالما أنّ ذلك سيبقي زمام الأمور في أيديهم.

 

أبناء الأسد منتشرون بيننا 

 

هذا التصدي لكلّ إنجازٍ وكلّ إصلاحٍ، يعرّي من ربّاهم الأسد بشكلٍ مباشر أو عبر حلقاته الحزبية، أو حتّى عبر إهمال أجهزته الحزبية والمخابراتية لهم، كونهم لم يحقّقوا النجاح حتى في كتابة التقارير.

هذا التصدّي يحتاج إلى الكثير من الجهد والتآمر والحياكة في الظلام، والكثير من العصي المخصّصة للعجلات، وحال ملاحظتهم لما يعرّضُ نفاقهم وفشلهم في الإدارة أو الإنتاج للخطر، يبدأون بتقمص شخصيات رؤوساء الأفرع المخابراتية في حياكة المؤامرات ضدّ موظّفيهم، أو كتابة التقارير ورفعها للمنظمات الداعمة، أو كتابة المقالات والتهجّم على إنجازٍ لتخوين صاحبه، الأمر الذي أفرغ 99 بالمئة من  المؤسسات الثورية من الخبرات الحقيقية، والاعتماد على الأقارب، وعلى مستجدّي المهنة فقط لأنّه يمكن السيطرة عليهم،  وينفّذون الأوامر، وفي بعض الأحيان يصفّقون. في حين يبقي البعض على مرض كامل في مؤسسته فقط تحقيقاً للولاء الديكتاتوري، ولسان حاله يقول: إن تفشل المؤسسة كاملةً خيرٌ من أن يقولَ موظّف فيها: إنّ فلاناً طردني من العمل كوني فاشلاً على الرغم من مشاركتي له في تأسيس الإذاعة، أو الجريدة أو الموقع.

 

“بعلمك الصحافة والتحرير بساعتين”

 

فيما يختار آخرٌ أن يحوّل منبراً إعلاميّاً، وظيفته كشف الجرائم بحقّ الشعب، ومحاربة الماكينات الإعلامية المدافعة عن الأسد بأساليب علمية دقيقة معترف بها دوليّاً، يحوّل هذا المنبر إلى جمعية خيرية يوظّف فيها معدومي الكفاءات، جاهلي المهنة، وعند سؤاله يتنطّع بأنّه يوظّفهم كونهم أيتام وبحاجة للقمة العيش، وأنّه الرزّاق من دون الله، حارقاً كلَّ ما يمكن أن يقوم به الإعلام الاحترافي من دور في الثورة، وإيصال صوت المظلوم. وحين تسأله لماذا لا تحوّل المؤسسة الإعلامية إلى مؤسسة خيرية أجدى وأنفع وأرحم للثوار، يجيب: “مش شغلتي الأعمال الخيرية هي مسؤولية صعبة”.

 

لن تنجح ثورة في ظهرانيها أبناء الأسد

 

هؤلاء هم أبناء حافظ الأسد المقبور في القرداحة، هؤلاء هم من ربّاهم حافظ الأسد على التسلّط والأنانية ونكران حقوق الآخرين، هؤلاء من علّمهم بعث الأسد على هدم كل شيء إن لم يصب في مصلحتهم الشخصية، ومحاربة كلّ من يكشفهم.

لقد احتلّ أبناء حافظ الأسد المقبور في القرداحة المراكز العليا في منظمات وجهات رسمية وغير رسمية، حتى أصبح المهندس خبيراً  في التفاوض، والمدرّس عالماً في القانون الدولي، والمحامي منظّراً عسكريّاً،  وأصبح المسؤول عن جهة تعبّر عن الانفصال عن الأسد، وتمثّل جزءاً فاعلاً عاملاً ضدَّ الأسد، أصبح يفلسف مفهوم الثورة ليقسّمها إلى أنواعٍ وبنود، ليبرّر للأب الخالد في قبره أنّه لم يخنه، ولم يخن تعاليمه في الولاء والانبطاح تحت قاذورات حزبه السياسية، فهو أي هذا المسؤول منقلب على العادات الاجتماعية لا النهج السياسي العسكري القاتل.

 

توطئة 1

 

لم أورد أيّ مثالٍ على ممارسات ديكتاتورية الأسد لا لقصور المبنى، إنّما لتعميم المعنى، فذكر مثالٍ واحد أو ألف مثال سيبقى ظلماً في حقّ من عانى تحت نير الأب الخالد حافظ الأسد المقبور في القرداحة. أمّا التسميات التي سيطالبني فيها المتنطّعون المتضرّرون ممّا كتبت، فلن أجيب عليها لعموم البلوى، فمن ديكتاتور كاد أن يضعَ كاميرات المراقبة في حمامات مؤسّسته لاستعباد موظّفيه، إلى منبطح بين أحذية الداعم، مسترضعاً المال بالدولار، بائلاً في جيوب موظّفيه فتات عملات أقلّ قيمة ليحصل على فرق الصرف، مروراً  بجاهلٍ تمطّى ليصل قمّة مؤسّسةٍ تعليميةٍ لا يعرف مآلات مناهجها، ولا يستطيع ذكر الفرق بين الجبر والهندسة.

 

توطئة 2

 

هناك نوعان من أبناء الأسد

 

الأوّل مسؤول لا يفقه مما يُسأل عنه شيئاً، يدمّرُ الخبراء كي يخدم كرسيه.

 

الثاني حمقى يحاربون مسؤوليهم المتخصّصين كي يبعدوا عنهم خطر الطرد، وخطر المهمّات المطلوبة، وخطر كشف تلاعبهم وأكاذيبهم.

 

توطئة 3

 

أنصح عند قراءة المقال بالاستماع لأغنية: لنرفع الجبين للأبد شبيبة لحافظ الأسد.

 

توطئة 4

ما كُتبَ أعلاه لا يشمل المتسلّطين الإعلاميين، الفارضين على حياةِ موظّفيهم الاجتماعية، والشخصية، والفكرية، والذاتية، والعامّة، وحتّى على أحلامهم، بنودَ سياسة التحرير، المتسلّطين أنفسهم الذين منعوا حرّية التعبير على موظّفيهم بحجة حرية التعبير، والذين ساهموا عن سبقِ الإصرار والترصّد _ ومازالوا _  في ترسيخ مبادئ الأب الخالد حافظ الأسد المقبور في القرداحة عند أبنائه، لأنّ هؤلاء المتسلّطين يدخلون في تصنيف جنود الأسد لا أبنائه .. لذا وجب التوضيح

التصنيفات
مقالات الرأي

بيروت: قلب ينبض داخل تابوت! .. غادة السمان

(بشّرتنا) موسوعة غينيس للأرقام القياسية 2018 بإدخال بيروت (في أحضانها) كأكبر «مرآب للسيارات في العالم»، أي بصفتها المدينة الأكثر ازدحاماً بالسيارات، حيث تدور حوالي مليون سيارة في مساحة صغيرة نسبياً هي بيروت.
ولكن ذلك قد يكون (ألطف) هموم لبنان قياساً إلى الكوارث المالية والسياسية التي تترصده في وطن يحتاج فيه تأليف وزارة إلى ستة أشهر حتى الآن، من «الغنج السياسي» على حصة هذا أو ذاك والشعب العظيم (عفواً.. الشعب اليتيم) يئن تحت أثقال من مخاوفه، حيث تنشط هجرة الشبان، ويذوي الوطن كما لو كان دراكولا أو فرنكشتان المسيطر الحقيقي على لبنان.. وفضائح الفساد تنفجر كالمجارير القذرة في «الرملة البيضاء»، ولكن يجري على نحو ما (لفلفتها) ربما انطلاقاً من مبدأ: إذا حاولت عقاب فسادي سأفضح فسادك! ولبنان الوطن يكاد يتحول إلى كابوس وانتهى زمن «سعيد من له مرقد عنزة في لبنان» كما قيل من زمان! والمواطن العادي الطيب صار يعرف كل شيء. بل ويكاد يألفه.. وكم سيدهشه مثلاً حل أزمة الكهرباء المروعة التي تمضي من انحدار إلى آخر. وصار يعرف جيداً أن الذئاب لا تحرس الخرفان والأغنام!

هل يقرأ السياسيون الصحف؟

الصحافي والشاعر والكاتب وحملة الأقلام يدركون مدى وصول لبنان إلى حافة الانهيار على كل صعيد.. ولا يملون من ترداد تحذيرهم وتشخيصهم لمآسي (المواطن اليتيم) والعجز المالي وخطورته، والدَيْن العام إلى ارتفاع، والأوضاع الاقتصادية متردية على نحو بالغ الخطورة، أما أهل السياسة فمعظمهم مشغول (بحصته) من الوزارات (السيادية) ولا يبالون حقاً بوجود لبنان في غرفة العناية الفائقة على وشك الاحتضار، ولعل البعض يريد تدمير لبنان إذا لم يستطع أن يمتطيه أو يقتنيه! ثمة توحش، ولبنان بأكمله صار سجناً كبيراً مكرساً لتمارين على الخوف وانتظار ما هو أدهى. البراكين السياسية يتوالى انفجارها وتصيب شظاياها الناس الذين يفترض أن (المسؤول) جاء للاهتمام بالمواطن وليس لسلبه حلمه بمستقبل لوطن الحرية والكرامة والعيش غير البائس! ذلك كله نطالع ما هو أكثر منه كل يوم في الصحف اللبنانية (أو ما تبقى منها) حتى بدأت أشك في أن سياسياً لبنانياً يقرأ الصحف أو يلحظ أن الوطن بات ممدداً بالإرغام في تابوت. ومر عيد الاستقلال حزيناً والناس تحلم باستقلال القرار اللبناني وإطلاق سراح الوطن المخطوف.

قلب ينبض بإرادة الحياة وحبها

على الرغم من كل ما تقدم، ما زال اللبناني مصراً على حب الحياة والإبداع والتعبير عن ذلك مشعاً بالعطاء، كما احتضان الآتي إليه.. كأن النشاط الفني والأدبي بأنواعه كلها إعلان عن إرادة الحياة في لبنان.. ويدهش المرء مثلاً لوجود (صالون الشوكولاته) في بيروت كما في باريس، ويتأمل جمال عارضة فستان الشوكولاته وسواها وقص قالب الحلوى الشهي بالمناسبة، ويسره حضور سفراء عدة دول (بلجيكا، فرنسا، وسواهما) وقد ارتدوا أجمل ابتساماتهم، وحضور العديد من الوزراء إلى جانب وزير السياحة.. عدة عارضات (شهيات) كالشوكولاته في ملابس مختزلة مضرجة بالشوكولاته.. هذا إلى جانب «مهرجان بيروت للطهي» الذي استضاف أيضاً العديد من مشاهير الطهاة في فرنسا وإيطاليا وسواهما..
نعم، ذلك يحدث في بيروت كصرخة احتجاج على إغراق الشعب في مرض الاكتئاب، وأبجدية (اللطم)، وشوقه إلى إعلان إرادة الحياة على الرغم من أنف كل شيء.

لبنان وطن اللامعقول؟؟

لا، بيروت ليست مريضة بازدواج الشخصية، بل بحب الحياة، وتعلن ذلك بكلمات من شوكولاته من جهة وبإبداع فني وشعري وأدبي من جهة أخرى. لبنان هو وطن اللامعقول، حيث يتجاور الموت مع إرادة الحياة، وفيها نشاطات أدبية وفنية راقية، وصحيح أن مديرة صندوق النقد الدولي تحذر لبنان «من عواقب اقتصادية خطيرة جراء التطورات السياسية»، والكل يعرف ذلك، لكنك أيضاً تذهب مثلاً إلى غاليري مارك هاشم لترى معرضاً استعادياً للمبدع ألفرد بصبوص (وسبق لي أن مضيت إلى بلدة راشانا للاطلاع على إبداع البصابصة الأخوة).. معرض بالغ الإبداع، وإقبال على مشاهدته كما الذهاب إلى «مسرح المدينة» للاستماع إلى جهاد وهبة عازفاً على غيتاره زارعاً بذور الجمال الموسيقي والضوء والأمل..
ويتجلى نبض بيروت الثقافية المبدعة في «بيت بيروت» وفي أعمال للفنانة الكاتبة زينة الخليل وأليس مغبغب مؤسِسة «غاليري» يحمل اسمها، ومهرجان بيروت للأفلام الفنية الوثائقية، وهانية مروة مؤسسة ومديرة سينما متروبوليس، ورانية معلم مديرة «دار الساقي»، وسواهن في حقول إبداعية عديدة..

شهادة إعجاب سورية بالنهضة الشعرية

الفنان التشكيلي الفراتي جمعة الناشف (من الرقة السورية) الذي يعرض إبداعه في «دار الندوة» في بيروت يدلي بشهادة جميلة قائلاً: «النهضة الشعرية في لبنان تفوق الخيال».
وإلى جانب الإبداع الأدبي تنشط بيروت في حقل التكنولوجيا في معرض «ايديكس 2018»، ويدور حول «التربية الرقمية»، فهي ضيف شرف في معرض التعليم والتوجيه المهني من تنظيم شركة «بروموفير» بالتعاون مع وزارة التربية والتعليم.
ويدهش كثيرون من إصدار مجلة جديدة في الوقت الذي أُغلقت فيه عشرات الصحف والمجلات في لبنان وسواه، الواحدة تلو الأخرى، والمجلة فنية تشكيلية تدعى «غاليري» يصدرها رمزي الحافظ (ابن الأديبة ليلى عسيران ورئيس الوزراء السابق أمين الحافظ، رحمهما الله)، وهو صاحب شركة «انفوبرو» التي يصدر عنها مجلته: مجلة «غاليري» مشروع جميل شجاع يشهد على نبض قلب بيروت رغم (الأهوال) السياسية كلها التي يعاني منها لبنان «عاصمة اللامعقول والحرية العربية» بجدارة.. ولا أدري ما الذي كان سيكتبه «بيكيت» و«يونيسكو» وسواهما من مؤسسي «مسرح اللامعقول» لو عاشوا في بيروت!!
لبنان وطن حاولوا دفنه وظل قلبه ينبض بحب الحياة حتى داخل تابوت.

التصنيفات
مقالات الرأي

الجوقة المنسقة لتوقعات سقوط النظام .. المحامي عبد المجيد محمد

في ٣ نوفمبر ٢٠١٨ كتبت صحيفة كيهان التي دائما ما تعكس وجهات نظر خامنئي في أحدى مذكرة لها:

“الأوروبيون الذين تعهدوا أن يقفوا في وجه العقوبات الأمريكية وتعهدوا بحفظ الاتفاق النووي والمصالح الاقتصادية لإيران بعد خروج الولايات المتحدة من الاتفاق النووي لم يقدموا على أي عمل فعليا في هذا الخصوص. إن طرح نظام التعامل البنكي الغامض والسؤال المثير للجدل أو ما يسمى بآلية العمل المالية الخاصة spv هو عبارة عن مزحة أو طرفة في أفضل الأحوال وهذا إذا لم نقل أنه إهانة للإيرانيين. وهذا لأنه حتى الآن لم تقبل أي دولة أوروبية باستضافة مثل هذا النظام وكما أن وقت تنفيذه في المستقبل غير معلوم”.

وتمضي الصحيفة المذكورة في الطعن بعصابة روحاني قائلة:

“إن سذاجة مسؤولينا ورجال دولتنا حول موضوع المشروع الوهمي الذي يدعى (القناة التجارية مع أوروبا) أو ما يدعى (بالاتفاق النووي الأوروبي) دفعت جهازنا الدبلماسي صراحة وبكل وضوح لغض نظره عن الخبث والشر الذي يحمله الأوروبيون ضد بلدنا وأدى إلى تجرأهم على الدفع بسناريوهات ضارة بمصالح إيران القومية. فمن المشروع الذي طرحه الأوروبيون للاستمرار في الاتفاق النووي وإبقاء القناة التجارية مع إيران لم يتم حتى الآن تنفيذ أي انجاز عملي والأوربيون يقومون عمليا ورسميا بقتل وإضاعة الوقت بالنسبة لإيران”.

وهناك صحيفة أخرى مرتبطة بعصابة خامنئي تدعى (وطن امروز) كتبت مقالة بعنوان (الأوربيون ذو والمئة وجه) معبرة عن غضبها من الإجراء الحاسم لحكومة الدنمارك أمام المؤامرة الإرهابية للنظام على أرض هذا البلد:

“في هذه الأيام وبالتزامن مع نية الأوروبيين لتنفيذ النظام الغير مكتمل والغير مختبر المعروف بـSPV نحن نشهد مرة أخرى حملة ابتزاز دعائية جديدة من قبل القادة الأوروبيين ضد إيران”.

صحيفة أخرى مقربة من خامنئي تدعى رسالت كتبت مقالة أخرى بعنوان ( مهمتنا والابتزاز الأوروبي الجديد) قائلة:

“إن الاتهام الذي صدر ضد بلدنا مؤخرا من قبل الدنمارك (بصفتها أحد أعضاء الاتحاد الأوروبي) يعتبر بوضوح لعبة أوروبية جديدة ضد إيران”.

SPV هي اختصار لـ Special Purpose Vehicle وتعني آلية عمل أوروبية خاصة كان من المقرر إعمالها كبديل عن آلية العمل المالية _ البنكية لسويفت حتى يتمكن النظام الإيراني من تنفيذ التعاملات البنكية من خلالها.

وكتبت وكالة أنباء فرانس برس في هذا الخصوص بأن هذه الآلية هي كشركة من أجل التسوية المالية للتجارة مع إيران بعيدا عن آليات العمل المالية المعروفة والمتداولة.

وعلى سبيل المثال بناءا على هذا النظام يمكن لإيران بيع النفط إلى إسبانيا وتوفير التمويل اللازم للدفع لشركة ألمانية، التي قدمت السلع أو الخدمات إلى إيران ويتم تبادل المال بين الشركتين من خلال أوروبا.

والنقطة المهمة جدا في صراعات عصابات النظام هو أن جزءا من عصابة خامنئي تدعو إلى خروج النظام من الاتفاق النووي وضرب الطبول لإنهاء التعاملات مع أوروبا. لكن المنافسين يردون لهم بسخرية: “إذا خرجنا من الاتفاق النووي، إلى أين سنذهب؟”

ولهذا السبب وبهدف استدرار عطف الأوربيين والالتماس أرسل خامنئي إمعته السياسي كمال خرازي (وزير الخارجية الأسبق وأحد المقربين من خامنئي) إلى أورويا لاستدرار عطف الأوروبيين وليلتمسهم للحفاظ على الاتفاق النووي بأي طريقة ممكنة.

خرازي حذر مذعورا من أن الموت الكامل للاتفاق النووي وخروج إيران منه سيكون له نتائج خطيرة جدا لذلك فإن الحفاظ على الاتفاق وإبقاء التعاون مع أورويا هو أمر حياتي بالنسبة للنظام. خرازي يقول في حديث له في مؤتمر عقد في النمسا تحت عنوان (الاتحاد الأوروبي الممثل الرئيسي للأمن والدفاع): “للأسف ، فإن التدابير والبرامج المتعددة التي يجري تشكيلها من قبل الاتحاد الأوروبي بطيئة ويلزم تنفيذها على وجه السرعة في أقرب وقت ممكن ، لأنه إذا لم تتحقق، فستكون هناك مشكلات ستجلب الكثير من الضرر والخسائر …”

كما أكد ظريف وزير خارجية حسن روحاني على استمرار العلاقات مع أوروبا للحفاظ على الاتفاق النووي، لكنه اعترف بأن “الدول الأوروبية تسعى من أجل الحفاظ على الاتفاق النووي، لكننا نعتقد أن عمليتها بطيئة ويجب أن تعطى هذه العملية سرعة أكبر”.

محمد رضا خاتمي أحد المسؤولين المقربين من روحاني عبر عن ذعره من سقوط النظام في ٤ نوفمبر قائلا: “بسبب الظروف الاجتماعية والاقتصادية ووجهات نظر ومشاهدات الشعب وكل هذا نحن نعتقد بأن البلاد تتجه نحو السقوط فهي تشبه سيارة تتجه نحو نهاية واد سحيق وإني لأرى المستقبل قاتما جدا”.

ويقول أحد الحرسيين المنظرين في النظام ويدعى حسن عباسي مبينا خوفه من سقوط النظام: “منظمة مجاهدي خلق تقوم بعقد المؤتمرات علنيا في باريس ولابد أنكم قد رأيتم تقاريرها على التلفاز. والمسؤولون الأمريكيون يشاركون في هذه المؤتمرات حيث يتم جمع مجاهدي خلق من جميع أنحاء أوروبا لعقد هذه المؤتمرات. ويقولون صراحة في هذه المؤتمرات بأنهم نذهب إلى إيران لنقلبها رأسا على عقب ونغير الحكومة الإيرانية”.

وقد عبر هذا المسؤول الإيراني عن خوفه العلني من السقوط القريب لهذا النظام قائلا: “مالنا أصبح بلا قيمة بشكل كبير والشعب يذهب للشوارع بسبب مشاكلهم المعيشية ومن ثم تبدأ الاشتباكات. الشعب يبتعد عن الحكومة ويشتبك معها وهذا الأمر هو من عمل منظمة مجاهدي خلق”.

نعم إن جميع مسؤولي نظام ولاية الفقيه يقولون الشئ الصحيح بأن النظام يواجه مقاومة متنامية وقوية وتتمتع بالتنظيم المستمر من قبل معاقل الانتفاضة في داخل البلاد. الشعب الإيراني يكره هذا النظام وقد علت صيحاتهم في جميع المدن الإيرانية بشعارات الموت للدكتاتور وسنستعيد إيران حتى لو متنا وعدونا هنا.

الشعب الإيراني المحتج والثائر يرفض هذا النظام بكامله جملة وتفصيلا ويملك الإرادة أن يرسل هذا النظام القمعي والداعم للإرهاب إلى مزابل التاريخ بمساعدة مراكز التمرد في الداخل الإيراني. إن هذه المراكز قد دقت ناقوس نهاية الدكتاتورية الدينية في إيران وهي الأداة الاستراتيجية في إسقاط حكم ولاية الفقيه العفن والمنخور.

 

 

 

 

 

 

@MajeedAbl

التصنيفات
مقالات الرأي

هل ستبقى مواقع التواصل الاجتماعي صوت الشعوب؟ .. د.فيصل القاسم

الجميع يتحدث عادة عن الديكتاتوريات السياسية والعسكرية، لكن لا أحد يتحدث عن الديكتاتوريات الإعلامية التي تجتاح العالم وتدخل البيوت دون استئذان، مع العلم أنها ليست منتخبة ديمقراطياً، بل تفرض نفسها على الشعوب بشتى الطرق والوسائل الملتوية لتفتك بالعقول وتشكل الرأي العام حسب مصالح مموليها والمسيطرين عليها. وقد كان الإعلام في العالم العربي على الأقل حتى سنوات مضت أداة إرهاب وترهيب في أيدي الدول والحكومات لتطويع الشعوب وتركيعها وتدجينها خدمة للديكتاتور والديكتاتوريات.
لكن هذا الوضع بدأ يتغير منذ العقود الثلاثة الماضية عندما ظهرت تقنيات البث الفضائي والأقمار الصناعية، مما سمح لجهات كثيرة بإنشاء قنوات فضائية، بعضها ظل تحت سيطرة الحكومات وأذنابها من رجال الأعمال والمتمولين، والبعض الآخر استغل الفضاء المفتوح جزئياً للتحرر من ربقة الطغيان المخابراتي الذي ظل يدير الإعلام الرسمي منذ منتصف القرن الماضي.
لكن الثورة الفضائية رغم نجاحاتها الكثيرة، انحسرت في نهاية المطاف في أيدي الدول، مع استثناءات قليلة شذت عن الخط الرسمي. لكن الأغلبية بقيت تدور في فلك الحكومات. ولعل الامبراطورية الإعلامية السعودية أكبر مثال على ذلك، فعلى الرغم من إطلاق عشرات القنوات والصحف العابرة للحدود، إلا أنها ظلت أسيرة التوجهات السعودية الرسمية، خاصة وأن ممولي تلك القنوات هم من حاشية السلطة والمقربين منها سياسياً ومالياً. لكن قبضة الديكتاتوريات العربية على وسائل الإعلام تلقت ضربات موجعة عندما ظهرت الهواتف الجوالة، وأصبح كل من يحمل موبايلاً صحافياً أو مراسلاً بطريقته الخاصة.
وقد ساهمت تطبيقات الاتصالات والتواصل الحديثة عبر أجهزة الموبايل في تحرير الإعلام وإخراجه إلى حد ما من ربقة الأجهزة، بحيث صار الناس يتداولون الأخبار التي تهمهم عبر أجهزتهم بعيداً عن الدول، مما حرم الإعلام الرسمي والإعلام شبه الرسمي الدائر في فلك السلطات الكثير من التأثير والانتشار. لكن بالرغم من انتشار وتأثير تطبيقات التواصل الخليوية، إلا أنها تبقى تحت رحمة الدول التي تستطيع إما حجبها أو مراقبتها أحياناً. ولا ننسى أن الكثير من الحكومات العربية وضعت قوانين صارمة لملاحقة مجرمي االتواصل الاجتماعي. وهناك أجهزة ووسائل مراقبة للتجسس على الاتصالات والتواصل بين الناس، بحيث بات البعض يرسل لك رسالة عبر تطبيق الواتساب وغيره، ثم يمحوها من جهازه فوراً خوفاً من الملاحقة خشية أن تطّلع عليها كلاب الصيد السايبرية.

لكن انتشار مواقع التواصل الاجتماعي كفيسبوك وتويتر ويوتيوب وغيرها من المواقع التي انتشرت كالنار في الهشيم بين شعوب العالم، والشعوب العربية خاصة، جعلت الكثيرين يظنون بأن الإعلام سيخرج نهائياً هذه المرة من يد الحكومات ووزارات الإعلام العربية. وهذا ما حدث فعلاً منذ سنوات، بحيث أصبحت مواقع التواصل لأول مرة في التاريخ البشري صوت الشعوب الحقيقي، بحيث تحول كل فرد يملك جهاز كومبيوتر أو حتى هاتفاً خليوياً إلى ناشر وصحافي بطريقته الخاصة. ولا يكلف المرء سوى فتح حساب شخصي أو صفحة على مواقع التواصل ليبدأ بمخاطبة العالم أجمع بالنشر والتعليق والتوجيه. وهنا فعلاً وجدت الدول نفسها لأول مرة في تاريخها في الزاوية، بحيث خرج الأمر من يدها تماماً رغم كل ما استثمرته في التجسس والمراقبة والضبط. بالطبع لا يمكن للدول أن تراقب ملايين الحسابات على مواقع التواصل، ولا يمكنها أيضاً أن تعاقب ملايين البشر على ما ينشرون إذا ما خرجوا عن طوقها. إلا أن هذه الفرحة بظهور مواقع التواصل وتحولها إلى برلمانات شعبية حقيقية للتأثير على الحكومات وتفنيد رواياتها السياسية والاجتماعية، بدأت تتلاشى في الآونة الأخيرة.
وجدتها وجدتها، صاحت الدول. لماذا نترك هذا الفضاء التواصلي الرهيب تحت سيطرة الشعوب؟ لماذا لا نتدخل نحن بطريقتنا لاستغلال تلك المواقع للدعاية والترويج والتضليل بنفس الطريقة التي كنا نشتغل بها في وسائل الإعلام التقليدية القديمة؟ وفعلاً بدأت الدول تصنع جيوشها الالكترونية الجرارة، وتنفق عليها الملايين لكبح المد الشعبي لتلك المواقع. ليس هناك الآن بلد عربي لا يمتلك جيشاً أو ذباباً الكترونياً تديره أجهزة المباحث والمخابرات للترويج لوجهة النظر الرسمية ولإرهاب الشعوب وتحويل تلك المواقع إلى مجال حيوي للدول والحكومات. وقد شاهدنا كيف جندت السعودية عشرات الألوف من الشبان لمهاجمة كل من ينتقد النظام، لا بل إن الإرهاب والترهيب الحكومي في السعودية أدى إلى خروج ملايين المغردين السعوديين رغماً عنهم من موقع تويتر مثلاً ليفسحوا المجال للون واحد من الرأي، ألا وهو رأي الذباب الكتروني الذي يسبّح بحمد النظام وحاشيته.
حاول أن تنشر أي استطلاع حول قضايا سعودية في تويتر حيث يسيطر الذباب الكتروني، فستجد أن غالبية المصوتين من الذباب، بحيث تكون النتيجة لصالح النظام، لكن ليس نتيجة استفتاء حر، بل نتيجة تجنيد ألوف المرتزقة للتصويت باتجاه معين. وبذلك تكون بعض مواقع التواصل قد أصبحت وسائل دعاية لهذا النظام المتنفذ أو ذاك، خاصة وأن المغردين المستقلين والأحرار يخشون أحياناً من التعبير عن آرائهم الحقيقية بعد أن بات المنشور التويتري أو الفيسبوكي يودي بصاحبه إلى غياهب السجون.
والأخطر من ذلك، وبعد أن بدأ بعض مواقع التواصل يتخلى عن وظيفته التواصلية ويتجه باتجاه العمل التجاري، راح الكثير من المتمولين والحكومات الثرية تحاول شراء الحصص في مواقع التواصل الدولية للسيطرة عليها وتسييرها في الاتجاه الذي يخدمها، ولطرد الأصوات التي يمكن أن تزعجها. ولطالما سمعنا عن اختراق بعض الدول لهذا الموقع أو ذاك. وإذا استمرت النزعة التجارية في مواقع التواصل، فستجد الدول، وخاصة الثرية، منفذاً واسعاً لها للتغلغل فيها وحرفها عن مسارها التواصلي وتحويلها إلى أدواة دعاية وترويج مدفوعة الثمن. وبذلك تأخذ الدول والحكومات زمام المبادرة ثانية في السيطرة على وسائل الإعلام التي ظننا خطأً أنها خرجت من قبضتها.

كاتب واعلامي سوري
falkasim@gmail.com

التصنيفات
مقالات الرأي

ماذا يفعل الحكام الفاسدون في إيران؟ .. عبدالرحمن مهابادي*

نظرة على حلقة أخرى من حرب الذئاب داخل نظام الملالي

لقد استحوذ اللصوص والعصابات الفاسدة التي تحكم إيران مثل الأخطبوط على حياة الناس. وفي الوقت الذي يضرب فيه الفقر ويرزح الناس تحت ضغط سبل العيش، تنشغل هذه العصابات الآن ببقر بطون بعضها البعض!

في يوم ١٤ نوفمبر اعترف وزير خارجية الملالي في حديث له مع وكالة أنباء حكومية بأن عمليات غسيل الأموال بالمليارات تتم عن طريق عناصر مرتبطة بالعصابات الحاكمة في إيران. وقال: هناك الكثيرين في إيران ممن يستفيدون من هذه العمليات وأولئك الذين يقومون بمثل هذه العلميات لديهم القدرة المادية لصرف المليارات كتكلفة للدعايات والترويج وحشد الأجواء ضد قوانين مكافحة غسيل الأموال.

ولا يجب أن ننسى أن تصريحات ظريف هذه ماهي إلا زاوية صغيرة من الحقيقة الكبرى فيما يتعلق بإيران الحالية وذلك لأن محمد جواد ظريف وزير خارجية الملالي على اطلاع تام بعمليات نهب أموال الشعب الإيراني من قبل هذا النظام.

ومع تصريحات ظريف هذه بدأت حرب العصابات الحكومية في إيران فصادق لاريجاني رئيس السلطة القضائية في إيران شبّه تصريحات ظريف بأنها خنجر في قلب النظام وكتبت وكالة أنباء قوات الحرس الثوري حول هذا الموضوع: وجهت السلطة القضائية في إيران رسالة لمحمد جواد ظريف مطالبة إياه فيها بتقديم اثبات ومستند على تصريحاته حول غسيل الأموال في غضون عشرة أيام. وفي نفس الوقت جمع أعضاء عصابة خامنئي في مجلس شورى النظام التوقيعات من أجل عقد جلسة استيضاح لمحمد جواد ظريف في المجلس.

الآن وبعد تصريحات ظريف اصطفت العصابتين الحاكمتين ضد بعضهما البعض في مشهد مدهش ومؤلم في نفس الوقت ليفضخوا علنيا ورسميا عمليات غسيل الأموال التي تقوم بها كل من هاتين العصابتين.

محمد دهقان أحد أعضاء شورى الملالي وأحد المرتبطين بعصابة خامنئي أعلن يوم ١٨ نوفمبر ما يلي: في الوقت الذي تم فيه تقديم ١٨ مليار دولار بسعر صرف( ٤٢٠٠ تومان لكل دولار) لبعض الأفراد وأصحاب الدخل وقامت الحكومة بتخصيص مئات الملايين من الدولارت من أجل رحلات السفر الخارجية العادية ورحلات السياحة … يأتي ظريف ليتهم بأسلوب غريب وعجيب الجمهورية الإسلامية بغض النظر عن عمليات غسيل الأموال وليتهم أيضا معارضي قانون مكافحة تمويل الإرهاب بالارتباط بالأشخاص الذين يقومون بغسيل الأموال في البلاد. ( وكالة أنباء مجلس شورى النظام).

من جهة اخرى أكد مرتضى سرمدي نائب وزير الخارجية الإيراني وجود عمليات غسيل الأموال في النظام وقال: رقم تهريب البضائع والمخدرات والمحروقات يقدر من ١٠ حتى ١٥ مليار دولار حيث أن قسما كبيرا من هذا المبلغ يدخل في النظام المالي في إيران عن طريق غسيل الأموال.

محمود واعظي رئيس مكتب روحاني يقول داعما تصريحات ظريف: هذا الموقف ليس محصورا بظريف فقط بل هو موقف الحكومة. وأنا آسف من أنه على الرغم من موقف ظريف الصحيح ، فإني أجد عددا من الأشخاص الذين يهاجمونه بسبب عدائهم السابق معه “.

ولكن في المقابل أظهر أيضا كريمي قدوسي أحد اعضاء مجلس الملالي وأحد المرتبطين بعصابة خامنئي خوف علي خامنئي من فضح قضية غسيل الأموال التي تقوم بها هذه العصابة وقال: إن اتهام غسيل الأموال أخطر من اتهام التزوير في انتخابات عام ٢٠٠٩ وهذه التصريحات تعني أن الأشخاص الذين يقومون بعمليات غسيل الأموال هم مرتبطون بالمؤسسات الحكومية القوية.

ونهاية عندما شاهد حسن روحاني رئيس جمهورية الملالي أن حرب العصابات قد وصلت لذروتها أجبر على الظهور إلى المشهد وفي يوم ٢١ نوفمبر وخلال اجتماع لمجلس الوزراء قال مدافعا عن وزير خارجيته: “لماذا نتصارع على مسائل واضحة نعم كل العالم يعاني من غسيل الأموال. أثبتوا لي أن هناك دولة واحدة لا يحصل فيها غسيل للأموال. جميعنا يجب أن نسعى لتقليل المفاسد وإغلاق طريق أمام عمليات غسيل الأموال. لماذا نتجادل ونتباحث كل هذا القدر”.

الفقر يضرب في إيران تحت حكم الملالي ووفقا لوكالات الأنباء الحكومية فإن نصف عدد السكان أي حوالي ٤٠ مليون نسمة يعيشون تحت خط الفقر. نمو البطالة والغلاء يتجه في طريق تصاعدي والدولار والريال يسير كل منهما في طريق واحد ولكن باتجاه متعاكس والحكومة غير قادرة على تلبية مطالب الشعب المشروعة والمحقة وهي في أزمة خانقة. مشاهدة هذه الحقيقة وصلت لحد مؤلم جدا فسماعها فقد يخلع قلب كل إنسان. فقدان السكن وارتفاع ايجار البيوت هي من المشاكل الأخرى التي ضاقت الشعب الإيراني ذرعا منها فوفقا لوكالات الأنباء الحكومية هناك أكثر من ٣٠٠ ألف شخص يعيشون في العراء. العيش في القبور والتشرد هما ظاهرات متسعتان في إيران والشعب يقوم ببيع أعضائه وأولاده من أجل تأمين لقمة العيش. والطلاق هو ظاهرة مؤلمة في هذا الوضع البائس في إيران.

النظام الدكتاتوري الطائفي الحاكم في إيران لم يقم فقط بقتل الشعب الإيراني بل مازال ينهب ثروات هذا البلد الغني منذ أريعة عقود ويقوم بصرفها على تصدير الإرهاب والأصولية لخارج الحدود والشعب الإيراني يعلم جيدا أن المنبع والسبب الرئيسي للفقر والفساد والغلاء وللقمع والسجن والإعدام والذبح والسرقة والنهب هو النظام الحاكم في إيران. ولهذا السبب الطريق الوحيد لحلحلة هذه الحالة هي بإسقاط هذا النظام.

الآن وعشية مرور عام كامل على بدء انتفاضة الشعب الإيراني من أجل إسقاط نظام الملالي أصبح الشعب الإيراني مصمما على توسيع انتفاضته التي علقوا كل آمالهم عليها وعلى المقاومة الإيرانية التي تقف معهم مدافعة عنهم وعن حقوقهم منذ قرابة أربعة عقود ماضية. وهم و العالم كله الآن يققون لجانبها بفضل موقع المقاومة الإيرانية في المجتمع الدولي.

المقاومة الإيرانية الآن تتجهز لتخطو خطوتها النهائية نحو تفكيك نظام الملالي بشكل كامل. انتفاضة الشعب الإيراني مستمرة دون توقف والنظام الإيراني يغدو أكثر ضعفا وهشاشة يوما بعد يوم والظروف الدولية تتغير في صالح الشعب والمقاومة الإيرانية.

@m_abdorrahman

*کاتب ومحلل سياسي خبير في الشأن الايراني.

التصنيفات
مقالات الرأي

كيف أضحى الفيسبوك صديق أمّي المقرّب؟ .. رنوة العمصي

– ماذا تفعلين ؟
– فيسبوك
– مع من تتكلمين ؟
– لا أحد يا أمي

مرارًا، كانت تغلق الباب خلفها غير متأكدة. تسحب الباب على مهل ليختبئ خلفه رأسها المشكّك. ويواصل إبهامي سحب التايم لاين، متصفحًا كل شيء ولا شيء. “أنا فعلًا لا أكلّم أحد” أقول لنفسي، وأعجز في كل مرّة عن أن أشرح لأمي أني لا أكلم أحد، وأن هذا الفيسبوك، الذي يصلني بكل الناس، يصلني بهم، في الغالب، من دون أن أتصل بهم شخصيًا. لكن أمي لا تستسلم، صارت تطوّر أسئلتها حيال هذا الشيء لتعرف ماهيته، كأن تسألني: “شفتِ خالك ع الفيسبوك؟ شفتِ فلان؟ فلانة؟ ماذا أخبروكِ؟ أي ماذا قالوا لكِ لمّا شفتيهم على الفيسبوك؟” هكذا، كأن الفيسبوك شارعًا ألتقي فيه الناس، ألوّح لهم ثم يأخذنا حديث.

بعد وقت، قرّرنا مفاجأة أمي، أو قلّ قررنا التآمر عليها. اشترينا لها في عيد ميلادها آي باد، وحمّلنا عليه الفيسبوك، ثم أنشأنا لها حسابًا هناك. ورغم أن الأمور بينهما لم تسر بسلاسة كبيرة في البداية، إلا أن صبر أمّي وبعض فضول أنثوي لديها، جعلاها تثابر على ارتياد الفضاء الأزرق، أذهلها بداية كيف بدأ الفيسبوك يقترح عليها صداقات لأناس تعرفهم بالفعل، ولأقارب لها يسكنون في بلاد أخرى، حتى ظنت أنه بإمكانه، من نفسه، أن يعثر لها أصدقاء طفولتها بالمدرسة! حسنًا، كانت بادرة طيبة من جانب الفيسبوك، يجدر بي القول!

وعدا أن أمي لم تتوفّر لها دروس كتلك التي قدمتها مكتبات ولاية نيويورك لمساعدة كبار السن في تحسين مهاراتهم لاستخدام وسائل التواصل الاجتماعيّ وتكوين صداقات جديدة على فيسبوك مثلًا، إلا أنها استعاضعت عن ذلك بحفظ أسئلتها التقنية، وتأجيل مهامها الفيسبوكية العسيرة حتى نعود مساءً من أعمالنا، فتقول لي مثلا، “بعد أن تبدلي ملابسك وترتاحي، أريدك أن تساعديني في عمل كذا وكذا على فيسبوك”. ثم لا تقبل مني أن أقوم بما تريد وأنصرف، بل عليّ إعادته مرارًا حتى تتأكد أنها أتقنت الأمر. وحدث بالفعل، أن وجدتها تحمل مفكّرة تضع فيها ملاحظاتها حول خطوات مشاركة صورة أو منشور.


لم تكن أمي وحدها التي بدأت تتلمس طريقها نحو الافتراض، مصادفتها لرفقة جيلها في الأثير، حفّزها، وربما، أشعل منافسة ما حيال تملّك أدوات التقنية واستخدامها. أشهر قليلة، وصار الفيسبوك فقرةً في روتين أمّي اليومي. تستيقظ، تستحم، تحمل حقيبة صغيرة إلى غرفة المعيشة، حقيبة فيها الهاتف الذكي، الآي باد، وشاحنيهما، إضافة إلى نظارتها المكبرة في حاملها الخاص، ودفتر ملاحظاتها التكنولوجية. تشرب قهوتها بصحبة الآي باد والفيسبوك، تمضي ساعتين هكذا، في مشاركة الأدعية الصباحية، حكم وأقوال لاستقبال اليوم الجديد، وتفقّد التنبيهات التي تراكمت أثناء نومها. ثم تترك الأجهزة اللوحية على الشاحن وتتجه للعمل مع معاونتها المنزلية للإشراف على إتمام مهام المنزل. ثم فقرة المساء والتي تحمل طابع التواصل الشخصيّ والإنتاج. إنتاج محتواها الخاص. لقد حفّز فيسبوك أمي على استعادة هوايتها القديمة في كتابة الخواطر. عادت تكتبها وتستذكر، كيف أن أساتذتها في المدرسة شجعوها وتنبأوا لها بمستقبل أدبي، ثم تستدرك، أنتم وتربيتكم أخذتم مني كلّ شيء!


وعدا التصفّح الحثيث، والخواطر، تدرس أمي تفاعلاتها جيدًا على فيسبوك. لايكاتها، ليست عبثًا، وليست أيضًا موضوعية أبدًا. إنها فعل يأتي بعد عملية حسابية ذهنية بالغة التعقيد ليست جودة المنشور إلا أحد عواملها، ولديها نظام أخلاقيّ صارم فيما يخصّ مشاركة المواد وحقوق الملكية الفكرية. فهي لا تقبل أبدًا أن يتم نسخ منشورها، من دون أن تتم الإشارة إلى اسمها، ولا تقوم -حسبما تخبرنا- بنسخ مادة غيرها ووضعها باسمها،“هذا عيب وسرقة”. تقول أمّي.

إضافة إلى أصدقائها الذين تفرّقوا في البلاد، عثرت أمي على أصدقاء “افتراضيين” جدد. فصار لدى أمي البيتوتية هذه القدرة على مدّ يدها لمصافحة وحديث افتراضي مع شخصيات قادمة من الافتراض، لا من الحاضر ولا من الماضي. أكثر من هذا، بدا لي أن الافتراض منحها حقها في الاتصال/ الانعزال في آن. أي الحفاظ على صمت صالونها الذهبيّ، وإبقاء الصخب في حدود جهازها اللوحيّ الذكيّ!

الآن، وبعد أن أضحى الفيسبوك صديقها المقرّب، وجهازها اللوحيّ صاحب الحقيبة المنزلية، لا أعرف إن كنا أحسنّا صنعا بأمي أو تآمرنا عليها باستدراجها للمنطقة التي نقف فيها، بكل تشويشها وتضليلها ومتعتها أيضًا. لكني شعرت ببعض التحسّن بعثوري على دراسة علمية مولها الاتحاد الأوروبي ضمن مشروع آيجيز 2.0، حول دور التقنيات الحديثة والشبكات الاجتماعية في مساعدة كبار السن على الاتصال والاندماج، أفادت بوجود تأثير ذهنيّ إيجابيّ لتدريب الكبار على استخدام الحواسيب، كما جعلت منهم مواقع التواصل أقل شعورًا بالعزلة، وأكثر تواصلًا ومشاركة.

التصنيفات
مقالات الرأي

الإرهاب الحكومي أداة تقدم السياسة الخارجية .. هدى مرشدي*

كلما تقدمت بنا الأيام أكثر فأكثر نشهد اشتداد أزمات حكومة ولاية الفقيه المنهارة على الجهتين الداخلية والدولية.

الضغوط الاقتصادية المتزايدة على الشعب والاحتجاجات والاضرابات الداخلية التي أربكت النظام يوميا من جهة وفضح المخططات الإرهابية للنظام في المنطقة وفتح قضايا الإرهاب وزعزعة الاستقرار في الدول المختلفة من جهة أخرى خلقت حالة من التخبط والهلع لدى نظام الملالي.

وإحدى الأزمات الخارجية كانت فضح تورط النظام في مخططات إرهابية في الدنمارك الأمر الذي كشفت عنه حديثا الأجهزة الأمنية في هذا البلد.

والمشتبه به في هذه العمليات هو شخص إيراني الأصل يبلغ من العمر ٣٩ سنة ويحمل الجنسية النرويجية حيث تم إلقاء القبض عليه في يوم ٢١ اكتوبر في مدينة يوتبري (غوتنبرغ) في السويد وهو يقوم بالتقاط الصور. ووفقا للتحقيقات المجراة فقد قضى هذا الشخص مدة في إيران قبل عملية اعتقاله.

في هذا الصدد قامت وزراة الخارجية الدنماركية بداية باستدعاء مرتضى مراديان سفير إيران في هذا البلد لاستجوابه في المكتب السياسي لوزارة الخارجية وبعد ساعة واحدة قامت الدنمارك باستدعاء سفيرها من طهران. الجدير بالذكر هنا بأن وزارة الخارجية الإيرانية قامت باستدعاء سفير الدنمارك قبل أن يقوم السفير بترك إيران متوجها نحو كوبنهاغن وذلك بهدف الاحتجاج على استدعاء سفيرها في الدنمارك.

اندرس سامويلسن وزير الخارجية الدانماركي كتب على التويتر حول هذا الموضوع: “إن هذا العمل غير مقبول تحت أي شكل من الأشكال وهو أن تخطط إيران لهجمات وعمليات إرهابية في الدنمارك” وأضاف أن الدنمارك سوف تقوم بردة فعل قوية اتجاه إيران وسوف تتحدث مع شركائها الأوروبيين للقيام بالخطوات التالية.

النقطة المثيرة للاهتمام في هذه الحالة هي الطريقة القديمة المتبعة من قبل نظام الملالي وهي الهروب للأمام. لأن بهرام قاسمي المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية نفى فورا المخطط الفاشل لاستهداف أحد المعارضين الإيرانيين في الدنمارك واعتبره استمرارا للمؤامرات والدسائس الموجهة ضد النظام الإيراني والتي سيكون لها تأثير منفي وسلبي على ما سماه بـ«العلاقات الأوروبية والإيرانية الجيدة والواسعة!» في الظروف الحالية الخاصة والخطيرة.

لايوجد مكان للشك والترديد بالطبع في هذه الحالات ما هو هدف هذا الإرهاب الأعمى والوحشي الواسع لنظام الملالي حيث ستتكرر بعدها نفس السناريوهات المتبعة قبل النظام الإيراني بعد إفشال نفس هذه الهجمات.

في نفس الوقت قال وزير الخارجية الامريكي مايك بومبيو بعد كشف هذه المؤامرة الإرهابية بأن بلاده تدعم الدنمارك وكتب على صفحته على التويتر: “نبارك لحكومة الدنمارك بأنها قامت بإلقاء القبض على مجرم قاتل تابع للنظام الإيراني.. لقد كانت أوروبا لمدة تقارب الأربعين عاما هدفا للهجمات الإرهابية التي تدعمها إيران ماليا.. نحن ندعو حلفائنا وشركائنا لمواجهة التهديدات الإيرانية من أجل إحلال السلام والأمن”

لارس لوغة راسموسن رئيس الوزراء الدنماركي قرأ هذه المؤامرة أنها من ضمن “القرون الوسطى” وأشاد بموقف تريزا ماي رئيسة الوزراء البريطانية لدعمها لموقف بلدها من أجل الوقوف في وجه إيران. حيث أن تريزا ماي كانت قد قالت بأنه من غير المقبول أن يقوم النظام الإيراني بالتخطيط لعمليات إرهابية على الأراضي الدنماركية وقالت بأنه سيتم مناقشة اتخاذ تدابير ضد النظام في الاتحاد الأوروبي.

من ناحية أخرى نشرت صحيفة وول ستريت جورنال تقريرا بهذا الصدد أشارت فيه إلى إحباط المؤامرة الإرهابية وكتبت تقول: ينتشر تقرير الدنمارك بعد  أن قال المسؤولون الفرنسيون إن النظام الإيرني كان يقف وراء محاولة للهجوم على المؤتمر السنوي للمعارضة الإيرانية في فرنسا في أواخر شهر يونيو. والمسؤولون الأمريكيون قالوا بأن النظام الإيراني كان وراء مؤامرة مشابهة في ألبانيا في شهر مارس.

وهذه التهمة التي خطط فيها عميل إيراني لشن هجوم على الأراضي الفرنسية تهدد الدعم الأوروبي للاتفاق النووي.

بطبيعة الحال، فإن التخطيط لمثل هذه الاغتيالات والعمليات في السنوات الأخيرة ليس خدعة جديدة من النظام الإيراني.

عمليات الاغتيال التي يقوم بها النظام في خارج البلاد هي فقط قسم من حرب النظام في وجه المجتمع الدولي الأمر الذي يرجع لطبيعة هذا النظام الإرهابية. لأن الإرهاب يعتبر بمثابة حربة النظام للاستمرار في بقائه وتصدير أهدافه الإرهابية الشريرة.

السيدة مريم رجوي الرئيسة المنتخبة من قبل المقاومة الإيرانية في رسالة مصورة وجهتها للندوة التي عقدت في بروكسل بتاريخ ٤ اكتوبر ٢٠١٨ بعنوان (موجة جديدة لإرهاب النظام الإيراني – ردود الأفعال الأوروبية والأمريكية) خاطبت الشخصيات السياسية والمشاركين قائلة: .. دبلماسيو النظام متورطون ومشاركون بشكل منهجي في الإرهاب والجاسوسية. في الحقيقة فإن الإرهاب هو أكبر أداة لتقدم السياسة الخارجية للنظام. كما ذكرت السيدة رجوي عدة طرق للتعامل مع هذا الإرهاب للحكومات الأوروبية:

تعاملوا بحسم مع هذا النظام.

افضحوا قضايا النشاطات الإرهابية للنظام علنا.

أغلقوا سفارات النظام التي أصبحت مراكز معروفة للجاسوسية والإرهاب.

لا تتعاملوا مع شركات قوات الحرس وهيئة تنفيذ أوامر الإمام. وكل تعامل تجاري مع هذه المؤسسات هو بمثابة تأمين مالي للإرهاب.

لا تقفوا صامتين في وجه الإعدام والتعذيب للسجناء الإيرانيين والانتهاك الواسع لحقوق الشعب الإيراني.

أحيلوا مسؤولي الجرائم ضد الإنسانية في الأربعين عاما الفائتة في إيران للعدالة.

باختصار كما صرحت السيدة مريم رجوي الرئيسة المنتخبة من قبل المقاومة الإيرانية فإن الطريق الوحيد لمواجهة هذا النظام وسياسة الموت والقتل التي يتبعها في المنطقة هو الوقوف بثبات وحزم وعدم التماشي مع هذا النظام وهذا هو الطريق الوحيد الذي سيمنع النظام من التوسع في جرائمه وسيقوم بالتضييق عليه أكثر لمنعه من التقدم في إرهابه الأعمى وسياساته التي تهدد شعوب العالم والمنطقة.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

*كاتبة إيرانية

التصنيفات
مقالات الرأي

لماذا النظام الإيراني حامل لأعلى سجل إعدام في العالم ؟.. عبدالرحمن مهابادي*

من بداية إلى نهاية هذه المقالة ، لا نعلم عدد الأشخاص الذين يتم إعدامهم علناً أو سراً في ظل حكم الملالي. هذه هي العملية التي استمر بها حكم الملالي بلا توقف في نقضه لحقوق الإنسان وكما أن إدانات هذا النظام في كل سنة في الأوساط الدولية لم تستطع أن تضع أي تأثير فعال ووقائي في هذه العملية الوحشية من انتهاك حقوق الإنسان في إيران.

كما أن تغيير وجوه النظام الحاكم في إيران لم يغير شيئا في هذه الحقيقة المؤسفة لأن فصائل وعصابات النظام الداخلية منشغلة في الصراع على السلطة وهي جميعها مشتركة في السجل الأسود المليئ بانتهاكات حقوق الإنسان وخاصة الإعدامات. وفقا للإعلان الرسمي للمنظمات الدولية فإن النظام الإيراني

(بعد الصين ، مع عدد سكان أكثر ب 15 مرة من إيران) هو حامل لأعلى سجل إعدام في العالم. ووفقا لتقرير منظمة العفو الدولية السنوي حول الإعدام فإن ٥١ % من إعدامات العالم في عام ٢٠١٧ تم تنفيذها في إيران. خلال فترة حكم الرئيس روحاني تم إعدام حوالي ٤ ألف شخص من أبناء إيران.

العاشر من اكتوبر من كل عام هو اليوم العالمي لمناهضة عقوبة الإعدام وهذا اليوم يذكرنا بمئات وآلاف الإيرانيين الذين تم إعدامهم من قبل نظام الملالي الحاكم في إيران وأيضا يذكرنا بآلاف السجناء السياسيين الآخرين الذين ينتظرون تنفيذ حكم الإعدام بحقهم.

وفقا لتقرير منظمة العفو الدولية فإن أغلبية دول العالم قامت بإلغاء عقوبة الإعدام من قوانينها أو لم تعد تطبقها عمليا وهناك بعض الدول الأخرى تتخذ خطوات لتلتحق بتلك الدول ولكن في إيران هذه العملية معكوسة فإحصائيات الإعدامات كل يوم بازدياد.

إن عقوبة الإعدام والشنق في إيران هي أداة للقمع والتخلص من المعارضين وللانتقام من الشعب والمعارضة في يد الولي الفقيه علي خامنئي لهذا السبب وضعت القوة القضائية لهذا النظام لتعمل تحت تصرف علي خامنئي بشكل مباشر . النظام الدكتاتوري للملالي يقوم بالإعدام تحت اسم الإسلام في حين يتعارض الإسلام وقواعده مع وجود السلطات القضائية لهذا النظام ومع الأحكام التي تصدرها فهم قاموا أيضا بتحويل الدين لأداة للقمع وذبح المعارضين لولاية الفقيه. ولهذا السبب فإن أكثر المشمولين بالإعدامات هم من الشبان والنساء لأنهم تعرضوا للظلم والقمع أكثر من الآخرين.

في إيران تحت حكم الملالي هناك شكل آخر للإعدام وهو الشنق على مرأى الناس جميعا في الطرق العامة. مسؤولو هذا النظام قاموا بأخد المجتمع الإيراني كرهينة من خلال تنفيذ الإعدامات وتعليق المشانق في شوارع إيران وقاموا بحقن الخوف والذعر بشكل يومي في حياة الشعب الإيراني. هم يخشون من سقوط نظامهم على يد انتفاضة الشعب الإيراني لو رفعوا أيديهم ولو لمدة قصيرة عن تنفيذ الإعدامات وتعليق المشانق ولهذا السبب استمروا في تنفيذ عمليات الإعدام خلال الأربعين عاما الماضية بشكل دائم.

في إيران الحالية حتى الأطفال تحت سن ١٨ ليسوا بأمان من عقوبة الإعدام. هؤلاء هم ضحايا الظلم والاستبداد تم اعتقالهم وسجنهم وأصدر بحقهم أحكام الإعدام وفيما بعد سيتم تنفيذ حكم الإعدام بحقهم.

لذلك فإن الإعدام أو الشنق في إيران هو هدف سياسي قبل كل شئ بهدف خلق مناخ الرعب والخوف في المجتمع. عقوبة الإعدام لا تطال أبدا هؤلاء الذين يؤيدون النظام حتى ولو ارتكبوا أفظع الجرائم.

هناك مكان في الاحتفال باليوم العالمي لمناهضة عقوبة الإعدام بأن يرتقي المجتمع الدولي بالإدانات لانتهاكات حقوق الإنسان والإعدام في إيران تحت حكم الملالي من خلال تنفيذ إجراءات عملية وكذلك تحويل ملف الإعدامات وانتهاك حقوق الإنسان في إيران لمجلس الأمن الدولي وبهذا الترتيب سيجد المجتمع الدولي مكانه إلى جانب الشعب والمقاومة الإيرانية.

.

.

.

.

*کاتب ومحلل سياسي خبير في الشأن الايراني.

Abdorrahman.m@gmail.com

التصنيفات
سياسة مقالات الرأي

الشعوب العربية كالمستجير من الرمضاء بالنار .. د.فيصل القاسم

كم هي مسكينة شعوبنا العربية التي ترزح تحت نير الظلم والطغيان منذ عقود وعقود. كم ذاكرتها قصيرة كذاكرة الذباب وربما أقصر. لا تتعظ من التاريخ الحديث فما بالك أن تتعظ من التاريخ القديم.

وقد قال وزير الدفاع الإسرائيلي الشهير موشي دايان ذات يوم: “العرب أمة لا تقرأ، وإن قرأت لا تفهم، وإن فهمت لا تفعل”. وهذه المقولة تنطبق على الشعوب العربية بحذافيرها.

ويكفي أن تنظر على مدى سنوات الثورات الماضية إلى ردود أفعال الشعوب وتصرفاتها لتدرك كيف أنها فعلاً تطبق مقولة موشي دايان على أكمل وجه، مع الاعتراف طبعاً أن بعض الشعوب أدركت اللعبة متأخرة، عندما فقدت الأمل بالقوى الكبرى، وأصبحت تردد شعار: “ما لنا غيرك يا الله”.
لطالما ناشدت الشعوب العربية ضباع العالم الكبار كي يساعدوها في ثوراتها على الطواغيت، وكي ينقذوها من كارثتها، وخاصة على مدى العقد الماضي منذ بداية الربيع العربي.

كم من المرات سمعنا المتظاهرين في شوارع الدول العربية يستنجدون بالسيد الأمريكي خصوصاً والغربي عموماً، دون أن يدروا أن هذا الذي يستنجدون به غزا العراق قبل سنوات فقط، وقتل وشرد ملايين العراقيين، وقد وصل عدد الأرامل ذات يوم في العراق المنكوب إلى ملايين الأرامل.

والمضحك أكثر أن بعض الشعوب المسكينة صارت ترى في إسرائيل منقذا، بعدما أن رأت أن الصهيوني أقل بطشاً من حكامها.

لكن تلك الشعوب نسيت أن إسرائيل التي يستنجدون بها هي أكبر حليف للسفاحين والقتلة الذين يدمرون بلادنا ويشردون شعوبنا، ولولاها لما بقوا في أماكنهم يوماً واحداً.
من غزا العراق وهدد بإعادته إلى العصر الحجري كما فعل وزير الدفاع الأمريكي الأسبق رامسفيلد لا يمكن مطلقاً أن ينقذ أي شعب عربي من جلاديه.

ولا تنسوا أن المنقذ الأمريكي المزعوم كان من قبل قد قتل أكثر من مائة وثمانية ملايين هندي أحمر، وهم سكان أمريكا الأصليون كي يقيم امبراطوريته على جماجم الهنود الحمر.

قبل أن تستنجدوا بالأمريكي عليكم أن تقرأوا تاريخه وتاريخ حروبه على دول كثيرة. قليلة هي الدول التي لم تعتد عليها أمريكا عسكرياً أو اقتصادياً.
كيف يمكن أن تستنجد بمحتل كالاحتلال الإسرائيلي الذي يحتل فلسطين والجولان ومن قبل سيناء؟

كيف تتوقعون من هذا المحتل الذي يحاول تركيع كل بلدان المنطقة وإخصاءها كي يبقى الديك الوحيد فيها، كيف تتوقعون منه أن يساعدكم على التخلص من جلاديكم وطواغيتكم؟

ألا يجد هذا المحتل في أولئك الطواغيت الأداة الأفضل لإخضاع الشعوب وتدمير الأوطان وإعادتها عقوداً إلى الوراء كي ينام هو قرير العين؟ كيف تتوقعون من المحتل أن يساعدكم على نيل حريتكم وحقوقكم؟

ألا يصبح في خطر شديد عندما تتحرر الشعوب وتمسك بزمام قرارها الوطني؟ أليس من الأفضل له أن يراكم تحت نعال الجنرالات الذين يقدمون له أكبر خدمة سواء بشكل مباشر أو بشكل غير مباشر؟
ما أسخف الذين يذهبون إلى أمريكا ليطلبوا منها تطبيق الديمقراطية في بلادنا وتخليصها من الجنرالات والديكتاتوريات، مع العلم أن هؤلاء الجنرالات تم تنصيبهم مباشرة من العواصم الكبرى وليس من قبل الشعوب؟ يذكر معارض عربي زار واشنطن قبل الربيع العربي أنه طلب من الأمريكيين أن يساعدوه في تطبيق الديمقراطية في بلاده، فسألوه: “وما الثمن الذي يمكن أن تدفعه كي نساعدكم”، فقال: “ليس لدي شيء أقدمه لكم، وقد جئتكم مستنجداً كونكم أكبر قوة ديمقراطية في العالم”، فضحك المسؤول الأمريكي وقال: “أيها المغفل: إن الطغاة والمستبدين الذين جئت تشتكيهم إلينا يقدمون لنا الأرض وما عليها، فكيف تريد منا أن نقضي عليهم ونتبناك؟” لقد كان شعار أمريكا على الدوام: “إدفع أكثر تحكم أطول”.

كم يا ترى دفع هؤلاء الطواغيت لضباع العالم كي يحافظوا عليهم في مناصبهم حتى لو دمروا بلدانهم وشردوا الملايين من شعوبهم؟ كم؟
ألا تعلمين أيتها الشعوب أن القوى الكبرى هي التي نصبت هؤلاء الطغاة والجنرالات حكاماً عليك؟ ألا تعلمين أنها هي التي تدعمهم وتمدهم بوسائل القهر والتعذيب لإذلالك وتركيعك؟

ألا تعلمين أن ضباع العالم هم من يحمون كلاب الحراسة في بلادنا العربية؟ ألا تعلمين أن القوى الكبرى هي التي أفشلت الانتفاضات الشعبية العربية وأعادت تمكين كلابها فوق صدور الشعوب؟
ألا تعلمين أن إسرائيل هي السند الحقيقي والداعم الحقيقي والمحافظ الحقيقي على الوحوش الضارية التي تحكمنا وتنهش لحوم الشعوب؟ لا يمكن مطلقاً الاستنجاد بوحش على كلب حراسة.
“نرجو الخلاص بغاشم من غاشم….لا ينقذ النخاس من نخاس”.