لدي احترام خاص للمعاق الذي يتحدى إعاقته ويحاول الحياة حتى كأبطال الرياضة! فقد قرأت عن سباح شاب كويتي معاق تحدى إعاقته بل وفاز بميدليات عديدة في السباحة.. محمد التركيت لم ينعزل في بيته ويبكي نفسه، ولكنه يعمل باستمرار متحدياً إعاقته، بل وقام بتأسيس مقهى ليعمل فيه بنفسه في بلده الكويت بمساعدة والديه، حيث يخدمون الرواد. المعاق ينزوي غالباً في بيته ويبكي نفسه، أما المعاق الذي يتابع الحياة العادية بل والبطولية، فيستحق منا كل احترام وإعجاب. إنه درس لنا في عدم اليأس، بل وتحدي الإعاقة، ويستحق أن نتعلم منه الشجاعة في مواجهة أقدارنا.

من يثق بهذا الطبيب؟

بالمقابل، هذه هي الوضاعة: ثمة طبيب نسائي يخون شرف مهنته ويلتقط الصور للمريضات اللواتي جئن لاستشارته وقد تعرى (عضوهن) من أجل الفحص الطبي! وأعترف أنني منذ اليوم الذي قرأت فيه هذا الخبر قمت بإلغاء موعدي مع طبيبي المألوف، وقلت لنفسي: ماذا لو كان يلتقط هو أيضاً الصور ويبيعها، وثمة هواة لجمع صور كهذه؟ وهكذا بدلت طبيبي البريء على الأرجح، وذهبت إلى طبيبة نسائية. ثم قلت لنفسي: ماذا لو كانت تلتقط الصور مثله؟ هل كونها امرأة طبيبة، شهادة براءة من الرغبة في الحصول على المال من بيع صور كهذه (للهواة)!
الطبيب الألماني الشهير اعترف بتصويره بالكاميرا الخفية سراً لمريضات بل وعاملات في خلال وجودهن في عيادته حتى في المرحاض!
بمن تثق المرأة إذا فقدت ثقتها بطبيبها/طبيبتها؟ الطبيب الألماني الذي اقترف ذلك تتم محاكمته، ومن طرفي سأرتاح لأشهر من زيارة طبيب/طبيبة نسائية ريثما أنسى هذه الحكاية التي تدل على الوضاعة.

القتل المجاني… لماذا؟

استمعت البارحة في نشرة الأخبار الفرنسية إلى ما فعله ذلك الرجل الذي أطلق النار على أشخاص لا يعرفهم في (السوبر ماركت) ثم انتحر.. لماذا يحب بعض الذين قرروا الانتحار قتل أكبر عدد ممكن من الناس ثم ينتحرون (أو يقتلهم رجال الشرطة)؟
هذه الحوادث تتكرر باستمرار، وآخرها حدث في ولاية تكساس الأمريكية، حتى إن رئيس الجمهورية الأمريكية السيد بايدن، طالب الكونغرس بسن قانون لا يسمح ببيع السلاح لمن شاء.. يلفتنا إلى أن القاتل يقتل أكبر عدد ممكن من الناس قبل أن ينتحر بالرصاصة الأخيرة، أو (يسعده) أن يقتله رجال الشرطة؟ لماذا لا يموت رجل كهذا وحده ويترك الناس تتابع حياتها؟ وأخطر أنواع المنتحرين هم قادة الطائرات. وسمعنا مؤخراً عن قائد طائرة تعمد تحطيمها على الأرض في الطريق لينتحر، لكنه قتل معه بقية الركاب. وأعترف أنني صرت كلما ركبت الطائرة إلى بيروت مثلاً أتمنى ألا يكون قائدها راغباً في الانتحار، وإذا كان كذلك فلينتحر برصاصة في رأسه بدلاً من أن يصطحب معه بقية الركاب (وقد أكون منهم!). وأرتاح حين أعرف من هو اللبناني قائد الطائرة، وأن يكون الله قد أنعم عليه بزوجة وأطفال قد يتطلع إلى لقائهم بقدر ما يتطلع الركاب إلى لحظة هبوط الطائرة في مطار بيروت.

طائرة جنيف والعدو الإسرائيلي

في الفترة التي أقمت فيها في جنيف/سويسرا، كنت في الطائرة التي تستعد لمغادرة مطار بيروت حينما جاءت غارة جوية حربية إسرائيلية. وبعدما ركبنا الطائرة استعداداً لإقلاعها، طلبوا منا الهبوط بسرعة لأن إسرائيل تقصف الطائرات حتى في مطار بيروت.. (ونتوقع كل شر من إسرائيل)، وهكذا مرتين ثم غامر الطيار اللبناني الشجاع وأقلعت الطائرة، وحين وصلنا إلى جنيف أحياء شاهدنا على شاشة التلفزيون في الفندق ما عشناه قبل ساعات في مطار بيروت! وأجمل لحظة في حياتي حين لاحظ ابني (وكان طفلاً في العاشرة من عمره) كم تأثرت وأنا أرى القصف الإسرائيلي على طائرات بيروت في المطار وكنا آخر طائرة تقلع وتغادر إلى جنيف. ما الذي فعله ابني (طفلي يومئذ؟) لقد حمل لي كأساً من الماء وكان أشهى من شمبانيا العالم كله.. فلحظة حنان من أطفالنا هي أجمل ما في الحياة ضد العدوان الإسرائيلي وكل ما يشابهه.. وقد كتبت عن ذلك اليوم المرعب في المطار البيروتي في كتابي «غربة تحت الصفر»، على ما أذكر.

تلك الممثلة الفرنسية ونبل الحنان

أنتقل إلى حكاية مبهجة بعد كل ما تقدم! الممثلة الفرنسية المسنة جوزيان. ب رزقها الله بابن صار شاباً، ولكنها تشعر بالحاجة إلى (طفل)، ولأنها تجاوزت سن الإنجاب قررت أن تتبنى طفلاً. والناس عادة حين يضطرون لتبني طفل (وجوزيان لم تكن مضطرة) يسألون عن صحة الطفل ومدى الذكاء الذي يتمتع به ويتجلى منذ الطفولة، هذا إلى جانب وسامته وعدم وجود بشرة سوداء له ما دامت الأم التي ستتبناه بيضاء البشرة!
ولكن الممثلة جوزيان. ب خالفت هذه القواعد المألوفة كلها وتبنت طفلاً مريضاً لا شفاء له. إنه مرض Otist (الأوتيست) حيث لا ينمو الطفل عقلياً!
وجدت في تبني جوزيان لطفل (أوتيست) عملاً نبيلاً، فهذا الطفل إنسان وبحاجة إلى الحنان.
وفي عالم (متوحش)، يقتل فيه بعض الناس آخرين لا يعرفونهم ثم ينتحرون أو يتركون رجال الشرطة (تنحرهم)، وفي عالم لم يعد فيه المرء يستطيع الثقة حتى بطبيبه النسائي ويكاد يلعن مخترع التصوير، من الجميل أن تظل هنالك لحظة حنان تتدفق من القلب نحو طفل معلق.