لم يجد أبو أحمد طريقة أفضل من إرسال ابنه البكر إلى التعلّم في حلقات تعليم بالمسجد المجاور لسكنه بدلاً من المدرسة، بعد أن بات شراء القرطاسية حكراً على فئة محدودة من السوريين.

 

يقول أبو أحمد: “أعرف هنا في عربين العديد من العوائل قرروا الاعتماد على الكتاتيب بدلاً من المدارس، فراتب الموظف يكفي لشراء عشر دفاتر، والعائلة التي لديها خمسة تلاميذ بحاجة إلى نحو مليون ليرة لشراء قرطاسية بعد أن بات سعر الدفتر الواحد نحو 16 ألف ليرة سورية وسعر الحقيبة يتجاوز المئة ألف ليرة”.

 

ويضيف أبو أحمد لأورينت نت “كل عائلة بسوريا تحتاج على الأقل مليون ونصف المليون ليرة لتأمين الحد الأدنى للمعيشة، فالأسعار باتت ضرباً من الخيال، فمثلاً سعر كيلو البطاطا 5000 ليرة، والبندورة 2000 ليرة، وسعر كيلو الثوم 15 ألف ليرة، والفيلفلة 3000 ليرة، والباذنجان 4000 ليرة سورية قبل موسم المكدوس، أما الفواكه فغابت كلياً عن مطابخ السوريين بعد أن بات سعر كيلو التفاح بـ5000 ليرة، والدراق 10 آلاف ليرة، وكيلو البطيخ الأحمر 4000 ليرة، والعنب البلدي لنحو 8000 ليرة وكله إنتاج محلي”.

 

ويبلغ الحد الأدنى لرواتب العاملين في القطاع العام حوالي 186 ألف ليرة سورية (نحو 13 دولاراً أمريكياً)، وذلك وفق آخر مرسوم تضمن زيادة على الرواتب منتصف آب الماضي.

 


ومؤخرا حذّر منسق الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة مارتن غريفيث من أن الصراع المستمر منذ 12 عاماً في سوريا، دفع 90% من سكانها إلى العيش دون خط الفقر، منبهاً إلى أن الملايين سيواجهون تقليصاً في المساعدات الغذائية بسبب نقص التمويل.

 

وقال غريفيث إن نداء الأمم المتحدة الإنساني لسوريا بقيمة 5.4 مليارات دولار، وهو الأكبر في العالم، جرى تمويله بنسبة 12% فقط، ما يعني أن المساعدات الغذائية الطارئة لملايين السوريين قد تنقطع بنسبة 40%.

ويرى التربوي إسماعيل حمد أن كلفة التعليم المرتفعة تدفع إلى تسرّب التلاميذ من مقاعد الدراسة ليجد التلميذ نفسه في الشارع أو في سوق العمل الشاق مقارنة بعمره، وللأسف النظام تنصّل من مجانية التعليم بشكل غير مباشر مع انتشار المدارس الخاصة، والأهم أن القدرة الشرائية للمواطن السوري لم تعد تمكّنه من تأمين أساسيات الحياة، فكيف بالتعليم الخاص.

 

وناشد حمد الأهالي بأن يحاولوا أن يبحثوا عن أي طريقة للاستمرار في تعليم أطفالهم وعدم الاعتماد على النظام الذي تنصّل من كافة مسؤولياته تجاه الشعب وأرهقهم بالضرائب ورفع الأسعار، وقال حمد “حتى لو اضطرّ الأهالي إلى إرسال أبنائهم إلى الكتاتيب يبقى أفضل من حرمانهم من التعليم، لأن الحال لن يدوم على ما عليه، وهذه السنوات المفقودة من التعليم يصعب تعويضها في حال انقطع التلميذ بشكل كامل عن التعليم”.

 

وكان لافتاً في الحراك الثوري الذي تشهده السويداء عبارة “أنا طالب سوري ما معي حق أقلام” لتعكس مدى الإفقار ومحاربة التعليم الذي مارسه النظام ضد السوريين ليوصلهم لحال بات فيها القلم والدفتر حسرة على طلبة العلم.

 

 

 

 

اورينت