بعد نحو ثلاث سنوات ونصف من مأساة قضاء 39 مهاجرا فيتناميا في شاحنة تبريد اختناقا، أحال القضاء الفرنسي 19 شخصا متورطين في المأساة، للمثول أمام محكمة الجنايات في باريس.

وصلت شاحنة التبريد إلى فرنسا عبر ميناء كاليه في 16 تشرين الأول/أكتوبر 2019 قادمة من المملكة المتحدة. أكملت طريقها باتجاه الحدود البلجيكية وتوقفت يوم 21 تشرين الأول/أكتوبر 2019 في منطقة بيرني الفرنسية.

في 22 تشرين الأول/أكتوبر 2019 وفي تمام الساعة 12:30 ظهرا صعد على متنها رجال ونساء كانوا نزلوا في المكان صباحا، إذ شهد بعض الناس وصولهم في سيارات أجرى وترجلهم منها، اتجهت بعدها الشاحنة المحملة بالأجساد إلى بلجيكا، متهيئة للصعود على متن العبارة المتجهة إلى المملكة المتحدة، عبر مرفأ زيبروج البلجيكي.

كان من المفترض أن يهبط هؤلاء من الشاحنة قريبا ويستنشقون أول أنفاسهم على أرضهم الجديدة، أو هذا على الأقل ما كانوا يعتقدونه. إذ وصلت الشاحنة إلى المملكة وركنها السائق في منطقة غرايز الصناعية، لكن كل من فيها كان قد فارق الحياة. هذا ما كشفته التحقيقات وفق صحيفة “لو باريزيان” ووسائل إعلام أخرى تابعت القضية.

 

قدم المهاجرون من فيتنام ومن ثم فرنسا عبر رواسي أو ألمانيا، أقاموا بعض الوقت إما في منطقة سين سان دوني أو فان دو مارين، ومنها انطلقوا إلى مثواهم الأخير. الشرطة البريطانية هي من فتحت أبواب المقطورة أو ما سمته صحيفة لو باريزيان بالـ”النعش المتحرك” في 23 تشرين الأول/أكتوبر، كاشفة عن جثث 31 رجلا وثماني نساء بينهم فتيان في الخامسة عشر من عمرهما.

سعر رحلة الموت الواحدة 20 ألف يورو

تردد صدى المأساة مسلطا الضوء أكثر على ما تتسبب به شبكات التهريب من جرائم، وخصوصا تلك الشبكة التي كشفت التحقيقات حديثهم عن المهاجرين بوصفهم “بضائع” و”دجاج“ وتقاضيهم ما يصل إلى 20 ألف يورو ثمنا لرحلة الموت الواحدة.

 

بدأت التحقيقات المعمقة في فرنسا وبلجيكا والمملكة المتحدة منذ الكشف عن الحادث، واستمرت نحو ثلاث سنوات ونصف، حدثت خلالها مداهمات وألقت الشرطة القبض على كثيرين وظهر خلالها مشتبه بهم كثر في البلدان الثلاثة، كما كشف عن تفاصيل وخبايا لم تك تعرف من قبل، ذلك حتى يوم أمس الثلاثاء 23 أيار/مايو، عندما أحال قاضيان من قضاة التحقيق الفرنسيان 19 شخصا للمثول أمام محكمة الجنايات في باريس، من دون إعلان تاريخ المحاكمة بعد.

استمرار التحقيقات في بريطانيا وبلجيكا

تتراوح أعمار المشتبه بهم الذين أحيلوا إلى المحكمة بين 21 و58 وهم فيتناميون وفرنسيون وصينيون وجزائريون ومغربيون. سيُحاكم أربعة منهم بتهمة “القتل غير العمد“ وهناك حديث عن تهم متعلقة بالإتجار بالبشر في عصابة منظمة، وهي جريمة عقابها السجن 20 عاما. أما الباقون فسيحاكمون بتهم المساعدة في الدخول غير القانوني والإقامة غير القانونية في فرنسا والانضمام إلى عصابة منظمة والارتباط بعصابة بهدف ارتكاب جرائم، وعقابها السجن عشر سنوات.

 

وتستمر السلطات البلجيكية والبريطانية في تحقيقاتها ومحاكماتها، وفي كانون الأول/يناير 2022 أدين فيتنامي يبلغ من العمر 45 عاما، في بلجيكا بتهمة قيادة “عصابة إجرامية” وحكم عليه بالسجن 15 عاما وغرامة تصل إلى مليون يورو. وكان المُتجِر قد سمح بالمرور غير القانوني إلى المملكة المتحدة لـ”115 شخصا” بين أيلول/سبتمبر وأيار/مايو 2020.