لبنان: أكثر من مليون و200 ألف نازح ومعاناة السوريين تتفاقم

 

 

 

 

 

فيما تستمر الغارات الإسرائيلية على لبنان، تزداد أعداد النازحين داخليا وتتجاوز مليون ومئتي ألف، فإلى أين نزحوا؟ وماذا عن وضع اللاجئين السوريين الذين يواجهون معاناة مضاعفة مع عدم قدرة الكثير منهم على إيجاد مساكن آمنة؟

 

الحكومة اللبنانية أعلنت الخميس 3 تشرين الأول/أكتوبر، أن عدد النازحين داخليا لا يقل عن مليون ومئتي ألف نازح. لا سيما وأن موجة النزوح بدأت منذ حوالي عام بالتزامن مع الحرب في غزة، وكانت تمس بشكل أساسي مدن جنوب لبنان. لكن منذ 23 أيلول/سبتمبر واغتيال حسن نصر الله الأمين العام لحزب الله اللبناني، تكثفت الغارات الإسرائيلية على لبنان واتخذ تدفق النزوح منحى آخر.

وهناك أيضا عشرات آلاف الأشخاص ممن قرروا مغادرة لبنان والتوجه إلى سوريا. وبحسب آخر أرقام مفوضية اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، هناك أكثر من 160 ألف شخص ممن عبروا الحدود عبر المعابر الرسمية، حوالي 60% منهم من السوريين. وعلى الجانب الآخر من الحدود، تستقبل محافظتا طرطوس واللاذقية، غرب سورية العديد من العائلات، في حين أعلنت محافظات حمص ودمشق وريف دمشق أنّها تهيّئ لاستقبال آلاف النازحين.

 

 

 

 

لكن صباح اليوم الجمعة نفذت إسرائيل تهديداتها وضربت طريق معبر المصنع الحدودي (جديدة يابوس) الذي يسلكه آلاف الأشخاص يوميا للفرار من القصف الإسرائيلي على لبنان. ولم يبق أمام المدنيين الكثير من الخيارات للهرب من الغارات الإسرائيلية المستمرة.

وكشف وزير النقل اللبناني علي حمية لوكالة رويترز أن الضربة وقعت مباشرة بعد المعبر على الحدود السورية، وأحدثت حفرة بعرض أربعة أمتار داخل الأراضي اللبنانية. وجاء ذلك بعدما اتهم المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي، أمس الخميس، حزب الله باستخدام المعبر في تهريب الأسلحة من سوريا إلى لبنان.

 

وضع كارثي واحتياجات هائلة

 

من أجل استيعاب الأعداد المتزايدة من النازحين في لبنان، فتحت البلديات المدارس الرسمية لاستقبال الفارين من القصف والذين بينهم عدد كبير من النساء والأطفال الذين تركوا منازلهم على عجل دون أي من حاجياتهم وممتلكاتهم.

ماريون فابر مسؤولة برنامج الصحة في مؤسسة “عامل” تشير لمهاجرنيوز إلى أن هناك حوالي 250 ألف نازح متوزعين على 880 مركز إيواء في جميع أنحاء لبنان، أما الباقي فقد غادروا بوسائلهم الخاصة ويتدبرون أمورهم بأنفسهم.

“الوضع كارثي واحتياجات النازحين هائلة” في لبنان، بحسب وصف المنظمات المحلية. وتقول الناطقة باسم منظمة ” première urgence” ونائبة إدارة العمليات في الشرق الأوسط إيلزا سوفتيك إن نقاط الإيواء الجماعية مكتظة، موضحة أنها “عبارة عن مدارس أو صالات رياضية وهي غير ملائمة حقا لإيواء هذا العدد الكبير من النازحين”.

وتحذر خلال حديثها مع مهاجرنيوز من “نقص في كل شيء، إن كان ذلك بما يتعلق بفراش النوم أو مستلزمات النظافة أو الأدوية”، لا سيما وأن هناك نساء حوامل ومصابين ومرضى ليس لديهم وصول إلى رعاية صحية، “الكثيرون لا يزالون تحت الصدمة ومنهم من يعيش النزوح للمرة الثانية أو الثالثة” في بلد يعاني أصلا من أزمة اقتصادية خانقة ووضع سياسي واجتماعي هش.

نقاط الإيواء والمراكز الصحية والبنى التحتية عموما ليست بمأمن من الغارات الإسرائيلية، حسبما تؤكد سوفتيك، معربة عن تخوفها من تكثيف الضربات وسلامة المدنيين والفرق الناشطة على الأرض، وكأن “سيناريو غزة” يتكرر من جديد، في إشارة إلى استمرار وقوع ضحايا مدنيين منذ ما يقرب من عام بسبب الغارات الإسرائيلية.

 

تفاقم أوضاع السوريين

 

وفي لبنان حيث يعيش حوالي مليون ونصف المليون سوري، يواجه هؤلاء واقعا صعبا، ويعاني معظمهم من ضعف متزايد نتيجة النزوح المتكرر والواقع المعيشي الصعب، الذي ازداد تدهورا في الأعوام الماضية مع رغبة السلطات اللبنانية تقليص أعداد السوريين ودفعهم إلى بلدهم.

قبل ضربة اليوم الجمعة، تمكن بعض السوريين من العودة إلى بلدهم عبر المعابر الرسمية، لا سيما عبر نقطة المصنع أو جديدة يابوس. لكن ذلك لم يكن متاحا للجميع، إذ يتوجب عليهم دفع رسوم مالية وتأمين تكلفة سيارة النقل التي لا تقل عن 250 دولارا، فضلا عن خطر تعرضهم للاعتقال على يد النظام السوري. لذلك هناك أيضا أعداد، يصعب تحديدها، من السوريين الذين يعودون عبر المعابر غير الرسمية ومنها يتوجهون إلى حمص وبعدها إلى الشمال السوري، لا سيما محافظة إدلب.

 

 

 

الناشطة ب.أ قالت خلال حديثها مع مهاجرنيوز إن السوريين ورغم كل ما يحدث لا يزالون يتخوفون من تعرضهم للاعتقال على يد قوات النظام، لذلك لا يجد البعض خيارا سوى العبور إلى سوريا عبر المناطق الجبلية إلا أنهم يقعون عرضة للاستغلال من قبل المهربين ويتخذون طرقا خطرة للعبور.

كما أن هناك أيضا مخاوف لدى السوريين من أن يُجبروا على الانخراط في صفوف الجيش السوري، لا سيما الشباب الذين أمضوا سنواتهم الأخيرة في لبنان دون تمكنهم من تأجيل الخدمة العسكرية الإلزامية.

 

حوادث عنصرية في لبنان

 

وفي ظل الظروف الكارثية التي تشهدها المنطقة ورغم التغطية الإعلامية المحدودة، تدل الكثير من المعطيات على عدم تمكن أعداد كبيرة من السوريين في لبنان بشكل خاص من الوصول إلى مأوى آمن. وفي مثال على ذلك، نشرت مفوضية اللاجئين فيديو يظهر فيه أكثر من 700 سوري تقطعت بهم السبل في العراء في موقف سيارات مكشوف في مدينة صيدا.

 

 

وفقا للشهادات التي جمعها مهاجرنيوز فإن الكثير من السوريين لا يتمكنون من الاحتماء في المدارس الرسمية التي خصصتها البلديات لإيواء النازحين. وكان مركز “وصول” لحقوق الإنسان قد وثق إحدى تلك الحالات في 24 أيلول/سبتمبر، حينما أخلى الجيش اللبناني مدرسة في بعلبك وأشار إلى أن الجيش وضع تلك المدرسة “تحت تصرف النازحين اللبنانيين” فيما بقي السوريون دون مأوى.

وبات يعتمد السوريون على المبادرات المحلية، وتقول الناشطة ب.أ لمهاجرنيوز إن “البلديات أعطت أوامر بفتح المدارس الرسمية للنازحين لكننا اكتشفنا لاحقا أنها لا تسمح للسوريين بالدخول إليها، لذلك حاولنا مع ناشطين محليين تشكيل خلية أزمة لمساعدة العائلات. ونحاول تلبية الاحتياجات ضمن المتوافر معنا لكننا لا نستطيع سوى سد حاجة قليلة من الاحتياجات وستنفد مواردنا قريبا. وبدأنا نلاحظ انتشار حالات القمل وهناك خوف من الجرب أيضا”.

وتضيف أن “بعض الجمعيات التي كانت تدير بعض الصفوف التعليمية في كرفانات مسبقة الصنع فتحت 3 نقاط إيواء خلال الأيام الماضية، في مكسه وسعدنايل، لمساعدة حوالي 100 عائلة سورية تقطعت بهم السبل في الشوارع بعدما غادوا منازلهم بملابسهم فقط. لم يتمكنوا من جلب أي من احتياجاتهم معهم.

شهدت الناشطة أيضا على الكثير من الحوادث العنصرية التي تعرضت لها عائلات كانت تشردت قرب دوار زحلة بعدما نزحوا من صور إلى صيدا ومنها إلى البقاع. “بعض الأشخاص لم يتمكنوا حتى من البقاء في الشارع وتم رشهم بالماء. وعلمنا أن السلطات أصدرت تعليمات بعدم السماح لأي سوري بالبقاء في الشوارع. إما مركز إيواء أو الترحيل إلى سوريا”.

السوريون يعيشون التهجير من جديد وهذه المرة يضاف إليها التهديد بالترحيل إلى سوريا، “كل ذلك يعيد لذاكرتي مشاهد سنوات الحرب السابقة. والخوف الأكبر لي أن تستمر الضربات الإسرائيلية وتتحول هذه الأزمة إلى معاناة جديدة للسوريين وحوادث عنصرية تؤدي إلى حصول موجات ترحيل أوسع”.

 

 

 

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى