أعرب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، على هامش مؤتمر عقد في سويسرا الأسبوع الماضي، عن أسفه من أن طالبي اللجوء لا يأتون دائما من بلدان تشهد حروبا وصراعات. لكن ماكرون يثير اللغط بذلك حول حق الحماية الدولية الذي، في الواقع، لا يُمنح فقط للأشخاص الفارين من الصراعات، وإنما لكل المستضعفين والخاضعين لاضطهاد على أساس ديني أو عرقي أو بسبب آرائهم السياسية أو الانتماء إلى فئة اجتماعية معينة، حسب المعطيات التي حددتها اتفاقية جنيف لعام 1951.

 

استنكر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون طلبات اللجوء التي وصفها بـ”الاقتصادية” مشيرا إلى أنه “لا توجد حرب في الدول الرئيسية التي تأتي منها طلبات اللجوء”، وذلك في معرض نقاش مع طلاب جامعة لوزان تحت عنوان “لنتحدث عن أوروبا” يوم الخميس الماضي على هامش مؤتمر عقد يومي 15 و16 تشرين الثاني/نوفمبر في سويسرا.

 

وربط ماكرون أكثر من مرة حق اللجوء السياسي بالمناضلين من أجل حرية التعبير وبأن القادمين من بلدان آمنة يأتون إلى أوروبا لأسباب اقتصادية متذرعين بمعرفتهم للإجراءات من أجل الحصول على حق اللجوء، وبأن هذا الحق أصبح “مظلة” للهجرة الاقتصادية، وذلك أثناء إجابته إحدى طالبات الجامعة التي سألته عن تقصير أوروبا ومسؤوليتها تجاه القادمين من بلدان النزاعات وكون أوروبا فرصتهم الوحيدة للبقاء على قيد الحياة.

 

ماكرون يثير اللغط بإجابته تلك حول حق الحماية الدولية الذي يعطى لطالبي اللجوء حتى غير الفارين من الصراعات. المنفيون الحاصلون على حق اللجوء قد يكونوا فروا من بلدانهم نتيجة الاضطهاد، ولأسباب محددة أدرجتها اتفاقية جنيف لعام 1951. تتعلق هذه الأسباب بالعرق أو الدين أو التعبير عن الآراء السياسية أو الانتماء إلى فئة اجتماعية معينة.

 

الشخص مثلي الجنس، على سبيل المثال، الهارب من دولة تحظر وتعاقب المثلية يحصل على وضع اللاجئ في فرنسا (وهذا هو الحال بشكل خاص في السنغال، وهي دولة ليست في حالة حرب). وكذلك الأمر بالنسبة لمن يتعرض دينه للتمييز في بلده الأصلي (كحال الروهينغا في بورما) أو إذا كان معارضا سياسيا في دولة شمولية (الروس مثلا يحصلون على صفة اللاجئين في فرنسا).

 

حق الحماية الفرعية لمواطني البلدان في حالة حرب

 

إضافة إلى ذلك، يمكن أيضا منح تصريح إقامة آخر للفارين من الحرب، يدعى حق الحماية الفرعية. وهذه الحالة “تُمنح لأي شخص لا يستوفي شروط الاعتراف به كلاجئ”. ومن بينهم “المدني الذي يواجه خطر التعرض لتهديد جدي وفردي في بلاده على حياته أو شخصه بسبب أعمال عنف قد تنتشر (…) ناجمة عن حالة نزاع مسلح داخلي أو دولي”، بحسب القانون الفرنسي.

 

لنأخذ حالة السوريين على سبيل المثال: حصل بعض معارضي النظام، الذين شاركوا في الثورة، على وضع اللاجئين في فرنسا. لكن آخرين، من غير الناشطين، حصلوا على حماية فرعية من المكتب الفرنسي لحماية اللاجئين وعديمي الجنسية (أوفبرا) لأنهم كانوا معرضين لخطر القتل في التفجيرات والقصف.

 

وفي عام 2022، سجل مكتب Ofpra “المكتب الفرنسي لحماية اللاجئين وعديمي الجنسية” في فرنسا ما يزيد قليلاً عن 130 ألف طلب لجوء. تلقت محكمة اللجوء الوطنية ما يقرب من 62000 ملف. وفي العام الماضي، حصل أكثر من 56 ألف شخص على الحماية في فرنسا. وأهم الدول التي يأتي منها طالبو اللجوء هي أفغانستان وبنغلاديش وتركيا وجورجيا.