ضارباً بتعهّداته عرض الحائط، شنّ الجيش اللبناني حملة اعتقالات طالت قرابة 200 لاجئ سوري، فيما دقّت عشرون منظمة حقوقية دولية ومحلية ناقوس الخطر خشية تسليم المعتقلين لمخابرات أسد.

وقالت مصادر خاصة لأورينت إن قوةً من مخابرات الجيش والجيش اللبناني داهمت قرابة الساعة الخامسة من فجر اليوم منطقة المنصورية بقضاء المتن وشنّت عمليات اعتقال واسعة في صفوف اللاجئين السوريين.

وأضافت أن الاعتقالات طالت عوائل بكامل أفرادها بمن في ذلك النساء والأطفال إضافة إلى عشرات الشبان من بينهم مطلوبون أمنياً ومنشقّون ومطلوبون للتجنيد والخدمة الاحتياطية لميليشيا أسد.

وبحسب المصادر، قاربت حصيلة الاعتقالات نحو 200 شخص، صُودرت بعض ممتلكاتهم كالدراجات النارية، ثم تم زجّهم بشاحنات عسكرية ونُقلوا إلى منطقة وادي خالد تمهيداً لتسليمهم لميليشيا أسد على ما يبدو.

بيان إدانة مشترك من 20 منظمة 

مداهمات الجيش اللبناني تزامنت مع إصدار 20 منظمة حقوقية من بينها “العفو الدولية” و”هيومن رايتس ووتش” بياناً دعا السلطات اللبنانية إلى وقف عمليات ترحيل السوريين وحملات الاعتقال والتحريض ضدهم.

وقالت المنظمات في بيانها إنه منذ بداية نيسان الماضي، نفّذ الجيش مداهمات تمييزيّة لمنازل يقيم فيها لاجئون سوريون في أحياء في كلّ أرجاء لبنان، بما في ذلك في جبل لبنان وجونيه وقب إلياس وبرج حمّود، ثمّ رُحّل معظمهم على الفور رغم أن العديد ممن أعيدوا قسراً مسجّلون أو معروفون لدى “المفوضيّة السامية لشؤون اللاجئين”.

وترافقت عمليّات الترحيل مع إجراءات أخرى ترمي إلى إرغام اللاجئين السوريين على العودة إلى سوريا، حيث فرضت بلديات عدّة في كل أنحاء لبنان إجراءات تمييزيّة ضدّ السوريين، مثل حظر التجوّل للحدّ من تنقلّهم، وتقييد قدرتهم على استئجار المنازل، إضافة إلى ذلك، فرضت بعض السلطات المحليّة على السوريين تزويدها ببياناتهم الشخصيّة، مثل وثائق الهويّة، وبطاقات الإقامة، وإثبات السكن، وهدّدت بترحيلهم إذا لم يفعلوا ذلك.

العائدون تعرّضوا للاغتصاب والتعذيب والاعتقال

المنظمات الـ 20 أكدت كذلك أن “السلطات اللبنانيّة أساءت عن عمد إدارة الأزمة الاقتصاديّة في البلاد، ما تسبّب في إفقار الملايين وحرمانهم من حقوقهم. لكن، وبدلاً من تبنّي إصلاحات ضروريّة للغاية، عمدت السلطات إلى استخدام اللاجئين ككبش فداء للتغطية على إخفاقها. ليس هناك ما يُبرّر إخراج مئات الرجال والنساء والأطفال من أسرّتهم بالقوّة في ساعات الصباح الباكر، وتسليمهم إلى الحكومة التي فرّوا منها”.

وعن مصير من طالهم الاعتقال أكد شهود للمنظمات أنّ الجيش اللبناني اقتاد المرحّلين إلى الحدود وسلّمهم مباشرة إلى ميليشيا أسد التي اعتقلت وأخفَت بعضهم.

وأكد البيان أن المنظمات اللبنانية والدوليّة تُواصل توثيق الانتهاكات المروّعة التي ترتكبها ميليشيا أسد وقواته الأمنية ضدّ العائدين السوريين، بمن فيهم الأطفال، مثل الاحتجاز غير القانوني أو التعسّفي، والتعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيّئة، والاغتصاب والعنف الجنسي، والإخفاء القسري.

وطالب البيان لبنان بعدم إعادة أو تسليم أي شخص معرّض لخطر التعذيب، بصفته دولة طرفاً في “اتفاقية مناهضة التعذيب”  كما إنه وبموجب القانون اللبناني، لا يُمكن إصدار قرارات ترحيل إلّا من قبل سلطة قضائيّة أو بقرار من المدير العام للأمن العام في حالات استثنائية وبناءً على تقييم فرديّ.

وحذّر البيان من تصاعد الخطاب المناهض للاجئين، الذي يعتمد في جزء كبير على معلومات مضلّلة، يُساهم في العنف والتمييز ضدّ اللاجئين، مطالباً وسائل الإعلام والشخصيات السياسيّة بحماية حقوق جميع الناس في لبنان، بما في ذلك اللاجئون، وليس التحريض على العنف ضدّهم”.

كما دعا السلطات اللبنانية إلى الامتناع عن فرض تدابير تمييزيّة واستخدام عبارات مُهينة ضدّ اللاجئين السوريين. كما يتعيّن عليها احترام الاصول القانونية والتأكّد من أنّ كلّ من يواجه خطر الترحيل إلى سوريا لديه فرصة لمقابلة مُحامٍ، ومقابلة المفوضيّة والدفاع عن حقّه في الحماية من الترحيل أمام محكمة مختصّة وينبغي على المحاكم كذلك حظر أيّ ترحيل يرقى إلى الإعادة القسريّة.

تعهدات قائد الجيش “حبر على ورق”

وصباح أمس الأربعاء، شنّ الجيش اللبناني حملة اعتقالات طالت نحو 50 شخصاً في مخيمات ومنازل اللاجئين السوريين شمال شرق بلدة “غزة” بريف البقاع الغربي، رغم إعلان قائد الجيش العماد “جوزيف عون” وقف عمليات الترحيل ومنح المخالفين فرصة لتسوية أوضاعهم.

وسبق أن أفادت مصادر من اللاجئين السوريين في لبنان لـ “أورينت نت” بأن مخابرات الجيش اللبناني اعتقلت نحو 400 سوري خلال حملة دهم واعتقالات في مناطق “لالا وبعلول والقرعون” في البقاع الغربي.

فيما قالت الشبكة السورية لحقوق الإنسان في بيان لها، إن الحكومة اللبنانية أعادت 168 لاجئاً سورياً خلال نيسان الماضي، مشيرة إلى أن نظام أسد والميليشيات الإيرانية يشكلون تهديداً جدّياً على حياة اللاجئين المرحّلين قسرياً.

وشهد لبنان في الفترة الأخيرة تصعيداً غير مسبوق وحملة عنصرية تجاه اللاجئين السوريين في لبنان تم على إثرها ترحيل سوريين إلى مناطق أسد رغم مناشدات منظمات حقوقية وأممية لعدم ترحيلهم لما يترتب عليه من خطر على حياتهم بسبب ميليشيا أسد.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

اورينت