هاجم وزير الخارجية اللبناني عبد الله بو حبيب، مجدداً، اللاجئين السوريين في بلاده الفارّين من جرائم ميليشيا أسد، زاعماً أنهم يهددون وجود وأمن البلاد.

وقال بو حبيب في كلمة له أمام الجمعية الإيطالية للمنظمات الدولية في روما، وفق ما نقل موقع “النشرة” اللبناني، إنه لا توجد خارطة طريق واضحة لمستقبل اللاجئين السوريين في لبنان.

ووصف الوزير اللبناني اللاجئين السوريين في بلاده بأنهم “لاجئون اقتصاديون”، مدّعياً أنه لا ينطبق عليهم وصف اللاجئين السياسيين.

وأضاف: “الوضع الدّاخلي في لبنان لا يحتمل ذلك على الإطلاق، والأموال الّتي يتمّ دفعها لدعمهم في لبنان يجب أن تُدفع لهم في سوريا وفقاً للشروط نفسها”.

وفي حين ادّعى أنه في لبنان يوجد مليونا سوري يهددون التوازن بين المسيحيين والمسلمين، أشار بو حبيب إلى أن “الأردن يستضيف أيضاً لاجئين سوريّين، إلّا أنّه تتمّ إدارة أوضاعهم بشكل أفضل هناك”.

ولفت أن “السوريين يعيشون في لبنان منذ 20 عاماً في انتظار الحل، والفلسطينيون منذ أكثر من 70 عاماً. ومع ذلك، لا يمكن للفلسطينيين العودة، بينما السوريون ليسوا لاجئين سياسيين، لكنهم اقتصاديون”.

وكشف بو حبيب أنه تحدّث إلى زعيم عصابة المخدرات في المنطقة بشار أسد و وزير خارجيته فيصل المقداد، “من أجل الاطمئنان على سلامة عودة اللاجئين”، حيث أخبراه أنه “لدى سوريا 40 قانوناً لضمان عدم معاقبة اللاجئين (من بينهم معارضون ومنشقون) بأي شكل من الأشكال”.

“عفو وهمي”

وارتفعت خلال الأشهر الماضية حدة التصريحات والخطابات المناوئة لوجود اللاجئين السوريين في لبنان، حيث طالب العديد من المسؤولين بترحيلهم إلى مناطق سيطرة ميليشيا أسد وهو ما ترفضه حتى الآن المنظمات الدولية وعلى رأسها مفوضية شؤون اللاجئين التي ترى أن الأوضاع الأمنية لا تزال غير ملائمة لهذه العودة.

وسبق أن أصدر بشار أسد العديد من مراسيم العفو “الوهمية” منذ بداية الثورة السورية عام 2011، من بينها الفرار من ميليشياته شرط أن يسلّم الشخص المطلوب نفسه، فيما اعتقل خلال السنوات الماضية الآلاف من العسكريين والمدنيين، وكثير منهم ما زالوا مفقودين في سجونه، ومصيرهم غير معروف.

ترحيل واعتقال

ومنذ منتصف الشهر الماضي، بدأ الجيش اللبناني حملة دهم واعتقالات طالت مئات اللاجئين السوريين قبل أن يتم ترحيلهم إلى مناطق ميليشيا أسد، بينهم منشقّون ومطلوبون لأفرع مخابراته، وذلك رغم التحذيرات الحقوقية من تسليمهم للنظام.

ويعيش معظم الذين تم ترحيلهم ولم يُعتقَلوا على الحدود في حالة من الخوف من الاعتقال من قبل أجهزة ميليشيا أسد الأمنية، حيث سبق أن تم الكشف عن اعتقال الميليشيا العشرات ممن تم ترحيلهم من لبنان وزجّهم في السجون دون معرفة مصيرهم.

وخلال الحملة الأخيرة، اعتقل الجيش اللبناني في منطقة البقاع الغربي لاجئين سوريين ينحدرون من مدينة الزبداني، وقام بتسليمهم إلى ميليشيا الفرقة الرابعة عند حاجز المصنع، والتي أحالت اثنين منهم للخدمة الإلزامية وأطلقت سراح آخرين، في حين لا يزال مصير 4 منهم مجهولاً.

وأصدر مركز “وصول لحقوق الإنسان”، قبل أيام، تقريراً بعنوان “لبنان يتجاوز حقوق الإنسان في ترحيل اللاجئين قسراً”، وثّق فيه ترحيل السلطات اللبنانية أكثر من 300 لاجئ سوري إلى مناطق ميليشيا أسد خلال هذه الحملة العنصرية.

إدانات دولية وحقوقية

وتزامنت مداهمات الجيش اللبناني مع إصدار 20 منظمة حقوقية من بينها “العفو الدولية” و”هيومن رايتس ووتش” بياناً دعا السلطات اللبنانية إلى وقف عمليات الترحيل والاعتقال والتحريض ضد السوريين.

وقالت المنظمات في بيانها إنه منذ بداية نيسان الماضي، نفّذ الجيش مداهمات تمييزيّة لمنازل يقيم فيها لاجئون سوريون في أحياء في كلّ أرجاء لبنان، بما في ذلك في جبل لبنان وجونيه وقب إلياس وبرج حمّود، ثمّ رُحّل معظمهم على الفور رغم أن العديد ممن أعيدوا قسراً مسجّلون أو معروفون لدى “المفوضيّة السامية لشؤون اللاجئين”.

وترافقت عمليّات الترحيل مع إجراءات أخرى ترمي إلى إرغام اللاجئين السوريين على العودة إلى سوريا، حيث فرضت بلديات عدّة في كل أنحاء لبنان إجراءات تمييزيّة ضدّ السوريين، مثل حظر التجوّل للحدّ من تنقلّهم، وتقييد قدرتهم على استئجار المنازل، إضافة إلى ذلك، فرضت بعض السلطات المحليّة على السوريين تزويدها ببياناتهم الشخصيّة، مثل وثائق الهويّة، وبطاقات الإقامة، وإثبات السكن، وهدّدت بترحيلهم إذا لم يفعلوا ذلك.

العائدون تعرّضوا للاغتصاب والتعذيب والاعتقال

وأكدت المنظمات الـ 20 كذلك أن “السلطات اللبنانيّة أساءت عن عمد إدارة الأزمة الاقتصاديّة في البلاد، ما تسبّب في إفقار الملايين وحرمانهم من حقوقهم. لكن، وبدلاً من تبنّي إصلاحات ضروريّة للغاية، عمدت السلطات إلى استخدام اللاجئين ككبش فداء للتغطية على إخفاقها. ليس هناك ما يُبرّر إخراج مئات الرجال والنساء والأطفال من أسرّتهم بالقوّة في ساعات الصباح الباكر، وتسليمهم إلى الحكومة التي فرّوا منها”.

وأكد البيان أن المنظمات اللبنانية والدوليّة تُواصل توثيق الانتهاكات المروّعة التي ترتكبها ميليشيا أسد وقواته الأمنية ضدّ العائدين السوريين، بمن فيهم الأطفال، مثل الاحتجاز غير القانوني أو التعسّفي، والتعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيّئة، والاغتصاب والعنف الجنسي، والإخفاء القسري.

وطالب البيان لبنان بعدم إعادة أو تسليم أي شخص معرّض لخطر التعذيب، بصفته دولة طرفاً في “اتفاقية مناهضة التعذيب” كما إنه وبموجب القانون اللبناني، لا يُمكن إصدار قرارات ترحيل إلّا من قبل سلطة قضائيّة أو بقرار من المدير العام للأمن العام في حالات استثنائية وبناءً على تقييم فردي.