كشفت صحيفة التلغراف البريطانية مزاعم الاحتلال الروسي بشأن الغارة الجوية التي استهدفت سوقاً للخضار بمدينة جسر الشغور بريف إدلب في 25 يونيو/حزيران الماضي، وتسبّبت بمقتل وجرح العديد من المدنيين، بينما ادّعت روسيا أنها قتلت عدداً من الإرهابيين بالمنطقة.

 

صحيفة التلغراف قامت بتعقّب الناجين من الهجوم، الذي يبدو أنه كان الأكثر دموية من نوعه في سوريا هذا العام، وجريمة حرب أخرى ارتكبتها قوات بوتين.

 

وقال أبو سليم أحد مزارعي جسر الشغور لـ “التلغراف”، إن الطائرات الحربية الروسية قتلت ابنه الأكبر، مع ثمانية مزارعين آخرين، مضيفاً أن الأهالي والناجين شعروا بالرعب من الانفجار “الذي يصمّ الآذان”، وظهرت سحب من الغبار تحجب الرؤية.

 

بدوره، ناجٍ آخر ذكر للصحيفة: “فجأة قصفنا الطيران الحربي الروسي أثناء عملنا في السوق، وأُصيب أخي، وجاءت فرق الدفاع المدني السوري ونقلت أخي إلى المستشفى، وهو الآن يتلقّى العلاج”.

 

وتابع: “نعمل هنا لأننا فقراء وننتظر الموسم لكي نبيع الخضار.. هنا نعيش عليها، لكن للأسف الطيران الحربي الروسي يلاحقنا دائماً ويقصفنا”.

 

وقُتل ما لا يقل عن تسعة أشخاص في الدفعة الأولى من الغارات التي خلّفت عشرات الجرحى السوريين منتشرين في أنحاء السوق بين الخيار والطماطم والباذنجان والبطيخ، التي كانت قبل لحظات مصطفّة على أكشاك المزارعين.

 

بعد ذلك بوقت قصير، عادت الطائرات الروسية إلى نفس المنطقة وأطلقت صاروخين آخرين، ما أدى إلى سقوط المزيد من القتلى والجرحى، ليصل عدد القتلى إلى 13.

 

وأكدت الصحيفة أن المجزرة عكست أيضا سجلّ روسيا الدموي في العمل العسكري في سوريا، موضحة أنه منذ عام 2015، عندما بدأ التدخل الروسي في سوريا، قصفت القوات الروسيّة المجتمعات في شمال غرب سوريا وحوّلتها إلى أنقاض وشرّدت عشرات الآلاف، ما أجبر الناجين على العيش في مخيمات على طول الحدود السورية التركية.

 

على الرغم من الصعوبات الهائلة التي تحمّلوها، عاد العديد من السوريين هذا العام بشجاعة إلى منازلهم في منطقة إدلب، جاهدين لزراعة أراضيهم وإعادة بناء حياتهم، وسط تحدّيات الزراعة والطقس القاسي والمِحن.

 

ويعدّ سوق الخضار في قلب شمال غرب سوريا، بمثابة مركز حيوي يلتقي فيه مئات المزارعين من منطقتي سهل الغاب وسهل الروج بمنتجاتهم، بهدف بيع محاصيلهم للتجار والعودة إلى منازلهم حاملين المؤن لعائلاتهم.

 

وكثفت القوات الروسية في سوريا المتمركزة في قاعدة حميميم العسكرية، بما في ذلك مجموعة فاغنر المرتزقة سيئة السمعة، عملياتها في شمال غرب سوريا هذا العام. ويُشتبه في أن الضربات التي تقودها روسيا تستهدف عمداً محاصيل القمح والمناطق الزراعية الأخرى لتجويع السكان المحليين وإجبارهم على قبول المساعدات المتفرقة التي يقدّمها عدوّهم: نظام أسد.