سجّل الاهتمام بظاهرة التنجيم ومتابعة توقّعات “الأبراج” ازدياداً ملحوظاً في الشارع السوري خلال السنوات العشر الماضية، في ظل تفاقم أزمات المعيشة داخل مناطق سيطرة النظام السوري، مع انعدام الحلول وطرق العلاج على أرض الواقع.         

وكما جرت العادة في الأيام الأخيرة من كل عام، يحتلّ “المنجّمون والفلكيون وقرّاء الطالع والأبراج” شاشات التلفزة ومنصات التواصل الاجتماعي لاستعراض توقعاتهم و”نبوءاتهم” في العام الجديد، والإعلان عن كتبهم التي باتت تحوز اليوم اهتمامَ طيفٍ واسع من السوريين، على اختلاف ثقافاتهم ومداركهم المعرفية، نتيجة تردّي واقعهم المعيشي.

وبحسب تقرير أوردته صحيفة “تشرين” الناطقة باسم النظام، فإن “الأبراج” لم تعد تمثّل وسيلة للتسلية فقط لدى بعض المواطنين، بل أصبحت طقساً من طقوس عاداتهم اليومية، وتحتل جزءاً كبيراً من وقتهم، و”تصل بهم إلى مرحلة الهوس، فيسقطون ما يُذكر فيها على واقع حياتهم وعلاقاتهم الاجتماعية، فتنعكس على حالتهم النفسية وتصبح البوصلة المسؤولة عن تحديد تحرّكاتهم”.

 

إيمان مطلق بالأبراج

 

ونقل التقرير عن “ناريمان” (طالبة جامعية) التي تقول بأن إيمانها بالأبراج “شيء مطلق” في حياتها وتصدقها تصديقاً كلياً. لدرجة أنه حين تقدّم شاب لخطبتها، أول ما سألت عنه هو برجه لمعرفة مدى مطابقته لبرجها، ووصل بها الأمر إلى رفض الخطبة “لعدم توافق البرجين”.

أما “لبنى” (ربة منزل)، فمن كثرة تصديقها لعالم الأبراج، وصل بها الأمر إلى عدم خروجها من المنزل في حال أخبرها برجها بأن يومها سيكون معاكساً، معبرة عن اعتقادها بأن كل ما تقوله الأبراج يحدث معها في الواقع.

ارتفاع نسبة مبيعات كتب “الحظ” والأبراج

 

صاحب مكتبة متخصصة في بيع الكتب، أفاد للمصدر بأنه منذ بداية شهر تشرين الثاني الفائت، زادت نسبة مبيعات كتب الأبراج والحظ بنسبة 30 بالمئة، وبأن معظم من يشتريها هم من طلبة الجامعة الذين “يتراكضون وراء ما تقوله الأبراج”، على حدّ وصفه، موضحاً أن سعر الكتاب يبدأ من 30 ألف ليرة سورية، “بحسب مؤلفه، فكلما كان كاتبه مشهوراً يرتفع ثمن الكتاب”.

بدورها، أشارت الباحثة الاجتماعية “أسمهان زهير” إلى أن متابعة الأبراج والشغف بها “حالة غير صحية على جميع فئات المجتمع الذين يرغبون في معرفة مستقبلهم”.

وأشارت “أسمهان” إلى أن ما يعانيه الشباب على وجه الخصوص من أزمات في العمل والعاطفة، سبب في الإرهاق اليومي الذي يدفعهم للهرب إلى قراءة الأبراج بدافع التسلية والترفيه، وقد يترافق معه شعور نفسي يجعله يعتمد على ما يقال فقط في برجه وعلى وسائل التواصل الاجتماعي التي تتناول برامج تتعلق بالأبراج لمدة سنة، وبالتالي يسيّر حياته اليومية انطلاقاً مما يقال.

وأضافت بأن هناك العديد من الأسباب النفسية للاستماع للأبراج، على الرغم من إدراك بعض الأشخاص بأنها ليست وسيلة لمعرفة المستقبل، ومنها: الخوف، والأمل، والاطمئنان، وتضميد الجراح الداخلية، بحسب ما نقل المصدر.