كيف تعمل الأجهزة الاستخبارية الإيرانية في أوروبا؟

 

 

في آخر تحديث له حول التهديدات الأمنية الوطنية ضد المملكة المتحدة، كشف مدير عام جهاز المخابرات البريطاني كين ماكالوم أنه منذ يناير 2022، واجهت السلطات (20) مؤامرة مدعومة من إيران تستهدف المواطنين والمقيمين في المملكة المتحدة. وأضاف أنه في هذه المؤامرات، “يت استخدام المجرمين على نطاق واسع كوكلاء – من تجار المخدرات الدوليين إلى المحتالين من المستوى المنخفض”. في الواقع، هذا هو الاتجاه الذي نشهده في جميع أنحاء أوروبا.

في سبتمبر 2024، كشف المحققون في ألمانيا وفرنسا مؤخراً عن قيام عملاء إيرانيين ـ يعملون من خلال تجار مخدرات أوروبيين يعيشون في إيران ـ بتوظيف مجرمين أوروبيين للقيام بمراقبة اليهود والشركات اليهودية في باريس وميونيخ وبرلين. وبعد إلقاء القبض عليه، اعترف أحد المجرمين الفرنسيين بأنه حصل على ألف يورو مقابل التقاط صور لمنزل أحد المستهدفين في ميونيخ في أبريل 2024. ووفقاً لجهاز الاستخبارات الداخلية الفرنسي، فإن “الأجهزة الإيرانية تكيفت مع أسلوب عملها، وهي الآن تفضل بشكل أكثر منهجية استخدام أشخاص من الدوائر الإجرامية” لتنفيذ هجماتها في الخارج.

وبالاعتماد على مجموعة بيانات طورها أحد المؤلفين (ليفيت)، يوضح تحليل الاتجاهات بوضوح أنه في أعقاب مؤامرة تفجير إيرانية فاشلة عام 2018 خارج باريس، والتي أدت إلى اعتقال وإدانة دبلوماسي إيراني لدوره في المؤامرة، استغل القادة العملياتيون الإيرانيون، وتحديدًا الحرس الثوري ووزارة الاستخبارات والأمن الداخلي، بشكل متزايد الشبكات الإجرامية كوكلاء لتنفيذ هجمات في الخارج لتوفير مسافة بين طهران والعمليات في الخارج.

أنتج معهد واشنطن خريطة تفاعلية تعتمد على مجموعة البيانات هذه والتي تصور العمليات الخارجية الإيرانية – الاغتيالات والاختطاف والترهيب ومؤامرات المراقبة – في جميع أنحاء العالم وتُظهر زيادة ملحوظة في النشاط العملياتي الإيراني في أوروبا، حيث شملت العديد من هذه المؤامرات مجندين إجراميين.

 

العمليات الإيرانية الأخيرة في أوروبا

 

واصل العملاء الإيرانيون الانخراط في مؤامرات الاغتيال والاختطاف والترهيب والمراقبة التي تستهدف معارضي النظام في جميع أنحاء العالم. وقد وقعت العديد من هذه المؤامرات في أوروبا، من اغتيال ابن شقيق الشاه، شهريار شفيق ، في باريس في ديسمبر 1979، إلى طعن الصحفي الإيراني بوريا زراعتي في لندن في مارس 2024.

استنادًا إلى مجموعة البيانات للعمليات الخارجية الإيرانية، والتي تم تصويرها في الخريطة التفاعلية للعمليات الخارجية الإيرانية والجدول الزمني، من بين (218) مؤامرة في مجموعة البيانات الإجمالية التي تغطي عام 1979 حتى العام 2024، وقعت (102) مؤامرة في أوروبا. ارتفعت وتيرة النشاط العملياتي الإيراني في أوروبا، حيث حدث أكثر من نصف هذه المؤامرات (54 حالة) بين عامي 2021 و2024. ركزت هذه العمليات على استهداف المنشقين الإيرانيين (34 حالة)، بما في ذلك الصحفيون الذين يبثون الأخبار باللغة الفارسية التي تفضل طهران عدم رؤيتها، والمواطنين والدبلوماسيين الإسرائيليين (10 حالات)، واليهود (7 حالات).

علاوة على ذلك، من بين هذه المؤامرات الـ (54)، تضمنت (16) مؤامرة استخدام مجرمين لتنفيذ الهجمات. استهدفت (6) من هذه الحالات المنشقين أو الصحفيين الإيرانيين، واستهدفت (7) دبلوماسيين أو سفارات إسرائيلية، واستهدفت (4) يهودًا أو مؤسسات يهودية.

يلاحظ من المخطط التي أطلقت عليها المخابرات الإيرانية لقب ” الزفاف ” لاغتيال مذيعي أخبار إيران الدولية في لندن. فقد استأجر الحرس الثوري الإيراني مهربًا للبشر لاغتيال فرداد فرحزاد والمذيعة السابقة سيما ثابت اللذين صنفتهما وحدة الحرس الثوري الإيراني 840 كأهداف في نوفمبر 2022. وبدأ المهرب العمل مع المخابرات الإيرانية في عام 2016 وتم تجنيده لدوره كمجرم عابر للحدود الوطنية مقيم في أوروبا.

 

كيف يتم استخدام المجرمين في أوروبا

 

تشير التقارير أن إيران تستخدم بشكل متزايد تجار المخدرات وغيرهم من المجرمين في إيران كوسطاء لتجنيد المجرمين لتنفيذ هجمات في الخارج. وبالنظر في قضية أوميت ب.، وهو تاجر مخدرات من منطقة ليون في فرنسا من أصول تركية، والذي يقال إنه يعمل الآن انطلاقاً من إيران. ووفقاً لتقارير الاستخبارات الغربية، فإنه يُسمح له بالاختباء في البلاد بعيداً عن متناول المحققين الأوروبيين، وفي المقابل يساعد النظام في التخطيط لهجمات ضد اليهود والإسرائيليين.

هذا يوازي قضية ناجي إبراهيم زندشتي، الذي وصفته وزارة الخزانة الأميركية بأنه “تاجر مخدرات مقيم في إيران”، وأن شبكته الإجرامية “نفذت العديد من أعمال إجرامية العابرة للحدود الوطنية بما في ذلك الاغتيالات والاختطاف عبر ولايات قضائية متعددة في محاولة لإسكات منتقدي النظام الإيراني”.

في المقابل، تشير وزارة الخزانة الأميركية إلى أن “قوات الأمن الإيرانية تحمي زندشتي، مما يمكّن زندشتي من الازدهار في سوق المخدرات في البلاد، وتنفذ عمليات نيابة عن إيران وتُظهِر البيانات أن إيران تستفيد بشكل متزايد من شبكات إجرامية مثل هذه في عملياتها الدولية. ولا تستخدم إيران أفراداً لديهم ماضٍ إجرامي فحسب، بل وجماعات الجريمة المنظمة أيضاً.

 

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى