لم تحرز محاولة القوى الكبرى التوصل إلى خطة سلام سورية أي تقدم يذكر لتخطي واحدة من العقبات الرئيسية لإنهاء الحرب ألا وهي تحديد من الذي يصنف إرهابيا وبالتالي يكون هدفا مشروعا للقصف ومن لا ينطبق عليه هذا التصنيف.

ويتفق المشاركون في العملية الديبلوماسية مع تصنيف الأمم المتحدة لتنظيم الدولة_الإسلامية وجبهة النصرة المرتبطة بتنظيم القاعدة جماعات إرهابية وبالتالي مُنعتا من الجلوس إلى مائدة المفاوضات.

ومنذ ذلك الحين لم يتسن التوافق على الفصائل الأخرى التي تخوض الحرب الممتدة منذ خمس سنوات. وتسعى القوى المتنافسة لإدراج الجماعات التي لا ترضى عنها على مسودة قائمة سوداء. في إحدى المراحل لمحت إيران إلى إدراج وكالة المخابرات المركزية الأميركية وحذف من تدعمهم هي من القائمة.

وهذه أكثر من مجرد عقبة في طريق عملية السلام التي بدأت في إطارها محادثات جنيف الشهر الماضي لتتوقف بعد ذلك سريعا. وفي غياب الاتفاق على قائمة فإن بوسع أي طرف من الأطراف المتحاربة أن يصف خصومه بالإرهابيين وبالتالي تكون له حرية مواصلة قتالهم.

وقال ديبلوماسي أوروبي رفيع المستوى “لم تمس هذه القائمة منذ كانون الأول. الصعوبة التي نواجهها أن هناك مئات الجماعات المختلفة على الأرض. والجماعات يمكنها تغيير أسمائها وانتماءاتها يوميا”.

ووافق مجلس الأمن الدولي بالإجماع في كانون الأول على قرار يؤيد خطة دولية لإنهاء الحرب التي أسفرت عن مقتل 250 ألف شخص وتشريد 11 مليونا. واستدعى ذلك إعداد قائمة بالجماعات الموجودة في سوريا التي يجب أن تصنف أو لا تصنف تنظيمات إرهابية.

وبرزت هذه القضية منذ يوم 12 شباط عندما التزمت القوى العالمية بوقف للأعمال القتالية وسط تكثيف الضربات الجوية الروسية الداعمة للقوات الحكومية السورية.

وقال ديبلوماسيون من دول غربية وخليجية و تركيا إن روسيا تحاول تدمير عملية السلام عن طريق سحق جماعات المعارضة التي تدعمها هذه الدول والدفع باتجاه الحل العسكري. وقالوا إن إعداد هذه القائمة نوع من الإلهاء بدأته موسكو التي تقول إن ضرباتها الجوية لا تستهدف سوى الإرهابيين في حين يعتبر الأسد كافة جماعات المعارضة المسلحة أهدافا.

وقال ديبلوماسي غربي “يبدو الأمر كله وكأنه خطة من روسيا لتنحية المحادثات جانبا للتركيز على أمور ليست ذات صلة إلى حد ما. لقد نجح هذا لبعض الوقت”.

وكلفت المجموعة الدولية لدعم سوريا التي تضم قوى إقليمية وعالمية داعمة لجهود السلام التي تقودها الأمم المتحدة الأردن بجمع اقتراحات الأعضاء لصياغة قائمة نهائية متفق عليها.

وأظهرت مسودة قائمة حصلت عليها رويترز ويعود تاريخها إلى ما قبل اجتماع مجلس الأمن الدولي يوم 18 كانون الأول تضاربا كبيرا في الآراء. وتضم القائمة أسماء 163 جماعة يعمل الكثير منها في العراق وكذلك سوريا. وتظهر أي دول تعتبر أي جماعات منظمات إرهابية والجماعات التي توجد حاجة لإجراء المزيد من النقاش بشأنها.

غياب الاتساق

وتشير المسودة إلى أنه لا يوجد نهج متسق إذ تدرج مصر ولبنان وقطر على سبيل المثال عشرات الجماعات تحت هذا التصنيف في حين أن اللائحة الأميركية تتفق مع اقتراح الأردن دون سواه بينما تسمي الصين ثلاث جماعات فقط ولا تتوافر معلومات من عُمان أو #إيران أو بريطانيا.

وسمّت تركيا – بالإضافة إلى تنظيم الدولة الإسلامية وجبهة النصرة- حزب العمال الكردستاني فضلا عن وحدات حماية الشعب الكردية واتحاد جماعات كردستان. وتعتبر أنقرة وحدات حماية الشعب الكردية امتدادا لحزب العمال الكردستاني الذي خاض صراعا امتد لثلاثة عقود من أجل حصول الأكراد على حكم ذاتي في جنوب شرق تركيا. وكانت قطر الوحيدة بخلاف تركيا التي صنفت وحدات حماية الشعب الكردية السورية جماعة إرهابية.

وتصنف الولايات المتحدة والسعودية ودول غيرها جماعة أخرى على القائمة هي جند الأقصى تنظيما إرهابيا لكن روسيا ومصر ولبنان لا تصنفها في هذه الفئة.
واقترحت واشنطن المزيد من النقاش بشأن جماعتي أحرار الشام وجيش الإسلام اللتين تدعمهما السعودية وتريد ضمهما إلى مفاوضات السلام المستقبلية. ولم تصنف فرنسا أيا من الجماعتين على أنها إرهابية. وشهدت العملية مشاحنات مستمرة خلف الأبواب المغلقة.

تشمل اقتراحات مصر في هذا الإطار فيلق_القدس المسؤول عن العمليات الخارجية للحرس الثوري الإيراني الذي يدعم الحكومة السورية وهو أمر أثار غضب وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف.
وقال ديبلوماسي غربي “لمح ظريف إلى إن ايران ربما ستقترح إدراج وكالة المخابرات المركزية الأمريكية أيضا”.

وأشار مسؤول خليجي كبير إلى وجود ثمانية إلى عشرة فصائل رئيسية تقاتل على الأرض. علاوة على ذلك هناك ما بين 50 و150 جماعة متوسطة الأهمية ونحو 1200 مجموعة صغيرة.
وقال المسؤول “انها مثل الذرات التي تحوم أما الجماعات العشر الأكبر فهي مثل الثقوب السوداء التي تستقطب تلك الذرات وفقا لحاجاتها.”
وأشار المسؤول إلى أن الجماعات الأجنبية المقاتلة مثل فيلق القدس وحزب الله اللبناني يجب أن تدرج على القائمة إذا لم تنسحب من ميدان المعركة على الفور.

من هو الإرهابي؟

قال الأسد في 15 شباط إنه يجب الإجابة عن الكثير من الأسئلة قبل أن يتسنى وقف إطلاق النار ومنها تحديد من هو الإرهابي.
وأكّد أن الدولة السورية تعتبر كل من حمل السلاح ضدها إرهابيا.

وقال ديبلوماسي غربي كبير آخر “الجبهات المتداخلة والعدد الكبير من الفصائل التي يتعاون الكثير منها في قتال فصائل أخرى يجعل من الصعب الرد على هذا النوع من الحجج”.

وأضاف “إنه الجدل الذي نخوضه مع المعارضة طول الوقت: أوضحوا صلاتكم بجبهة النصرة. لكن ردهم هو نفسه. تعتمد التحالفات على الأرض أساسا على الاحتياجات والاهتمامات المحلية. الجماعات تتغير بين يوم وآخر وتغير انتماءاتها اعتمادا على ما تحتاجه”.

وتسعى موسكو إلى وضع القائمة وإقرارها في مجلس الأمن الدولي لكن دبلوماسيين غربيين يقولون إن المشروع نُحي جانبا ولا يوجد مؤشر على أن الاردن سيضع قائمة نهائية.

وتابع قوله: “سيكون هذا مستحيلا. فهم الجميع أن المسألة وهمية. لن تكون هناك قائمة إرهاب. هي ستفتح الباب أمام الكثير من الانقسامات. ربما سيتحدث الروس عنها ويدلون بالكثير من التصريحات. لكنني أتحداهم أن يضعوا قائمة ترضي الجميع”.

وأضاف “إنه الجدل المعتاد بأن من يعتبره البعض إرهابيا هو مناضل من أجل الحرية بالنسبة للبعض الآخر. سيكون هذا مستحيلا”.

برس 23| مصدر | وكالات