أكد “تجمع أحرار حوران” أن الجنوب السوري تحوّل بعد اتفاق التسوية بين النظام السوري وفصائل المعارضة في تموز 2018 إلى أحد أهم بؤر تصنيع وتجارة حبوب الكبتاغون في سوريا والمنطقة.
وقال التجمع في تقرير له: “نظرًا لأهمية الجنوب من الناحية الجيوسياسية، استغل النظام بدعم من الميليشيات الإيرانية هذا الموقع المهم ليكون منطلقًا لعمليات التهريب نحو الأردن والسعودية في ظل عقوبات غربية منذ العام 2011، ما جعل تجارة الكبتاغون تدر أرباحًا طائلة على النظام وحلفائه، بلغت بحسب مجلة دير شبيغل الألمانية 5,7 مليار دولار في العام 2021”.
وأوضح التقرير أنه مع التسارع في التطبيع بين الدول العربية والنظام السوري، برزت تجارة وتهريب المخدرات عبر الحدود كأحد أهم النقاط التي اعتبرت شائكة بين الأطراف، فالدول العربية اشترطت أن يتم إيقاف تهريب المخدرات عبر الحدود، كخطوة يقدمها الأسد للجامعة العربية لإعادته إلى مجلس الجامعة من جديد.
وأضاف: “نتيجة للتفاهمات بين الطرفين، شنت طائرات يعتقد أنها أردنية غارات جوية على بلدة خراب الشحم في ريف درعا الغربي، حيث يوجد أحد مصانع حبوب الكبتاغون، لكن المعلومات التي حصل عليها تجمع أحرار حوران تشير إلى أن الموقع كان فارغًا أو تم إخلاؤه قبل وقت كافٍ من الغارة، فيما استهدفت الغارة الثانية تاجر المخدرات الشهير في منطقة الشعاب ببادية السويداء، مرعي رويشد الرمثان، ما أدى لمقتله مع عدد من أفراد أسرته”.
واعتبر أن الغارات الجوية كانت بوابة لتحركات من النظام السوري الذي يحاول إيهام الدول العربية بالبدء بمكافحة المخدرات في سوريا، لكن على الأرض لم ينتج عن هذه التحركات أي نتائج إيجابية من شأنها وقف تصنيع المخدرات أو تهريبها.

*إخلاء للمواقع ومغادرة المهربين

كشف التقرير أن الغارات الجوية دفعت مصنعي ومهربي المخدرات المعروفين في محافظة درعا إلى مغادرتها، وعلى رأسهم “رافع الرويس” والذي يمتلك عدة مزارع بالقرب من الشريط الحدودي الأردني قرب بلدة المتاعية، وهو من المطلوبين بشدة في قضايا المخدرات، حيث غادر إلى لبنان بعد يوم واحد من مقتل الرمثان، بالتنسيق مع ميليشيا “حزب الله” الذي يعتبر الرويس تابعًا لها في المنطقة.
وذكر أن النظام قام من خلال مجموعات محلية تابعة للأمن العسكري بتنفيذ مداهمات، منها طال مزرعة للرويس بين بلدتي الندى ومعربة في ريف درعا الشرقي، واعتقال شخصين كانا متواجدين فيها، في 15 من أيّار الجاري.
وقال إن مداهمة اخرى طالت “مجمع السالم” في بلدة خراب الشحم العائد لتاجر المخدرات المرتبط بحزب الله والفرقة الرابعة أحمد مهاوش الخالدي المعروف باسم “أبو سالم الخالدي” والمعتقل منذ 4 أعوام في سجون النظام بسبب خلافات مع النظام نفسه على شحنات مخدرات، وتم اعتقال شقيقه وشخص آخر متهم بتجارة المخدرات خلال المداهمة التي حصلت في 14 من أيّار الجاري.
لكن اللافت في المداهمات التي نفذها الأمن العسكري، أن قائد المجموعة، عماد أبو زريق، أحد المتهمين بتجارة وتهريب المخدرات، وهو من الأسماء الواردة على لوائح العقوبات الأميركية والأوروبية التي صدرت مؤخرًا حول مكافحة تجارة المخدرات في سوريا، إضافة لآخرين بينهم مصطفى المسالمة (الكسم) وهو قائد مجموعة تابعة للأمن العسكري، وفقا للتقرير.
ولفت إلى أن المداهمات الأمنية جاءت على خلفية تشكيل لجنة أمنية وسياسية بين الأردن وسوريا، كان وزير الخارجية الأردني، أيمن الصفدي أعلن عنها بعد ساعات من الغارة التي استهدفت الرمثان.
لكن بحسب مختصين لتجمع أحرار حوران، من المبكر الحكم على نتائج الغارة الجوية، والمداهمات الأمنية، فتجارة وتهريب المخدرات لا ترتبط بالشخص المستهدف فقط، وإن كانت قد أحدثت ضجة للتفاهمات بين الطرفين، مؤكدا أن عشرات شبكات التهريب والتجارة ما تزال متواجدة والتي لا يمكن القضاء عليها ما لم تتخذ سلطات نظام الأسد قرارًا قطعيًا بإنهائها، وهذا من المستبعد حدوثه في ظل الأرباح الضخمة التي تدرها هذه التجارة على النظام.

*معامل برعاية الأجهزة الأمنية

بحسب قيادي سابق في فصائل المعارضة بدرعا لجمع أحرار حوران فإنه وعلى الرغم من ادعاءات النظام بمكافحة المخدرات، إلا أن عددًا من مراكز التصنيع لا تزال قائمة حتى الآن، ففي مجمع الغزالي السياحي الواقع في بلدة قرفا، على الأوتوستراد الدولي دمشق – عمان، يتواجد أحد أهم مكابس حبوب الكبتاغون.
ويوجد في المجمع مكبس لإنتاج حبوب الكبتاغون تم اكتشافه مؤخرًا، على الرغم من سيطرة المخابرات الجوية عليه منذ أواخر العام الفائت 2022، ومن ثم وصلت إليه قوات تابعة للفرقة الرابعة وعناصر من ميليشيا “حزب الله” اللبناني، حيث بات المجمع أشبه بالثكنة العسكرية يمنع الاقتراب منها، وفق القيادي.
ولا يتوقف الأمر على مجمع الغزالي، فبحسب المعلومات، فإن هناك نحو 11 مكبس من المكابس الحديثة لتصنيع حبوب الكبتاغون في درعا، تتوزع في مناطق مختلفة بينها حقل كريم في اللجاة، وهو حقل للرمي يسيطر عليه حزب الله اللبناني، وجرت فيه عدة اجتماعات برئاسة القيادي في الحزب المعروف باسم الحاج ولاء مع قادة مجموعات محليين، وبمعرفة من فرع الأمن العسكري الذي كانت تصله تقارير دورية عن هذه الاجتماعات سبق وأن حصل التجمع على نسخة من أحدها.
وتنتشر مكابس أخرى لحبوب الكبتاغون، تسمى المكابس الصغيرة أو اليدوية، وهذا النوع يمكن العمل به في أي منزل، ويقدر عددها بما لا يقل عن 80 مكبس موزعة في عموم محافظات درعا والسويداء والقنيطرة.
بالإضافة إلى المكابس التي نقلها “حزب الله” العام الماضي من حمص إلى السويداء والتي تم العثور على أحدها في مقر القيادي التابع للأمن العسكري، راجي فلحوط، في بلدة عتيل بريف السويداء، وهو من المدرجين على لائحة العقوبات الأميركية الأوربية.
وقال التجمع إنه من الواضح أن النظام السوري لا يمكنه التخلي بسهولة أو بدون مقابل عن تجارة وتهريب المخدرات، وإن كل ما يحاول فعله هو بيع الأوهام للدول العربية لسببين.

الأول هو محاولة تقديم نقاط لهذه الدول لإثبات جديته في تلبية مطالبهم، والثاني محاولة الخروج من دائرة قانون مكافحة الكبتاغون الذي سيدخل حيز التنفيذ مطلع حزيران المقبل ورمي التهم على أشخاص ومجموعات بعيدة عن سلطاته الحكومية.