السوريون ليسوا شعب «الباصات الخضر» … راشد عيسى

محاكمة فيروز هل هي فيلم إسرائيلي حقاً؟ أي حقيقة ستكشف حفيدة صدام حسين؟ والسوريون ليسوا شعب «الباصات الخضر»

 

يشفق المرء، أكثر مما يغضب، لحال المغنية الحلبية ميادة بسيليس وزوجها الملحن سمير كويفاتي في إطلالتهما على برنامج «أجراس المشرق» على قناة «الميادين»، ليس فقط لما يعكسه حديث كليهما من خواء وثقافة سطحية قلّ نظيرها، بل وكذلك بسبب سخرية واحتقار لجزء من أبناء البلد، أولئك الذين جرى الترميز لهم بـ «أصحاب الباصات الخضر».راشد عيسى
مقدّم البرنامج غسان الشامي، الذي أراد لأدائه في الحلقة أن يكون أداء شاعر ناشئ مولع بالإنشاء الرديء، ومنبرية مستهلكة، قال يسأل: «هذا المجتمع الذي بات جزءاً منه، ويجب أن نعترف، أمثال الخارجين بـ»الباصات الخضر»، يكره الموسيقى، يكسر العود والغناء، والشعر، كيف يمكن أن نجذب هذا الجزء من المجتمع إلى الموسيقى التي تنمّي الروح؟».
لم يخطر لبسيليس أن تجيب بالفعل كيف يمكن لذلك «المجتمع» أن يعود إلى الموسيقى، فلعلّها تعرف أن ليس هذا الهدف الحقيقي من سؤال المذيع صاحب البرنامج الفريد في اختصاصه بقضايا الوجود المسيحي الراهن في الشرق، تعرف جيداً أن السؤال هو إيحاء يتوخى هذا الجواب: «هدول تبع الباصات الخضر يروحوا الله معن. يطلعوا بأي لون بدهن ياه. هالباص مو باصنا». هكذا قالت المغنية بالتضامن مع شريكها الملحن ساخرين.
لا بدّ من تذكير بسيليس ورفيقها، لعلّ هناك بقية من ضمير، بالصور التي تداولها إعلام محايد لركاب الباصات الخضر، والتي أظهرت مدنيين من نساء وأطفال إلى جانب أبنائهم من المقاتلين، فهل يستحق ذلك الجزء من السوريين، الذين لا يستطيع قانون في العالم أن يجرّدهم من جنسيتهم، مهما كانوا ضالّين، أن ينكَروا بهذا الشكل، وفي برنامج يقدَّم باسم المسيحية!
وبالمناسبة، إن من أحطّ إبداعات موالي النظام والممانعة الإشارة إلى الباصات الخضر واستعادتها كطريقة للسخرية والشماتة من معارضيهم. تلك بالضبط هي عاركم الذي لا ينسى، عار تهجير سكان البلاد من بيوتهم وبيوت أجدادهم إلى المجهول. الباصات الخضر هي عاركم، ودليل آخر لا يمحى عن توحشكم، على الأقل إلى أن تنقرض الباصات وينقرض اللون الأخضر.

محاكمة فيروز

ما زالت تفاصيل القرار القضائي الأمريكي بحق السيدة فيروز، والذي يلزمها بدفع مبلغ 800 ألف دولار غامضة حتى الساعة. لم تستطع ريما رحباني، ابنة فيروز، أن تجلو غموض القضية، إن لم نقل إنها زادتها التباساً وإثارة حين قالت، حسب ما نقلت وسائل إعلام، باندهاش «ده فيلم أمريكي – إسرائيلي طويل ما ممكن يتفبرك ويصير إلا بأمريكا».
لفيروز موقعها الأكيد في قلوب الملايين، التي بإمكانها أن تصبح دروعاً لحمايتها من ألف شرّ، لكن غريب أن تلجأ الإبنة الرحبانية إلى ذريعة هزيلة، رغم أنها من هذا الحجم الهائل. وما أسهل أن يكتشف المرء أين سمع مثل هذه الحجج من قبل. تلك التي تدفع عن نفسها الاتهام بالحديث عن مؤامرة أمريكية – إسرائيلية كونية.
ذات مرة استعمل زياد رحباني، الابن الأكبر لفيروز، اتهامات من العيار نفسه، حين أراد أن يفسّر ولع الغرب بموسيقى الفنان التونسي أنور ابراهم بكونه يهودياً (وهو ليس كذلك كما هو معروف)، كما اتهم في المقابلة نفسها موسيقى الفنان اللبناني ربيع أبو خليل بأنها «موسيقى صهيونية».
في الإمكان الحديث طبعاً عن مؤامرات أمريكية وإسرائيلية أكيدة لا تنكر، وربما لا تحصى، لكن في ما يتعلق بالقضاء الأمريكي نعرف جميعاً أنه مستقل لطالما وقف أمامه علية القوم الأمريكيون وعلى رأسهم الرئيس الأمريكي الأسبق بيل كلينتون إبان قضيته الشهيرة مع مونيكا.
لا يليق بالعائلة الرحبانية وإنجازاتها الكبيرة أن تلجأ إلى تلفيقات من هذا النوع، لا نحسبها تنطلي، ولا نحسبها تنجي من الحساب. كذلك لا يليق أن يظل الولدان الرحبانيان يتحدثان باسم السيدة الكبيرة، فكلما فتح كل منهما فمه بتصريح قاد العائلة إلى مصيبة جديدة.

حفيدة صدام حسين

حفيدة صدام حسين لابنته رغد، ظهرت في إعلان ترويجي تعد فيه برواية الحقيقة الضائعة بين حقائق عديدة مشوهة ومتصوَّرة. يقول الإعلان إنها ستروي «تفاصيل لم ترو من قبل لأضخم قصة في العصر الحديث، ترويها حرير حسين كامل كما عاشتها».
كما سيجري التقديم للإعلان على قناتها على «يوتيوب» بسطر يقول «حرير حسين كامل، حفيدة الشهيد المهيب صدام حسين، ابنة رغد صدام حسين وشهيد الغضب حسين كامل…. تتكلم عن ما لم يتكلم عنه التاريخ».
الفيديو يشي برغبة في التمثيل أكثر من رغبة بالقول، إذ تظهر شابة تمشي في طريق غارق بالضباب، بمحاذاة جدار مليء برسوم غامضة، وبيديها صورة الجدّ صدام مصافحاً أبيها حسين كامل (الذي كان صدام قد أعدمه فيما بعد إثر انشقاقه وهروبه إلى الأردن)، فيما هي تتلمس الصورة مثلما ناسك في محراب، مرفقاً بصوتها وهي تتحدث عن الحقيقة.
الإشارات التي حملها الفيديو لا تبشر إلا بحقيقة مطعونة جديدة، وقد يكون مشفقاً سلفاً تخيّل كيف ستجد البنت العذر لجدها في قتل أبيها وعمها بعدما أعطاهما الأمان.
نحن إذاً بانتظار حقيقة آخرى، حكاية جديدة، تضاف إلى الحقائق التي تحدثت عنها الحفيدة، قد لا تكشف أو تضيف بقدر ما قد تكون مادة لسينما مليئة بالرعب أو الميلودراما.

مسرح تنويري في دمشق

تقرير لقناة «الميادين» من دمشق صوّر جزءاً من حال المسرح فيها كما يراها بعض المشتغلين على الخشبة اليوم، فحوى التقرير كلها سنجدها في كلمة للمخرج والممثل سامر عمران عندما قال إن سبب الأزمة الراهنة هو غياب المشاريع الثقافية التنويرية.
واضح أن التقرير، كما عمران، لا يريد أن يلحظ أي مصيبة أخرى ارتكبها النظام، لا الظلم الراسخ منذ أربعين عاماً، ولا الاعتقالات، لا البراميل، ولا التهجير.
سنرى إذاً إن كنتم قادرين على إقناع النظام بمشاريع تنجيكم من توحش بات فالتاً من أي عقال أو ضابط.

 

 

القدس العربي

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى